الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وتفقه على قاضى مكة نجم الدين الطبرى وصحبه، وانتفع به، وناب عنه فى الحكم، وعن القاضى شهاب الدين أحمد بن القاضى نجم الدين الطبرى، حتى مات، وهو القائم بولاية القاضى شهاب الدين، وكان فاضلا فى الفقه وغيره.
وكان يفتى ويعانى التجارة فى كثير من الأشياء، وحصل دنيا طائلة، وخلف تركة لها صورة من العقار وغيره. وكان طارحا للتكلف، يجلس للحكم فى السوق فى غالب النهار.
وذكره البرزالى فى تاريخه، نقلا عن العفيف المطرى، فقال: كان فقيها مفننا معظما، نزها قوالا بالحق، لم يخلف بعده ببلده مثله؛ وذكر أنه توفى فى يوم الثلاثاء رابع شعبان سنة خمس وثلاثين وسبعمائة بمكة. وأن مولده فى أوائل شهر رمضان سنة ثلاث وثمانين وستمائة. انتهى.
ووجدت بخط ابن البرهان الفقيه جمال الدين، أنه توفى يوم الأربعاء الرابع من شعبان سنة ست وثلاثين، وأنه ناب عن القاضى نجم الدين الطبرى. انتهى.
والصحيح فى وفاته، ما ذكره ابن البرهان؛ لأنى وقفت له على إجازة كتبها لجدى القاضى أبى الفضل النويرى، فى عرضه عليه لجميع كتاب «التنبيه» فى الفقه لأبى إسحاق الشيرازى، تاريخها سلخ رمضان سنة خمس وثلاثين. وأجاز له جميع مروياته.
234 ـ محمد بن عبد الله بن محمد الأندلسى، أبو عبد الله، العلامة المفسر، شرف الدين، المعروف بابن أبى الفضل المرسى السلمى:
سئل عن مولده، فذكر أنه فى ذى الحجة سنة تسع وستين وخمسمائة بمرسية. وقيل: سنة سبعين.
وسمع بالمغرب من جماعة، منهم أبو محمد عبد الله الحجرى. سمع عليه: الموطأ، رواية يحيى بن يحيى، ثم رحل من المغرب فى سنة ثلاث وستمائة.
234 ـ انظر ترجمته فى: (بغية الوعاة 60، إرشاد الأريب 7/ 16، نفح الطيب 1/ 443، الوافى بالوفيات 3/ 354، الأعلام 6/ 81، معجم الأدباء لياقوت 18/ 209، التكملة لابن الأبار 2/ 663 ـ 664، ذيل الروضتين لأبى شامة 195 ـ 196، صلة التكملة للحسينى 26 ـ 27، ذيل مرآة الزمان لليونينى 1/ 76 ـ 79، تاريخ الإسلام للذهبى 20/ 142 ـ 143، دول الإسلام 2/ 120، العبر 5/ 224، عيون التواريخ 20/ 117 ـ 119، طبقات الشافعية الكبرى للسبكى 8/ 69 ـ 72، طبقات الشافعية للإسنوى 2/ 451 ـ 452، مرآة الجنان لليافعى 4/ 137).
فسمع بمصر، من الحافظ أبى الحسن على بن على بن المفضل المقدسى، وبدمشق من قضاتها: أبى القاسم بن الحرستانى، وأبى اليمن الكندى، وابن ملاعب.
وبواسط: من أبى الفتح الميدانى، مشيخته، وببغداد من أبى أحمد عبد الوهاب بن سكينة جزءا وغيره.
وبنيسابور: من أبى الحسن المؤيد بن محمد الطوسى، صحيح مسلم، وجزء بن نجيد. وروى عنه الموطأ، رواية أبى مصعب، ومن منصور بن المنعم الفراوى، سنن البيهقى الكبير، وعوالى جده أبى عبد الله الفراوى، والأربعين له، ومن زينب الشعرية جزء ابن نجيد وغيره.
وبهراة: من أبى روح عبد المعز بن محمد بن الهروى: صحيح ابن حبان بفوت يسير، تشمله الإجازة، وأربعى الأستاذ أبى القاسم القشيرى، عن زاهر السرخسى عنه، وجزء ابن نجيد.
وبمكة: من الشريف يونس بن يحيى الهاشمى وطبقته.
وحدث بالكثير بأماكن عدة، منها مكة. وتردد إليها مرات، وجاور بها كرات.
سمع منه الحفاظ والأعيان من العلماء، وبالغوا فى الثناء عليه.
قال ابن النجار فى تاريخ بغداد: هو من الأئمة الفضلاء فى فنون العلم: الحديث، وعلوم القراءات، والفقه، والخلاف، والأصلين، والنحو، واللغة. وله قريحة حسنة، وذهن ثاقب، وتدقيق فى المعانى، وله مصنفات فى جميع ما ذكرناه. وله النظم والنثر الحسن. وكان زاهدا، متورعا، حسن الطريق، كثير العبادة، ما رأيت فى فنه مثله. انتهى.
وذكره المحب الطبرى فى «التعريف بمشيخة الحرم الشريف» ، الذى جمعه على لسان الملك المظفر صاحب اليمن.
وذكر من تآليفه تفسيرا كبيرا يزيد على عشرين سفرا، وأوسط عشرة أسفار، وصغيرا ثلاثة أسفار، ومختصر مسلم سفران، والضوابط الكلية فى علم العربية، وكتاب الكافى فى النحو، فى غاية الحسن، قال: ولم يتم، بقى منه يسير. قال: وله التعاليق الرائقة فى كل فن.
وذكره أيضا فى كتاب «العقود الدرية والمشيخة المكية المظفرية» . وترجمه بالشيخ
الفقيه، الإمام العالم الماهد، المحدث المسن فخر الزمان، علم العلماء زين الرؤساء إمام النظار، رئيس المتكلمين، أحد علماء الزمان، المتصرف أحسن التصرف فى كل فن. أصله من مرسية (1)، من بلاد الأندلس، لم يزل مشتغلا من صغره إلى كبره. وله المباحث العجيبة والتصانيف الغريبة، وجمع الأقطار فى رحلته، ارتحل إلى غرب بلاده، ثم إلى الإسكندرية، والديار المصرية، والشام، والعراقين. ودخل بلاد العجم، وناظر، وقرأ وأقرأ، واستفاد وأفاد. ولم يزل يقرى ويدرس حيث حل، ويقر له بعلمه وفضله كل محل، ثم قال: وجاور بمكة سنين كثيرة. انتهى.
وذكره القطب اليونينى، فى ذيل المرآة، وأثنى عليه، ثم قال: وجاور بمكة مدة. وذكر أنه كان مالكيا. وما ذكره من كونه مالكيا، يرد على قاضى دمشق تاج الدين السبكى، حيث ذكره فى كتابه «طبقات الفقهاء الشافعية» .
ويؤيد ذلك: أن المغاربة كلهم مالكيون إلا النادر منهم. نعم كثير منهم ينتحلون الأثر، ولعل هذا منهم.
ووقع للقاضى تاج الدين فى ترجمة المذكور، شيء يتعجب منه، لفرط ذكائه وفطنته، وهو قوله بعد أن ذكر كلام ابن النجار الذى ذكرناه: لم يذكر ابن النجار وفاته. ووجه العجب، أنه لا يمكن ابن النجار أن يذكر وفاة شخص تأخر بعده اثنى عشر سنة، فإن ابن أبى الفضل توفى فى النصف من شهر ربيع الأول سنة خمس وستمائة بين الزعقة والعريش (2) من منازل الرمل وهو متوجه من مصر إلى دمشق. ودفن من يومه بتل الزعقة.
هكذا ذكره الشريف أبو القاسم الحسينى فى وفياته. وأرخ وفاته هكذا، غير واحد. منهم: القطب الحلبى، فى تاريخ مصر. وزاد تعيين اليوم الذى مات فيه، قال: يوم الاثنين، وقال: كان كريما.
قال شيخنا أبو حيان: أخبرنى شرف الدين الجزايرى ـ بتونس ـ أنه دخل على
(1) مرسية: بضم أوله، والسكون، وكسر السين المهملة، وياء مفتوحة خفيفة، وهاء، وهى مدينة بالأندلس من أعمال تدمير. انظر: معجم البلدان (مرسية).
(2)
العريش: بفتح أوله، وكسر ثانيه، ثم شين معجمة بعد الياء المثناة من تحت: وهى مدينة كانت أول عمل مصر من ناحية الشام على ساحل بحر الروم فى وسط الرمل. انظر معجم البلدان (عريش)، الروض المعطار 410، صبح الأعشى 3/ 382.
شرف الدين بن أبى الفضل هذا، وكان ضعيفا، فقال له: خذ ما تحت ذلك، وأشار إلى بساط أو سجادة، قال: فرفعت ذلك: فوجدته نحوا من أربعين دينارا ذهبا، فأخذتها.
قال: وكان يحكى عن ابن أبى الفضل، أنه كان له فى البلاد التى ينتقل إليها من الكتب، بحيث أنه لا يستصحب كتبا، اكتفاء بما له من الكتب فى البلد الذى يسافر إليها. انتهى.
ووجدت بخط الذهبى فى تاريخ الإسلام، قال: وجدت بخط العلاء الكندى، يعنى على يد المظفر الوداعى: أن كتب المرسى كانت مودوعة بدمشق، فرسم السلطان ببيعها.
وكانوا فى كل ثلاثاء، يحملون منها جملة إلى دار السعادة لأجل البادرائى، ويحضر الفقهاء، فاشترى البادرائى منها جملة كثيرة.
وبيعت فى نحو من سنة. وكانت فيها نفائس، وحرزت كتبه ثمنا عظيما. وصنف تفسيرا كبيرا لم يتمه. انتهى.
وآخر أصحابه بالسماع: أيوب الكحال، وبالإجازة: أحمد بن على الجزرى، وهما من شيوخ شيوخنا. وقد أخرجنا حديثه فى ترجمة جدى القاضى أبى الفضل النويرى لأمر اقتضاه الحال.
أنشدتنى الأصلية أم عيسى مريم بنت أحمد بن القاضى شمس الدين محمد بن إبراهيم الأذرعى، بقراءتى عليها فى الرحلة الأولى بمنزلها بظاهر القاهرة.
قالت: أنشدنا أبو النون يونس بن إبراهيم بن عبد القوى الكنانى سماعا، أن العلامة الكبير شرف الدين أبا عبد الله محمد بن عبد الله بن أبى الفضل المرسى، أنشده لنفسه إجازة، وكتب ذلك عنه الحافظ ابن مسدى فى معجمه.
قالوا محمد قد كبرت وقد أتى
…
داعى المنون وما اهتممت بزاد
قلت الكريم من القبيح لضيفه
…
عند القدوم مجيئه بالزاد
ومن شعره أيضا: ما أنشدناه القاضى المفتى أبو بكر بن الحسين الشافعى، بقراءتى عليه بطيبة: أن أحمد بن على بن حسن الجزرى أنشده إذنا مكاتبة، قال: أنشدنا ابن أبى الفضل المرسى إجازة، قال:
من كان يرغب فى النجاة فما له
…
غير اتباع المصطفى فيما أتى