الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عجلان، فلما حصل الظفر فيها لعنان، قبض على المذكور؛ لأنه لم يستطع الهزيمة، وتمت عليه فى هذا اليوم إهانة عظيمة.
وتوفى يوم الأحد تاسع عشرين من المحرم سنة خمس وتسعين وسبعمائة بمكة، ودفن بالمعلاة. نقلت نسبة هذا من خط الشيخ نور الدين الفيومى.
37 ـ محمد بن أحمد بن على المكى، المعروف بالغنومى:
سمع من الشيخ خليل المالكى. ولم يحدث فيما علمت. وكان نجارا خيرا. توفى فى سنة ست وتسعين وسبعمائة بمكة، ودفن بالمعلاة.
38 ـ محمد بن أحمد بن على بن محمد بن محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن على بن عبد الرحمن بن سعيد بن أحمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد الله بن على بن حمود بن ميمون بن إبراهيم بن على بن عبد الله بن إدريس بن الحسن بن الحسين بن على بن أبى طالب
، يكنى أبا عبد الله، وأبا الطيب ـ وبها اشتهر أخيرا ـ ويلقب تقى الدين الحسينى، الفاسى، المكى، المالكى، قاضى المالكية بمكة، مؤلف هذا الكتاب:
ولد فى ليلة الجمعة العشرين من ربيع الأول سنة خمس وسبعين وسبعمائة بمكة. ونقل مع والدته وأخيه نجم الدين بن عبد اللطيف ـ الآتى ذكره ـ إلى المدينة النبوية؛ لأن خالهما قاضى الحرمين محب الدين النويرى كان بها ـ إذا ذاك ـ قاضيا فى سنة تسع وسبعين أو فى سنة ثمانين.
وسمع بها المذكور الحديث على أم الحسن فاطمة بنت الشيخ شهاب الدين الحرازى فى سنة ثلاث وثمانين. ومن مسموعه عليها: الثقفيات العشرة.
ودرس القرآن العظيم، حتى جود حفظه. ثم قرأ فى سنة سبع وثمانين: الأربعين للنووى، وباب الإشارات معها، ثم كتاب الرسالة لابن أبى زيد المالكى، وأكمل حفظه فى سنة ثمان وثمانين وعرضهما بالمدينة النبوية.
ـ نحو أرهط وأراهط. قال ابن إسحاق: لما وصل رسول الله صلى الله عليه وسلم، مكة، عام الفتح، دخل من أذاخر حتى نزل بأعلى مكة، وضربت هناك قبّته. انظر: معجم البلدان (أذاخر).
38 ـ انظر ترجمته فى: (ذيل طبقات الحفاظ 291، 377، ثغر عدن 199، الضوء اللامع 7/ 18، معجم المطبوعات 1429، المنهل الصافى 7/ 542، آداب اللغة 3/ 201، الأعلام 5/ 331).
وفى شوال من سنة ثمان وثمانين، انتقل المذكور وأخوه ووالدتهما من المدينة إلى مكة، بعد وصول خالهما إليها قاضيا بها وخطيبا.
وقرأ المذكور بها عمدة الأحكام، حتى حفظها وعرضها فى سنة تسع وثمانين. وفيها صلى بالناس التراويح بمقام الحنابلة بالمسجد الحرام.
وفيها ابتدأ يدرس مختصر ابن الحاجب الفرعى، وأكمل حفظه فى سنة اثنين وتسعين وسبعمائة.
وفيها عرضه، وحبب إليه فيها سماع الحديث النبوى، فسمع بها على المسند أبى إسحاق إبراهيم بن محمد بن صديق الدمشقى، المعروف بابن الرسام: المنتخب من مسند عبد بن حميد، ثم صحيح البخارى، ومسند الدارمى.
وعلى القاضى نور الدين على بن أحمد النويرى: الموطا لمالك، رواية يحيى بن يحيى، والشفا للقاضى عياض، وغير ذلك.
وسمع فى سنة ثلاث وتسعين، على الشيخ القدوة شهاب الدين بن الناصح القرافى المصرى، لما جاور بمكة: صحيح مسلم، وجامع الترمذى، وسنن أبى داود وغير ذلك على غيره.
وفيها أكمل حفظ الألفية فى النحو لابن مالك، وعرضها ودرس حفظا جانبا كبيرا من مختصر ابن الحاجب الأصلى.
وفيها قرأ بحثا: الورقات فى أصول الفقه، لإمام الحرمين، على فتح الدين صدقة الترمنتى المصرى.
وفيها أو فى التى قبلها: قرأ فى الرسالة تفقها على ابن عم أبيه الشريف عبد الرحمن ابن أبى الخير الفاسى. وحضر دروسه فى ابن الحاجب الفرعى، وابن الجلاب وغير ذلك.
وسمع فى سنة أربع وتسعين: على ابن صديق عدة أجزاء وغير ذلك.
وفى سنة خمس وتسعين: قرأ فى التنقيح للقرافى بحثا على الشيخ شمس الدين القليوبى، وحضر دروسه فى العربية، وغير ذلك بمكة.
وفيها: قرأ على ابن صديق سنن ابن ماجة.
وفى سنة ست وتسعين: سمع على المحدث شمس الدين بن سكر أجزاء كثيرة، وسمع عليه قبل ذلك.
وفيها: قرأ سنن النسائى على ابن صديق.
وفيها: خرج جزءا حديثيا لشمس الدين بن الحبشى، ثم خرج جزءا آخر لابن سكر فى سنة سبع وتسعين، وخرج قبل ذلك لغيرهما.
وفى سنة ست وتسعين: سمع بالمدينة على قاضيها برهان الدين إبراهيم بن فرحون: تاريخ المدينة للمطرى، بسماعه منه، وعلى عبد القادر الحجار المدنى عدة أجزاء.
وفيها: سمع وقرأ أكثر مختصر الشيخ خليل الجندى فى الفقه على مذهب مالك رحمه الله، على تلميذه القاضى زين الدين خلف بن أبى بكر التحريرى المالكى بحثا.
وسمع عليه دروسا فى مختصر ابن الحاجب الفرعى، ومنهاج البيضاوى بالحرم النبوى فى مدة أشهر.
وفى سنة سبع وتسعين: قرأ على مفتى الحرم وقاضيه جمال الدين أبى حامد محمد بن عبد الله بن ظهيرة، القرشى، الشافعى، أحاديث مشيخة ابن البخارى عن ابن أميلة، وابن أبى عمر عنه، ومعجم ابن جميع عن ابن أميلة والإسكندرى وغير ذلك من الأجزاء العوالى وغيرها، وتبصر بها فى متعلقات الحديث.
وفيها رحل وأخوه عبد اللطيف بعد الحج إلى الديار المصرية، وقرأ بها، وأخوه يسمع شيئا كثيرا على: البرهان إبراهيم بن أحمد بن عبد الواحد البعلى، المعروف بالشامى، والزين عبد الرحمن بن أحمد العربى المعروف: بابن الشيخة، وأم عيسى مريم بنت أحمد ابن القاضى شمس الدين محمد بن إبراهيم الأذرعى، وشيخ الإسلام سراج الدين عمر البلقينى، والإمام سراج الدين عمر بن أبى الحسن الأنصارى، المعروف بابن النحوى، وابن الملقن، والحافظين: زين الدين عبد الرحيم بن الحسين العراقى، ونور الدين على بن أبى بكر الهيثمى، وأبى المعالى عبد الله بن عمر الحلاوى، وأحمد بن حسن، المعروف بالسويداوى، وخلق.
وقرأ على العراقى شرحه لألفيته فى الحديث، المسماة بالتبصرة، حتى أكمل قراءته بحثا وفهما فى سابع عشر جمادى الآخرة من سنة ثمانمائة.
وأذن له الحافظ زين الدين العراقى فى أن يدرس ويفيد فى علم الحديث، وكتب له بذلك خطه.
وفى شعبان سنة ثمان وتسعين، رحل من القاهرة إلى دمشق لسماع الحديث.
وفى العشر الأخير من المحرم منها: كان قدومه إلى القاهرة من مكة.
وقدم دمشق فى آخر شعبان، وقرأ بها وبصالحيتها وغير ذلك من غوطتها أشياء كثيرة من الكتب والأجزاء على جماعة كثيرين من أصحاب الحجار، وغيره منهم: على ابن محمد بن أبى المجد الدمشقى، قرأ عليه صحيح البخارى بسماعه له على وزيره، ومن كتابه: الإكراه إلى آخره، على الحجار، وغير ذلك من الأجزاء.
ومنهم: مسند الدنيا أبو هريرة عبد الرحمن بن الحافظ شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبى، قرأ عليه بكفر بطنا (1): الأربعين، التى خرجها له أبوه، وعدة أجزاء متصلة بالسماع من حديث أبى الوقت السجزى، والحافظ أبى طاهر السلفى، وأجزاء أخر عالية من حديث غيرهما.
فمن ذلك: المائة الشريحية، وجزء بنى الهرثمية، وثانى حديث ابن مسعود لابن صاعد، وأحاديث الترمذى، من ذم الكلام للهروى، والبعث والنشور لابن أبى داود، والثقفيات العشر، وبعض الشيرازيات، وجميع الخلعيات بسماعه لأجزاء منها على يحيى ابن سعد عن ابن صباح، وإجازته لباقيها من ابن سعد عن ابن صباح، وجزء مأمون بن هارون، ومشيخة السهروردى، عن ابن الشيرازى عنه، ومجلس رزق الله التميمى وغير ذلك.
ثم توجه إلى القاهرة فى صفر من سنة تسع وتسعين وسبعمائة، وزار المسجد الأقصى، وسمع به على مسنده أبى الخير أحمد بن الحافظ صلاح الدين خليل بن كيكلدى العلائى الأربعين، التى خرجها له المحدث أبو حمزة أنس بن على الأنصارى، والنصف الأول من الجزء الأول الكبير من حديث المخلص بسماعه على الحجار عن القطيعى وغير ذلك، وعلى غيره.
وبغزة (2) على أحمد بن محمد بن عثمان الخليلى: المسلسل بالأولية، وجزء ابن عرفة، والبطاقة، بسماعه لذلك كله على الميدومى.
(1) كفر بطنا: بفتح أوّله، وسكون ثانيه وبعض يفتحها أيضا ثمّ راء، وفتح الباء الموحدة، وطاء مهملة ساكنة، ونون، من قرى غوطة دمشق من إقليم داعية. انظر: معجم البلدان (كفر بطنا).
(2)
غزة: بفتح أوله، وتشديد ثانيه وفتحه، مدينة فى أقصى الشام من ناحية مصر، بينها وبين عسقلان فرسخان أو أقل، وهى من نواحى فلسطين غربى عسقلان، انظر: معجم البلدان 202/ 4، الروض المعطار 428، معجم ما استعجم 3/ 997.
وقدم القاهرة فى ربيع الأول منها. فسمع بها على: على بن أبى المجد وغيره أشياء كثيرة، منها على ابن أبى المجد: العوارف للسهروردى بإجازته من القاضى سليمان بن حمزة، وأبى نصر بن الشيرازى عنه.
وحضر دروس القاضى تاج الدين بهرام بن عبد الله بن عبد العزيز المالكى بالحجازية مدة. وأذن له فى سنة ثمانمائة فى جمادى الآخرة فى الإفتاء والتدريس.
وفى هذه السنة: رحل إلى دمشق، وسمع بها أشياء كثيرة من الكتب والأجزاء لم يكن سمعها قبل ذلك، وسمع بها فى هذه الرحلة على شيوخ لم يكن سمع عليهم، منهم: أم القاسم خديجة بنت إبراهيم بن سلطان البعلى، روت له عن القاسم بن عساكر حضورا، وتفردت عنه وغيرها من أصحاب الحجار وغيره.
وعاد منها إلى القاهرة فى رمضان من سنة ثمانمائة وحج فيها.
وحضر فى سنة إحدى وثمانمائة مجلس الشريف عبد الرحمن الفاسى فى الفقه، وأذن له فى التدريس والإفتاء فى هذه السنة، وقرأ فيها: صحيح البخارى، والموطأ رواية يحيى ابن يحيى، على الإمام برهان الدين إبراهيم بن موسى بن أيوب الإنباسى الشافعى.
وقرأ عليه قبل ذلك بزاويته بالمقسم ظاهر القاهرة شيئا من الحديث، ومن منهاج البيضاوى فى الأصول بحثا.
وتوجه بعد الحج من سنة إحدى وثمانمائة إلى القاهرة، فوصلها فى العشر الأخير من المحرم سنة اثنتين وثمانمائة.
وسمع بها فى هذه السنة: غالب مسند الإمام أحمد بن حنبل بقراءة صاحبه الحافظ الحجة شهاب الدين أحمد بن على بن حجر، على أبى المعالى عبد الله بن عمر الحلاوى، ثم أكمل عليه ما فاته منه، ورحل فى هذه السنة إلى الإسكندرية، ولم يقدر له بها سماع.
وكان رحل إليها فى رمضان سنة تسع وتسعين وسبعمائة. وسمع بها على الهزبر رئيس المؤذنين بالجامع الغربى بقراءته: مشيخة الرازى عن ابن المصفى.
ورحل أيضا فى سنة اثنين وثمانمائة إلى دمشق، صحبة الحافظ الحجة ابن حجر. فسمع بسرياقوس (3)، على الإمام صدر الدين الأبشيطى جزء البطاقة.
(3) سرياقوس: بليدة فى نواحى القاهرة بمصر. انظر: معجم البلدان، 5/ 214، 215.
وبغزة على أحمد بن عثمان الخليلى، السابق ذكره.
وبالرملة على المحدث شهاب الدين أحمد بن محمد بن أحمد، المعروف بالمهندس.
وبزغلش: المسلسل بالأولية، وما فى مشيخة ابن البخارى من جزء الأنصارى.
وعلى المفتى عبد الله بن سلمان المصرى المالكى، المعروف بابن شحادة: حديث ابن ماسى فى جزء الأنصارى، بسماعهما لذلك من الميدومى.
ثم سمع بدمشق وصالحيتها: بقراءة ابن حجر، والإمام خليل بن محمد بن محمد الآقفهسى، وبقراءة غيرهما وقراءة نفسه أشياء كثيرة جدا من الكتب والأجزاء والمنتخبات على فاطمة بنت ابن المنجا وغيرها من أصحاب الحجار وغيره. وكان مبدأ ذلك فى رمضان سنة اثنتين وثمانمائة.
وفى أوائل المحرم من سنة ثلاث: توجه إلى القاهرة فى صحبة الحافظ ابن حجر وخليل الآقفهسى، ووصلوا إليها فى آخر المحرم فى سنة ثلاث، بعد أن سمع أشياء بنابلس (4) والقدس وغيره.
وسمع بالقاهرة فى سنة ثلاث، وفى سنة أربع، أشياء كثيرة.
وفى سنة أربع: أذن له القاضى زين الدين خلف فى الإفتاء والتدريس، وكذلك القاضى تاج الدين بهرام المالكى، بعد قراءته عليه جميع كتابه الفائق المسمى بالشامل، الذى اختصر فيه شرح ابن الحاجب الفرعى، لشيخه الشيخ خليل الجندى المالكى، المسمى بالتوضيح، قراءة تصحيح وبحث لما أشكل. وكتب له بهرام عليه إجازة قال فيها:
إنه قرأ عليه كتابه «الشامل» قراءة بحث وتفهم. وقد أفاد فى ذلك أكثر مما استفاد. وقد أذنت له أن يرويه عنى، مع جميع ما ألفته فى الفقه والنحو، والأصول من منظوم ومنثور، وفى الفرائض، والعروض وغير ذلك، وما قرأته على الأشياخ، أو سمعته من حديث وتفسير، وغير ذلك من العلوم، وأجزته بالفتيا والتدريس فى جميع ذلك، لعلمى أنه أهل لذلك، مستحق لأن ينظم فى سلك أهل العلم. انتهى باختصار.
(4) نابلس: بضم الباء الموحدة واللام، والسين مهملة، وهى مدينة مشهورة بأرض فلسطين بين جبلين مستطيلة لا عرض لها، بينها وبين بيت المقدس عشرة فراسخ. انظر: معجم البلدان (نابلس).
وحج فى هذه السنة، وأقام بمكة حتى حج فى سنة خمس وثمانمائة.
وقرأ فى هذه السنة: صحيح مسلم، على قاضى الحرم جمال الدين بن ظهيرة، وأذن له فى التدريس فى علم الحديث، ثم توجه بعد الحج من سنة خمس وثمانمائة إلى اليمن.
وسمع بها بعدن على الوجيه عبد الرحمن بن حيدر الشيرازى، من حديث الفخر ابن البخارى يسيرا.
وتوجه منها إلى مكة، فبلغها فى أواخر ذى القعدة فى سنة ست وثمانمائة.
ومضى بعد الحج إلى المدينة النبوية، ثم إلى دمشق فى الدرب الشامى، على طريق تبوك (5). فبلغها فى الرابع والعشرين من المحرم سنة سبع وثمانمائة.
وسمع بها على: خطيبها ومفتيها شهاب الدين أحمد بن حجى. وأذن له ابن حجى فى التدريس فى علم الحديث، ونحويها نور الدين الأنبارى وغيرهما، وعلق بها واستفاد.
وتوجه منها فى يوم الجمعة، الرابع والعشرين من جمادى الأولى سنة سبع وثمانمائة إلى القاهرة على طريق الغور (6) وبيسان (7)، ووصل القاهرة فى جمادى الآخرة.
وسمع بها على الحافظ نور الدين الهيثمى جانبا كبيرا من كتابه مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، وغير ذلك.
(5) تبوك: بالفتح ثم الضم، وواو ساكنة، وكاف: موضع بين وادى القرى والشام، وقيل: بركة لأبناء سعد من بنى عذرة، وقال أبو زيد: تبوك بين الحجر وأول الشام على أربع مراحل من الحجر نحو نصف طريق الشام. انظر: معجم البلدان (تبوك).
(6)
قال الأزهرى: الغور تهامة وما يلى اليمن، وقال الأصمعى: ما بين ذات عرق إلى البحر غور تهامة، وطرف تهامة: من قبل الحجاز مدارج العرج وأولها من قبل نجد مدارج ذات عرق، والمدارج: الثنايا الغلاظ، وقال الباهلى: كل ما انحدر سيله مغرّبا عن تهامة فهو غور، وقال الأصمعى: يقال غار الرجل يغور إذا سار فى بلاد الغور، وهكذا قال الكسائى. انظر: معجم البلدان، معجم ما استعجم (غور).
(7)
بيسان: بالفتح ثم السكون، وسين مهملة، ونون: مدينة بالأردنّ بالغور الشامى، ويقال هى لسان الأرض، وهى بين حوران وفلسطين، وبها عين الفلوس يقال إنها من الجنة، وهى عين فيها ملوحة يسيرة، جاء ذكرها فى حديث الجساسة. انظر: معجم البلدان، معجم ما استعجم (بيسان).
وفى شوال منها: ولى قضاء المالكية بمكة، من قبل الملك الناصر فرج بن الملك الظاهر برقوق. ولم يل القضاء بمكة قبله أحد مستقلا، ورتب له على ذلك معلوم.
وتوجه مع الحجاج المصريين إلى مكة، فبلغها فى آخر ذى القعدة من سنة سبع وثمانمائة.
وفى أوائل ذى الحجة قرئ توقيعه بالولاية بالمسجد الحرام خلف مقام الحنفى بعد صلاة العصر بحضرة أمير الحاج المصرى الأمير كزل العجمى وغيره من أعيان الحجاج وأهل مكة.
وفى سنة اثنتى عشر وثمانمائة زار المدينة النبوية، وحضر بها مجلس الإمام أبى عبد الله محمد بن أحمد الوانوغى فى الأصول والفقه وغير ذلك.
وأذن له الوانوغى فى الإفتاء والتدريس، وكتب له خطه بذلك بمنى فى أيامها من سنة ثلاث عشرة.
ومما كتبه الوانوغى فى إجازته للمذكور ـ بعد أن ذكر طلبه للاجتماع بعلماء مكة ـ: كان ممن اجتمعت به وذاكرته، وباحثته مرارا عديدة فى مسائل كثيرة من مسائل الفقه وغوامضه، وما يتعلق بها، وتكررت أسئلته عن ذلك كله ومباحثه فيها، مرة بعد أخرى السيد الفقيه، الفاضل، الأعدل، الأكمل الجامع للصفات الفاضلة، الحسيب الأصيل، القاضى تقى الدين محمد بن الشيخ الحسيب الأصيل شهاب الدين أحمد بن على الفاسى، نفع الله بفوائده وعلومه الجليلة.
وقد ورد علينا بالمدينة الشريفة، وحضر معنا درس الفقه والأصول، وأبدى فيه من فوائده ومباحثه الجليلة ما يليق بعلمه وفضله على طريقة أهل الفنون والمباحث، فرأيته فى ذلك كله أهلا للتدريس، والفتوى، والحكم، وإفادة الطالبين، مع ما جبل عليه من حسن الفهم، وحسن الإيراد، وسعة البال فى البحث والمراجعة فيه.
فأوجب ذلك كله الإذن له فى التدريس، والفتوى، وإفادة الطلبة، وحثه على الاشتغال بذلك كله، والملازمة له؛ لينتفع به الناس عموما، وأهل بلده خصوصا، فإنى لم أر من فقهاء المالكية بالحجاز كله من يقاربه فى جميع ما ذكرناه ـ نفع الله به ـ ولا فى اتصافه فى العلم ولا فى الفهم عن الأئمة. انتهى. بنصه باختصار من أوله وآخره.
وسبق صورة جميع ما كتبه الوانوغى فى ترجمة الوانوغى.
وفى سنة أربع عشرة وثمانمائة درس للمالكية بالمدرسة السلطانية الغياثية البنجالية، التى بالجانب اليمانى من المسجد الحرام عند باب الحزورة.
ودرس قبل ذلك بالمسجد الحرام مدة. وأفتى كثيرا من سنة ثمان وثمانمائة وإلى تاريخه.
واستمر متوليا لتدريس البنجالية ولقضاء المالكية، حتى صرف عن ذلك فى الرابع والعشرين من شوال سنة سبع عشرة وثمانمائة بقريبه الشريف أبى حامد بن الشريف عبد الرحمن الفاسى.
وفى ابتداء العشر الأول من ذى القعدة منها: عاد إلى ولاية قضاء المالكية بمكة وأتى الخبر بذلك والتوقيع فى ليلة الخامس عشر من ذى الحجة، فباشر الأحكام، وامتنع منها قريبه المذكور.
وكان مدة مباشرة قريبه لذلك نحو اثنى عشر يوما.
واستمر صاحب هذه الترجمة مباشرا إلى سابع عشر المحرم سنة عشرين وثمانمائة لوصول توقيع بوظيفة قضاء المالكية للإمام شهاب الدين أحمد بن القاضى نور الدين على النويرى، مبينا على إنهاء فاسد بسعى بعض أهل الهوى. وتاريخ التوقيع عاشر ذى الحجة سنة تسع عشرة وثمانمائة.
ولم يباشر ذلك شهاب الدين النويرى المذكور لاختفائه خوفا من تعب يناله من وجه آخر.
فلما كان الرابع من جمادى الأولى سنة عشرين وثمانمائة: وصل توقيع شريف يتضمن استقرار صاحب هذه الترجمة، واستمراره فى وظيفته قضاء المالكية بمكة وأعمالها، وما كان معه قبل ذلك، فباشر الأحكام وغيرها إلى تاريخه وهو شهر رجب سنة اثنتين وعشرين وثمانمائة، ولم يخل فى خلال مباشرته من خيّر منصف يحمده ويذكر محاسنه، ولا من بذئ متحامل يغض منه بالهوى. وقد بلى بمثل ذلك الأخيار فى جميع الأعصار.
وشيوخ صاحب هذه الترجمة كثيرون جدا، ولعلهم نحو خمسمائة شيخ بالسماع والإجازة. ومن شيوخه بالإجازة: التاج أحمد بن محمد بن عبد الله بن محبوب، والزين عبد الرحمن بن الأستاذ الحلبى.
وقد سمع المذكور بالحرمين، وديار مصر، والشام، واليمن.
ومن شيوخه باليمن: المقرئ شهاب الدين أحمد بن محمد بن محمد بن عياش
الدمشقى، سمع منه أحاديث من جزء ابن عرفة عن على بن العز عمر، حضورا عن أحمد ابن عبد الدايم بزبيد فى سنة إحدى وعشرين وثمانمائة. وسمع بها أيضا فى سنة ثمان عشرة وثمانمائة.
ومن مؤلفات صاحب هذه الترجمة: أربعون حديثا متباينة الإسناد والمتون بالسماع المتصل من حديث العشرة المشهود لهم بالجنة، والصحابة الذين انتهى إليهم العلم، والصحابة المكثرين، والعبادلة الأربعة، والأئمة الأربعة أصحاب المذاهب المتبعة، وفيها من النفائس غير ذلك.
وكان ابتداء تخريجه لها فى سنة تسع وتسعين وسبعمائة بالقاهرة.
ومنها: فهرست تشتمل على ذكر أشياء من مروياته بالسماع والإجازة، ولم يذكر فيها من الأجزاء إلا ما كان مترجما باسم الكتاب، وهو قليل. وذكر فى أوائلها أحاديث عالية من مروياته.
وكان تأليفه لها فى أوائل سنة اثنتى عشرة وثمانمائة، وهى فى عدة كراريس؛ وسبب تأليفه لها: أن الشيخ الإمام البارع عطا الله الهندى الحنفى سأله فى ذلك، وسأله أن يسوغ له التدريس والفتوى فى مذهب مالك، فأجابه صاحب هذه الترجمة لسؤاله.
ومنها: تواريخ لمكة المشرفة، بعضها على نمط تاريخ الأزرقى، جمع فيها بين ما ذكره الأزرقى من أخبار عمارة الكعبة المعظمة، وخبر حليتها، ومعاليقها وكسوتها، وخبر الحجر الأسود والحجر ـ بسكون الجيم ـ والمقام مقام إبراهيم الخليل عليه السلام، والمسجد الحرام، وزمزم، وسقاية العباس بن عبد المطلب رضى الله تعالى عنه، والصفا والمروة، وحدود الحرم، والأماكن المباركة بمكة المشرفة، وحرمها المعروف بعضها بالمساجد، وبعضها بالمواليد، وبعضها بالدور، وأمطار مكة فى الجاهلية والإسلام وغير ذلك. وبين ما كان بعد الأزرقى من الأخبار الملائمة لذلك.
وأضاف إلى ذلك أحاديث وآثارا فى فضائل الكعبة والأعمال المتعلقة بها، وفى فضل الحجر الأسود والركن اليمانى، والحجر ـ بسكون الجيم ـ والمقام، والمسجد الحرام، ومكة، والحرم، وزمزم، وغير ذلك من المواضع المباركة بمكة وحرمها، مما ذكره الأزرقى. وأضاف إلى ذلك أمورا كثيرة مفيدة لم يذكرها الأزرقى، فى بعضها ما عنى بجمعه الأزرقى، وبعضها لم يعن به.
فمن الأول: أحاديث نبوية، وآثار عن الصحابة والسلف، وأخبار جاهلية لها تعلق بمكة وأهلها، وولاتها، وملوكها.
ومن الثانى: مسائل فقهية وحديثية، وما علمه من المآثر بمكة وحرمها، كالمدارس والربط وغير ذلك، وما علمه من ولاة مكة فى الإسلام على سبيل الإجمال، وأخبار إسلامية تتعلق بمكة وأهلها وولاتها والحجاج، ويسير من هذه الأخبار ذكرها الأزرقى.
وذكر أيضا بعض المآثر، وبعض المسائل الفقهية. وهذا القسم مما يكثر الاغتباط به لأن غالبه لم يحوه كتاب، وإليه تشرق ذوو الألباب.
وهذه التآليف خمسة، أكبرها:«شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام» فى مجلدين.
ثم مختصره المسمى: «تحفة الكرام بأخبار البلد الحرام» . فى نحو نصف أصله. وإلى الآن لم يكمل تأليفهما بالكتابة.
ثم مختصره: «تحصيل المرام، من تاريخ البلد الحرام» .
ثم مختصره: «هادى ذوى الأفهام، إلى تاريخ البلد الحرام» .
ثم مختصره: «الزهور المقتطفة، من تاريخ مكة المشرفة» .
ومنها، تاريخ يسمى:«العقد الثمين، فى تاريخ البلد الأمين» ، يشتمل بعد خطبته على الزهور المقتطفة، ثم سيرة نبوية مختصرة من سيرة مغلطاى. وفيها زيادات عليها كثيرة مفيدة.
ثم تراجم جماعة من ولاة مكة، وقضاتها، وخطبائها، وأئمتها، ومؤذنيها، وتراجم جماعة من العلماء والرواة من أهل مكة وغيرهم، ممن سكنها مدة سنين، أو مات بها.
وتراجم جماعة وسعوا المسجد الحرام، أو عمروه.
وتراجم جماعة عمروا أشياء من الأماكن المباركة بمكة وحرمها، كالمساجد والمواليد وغير ذلك.
وتراجم جماعة عمروا أشياء من المآثر بمكة، كالمدارس، والربط، والآثار، والسبل، والبرك، والمطاهر، وغير ذلك.
وتراجم جماعة من الصحابة رضى الله عنهم ذكروا مع غير أهل مكة لسكناهم غيرها. وإنما ذكرهم فى تأليفه لكونهم مكيين؛ لأن مكة دارهم ـ بلا ريب ـ وسكناهم غيرها إنما كان بأخرة، ولا يخرجهم ذلك عن كونهم مكيين، وهم الصحابة رضى الله عنهم من قريش وأبناؤهم، وإن لم يثبت لبعض الأبناء صحبة، أو ولد بغير مكة؛ لأنهم تبع لآبائهم.
وكذلك الصحابة من بنى كنانة وخزاعة لمشاركتهم قريشا فى الدار، وهى مكة، أو باديتها، كما بينه فى تأليفه، وإن كانوا عدوا مع غير أهل مكة؛ لأن المعنى فى عدهم مع غير أهل مكة ما ذكره فى قريش.
وكذلك الصحابة من موالى قريش وكنانة وخزاعة؛ لأنهم فى حكمهم، وكذلك الصحابة من خلفاء قريش.
وكذلك الصحابة من أهل الطائف من ثقيف ومواليهم، ومن غيرهم؛ لأن الطائف من عمل مكة من قديم الزمان، حتى الآن.
وكان ابتداء تأليف التراجم المذكورة فى العقد الثمين على الوجه المذكور فى سنة اثنتى عشرة وثمانمائة، وإلى الآن لم يكمل تأليفها؛ لأن أكثر أهل الكنى من الرجال والنساء المسميات والمكنيات لم يكتب تراجمهم، وكذلك عدة تراجم فى حرف الياء المثناة من تحت ـ يسر الله تأليف ذلك كله وتحريره.
وهذا التأليف: يكون فى خمس مجلدات، مع مراعاة الاختصار، بترك إخراج الأحاديث فى كل ترجمة وغير ذلك.
ولم يخل هذا التأليف من أحاديث وآثار وحكايات وأشعار. وكل ذلك بالإسناد والتراجم المذكورة على ترتيب حروف المعجم، خلا المحمدين والأحمدين فإنهم مقدمون على غيرهم لشرف هذين الاسمين على غيرهما من الأسماء.
وكان قد ألف فى سنة خمس وثمانمائة مجلدا فى هذا المعنى، غير أنه لم يذكر فيه من الصحابة المشار إليهم إلا نفرا يسيرا جدا، ثم اختصره باليمن فى سنة ست وثمانمائة.
ثم اختصر المختصر وأكمل تأليفه بدمشق فى سنة سبع وثمانمائة. وجعل فى أوله مقدمة لطيفة تتضمن أشياء من أخبار الكعبة المعظمة، والمسجد الحرام، والأماكن المباركة بمكة وحرمها، وحدود الحرم وغير ذلك.
ووقف عليه خطيب دمشق ومفتيها القاضى الإمام شهاب الدين أحمد بن حجى وغيره من فضلاء دمشق. وكتب كل منهم بخطه ثناء على ذلك المختصر ومؤلفه.
ثم وقف عليه الحافظان العلامة ولى الدين أبو زرعة أحمد بن حافظ الإسلام زين الدين عبد الرحيم بن الحسين العراقى، وأبو الفضل أحمد بن على بن حجر العسقلانى بالقاهرة فى سنة سبع وثمانمائة. وكتب كل منهما ثناء على ذلك المختصر ومؤلفه.
وكان ابتداء عنايته بتحصيل تراجم غير الصحابة فى سنة اثنتين وثمانمائة بالقاهرة، ثم ظفر منها بجانب كبير بدمشق فى هذه السنة، ثم صار يزداد معرفة فى ذلك، وعلق جميع ما علمه من ذلك من غير ترتيب، ثم ألفه ورتبه كما سبق بيانه.
وكان أراد أن يجعل التاريخ الكبير الذى ألفه على نمط تاريخ الأزرقى مقدمة للعقد الثمين، فلما عرف أنه يجئ كبيرا، وأنه يكون مع التراجم فى مجلدات كثيرة، أفرد التاريخ الذى على نمط تاريخ الأزرقى عن التاريخ الذى فيه التراجم، وضم إلى الذى فيه التراجم المختصر الأصغر المسمى، بالزهور، ليحصل للناظر فى التاريخ الذى فيه التراجم معرفة ما اشتمل عليه الزهور والتراجم.
وكان تأليفه للزهور فى سنة تسع عشرة وثمانمائة. وكان ـ لما استطال التاريخ الذى على نمط تاريخ الأزرقى ـ اختصر منه قبل أن يفرده عن التراجم مختصرا سماه تحفة الكرام بأخبار البلد الحرام، يكون فى مجلد، ورتبه على أربعة وعشرين بابا، وجاء الباب الأخير منه قدر ثلث الكتاب لكون الكلام انجر فيه من شيء إلى شئ، ثم جعل الباب الأخير بما ضمه إليه من الفوائد الكبيرة، والأخبار المتعلقة بفتح مكة وولاتها والحجاج وغير ذلك، خمسة عشر بابا فى شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام، ومختصره المسمى تحفة الكرام، بأخبار البلد الحرام.
فلما اختصر المختصرات بعد ذلك، جاءت أبوابها أربعين بابا. وفى كل من هذه المختصرات من الفوائد والأخبار ما ليس فى الآخر.
ومنها: تأليف يسمى: «عجالة القرى للراغب فى تاريخ أم القرى» ، اختصره من العقد الثمين ولم يكمله. وأكثر تراجمه مؤلفة. ويكون ـ إن شاء الله تعالى ـ فى مجلدين أو أكثر.
ومنها: فى التاريخ الذى لا يختص لمكة تأليف، سماه:«بغية أهل البصارة فى ذيل الإشارة» . فى خمسة عشر كراسا صغارا.
والإشارة المذكورة: تأليف للحافظ. أبى عبد الله الذهبى، ذكر فيه جماعة من أعيان العلماء والرواة وغيرهم، واختصر فيه فى الغالب على اسم الإنسان، وأبيه وجده، وما يعرف به، وقد يذكر شهر وفاته، وابتدأ فيه من السنة الأولى من الهجرة، وانتهى فيه إلى سنة إحدى وسبعمائة.
فذيل عليه صاحب هذه الترجمة من سنة إحدى وسبعمائة وإلى تاريخه على النمط
الذى ذكره الذهبى، وأبسط قليلا وجاهد الذيل فى قدر الإشارة، ثم أوضح التراجم المذكورة فى هذا الذيل إيضاحا مناسبا بزيادة تراجم، وإلى الآن لم يكمل تأليفه لذلك. والباقى منه أكثر التراجم من سنة إحدى وسبعمائة، وإلى سنة إحدى وأربعين وسبعمائة؛ لأنه ابتدأ من أول القرن التاسع، ثم ما قبله حتى انتهى إلى سنة أربعين.
ومنها: تأليف لطيف نحو ثلاثة كراريس، سماه:«إرشاد ذوى الأفهام إلى تكميل كتاب الأعلام بوفيات الأعلام للحافظ الذهبى» ، ويسمى أيضا:«درة التاريخ» . ابتدأ فيه الذهبى من السنة الأولى من الهجرة، وانتهى فيه إلى سنة إحدى وأربعين وسبعمائة.
واختصر فيه الذهبى فى الغالب على ما يعرف به الإنسان، وذيل عليه صاحب هذه الترجمة ذيلا أبسط منه مناسبا له.
ومنها: اختصار كتاب «حياة الحيوان» للشيخ كمال الدين موسى بن محمد الدميرى، الآتى ذكره، ونبه فيه على أشياء كثيرة مفيدة تتعلق بما ذكره الدميرى فى ذلك.
وفرغ من اختصاره مع الشبهات المشار إليه من غير استقصاء فى آخر ذى القعدة سنة اثنتين وعشرين وثمانمائة، وسمى هذا المختصر «مطلب اليقظان، من كتاب حياة الحيوان» .
ومنها: فى الفقه عدة تآليف، منها فى المناسك: ثلاثة تآليف، الأصغر منها: كراس صغير، والأوسط: كراسان صغيران، وكلاهما على مذهب مالك والشافعى رضى الله عنهما، والأكبر لم يكمل تأليفه.
وسنذكر فيه إن شاء الله تعالى مذهب أبى حنيفة وابن حنبل رحمهما الله تعالى واسمه: «إرشاد الناسك إلى معرفة المناسك» .
ومنها: عدة تآليف فى مسائل مفردة، حصل فيها نزاع بينه وبين غيره من المعاصرين له، منها: الإيقاظ من الغفلة والحيرة فى مسألة إقرار ظهيرة، وهى: أن ظهيرة حصل منه إقرار مولح، فحكم نائب صاحب هذه الترجمة ببطلان ذلك الإقرار.
فأفتى الشيخ أبو عبد الله الوانوغى ـ السابق ذكره ـ فى ذلك الحكم بما لم يسدد فيه.
وألف صاحب هذه الترجمة فى الرد على الوانوغى التأليف المشار إليه، ثم اختصره فى مختصرين.
ووقف على المختصر الأصغر من ذلك قاضى القضاة بالقاهرة، وشيخ المالكية بها: جمال الدين عبد الله الآقفهسى رحمه الله. وكتب عليه ما نصه:
لقد حقق وأجاد فيما آتى به من السداد، كل ذلك بفضل الكريم الجواد. وكتبه عبد الله الآقفهسى المالكى.
ثم وقف عليه الإمام عالم فاس (8) وابن عالمها: أبو القاسم بن موسى بن محمد بن موسى العبدوسى، الفاسى المالكى بمكة، لما قدمها حاجا فى سنة عشرين وثمانمائة وكتب عليه ما نصه:
الحمد لله، يقول كاتبها أبو القاسم العبدوسى ـ لطف الله تعالى به ـ وقفت على ما أفتى به سيدنا الإمام، العالم، العامل، الحافظ، القدوة، تقى الدين محمد بن أحمد بن على الحسنى، فوجدته الحق الذى لا يشك فيه، وما سواه من الجواب غيره هذيان لا أدرى كيف صدر من كاتبه. والله يرشد من يشاء إلى فضله بمنه ورحمته.
وكتب الإمام أبو القاسم العبدوسى المذكور بعد أن مر على شفاء الغرام، تأليف صاحب هذه الترجمة ثناء كثيرا على نحو صافحه.
وسمع على صاحب الترجمة أربعة أحاديث من أول أربعينه المتباينة، وهى أحاديث الخلفاء الأربعة الراشدين، وسيأتى ما كتبه على شفاء الغرام إن شاء الله تعالى.
وكتب العلامة الكبير الحافظ ولى الدين أبو زرعة أحمد بن الحافظ زين الدين العراقى فى سنة سبع وثمانمائة على المختصر الأصغر من كتاب التراجم الذى فى أوله: المقدمة اللطيفة المشار إليها ما نصه فى أول ورقة منه ترجمة له «عجالة القرى، فى مختصر تاريخ أم القرى» تأليف الشيخ الإمام العالم الحافظ زين المحدثين، مفيد الطالبين، مفتى المسلمين، ذى الفوائد العديدة، والمناقب الحميدة تقى الدين محمد بن أحمد بن على الحسنى الفاسى المكى المالكى. أمتع الله ببقائه، وزاد فى علوه وارتقائه آمين.
ثم كتب أيضا على التأليف المذكور فى ورقة غير هذه الورقة ما نصه:
أما بعد حمد الله الذى شرف ما شاء من البقاع، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الذى شرفت بمنشئه ومدفنه تلك الأصقاع، وعلى آله وصحبه الذين جمعوا بين شرفى العلوم والاتضاع.
(8) فاس: بالسين المهملة، بلفظ فاس النجّار: مدينة مشهورة كبيرة على برّ المغرب من بلاد البربر، وهى حاضرة البحر وأجلّ مدنه قبل أن تختطّ مرّاكش. انظر: معجم البلدان (فاس).
فقد وقفت على هذا التأليف الجارى على القوانين والأوضاع، والتصنيف البديع الذى ليس فيه ابتداع، والجمع الذى يشهد لجامعه بحسن الاختراع، والمجموع الجامع لصدق النقل وحسن الانتزاع، والتاريخ الذى انعقد على فضيلة الإجماع، والروض الذى ضاع نشره وما ضاع منه بل حفظ وذاع، فانتفعت به أحسن الانتفاع، والتقطت من فوائده ما ليس فى حسنه نزاع، واعترفت لجامعه بحسن الجمع وكثرة الاطلاع، وسعة المعرفة والاضطلاع.
فهو إمام له فى المشكلات انبساط، وعلى العلم انجماع، وحافظ فى حفظه اتساع، وثقة فيما ينقله عن كتاب أو سماع، وعالم له مع تواضعه ارتفاع، ومتقن ضم إلى حضور القلب حسن الاستماع. والله تعالى يحفظ عليه ما من به عليه من التقى فهو خير زاد، وغنى النفس فهو خير متاع، ويديم النفع به حتى يأتى أمر الله الذى ليس له دفاع.
كتبه أحمد بن عبد الرحيم العراقى الشافعى ـ لطف الله به وبوالديه ومشايخه ـ حامدا ومصليا ومسلما فى ليلة الأربعاء الثانى والعشرين من شوال سنة سبع وثمانمائة بمنزلى بشاطئ النيل المبارك بظاهر القاهرة. وحسبنا الله ونعم الوكيل.
وكتب الحافظ شهاب الدين ابن حجر على هذا التأليف، ما نصه:
الحمد لله الذى جعل من تولاه بعنايته تقيا، وفضل بعض خلقه على بعض، فرقى منهم سعيدا وأردى منهم شقيا، وشرف بعض الأمكنة على بعض، فاختص البلد الحرام بالأمن والمحبة والبركة، وكفى بذلك فخرا مرضيا.
وصلى الله على سيدنا محمد أرفع العالمين قدرا عليا، وعلى آل محمد وصحبه الأبرار الذين حفظوا السنن ونقلوها، وعرفوا معانيها وعقلوها، ونظروا إلى الدنيا بعين الازدراء فما مقلوها، صلى الله عليهم أجمعين، وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فقد وقفت على هذا التأليف البديع وصفا، الغريب صنفا، فوجدته فاق المصنفات فى هذا الفن، لصدق معزاه، وتخصص بالشرف المطلق لفظه ومعناه، فهو تصنيف شريف، فى معنى شريف، لبلد شريف، اختاره الله وارتضاه.
حبّره وأجاد فى تأنيقه السيد الإمام الأوحد، البارع المتقن، ذو الأصل الزكى، والذهن الوقاد الذكى، تقى الدين، مفتى المسلمين، حامى حمى الفقه والحديث، مع ما انضاف إلى ذلك من تقوى صدقت لاسمه مسماه، وعبادة وزهادة، وتواضع لائق بمن
اصطفاه الله، فالله تعالى يلهمه شكر هذه المنة، ويبقيه لحفظ السنة. قاله وكتبه أحمد بن على العسقلانى.
وكتب عليه خطيب دمشق ومفتيها: القاضى شهاب الدين أحمد بن الإمام علاء الدين حجى السعدى الشافعى ما نصه:
الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى، أما بعد: فقد وقفت على مختصر التاريخ لمكة المشرفة، الذى جمعه السيد الشريف، الإمام، المحدث، الفقيه، العالم، البارع فى فنون العلم، المفيد، المؤرخ الأوحد، الضابط، المتقن، الثقة، اليقظ، جمال المحدثين، تقى الدين أبو عبد الله محمد بن السيد الشريف، الإمام العالم شهاب الدين أبى العباس أحمد الحسنى، الفاسى المكى المالكى، متع الله به ونفعه، وأعلاه ورفعه.
فرأيته قد أبان فيه عن حفظ واطلاع، ومعرفة واضطلاع، وضبط لما يكتبه ويمليه، وتحرير لما ينقله ويرويه، فأفدت منه أشياء مفيدة، وعلقت منه تراجم وأسماء عديدة، وذاكرنى بمواضع من لفظه، معتمدا على فهمه وحفظه، وإنى لأرجو إن طال أجله، ودام عمله: أن يصير ممن يعتمد عليه، ويشار بالأصابع إليه والله تعالى المسئول أن يزيد فى حياته ويوفقنى وإياه لمرضاته.
قال ذلك وكتبه: أحمد بن حجى بن موسى بن أحمد بن سعد السعدى الشافعى، حامدا لله تعالى مصليا على نبيه محمد وآله وصحبه ومسلما، فى الثامن من جمادى الأولى سنة سبع وثمانمائة. وحسبنا الله ونعم الوكيل.
وقد أحسن فى الثناء على هذا التأليف، وعلى مؤلفه من فضلاء المحدثين: بدر الدين أبو حمزة أنس بن على بن محمد بن أحمد الأنصارى الدمشقى، وصلاح الدين ـ ويقال: غرس الدين ـ خليل بن محمد بن محمد بن عبد الرحيم الآقفهسى المصرى، وشمس الدين محمد بن أبى بكر عبد الله بن محمد بن أحمد بن مجاهد القيسى الدمشقى، المعروف بابن ناصر الدين.
وكتب كل منهم خطة بذلك. وصورة ما كتبوه موجود فى التاريخ المذكور، وترك ذكره اقتصارا.
وكتابة: أنس، وابن ناصر الدين فى سنة سبع وثمانمائة.
وكتابة: غرس الدين خليل فى سنة ثمان وثمانمائة، بعد أن قرأ التأليف المذكور على مؤلفه.
وكتب العلامة ولى الدين أبو زرعة بن العراقى على ما وقف عليه من إيضاح ذيل الإشارة، المسمى «بغية أهل البصارة» تأليف صاحب هذه الترجمة. وذلك فى سنة إحدى وسبعمائة، وإلى سنة عشرين وثمانمائة ما نصه:
وقفت على هذا التاريخ المفيد، والتأليف الفريد، فوجدته قد اشتمل على نبأ من حضرنا ومن غاب عنا، وملك قلب كل تاريخى منا، واستوجب الثناء الجميل منا، واستفدت من فوائده وعلقت بعض ما احتجب إليه من فرائده.
وكيف لا، وجامعه محدث كبير، وحافظ خطير، يعتمد على ما قال، ويتلقى بالقبول، ولا يطرح كطرح القيل والقال، هذا مع تفنن فى العلوم، وبراعة فى المنطوق والمفهوم، وكم له من إفادة مشتملة على الحسنى وزيادة، فالله يشكر سعيه، ويديم رعيه، ويمتع بحياته ويعيد من بركاته. كتبه أحمد بن العراقى. غفر الله له. انتهى.
وكتب تحت ذلك: الحافظ شهاب الدين بن حجر. أحسن الله إليه ما صورته كذلك: يقول فقير رحمة ربه أحمد بن على العسقلانى.
وكتب على ذلك أديب اليمن، وفخر العلماء به، القاضى شرف الدين إسماعيل بن أبى بكر، المعروف: بابن المقرى اليمنى، ما نصه:
الحمد لله وحده، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.
وقفت على هذا التأليف التالى فوائد العبر، والآتى بأحاديث الموعظة الحسان بأصح خبر، فلله در مصنفه من إمام حافظ، وبحر بجواهر العلوم لافظ ولا حق برز على السابق، وبذل فى علو المرتبة الأعلام الحفاظ موافق، بلغه الله غاية الأمنية وأجزل ثوابه على هذا المقرون بحسن النية، آمين آمين. كتبه العبد الفقير إلى الله تعالى إسماعيل بن أبى بكر المقرى اليمنى. عفا الله عنه.
وكتب الحافظ أبو زرعة، على الزهور المقتطفة تأليف صاحب هذه الترجمة ما صورته:
الحمد لله، وبه نستعين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين. وبعد: فقد وقفت على هذا التأليف البارع، والمختصر الجامع، فرأيته قد حوى من العلم فنونا، وفجر من بحار العلم عيونا، وسلك فيه أحسن طريقة، وغرس فيه رياضا أنيقة، وقام بما يجب من حق البلد الحرام، وبلغ طالب ذلك مع اختصاره أقصى المرام، إن تكلم فى الفقه فبحر زاخر، وإن حرر التاريخ حوى أقوال الأوائل والأواخر.
وقد وقفت قديما على تاريخه الكبير، واعترفت له بالفضل الكثير، فشكر الله سعيه وأدام رعيه، وحمى به تلك البقاع الشريفة، فقد صار بها بعد أصحابنا الماضين أحسن خليفة. كتبه أحمد بن عبد الرحيم بن العراقى الشافعى، غفر الله له ولوالديه ولمشايخه. آمين.
وكتب الحافظ شهاب الدين ابن حجر ـ أبقاه الله تعالى ـ على هذا التأليف أيضا ما صورته: الزهور المقتطفة من تاريخ مكة المشرفة، للشيخ الإمام الحافظ الأوحد الشريف، تقى الدين محمد بن الشيخ شهاب الدين أحمد بن على الفاسى، ثم المكى، قاضى المالكية بمكة المشرفة.
وكتب أيضا: الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى. أما بعد: فقد وقفت على هذا التصنيف المفيد، والعقد الفريد، فرأيته قد أجاد تلخيصا وتهذيبا، وفاق ترتيبا وتبويبا، جمع جامعه ـ حفظه الله ـ فيه أشتات الفوائد، ومزج الأخبار التاريخية بالمسائل الحكمية، مزج العقيان بالجواهر فى القلائد، فلقد أبقى لما ألف البلد الأمين ذكر مخلدا، وارتقى بما انتقى درجا يعسر على من رام اللحاق بها المدى، فالله المسئول أن يحرسه بعينه، ويمده بعونه، ويحفظ نفسه، ويحمى حماه، ويوليه الثواب الجزيل على من تولاه.
قال ذلك محبه: الصادق أحمد بن على العسقلانى حامدا لله تعالى، مصليا على محمد المصطفى وعلى آله وأصحابه، مسلما.
وكان ذلك فى شعبان سنة عشرين وثمانمائة.
وكتب القاضى شرف الدين إسماعيل المقرى اليمنى، على هذا التأليف ما نصه: الحمد لله وحده، وصلى الله على رسوله وآله وصحبه وسلم.
وقفت على هذا التصنيف البديع، والترصيف الذى تضمنت فصوله زهر الربيع المشتمل على فرائد الفوائد، وفوائد الفرائد، الجامع لنوادر المحاسن، المفيد منها للأوابد، فرأيت عقود لآل أو نجوم ليال، تشهد أن مصنفها الإمام الذى كل فضل خلفه يصلى جار بيت الله الحرام، الذى هو لذخائر المشكلات مجلى، فلقد أبدع وأغرب، وذهب فى الإحسان كل مذهب، وأبقى له فى الصالحات ذكرا، ومن الحمد والأجر كنزا وذخرا، جعله الله للمتقين إماما، وبلغه من كل خير مراما آمين. كتبه العبد الفقير إلى الله تعالى إسماعيل بن أبى بكر المقرى اليمنى. ألهمه الله رشده.
وكتب الحافظ ولى الدين أبو زرعة بن العراقى الشافعى، على تحصيل المرام، تأليف صاحب هذه الترجمة، ما صورته: تحصيل المرام، من تاريخ البلد الحرام، تأليف الشيخ الإمام العلامة الحافظ قاضى القضاة، مفتى المسلمين تقى الدين محمد بن الإمام العلامة شهاب الدين أحمد الحسنى الفاسى الأصل، ثم المكى المالكى، أدام الله فوائده ونفع به آمين. كتب هذا على ظهره فى أول ورقة منها.
وكتب أيضا: الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى. وبعد: فقد وقفت على هذا التأليف البديع، المحتوى على أحسن الترتيب وجودة الترصيع، فوجدته جامعا للمعارف، يجتمع على قبوله الموافق والمخالف، إن طلبت منه تحقيق التاريخ ظفرت بالمطلوب، وإن رمت معرفة الأحكام الشرعية وجدتها على أحسن أسلوب، وإن رغبت فى نقل الأحاديث وتمييز صحيحها من سقيمها حصلت على ذلك المرغوب، فهو لكل فن جامع، ولفضائله على كل ذى فضل خاضع. والله يشكر سعى مفيده فيا نعم ما أفاد، ويا حسن ما أبدى وأعاد، وكيف لا، وهو الإمام الحافظ الجامع لأنواع الفضائل، والآخذ من كل علم بسهم غير عائل، جمع الله له خيرى الدنيا والأخرى وجعل نعمه عليه تترى.
كتبه فقير رحمة الله تعالى أحمد بن عبد الرحيم بن العراقى، الشافعى، غفر الله له. انتهى. وكانت كتابته لذلك فى سنة عشرين وثمانمائة.
وكتب الحافظ أبو زرعة أيضا على تحفة الكرام الأولى، وهى التى أبوابها أربعة وعشرون بابا فى سنة ثلاث عشرة وثمانمائة ما نصه:
كتاب: «تحفة الكرام بأخبار البلد الحرام» تصنيف الشيخ، الإمام، العالم، العلامة، الحافظ، مفتى المسلمين، قاضى القضاة السيد الشريف تقى الدين أبى الطيب محمد بن أحمد بن على الحسنى الفاسى المكى المالكى، أدام الله النفع بفوائده آمين.
كتب ذلك فى أول ورقة منه بظهره. ثم كتب فى الورقة نفسها، ما نصه:
الحمد لله، وقفت على هذا التأليف البديع، المنسوج على هذا المنوال المنيع، ومررت عليه سطرا سطرا، فوجدته فى معناه بحرا، قد أتى فيه مصنفه بكل غريب، ورصعه بكل معنى عجيب، وكيف لا، وهو إمام له بهذا الفن أتم إلمام قد رحل فيه وجال، ولقى أعلام الرجال، وفى هذا النوع الخاص قد سمع وطالع وحرر وراجع، فشكر الله سعيه وأحسن رعيه، وأدام النفع بفوائده، وأجزاه منه على أجمل عوائده.
قد قلت إذ رأيته نخبة هذا الزمن، لا تحسبن حسنه قد جاء سوى من حسن.
كتبه أحمد بن عبد الرحيم بن العراقى فى شهر ربيع الآخر سنة ثلاث عشرة وثمانمائة.
وكتب عليه الحافظ شهاب الدين ابن حجر ما نصه: الحمد لله، وسلام على عباده الذين اصطفى.
وقفت على هذا التأليف الشريف، وعرفت فضل ما فيه من التنويع والتصريف، فوجدت مجموعا جامعا، وأعجوبة حوت الحسن والحسنى معا، قد حرر مؤلفه وأتقن، وغاص على الدر من مظانه فأمعن، فجزاه الله عن بلده الحرام، ومشاعره العظام: أحسن جزاء، وكفاه جميع ما يتوقاه من الأسواء، آمين آمين.
قاله الفقير المعترف بالتقصير: أحمد بن على القسطلانى، الشهير: بابن حجر.
وكتبه فى الشهر المذكور أعلاه من سنته، حامدا لله تعالى، ومصليا على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه، ومسلما.
وكتب الإمام العلامة المفنن أبو الفضل محمد بن إبراهيم التلمسانى الشهير: باب الإمام المالكى، نزيل القاهرة المحروسة فى سنة ثلاث عشرة وثمانمائة بالقاهرة على نسخة من هذا، ومن تحفة الكرام الأولى ما نصه:
يا روض آداب ومعدن حكمة
…
وصباح إرشاد وبحر علوم
يا شمس ذاك القطر نورك قد جلا
…
من أفق ذاك القطر كل بهيم
جمعت فضائلك الفضائل كلها
…
من حادث لك فى العلا وقديم
خذها أبا عبد الإله وسيلة
…
لنظام حب كان غير زنيم
وعليكم منى السلام مرددا
…
عن محض ود فى الفؤاد مقيم
ما عسى أن يطنب فى وصف هذا الموضوع ألسنة الأقلام، أو يعبر عن هذا الكلام فنون الكلام، فهذا هو الفرا الذى فى جوفه كل الصيد، والأمنية التى لا يتعاطاها عمرو ولا زيد، وهذه هى الموهبة التى حسبناها على صنائع الله تميمة لا تقلع بعدها عين، وقلادة على حلل المفاخر لا تحتاج معها زين، رأينا منه إنشاء أخدم اليراع بين يديه وشاء، وسئل عن معاينة الاختراع، فقال:(56: 35 إنا أنشأناهن إنشاء) فأهلا به من عربى عراف يصف السانح والبانه، ويبين فيحسن الإبانة، أدى الأمانة، وحاز بخدمة التعريف شرف السدانة، فلله دره من قلم دبج تلك الحلل، ونقع محاج الدواة من المسترشدين العلل، وجمح بفرط تحصيله وفهامته، وذهب حيث لا حيث لمضاء ذهنه
وشهامته، وأجاد فى الأوصاف، واعتمد التحقيق والإنصاف، وجاء بما ليس فى طوق غيره من الوطاف، فما لك أيها الفاضل من مساجل ولا مفاضل، ولا منازع، ولا مناضل، لقد وصلت المنازل الوسام، الوافرة الحظوظ فى الفخر والأقسام، كيف لا، وثمر الجنة ليس من سائر الثمر، ولا ينظر السها إلا من سها عن القمر، وإذا ذكر الصالحون فحيهلا عمر، وإن ذكرت المدن والقرى، قلنا: هذه أم القرى، فليس كل الخطب خطبة المنبر، ولا لسائر الأيام كيوم الحج الأكبر، وإذا وصف قطرا من وصفه أو عرفه من عرفه، فقل له: إنما الحج عرفه، والسلام على سيادة من يقف عليه.
قال ذلك وكتبه أبو الفضل محمد بن إبراهيم الإمام المغربى التلمسانى مولدا. كان الله له ولطف به وتاب عليه آمين.
وكتب قاضى مكة وخطيبها ومفتيها وحافظها: جمال الدين أبو حامد محمد بن عبد الله بن ظهيرة القرشى الشافعى على هذا التأليف ما نصه:
الحمد لله الذى منح الفتوحات المكية من كان تقيا، وفتح له أبوابا كانت مغلقة فولجها، وأظهر منها جواهر وحليا، وادخر لمن اختاره من المتأخرين ما عجز عنه كثير من المتقدمين، وكان عليهم خفيا. ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم، وما كان ربك نسيا.
والصلاة والسلام على خير الخلائق سيدنا محمد الذى ختم الله به الأنبياء، فلم يبعث بعده نبيا، وعلى آل سيدنا محمد الطيبين وأصحابه المنتخبين. صلاة وسلاما يتعاقبان بكرة وعشيا.
أما بعد: فقد وقفت على هذا التأليف العظيم، والتصنيف الذى لم ينسخ على منواله فى الحديث والقديم، فألفيته قد احتوى على أنواع العجائب، واشتمل على الفوائد النفيسة، وجمع أشتات الغرائب، واجتمع لمؤلفه ـ أبقاه الله تعالى ـ فيه ما لم يجتمع لمؤرخ من المفاخر، وأذكرنى قول من قال من أهل الأدب: كم ترك الأول للآخر. وذكرت قول ابن مالك رحمه الله فى خطبه الجميلة. وناهيك بأثر عبد الله فى دقيق العلم وجليله، وإذا كانت العلوم منحا إلهية، ومواهب اختصاصية: فغير مستبعد أن يدخر لبعض المتأخرين ما عسر على كثير من المتقدمين. وكيف لا، ومؤلفه كما قيل:
فاق أهل زمانه فى الفضائل، وجمع أشتات العلوم ونفائس العقائل، ورحل إلى البلاد
الشاسعة، فحصل العلوم النافعة، وعاد بأشرف الوسائل، وأفاد من علومه الجمة وفوائده المهمة، ما سار فى البلدان والقبائل، مضافا إلى النسب الشريف العالى، والحسب المنيف الغالى، والأخلاق الجميلة، والصفات الحسنة الجليلة والسجايا الطاهرة، والمزايا الباطنة والظاهرة (19: 63 تلك الجنة التى نورث من عبادنا من كان تقيا).
أبقاه الله تعالى للمسلمين، وأدام به النفع للمستفيدين، بمنه وكرمه آمين.
كتبه العبد الفقير إلى عفو الله تعالى ولطفه: محمد بن عبد الله بن ظهيرة القرشى الشافعى لطف الله تعالى به آمين، بالمسجد الحرام، تجاه الكعبة المعظمة فى يوم الثلاثاء التاسع من شهر ربيع الأول من سنة اثنتى عشرة وثمانمائة. أحسن الله عاقبتها.
والحمد لله، اللهم صل على سيدنا محمد النبى الأمى، وعلى آل سيدنا محمد وصحبه وسلم. حسبنا الله ونعم الوكيل. انتهى.
وكتب السيد الإمام البارع عز الدين محمد بن إبراهيم بن على بن المرتضى الحسنى الصنعانى ـ أبقاه الله تعالى ـ إذ كان مجاورا بمكة على هذا التأليف ما نصه:
يا تقى الدين أحسنت قرى أم البلاد
…
وحزت الثنا بالعقد الثمين المستجاد
بتواريخ ملاح شافيات كل صاد
…
وأحاديث فصلت ذات جياد
لو درى الركب بهذا ما سرى الركب بحادى
…
أو درى ماذا جمادها أشواق الجماد
زادنى شكرا على جيرتها بعد البعادى
…
فامتلا قلبى بحبى وفؤادى بودادى
فهى سعداى وسعدى وسعودى وسعاد
…
فهنيا لتقى الدين تشويق العبادى
بعبادات وفضل وصلاح ورشاد
…
قلت لما أن هدانى وهو عندى خير هادى
أبلغ العلم وأشفاه لأدواء الفؤادى
…
اختصار فى جلاء وبلوغ فى مرادى
كتبه مطالعة العبد الداعى ومستمد الدعاء محمد بن إبراهيم الحسنى السنى. سامحه الله تعالى. انتهى بحروفه.
وكتب على هذا التأليف أيضا بمدينة شيراز: قاضيها الإمام المفنن المقرئ المحدث شمس الدين أبو الخير محمد بن محمد الدمشقى، المعروف بالجزيرى الشافعى، ما نصه:
قد وقف العبد على فرائدى
…
لحسنها يا صاح ألف زائد
فقلت من شوقى إذ وقفت
…
وقد ذكرت معهدا غرست
يا حبذا من تحفة الكرام
…
حوت حديث البلد الحرام
فقف على ساكن ذاك المربع
…
واعطف على مرفوع ذاك الموضع
فإنها منازل الأحباب
…
وموطن الوحى من الكتاب
ما مثل ذا فى نوعه مصنف
…
لله ما أحرزه المؤلف
العالم العلامة الإمام
…
الكامل الأعجوبة الهمام
قاضى القضاة العادل الزكى
…
محمد بن أحمد التقى
العلوى الحسنى المالكى
…
أحسن به من سيد ومالكى
بيض وجهه به هذا التقى
…
شتان بينه وبين الأزرقى
أود لو يتحفنى بنسخه
…
منها لأبقى من كرام العترة
وإن تكن تشرفنى بالذكرى
…
فيها فغاية ارتفاع قدرى
بالله ما ألف شخص مثله
…
فالله يبقيه ويبقى فضله
ويجمع الشمل به فى الحرم
…
رب أجب فأنت أهل الكرم
والطف بنا وارحم ومنّ واسترى
…
كتبه محمد بن الجزرى
محمد لا مصليا محسبلا
…
بديهة بلا ترو عجلا
خامس شوال ضحى من عام
…
ضوء يرى هدى لذى الأفهام
وكتب الإمام أبو القاسم بن الإمام موسى العبدوسى الفاسى المالكى ـ السابق ذكره ـ على شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام، لصاحب هذه الترجمة ما نصه:
الحمد لله: يقول كاتبه أبو القاسم بن موسى بن محمد بن موسى بن معطى، عرف: بالعبدوسى، لطف الله تعالى به.
وقفت على ما ألفه سيدنا، الإمام، العالم، العامل، القدوة، المصنف، قاضى قضاة المالكية: تقى الدين أبو الطيب محمد بن أحمد بن على الحسنى المالكى ـ نفع الله تعالى
به ـ فى تعريفه بحال مكة المعظمة، ومشاعرها المكرمة، وجميع أحوالها المحترمة ومجاورة نبيه العظيم، فوجدته أسأم نفسه، وقطع وقته فى طاعة الله الكاملة وما يقربه من ربه فى جنة عالية.
وكيف لا، وهو فرع النبوة المعظمة، وسليل السيادة المحترمة، ومجاور بيته العظيم، وسيادة كل من هو به من عالم وحكيم، أكمل الله تعالى عليه نعمه، ووالى عليه فضله وكرمه. والله تعالى يرشد الجميع إلى طاعته، ويحملنا على ما يرضيه بمنه وكرامته، جمع بما ألفه بين المختلفات، ووفق بين المفترقات وبين ما أشكل من المشتبهات، وسرد من أحاديث سيدنا ومولانا محمد صلى الله عليه وسلم ما أبلج القلب باليقين، ويوجب على كل عاقل أن يشد عليه باليمين، ويجعله فى ذخائره العقد الثمين. انتهى بنصه.
وكتب على تحصيل المرام قاضى الحنابلة بدمشق: الإمام عز الدين محمد بن علاء الدين على بن بهاء الدين عبد الرحمن بن قاضى القضاة عز الدين محمد بن قاضى القضاة تقى الدين سليمان بن حمزة القدسى الصالحى ما نصه:
الحمد لله رب العالمين وصلواته على سيدنا محمد خاتم النبيين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين.
أتى الشريف التقى المشهور كالعلم
…
فى مكة وبيت الله والحرم
بكل معنى بديع غير منكتم
…
يهدى إلى الرشد بل يشفى من السقم
أبرزت فى الكون تأليفا به ائتلفت
…
قلوبنا شغفا يا طاهر الشيم
رمت العلا لتحصيل المرام به
…
فنلت ما رمت من فضل ومن نعم
لله درك كم در نظمت به
…
قلدت جيد أولى الأفضال والكرم
وكم علوم حيت من بعد ما درست
…
نشرتها طى ما رصعت بالقلم
وكم أفدت وكم أسندت من حكم
…
وكم أعدت وكم أبديت للفهم
وكم وكم ما عسى بالوصف أذكره
…
وليس يأتى عليه الوصف بالكلم
أذكرتنا سلفا حدثتنا بهم
…
يا حافظ الوقت من عرب ومن عجم
بالحفظ يرعاك جل الله خالقنا
…
ونسأل الله أن يبقيك للأمم
قال ذلك وكتبه: أقل العبيد محمد بن على الحنبلى، لطف الله تعالى به بتاريخ سلخ شهر صفر الخير سنة ثمان عشرة وثمانمائة بمكة المشرفة، زادها الله تعالى شرفا وتعظيما. وحسبنا الله ونعم الوكيل. انتهى.
وكتب عليه أيضا: الشيخ الإمام العلامة المفتى شمس الدين محمد بن أحمد بن موسى الكفيرى الدمشقى الشافعى، أحد نواب الحكم بدمشق، والمفتين بها ما نصه:
الحمد لله حمدا يليق بجلاله. والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله.
وبعد: فقد وقفت على هذا التأليف البديع، وتأملت ما أودع فيه من حسن الترصيع، فوجدت مؤلفه ـ أدام الله تعالى له التأييد، وأجزل له من نعمه المزيد ـ قد أحسن فى ترصيعه وأجاد، وأوضح فيه المشكلات وأفاد، وهذب ونقح ما حاوله من متعلقات أشرف البلاد، وأكثر فى تأليفه هذا من الفوائد العجيبة، والملح المطربة الغريبة، التى لم يقف الخادم فى هذا الباب على مثالها، ولم أر من نسج فيه على منوالها، فنزهت فى رياضه الناظر، وروحت بالتفكر فى محاسنه الخاطر، واجتنيت من ثماره الرائقة، ولخصت من فرائد فوائده الفائقة، ما يطرب السامع ويوجب المدح والثناء على الجامع:
فلا زال محروس الجناب مؤيدا
…
مدى الدهر لا يخشى عيون الحواسد
بيت على الطلاب من بحر علمه
…
جواهر قد أضحت أعز الفوائد
ويوضح منها كل صعب ممنع
…
ويمنح منها بالعتاق الشوارد
أدام لنا الله الكريم حياته
…
وأجرى عليه منه أسنى العوايد
وأبقاه فى عز وسعد وسؤدد
…
وأمن على رغم العدو المعاند
والعبد يعتذر إلى جنابه فى التقصير فى الإطناب، فماذا عسى أن يقول من ذهل حين رأى العجب العجاب؟ خرس عند ذلك لسانه عن المقال، وأغرب قلمه عما فى ضميره بلسان الحال مع اشتغال باله، فقال:
ماذا أقول وماذا قال من سبقت
…
أقواله فى التقى الطاهر الشيم
قاضى القضاة وبحر العلم ذو نسب
…
يسود كل نسيب ساد من قدم
من غير أسلافه من كل طائفة
…
سادت على الغير من عرب ومن عجم
فكم غريب حوى تأليفه ولقد
…
أبان عن فضله المشهور كالعلم
وعن عوالى أسانيد محررة
…
تضئ كالبدر يجلو خندس الظلم
فليبق ذا العالى المقدار فى دعة
…
وفى سرور وفى عز وفى نعم
على تطاول أيام الزمان بلا
…
خوف ولا فتنة تخشى ولا نقم
على أنى لو أطنب فى مدحه لاعتذرت إليه من التقصير، وكان الذى أظن أنى قد بالغت فيه بالنسبة إلى فضله يسير، وليعلم ـ أبقاه الله تعالى ـ أن لسان التقصير قصير:
فما هو إلا نخبة العصر فى الورى
…
وإنسان عين للزمان ومنطق
وبحر علوم فاق كل مصنف
…
فهل هو إلا العالم العارف التقى
فلا زال يعلو شأنه فى سيادة
…
ويسمو إلى أعلا المعالى ويرتقى
قال ذلك وكتب أقل الخدام والمحب على الدوام: محمد بن أحمد بن موسى الكفيرى بلدا، الدمشقى منشأ، الشافعى مذهبا، الأشعرى معتقدا، نزيل المسجد الحرام حامدا الله تعالى ومصليا على نبيه، ومسلما، ومحوقلا، ومحسبلا.
وكان ذلك فى خامس شهر الله المحرم سنة عشرين وثمانمائة بمكة المشرفة، تجاه الكعبة الشريفة، زادها الله تعالى شرفا. آمين.
وكتب عليه قاضى عدن: جمال الدين محمد بن سعيد كبن ما نصه، بعد الحمدلة والصلاة:
يقول راجى ربه المقتدر
…
محمد نجل سعيد الطبرى
وبابن كبن قد غدا بين الورى
…
جد له أبو أب مشتهرا
أحمد رب البيت والمشاعر
…
والركن والحجر الرفيع الطاهر
ثم الصلاة مع سلام دائم
…
على النبى المصطفى من هاشم
وآله وصحبه الأخيار
…
وزوجه وتابعى الآثار
وقد رأت عيناى فى هذا الزمن
…
تصنيف مولاى التقى المؤتمن
قاضى القضاة المالكى الفاسى
…
أكرم به من حافظ للناس
أفادهم من علمه غرائبا
…
وجمع الفنون والعجائبا
وجاء بالتحصيل للمرام
…
تاريخه للبلد الحرام
حاو به أخبار حال الحرم
…
من حادث فيه وعهد القدم
وجامع أحكامه وحدّه
…
ومنجز والله فيه وعده
محرك لكل عزم ساكن
…
مشوق لأشرف الأماكن
ما الأزرقى والفاكهى والإتحاف
…
كمثله لمن يرى بالإنصاف
قلت لمن عن وصفه يسألنى
…
والله هذا حسن من حسن
نظمت بعض وصفه بذا الرجز
…
ومن أراد نعته كلا عجز
ولم أكن أهلا لذا وإنما
…
معنى طفيلى به تهجما
فى شهر صوم واجب فى عام
…
ضوء يزين بهجة الختام
(تمت)