الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وادعى أنه حضر عند أبى الوقت السجزى، وسمع منه شيئا من صحيح البخارى، وأنه أجاز له. انتهى.
وإنما ذكرت هذا تعجبا لكونه فى البطلان أعجب من دعواه إجازة أبى الوقت العامة، وكيف تصح إذ ذاك إجازة أبى الوقت العامة فضلا عن السماع منه؟ وهو قد قال ما ينافى ذلك؛ لأن ابن مسدى نقل عنه: أنه كان حين مات الحافظ أبو العلاء العطار مترعرعا، والترعرع هو قرب البلوغ، وبين وفاة أبى الوقت ووفاة أبى العلاء العطار أزيد من سن الترعرع الذى ذكر ابن أبى البركات: أنه سنة حين مات الحافظ أبو العلاء. وهو مؤاخذ بقوله هذا، فيعمل بمقتضاه. وينتج ذلك: عدم إدراكه إجازة أبى الوقت العامة، فضلا عن السماع منه؛ لتقدم وفاة أبى الوقت على وفاة أبى العلاء بخمسة عشر عاما وتسعة أشهر وأيام. وهذا مما لا ريب فيه عند الحذاق. والله أعلم.
وذكر ابن مسدى شيئا من حال ابن أبى البركات هذا؛ لأنه قال: وكان قد سكن دمياط، وتمشيخ فيها للنساء وملن إليه. وكان الجماعة من أهل الطريق ينكرون ذلك عليه، منهم أبو الحسن، المعروف بابن قفل وغيره.
ثم تردد إلى مكة مرات لم يخل بيته قط من مجتمع نسائيات، لا يلتفت فى شيء من ذلك إلى كثرة الشناعة عليه. والله أعلم بما لديه.
ثم قال: وسافر عن مكة نحو الديار المصرية فى صدر سنة تسع وخمسين، ثم عاد إلى مكة فى آخر سنة ستين. انتهى.
ولم يذكر ابن مسدى وفاته. ووجدت بخط الميورقى: أنه توفى سنة اثنتين وستين وستمائة.
ووجدت بخط جد أبى الشريف أبى عبد الله الفاسى: أنه توفى سنة تسع وستين.
وما ذكره الميورقى فى وفاته: أقرب إلى الصواب. والله أعلم.
* * *
من اسمه محمد بن أبى بكر
110 ـ محمد بن أبى بكر بن أحمد بن عمر بن عبد الله الذوالى، اليمنى الزبيدى، الشيخ جمال الدين، أبو عبد الله المعروف بالزوكى ـ بزاى مضمومة:
ولد فى رمضان سنة خمس وعشرين وسبعمائة، كان إماما فاضلا متفننا، وإليه انتهت
الرياسة باليمن فى علم الأدب. وكان حسن الخلق، سليم الصدر، مشهورا بالخير والصلاح.
وذكر: أنه أرى النبى صلى الله عليه وسلم فى المنام، وقال له ما معناه: أن من قرأ عليه دخل الجنة. وقد أخذ عنه لذلك غير واحد من أهل العلم، منهم شيخنا الشريف تقى الدين عبد الرحمن بن أبى الخير الفاسى.
وكان يذكر له مكاشفة، وهى: أنه لما بلغه خبر هذه الرؤيا: عزم على الذهاب إليه ليقرأ عليه، فقصده الشيخ محمد الزوكى ـ هذا ـ إلى موضعه، وقرأ عليه شيخنا ـ المذكور ـ جانبا من مختصر ابن الحاجب الفرعى.
وسمعت شيخنا عبد الرحمن ـ المذكور ـ يقول: إنه سمع الشيخ محمد الزوكى ـ هذا ـ يقول: إنه رأى النبى صلى الله عليه وسلم فى المنام وسأله عن وقوع الطلاق المنجز فى مسألة: كلما وقع عليك طلاقى، فأنت طالق قبله ثلاثا، فقال النبى صلى الله عليه وسلم: يقع الطلاق المنجز.
وهذه المسألة مقررة فى كتب الفقه، وتعرف بالسريجية؛ لأن أبا العباس بن سريج وغيره من الأئمة الشافعية، يقولون بعدم الطلاق المنجز، باعتبار التعليق المتقدم ..
وفى هذه الرؤية رد عليهم وتأييد لقول من خالفهم، وهم أكثر العلماء، فإنهم: قالوا بوقوع المنجز. والله أعلم.
وذكر بعض العصريين: أن المذكور حج فى سنة تسع وستين وسبعمائة، ثم فى سنة اثنتين وسبعين، وجاور سنتين، ثم فى سنة إحدى وثمانين وسبعمائة.
ومات بمكة فى آخر شهر ذى الحجة سنة اثنتين وثمانين وسبعمائة، ودفن ـ بعد صلاة الجمعة ـ بالمعلاة، بقرب خديجة رضى الله عنها.
وأخبرنى صاحبنا العفيف عبد الله بن محمد بن على العجمى، المكى: أن أباه مرض بالإسهال يرمى الدم، وأفرط به ذلك حتى صار يقوم فى اليوم والليلة نحو ستين مرة. وأن بعض أصحاب أبيه أتى إليه بالشيخ محمد الزوكى هذا، يزوره ويدعو له بالعافية، لاشتهاره عند أهل مكة بالخير والصلاح. فدعا الزوكى لأبيه، ولازمه أبوه فى الدعاء له بالعافية.
ثم إن الزوكى قال له: اكشف عن بطنك فكشف عنه، وكشف الزوكى عن بطنه، وألصق كل منهما بطنه بالآخر وتواخيا، وخرج الزوكى من عند المشار إليه، وبإثر خروجه عنه: قل رميه الدم وشفى عن قرب.