الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأخبرنى بعض أصحابنا: أنه اجتمع معه، وقد انصرفوا من دفن ميت بالمعلاة، فقال لصاحبنا: فى وجهك الموت، لمرضه قبل ذلك. فقدر أن المذكور مات، وعاش صاحبنا المخبر لى بهذه المقالة، وصار مفتاح الكعبة المعظمة بعده، لقريبه نور الدين على بن أحمد الشيبى، المعروف بالعراقى.
324 ـ محمد بن على بن محمد بن عبد الكريم بن حسن، الخواجا جمال الدين ابن الخواجا الكبير علاء الدين، المعروف بالشيخ على الجيلانى التاجر الكارمى:
نزيل مكة (1). عنى بحفظ القرآن الكريم، وصلى به التراويح فى مقام الحنفية، سنة ست عشرة وثمانمائة. ثم جوده ببعض الروايات، على شيخنا صدر القراء، قاضى شيراز، شمس الدين محمد بن محمد بن الجزرى بمكة، لما قدمها فى سنة ثلاث وعشرين وثمانمائة، وعلى غيره قبل ذلك، وكان خيرا ساكنا عفيفا.
أقام بمكة فى كفالة والده سنين كثيرة تزيد على العشر. ثم توفى فى جمادى الأولى سنة أربع وعشرين وثمانمائة، ودفن بالمعلاة، بتربة عمرها والده، وكثر أسفه عليه؛ لأن والدته توفيت فى آخر المحرم من هذه السنة، وأخته شقيقته، توفيت فى آخر شوال من السنة التى قبلها، وكلتاهما بمكة.
325 ـ محمد بن على بن محمد بن على بن ضرغام بن على بن عبد الكافى البكرى المصرى، والمحدث المقرئ الفقيه، شمس الدين أبو عبد الله، المعروف بابن سكر (بسين مهملة):
نزيل مكة الحنفى. ولد فى تاسع عشر، شهر ربيع الأول، سنة تسع عشرة وسبعمائة بالقاهرة ـ على ما أخبرنى به ـ وعنى بالحديث، فقرأ وسمع على الموفق أحمد بن أحمد ابن عثمان الشارعى: سداسيات الرازى، عن جد أبيه، فسمعها على الملك أسد الدين عبد القادر ابن عبد العزيز (ابن الملوك) الأيوبى، عن خطيب مردا، وسمع على عبد القادر هذا: التوكل لابن أبى الدنيا، وجزء منتقى من الحكايات والأخبار، فى ذكر المحدثين الأبرار، تخريج البردانى، انتقاء الحافظ السلفى وروايته عنه، والمجالس السلماسيات للسلفى، وجزء من حديثه عن الأئمة الخمسة، وهم: البخارى، ومسلم، وأبو داود، والترمذى، والنسائى.
324 ـ (1) على هامش نسخة ابن فهد: «ولد بها سنة ثلاث وثمانمائة» .
325 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات القراء لابن الجزرى 2/ 207).
كل ذلك عن محمد بن عبد الهادى المقدسى إجازة، عن السلفى إجازة.
وجزء من غرائب مالك لابن المقرى، عن الكفرطابى، إجازة، عن يحيى بن محمود الثقفى. وعلى صالح بن مختار الأشنهى (1): الأول من فوائد حاجب بن حاجب الطوسى، عن محمد بن عبد الهادى، عن السلفى، وعلى مسند مصر يحيى بن يوسف المصرى: أربعى بن أسلم الطوسى، ومجلس السلمى، وابن بالويه، وجزء من حديث أبى صادق المدينى، وأبى الحسن بن الفراء، انتقاها السلفى عنهما، وفى آخره حكايات وأشعار من روايته، كل ذلك عن ابن رواج، عن السلفى.
ومن أول مشيخة ابن الجميزى، إلى الشعر الذى فى ترجمة على بن قينان الدمشقى، خلا تراجم الشيوخ، والكلام على الأحاديث، إلا الخطبة التى فى ترجمة ابن المرحب عن ابن الجميزى، إجازة، ومجلسا من حديث خرجه له التقى بن رافع.
وعلى عبد الرحمن بن محمد بن عبد الحميد بن عبد الهادى: صحيح مسلم، والدعاء للمحاملى، لما قدم عليهم مصر، وعلى يوسف بن محمد الدلاصى: الشفا للقاضى عياض، عن ابن تامتيت عن ابن الصائغ، عن مؤلفه.
وغير ذلك كثيرا، على غير واحد من أصحاب ابن عبد الدايم، والنجيب الحرانى، وابن علاق، والمعين الدمشقى، وابن عزون. وغيرهم بمصر والقاهرة.
وسمع بالإسكندرية من جماعته، وسمع وقرأ النازل غالبا بالحرمين واليمن على جماعة كثيرين.
وبالغ فى ذلك، وحرص حرصا لم ير ولم يسمع مثله؛ لأن صاحبنا المحدث بدر الدين حسن بن على الإسعردى، أخبرنى بدمشق، أن ابن سكر هذا، سأله أن يسمع عليه شيئا سمعه صاحبنا على شيخنا بالإجازة، الحافظ شمس الدين بن المحب المقدسى، المتوفى فى ذى القعدة سنة تسع وثمانين وسبعمائة.
وأجاز له من دمشق: أبو بكر بن الرضى، ومحمد بن أبى بكر بن أحمد بن عبد الدايم، وزينب بنت الكمال وآخرون.
وكان عنى بالقراءات، فقرأ على الأستاذ أبى حيان الأندلسى، وشمس الدين محمد ابن محمد بن نمير المعروف بابن السراج، الكاتب المجود وأجازاه.
(1) نسبة لقرية من أذربيجان. انظر: (الدرر الكامنة 2/ 205).
على من لم يثبتهم، فإن عرفه بفعلهم، اتهمه وعارضه بقوله: إنهم سمعوا. وقد شاهد ذلك منه جماعة غيرى من أصحابنا وغيرهم.
توفى سحر يوم الأربعاء الخامس والعشرين من صفر، سنة إحدى وثمانمائة بمكة. ودفن بالمعلاة عند سيدى الشيخ خليل المالكى، بوصية منه فى ذلك.
وكان قدم مكة فى سنة تسع وأربعين وسبعمائة حاجا، ثم بدا له استيطانها، فاستوطنها حتى مات.
إلا أنه خرج منها فى بعض السنين إلى اليمن وإلى المدينة وإلى جيلة (3).
أخبرنى المحدث المقرئ، شمس الدين محمد بن على البكرى، قراءة وسماعا، أن يحيى ابن يوسف، المعروف بابن المصرى، أخبره سماعا عن أبى الحسن بن الجميزى إجازة.
وقرأت على أبى هريرة بن الذهبى بغوطة دمشق، أخبرنى الأمين محمد بن أبى بكر النحاس، وأبو الفتح محمد بن عبد الرحيم المقدسى، حدثنا: وأخبرتنى فاطمة بنت أحمد الفقيه سماعا بطيبة، أن جدها الرضى الطبرى، أخبرها، قالوا: أخبرنا ابن الجميزى سماعا قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد السلفى الحافظ، قال: أخبرنا أبو عبد الله القاسم ابن الفضل الثقفى، قال: أخبرنا أبو الفتح هلال ابن محمد بن جعفر، قال: حدثنا أبو عبد الله الحسين بن يحيى بن عياش القطان، قال: حدثنا أبو الأشعث أحمد بن المقدام العجلى، قال: حدثنا حماد بن زيد، عن عاصم بن سليمان، عن عبد الله بن سرجس رضى الله عنه، قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس فى أصحابه، فدرت من خلفه، فعرف الذى أريد، فألقى الرداء عن ظهره، فرأيت موضع الخاتم على نغض كتفه، مثل الجمع، حوله خيلان كأنها الأثاليل، فرجعت حتى استقبلته، ثم قلت: غفر الله لك يا رسول الله. فقال القوم: استغفر لك رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال: نعم، ولكم. ثم تلا الآية:(وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ)(4)[محمد: 19].
(3) جيلة: بالفتح: من حصون أبين باليمن. انظر: معجم البلدان (جيلة).
(4)
أخرجه النسائى فى الكبرى حديث رقم (11397) من طريق: يحيى بن حبيب بن عربى، نا حماد، نا عاصم، عن عبد الله بن سرجس، قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس فى ناس من أصحابه، فدرت خلفه هكذا، فعرف الذى أريد، فألقى الرداء عن ظهره، فرأيت موضع الخاتم على نغص كتفه مثل الجمع حوله خيلان، كأنها الثآليل، فجئت حتى استقبلته، فقلت له: غفر الله لك يا رسول الله، قال:«ولك» قال بعض القوم: أستغفر لك رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم ولكم، ثم تلا (وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ).
وانتصب للإقراء بالحرم الشريف، عند أسطوانة فى محاذاة باب أجياد، وأخذ خطوط من عاصره من أمراء مكة وقضاتها، بالجلوس عندها.
وذكر لنا، أنه كان يتأثر ممن يجلس عندها، حتى فى غيبته، لخيال وهمى قام فى ذهنه فى ذلك، وقام هذا الخيال بذهنه، حتى فى تحديثه، فإنه لم يحدث إلا باليسير من مروياته، متسترا فى منزله غالبا، مع تبرم يظهر منه غالبا فى ذلك.
وخرج لنفسه جزءا صغيرا، ولغيره مشيخات وغيرها، على غير اصطلاح الناس، وسلك فى التخريج طريقة لا تحمد، وهى أنه يدرج فى الإسناد ما لم يقع به الإخبار.
ومثال ذلك: أن الرضى الطبرى مثلا، سمع جزء سفيان بن عيينة على ابن الجميزى، وله إجازة من سبط السلفى، وهما سمعاه من السلفى، لكن لم يحدث به الرضى، إلا عن ابن الجميزى فقط، فسمعه منه جماعة كذلك، فيأتى ابن سكر، فيخرج منه شيئا لمن سمعه على الرضى، ويقول له: أخبرك الرضى الطبرى سماعا، قال: أخبرنا ابن الجميزى سماعا، وسبط السلفى إجازة، قالا: أخبرنا السلفى، وإنما لم يحسن هذا، لكونه على خلاف عمل أهل الحديث من أهل عصرنا، وغير [ .... ](2) فإنهم مازلوا ينبهون على ما يقع به الإخبار فى السماع والرواية.
ومثال ذلك فى السماع: أن يكون لإنسان إسناد متعدد، فيقرأ، ثم يأتى شخص بعد قراءته، ويسمع بعض المقروء بهذا الإسناد، ويعاد له بعض طرق الإسناد، فينبهون على ما سمع من الإسناد.
ومثال ذلك فى الرواية: أن يكون لإنسان شيخان مثلا فى جزء، فيحدث به مرة عنهما، ويسمعه بذلك شخص، ويحدث به مرة عن أحدهما، ويسمعه بذلك آخر، ثم يجمع بين السامعين عليه فى الرواية.
ولمم يقع الإخبار فى رواية فلان عن فلان، إلا عن فلان فقط. ومثل هذا كثير، لا يخفى على من له أدنى نباهة، ولا يحتاج إلى استدلال.
وشاهدنا منه أيضا تساهلا آخر فى تسميعه لأهل بيته، فإنهم يكونون غالبا من وراء حجاب، ويقومون ويبعدون عن مجلس السماع، بحيث لا يسمعون إلا صوتا غفلا، وربما لا يسمعون شيئا، فيأمر بكتابتهم فى الطباق، من غير تنبيه على ذلك، ويغضب
(2) ما بين المعقوفتين. بياض فى الأصل.