الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
347 ـ محمد بن عمر بن يوسف بن عمر بن نعيم الأنصارى، أبو عبد الله القرطبى، الفقيه المالكى المقرى:
أخذ القراءات بالمغرب عن جماعة، منهم: أبو محمد عبد الله بن محمد بن عبيد الله الحجرى، وبمصر عن أبى القاسم الشاطبى، وبدمشق من أبى جعفر العتكى، وسمع منهم ومن أبى القاسم بن موقا، وأبى الفضل بن الدليل وغيرهما بالإسكندرية، ومن أبى القاسم البوصيرى، وأبى عبد الله الأرتاحى، وأبى محمد بن برى بمصر، وبمكة من أبى المعالى عبد المنعم بن عبد الله الفراوى، وأقرأ بعد وفاة الشاطبى، وروى عنه قصدتيه، رواهما عنه الحسن بن عبد الكريم الغمارى، سبط زيادة، وهو خاتمة أصحابه.
وقد أجاز لشيخنا بالإجازة: ابن السلار، وابن عوض.
قرأ عليه القطب القسطلانى رحمه الله، ختمة واحدة بالمدينة. وسمع منه، وقد سمع عليه جماعة من الأعيان، منهم: الحافظ عز الدين أبو الفتح بن الحاجب الأمينى؛ وذكره فى معجمه، وقال بعد أن نسبه كما ذكرنا: كان شيخ الحرمين فى زمانه، لزهده وعلمه ورفعة مكانه، وذكر أنه كان كثير الاعتكاف والمجاورة لبيت الله الحرام، وزيارة قبر نبيه عليه السلام. انتهى. وقد أم بالحرم الشريف النبوى.
وتوفى فى مستهل صفر، سنة إحدى وثلاثين وستمائة، ودفن بالبقيع.
هكذا أرخ وفاته المنذرى، والرشيد العطار، وابن مسدى، والحافظ الذهبى فى تواليفه.
ووجدت بخط جدى أبى عبد الله الفاسى: أنه توفى سنة تسع وعشرين وستمائة. وذكر أن شيخه قطب الدين القسطلانى أملاه عليه، وهذا مخالف لما ذكره الجماعة، وهو وهم، والله أعلم.
ووجدت بخط جدى الشريف أبى عبد الله الفاسى، أشياء حسنة منقولة عن القرطبى هذا، فحسن ببالى إثباتها هنا.
347 ـ انظر ترجمته فى: (ترتيب المدارك 4/ 724 ـ 726، الصلة 2/ 510 ـ 512، العبر 3/ 132، دول الإسلام 1/ 249، الوافى بالوفيات 4/ 245، الديباج المذهب 2/ 235، 236، النجوم الزاهرة 45/ 268، نفح الطيب 2/ 60، 61، شذرات الذهب 3/ 213، شجرة النور 1/ 112، سير أعلام النبلاء 17/ 372).
منها: أن جدى قال: أخبرنى الشيخ الإمام رضى الدين أبو إسحاق إبراهيم بن محمد ابن إبراهيم الطبرى، إمام مقام إبراهيم عليه السلام قال: أخبرنى الإمام الزاهد تقى الدين أبو العباس أحمد بن عبد الواحد بن مرا الحورانى: أن الشيخ القرطبى، وهو الإمام علم العلماء والزهاد، أبو عبد الله محمد بن عمر بن يوسف الأنصارى، الفاسى المولد، القرطبى الأصل، رأى النبىصلى الله عليه وسلم فى المنام، فسأله أن يعلمه كلمات فى الاستخارة، فعلمه النبى صلى الله عليه وسلم هذه الكلمات: اللهم رب محمد، أسألك بترابه الطيب الطاهر، وما ضمه من أعضائه، ورفعته به إلى ملكوتك الأعلى، أن تعزم لى على أحب الأمور إليك منى، ولا تكلنى إلى نفسى طرفة عين، ولا حول ولا قوة إلا بالله، يقوله ثلاثا. انتهى.
وقال جدى: أنشدنا شيخنا قطب الدين رحمه الله، قال: أنشدنا شيخنا أبو عبد الله محمد بن عمر بن يوسف القرطبى الأصل، الفاسى المولد، رحمه الله ورضى عنه (1).
لو كنت أعقل ما أطبقت مقلتى
…
وكان دمعى على الخدين يستبق
كأننى شمعة يبدو توقدها
…
لمن أراد اهتداء وهى تحترق
ووجدت بخطه: سمعت شيخنا أبا بكر محمد بن أحمد القسطلانى رحمه الله يقول: كان شيخنا أبو عبد الله القرطبى، إذا جاءه أحد من الأشراف، يقوم له قائما، ولا يزال قائما حتى يقضى ذلك الشريف حاجته، أو ينصرف، أو يجلس، وله أخبار مع السلطان الملك الكامل فى حق شرفاء المدينة وتعظيمهم. انتهى.
وبلغنى أن سبب كثرة تعظيم الشيخ أبى عبد الله القرطبى للأشراف: أنه مات منهم شخص، فتوقف عن الصلاة عليه؛ لكونه كان يلعب بالحمام، فرأى النبى صلى الله عليه وسلم فى المنام، ومعه ابنته السيدة الزهراء فاطمة رضى الله عنها، وهى معرضة عن القرطبى فاستعطفها، فقالت تعاتبه: أما يسع جاهنا مطيرا؟ .
وبلغنى: أنه بعد هذه الرؤيا، سافر مع بعض الأشراف إلى مصر، لقصد قضاء حوائجهم هناك، فإن الكامل صاحب مصر، كان يأتى إليه ويزوره.
فكان الشيخ أبو عبد الله يخدهم بنفسه، فلما وصلوا إلى مصر، سعى فى حوائجهم حتى قضيت سريعا.
وذكر جدى حكايتين فى تعظيم القرطبى هذا، لذرية الأولياء:
(1) البيتان فى التحفة اللطيفة (2/ 557). وفيها: «وكان دمعى على الحديث يستبق» ، وفى الثانى:«كأنه شمعة يبدو» .
إحداهما: أنه لما توجه إلى الحجاز، على طريق الصعيد، قصد بقنا، بنت سيدى الشيخ عبد الرحيم القنائى، زوجة الشيخ أبى الحسن بن الصباغ ليزورها، فسلم عليها وهى فى حجابها، فلما أراد الانفصال أرسلت إليه بسجادة، وفيها أقراص خبز، وقطع سكر، وقوالب جبن، ثم رآه بعض من كان معه، يدق الخبز، فتعجب من ذلك لشدة الرخص، فسأل عن ذلك الشيخ، فقال: هذا أدقه يكون شفاء يستشفى به، وكحلا للأعين.
والأخرى: أنه لما بلغه موت الشيخ عبد الرزاق، صاحب الشيخ أبى مدين، قصد عزاء أصحاب الشيخ وولده بالإسكندرية، فسمع أصحاب الشيخ عبد الرزاق بمجئ القرطبى معزيا فخرجوا للقائه، فاجتمعوا خارج الإسكندرية. وكان مع أصحاب الشيخ عبد الرزاق ولد له صغير. فسلم القرطبى على ولد الشيخ وقبل قعر قدمه، وقال له: إكراما لأبيك. انتهى بالمعنى.
ومما يحسن ذكره هنا، ذكر شيء من حال الشيخ عبد الرزاق المذكور فى هذه الحكاية، فمن ذلك: أن جدى قال: وأخبرنى ـ يعنى أبا عبد الله محمد بن شعيب بن عبد الله الفشتانى ـ أن الشيخ أبا عثمان ـ يعنى الورياجلى ـ خرج من مدينة فاس وبلادها، قاصدا سيدنا أبا مدين رضى الله عنه، ليصحبه. قال: فلما قدم بجاية، جاء إلى منزل الشيخ، فأستأذن عليه، فكلمه من وراء الباب ولم يظهر له، وقال له: عليك بعبد الرزاق، وكان عبد الرزاق فى الإسكندرية، فسافر من ثم إلى الإسكندرية، وصحب عبد الرزاق، ونال منه نصيبه، نفع الله بهم، ثم رجع إلى مدينة فاس، وانتفع به، وأشهر من ظهر من أصحابه، أبو محمد الفشتانى.
ورأيت على قبر سيدنا عبد الرزاق بالإسكندرية ـ وقبره مشهور بالديماس ـ توفى سنة خمس وتسعين وخمسمائة.
وقال رحمه الله: سمعت الشيخ أبا العباس أحمد بن الإمام العارف القدوة أبى الحسن الشاذلى رحمه الله، يقول غيره مرة: كنت أتكرّر إلى قبر سيدى أبى محمد عبد الرزاق، صاحب أبى مدين، ومهما عرض لى أمر جئته. قال رحمه الله: فعرضت لى حاجة ضرورية. قال: فجئت إلى قبره، وقرأت ما تيسر من القرآن، وذكرت حاجتى. قال: ثم التفت إلى القبر، وكان عليه الرمل، فإذا عليه مكتوب: أحمد قضيت حاجته. انتهى.
ولهم ثلاثة قرطبيون علماء، عاصر بعضهم المذكور، وبعضهم تأخر عنه، وهم: أبو