الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولا قوة إلا بالله، ورام جماعة من أهل الخير الإصلاح بينى وبينه، على أن أستنيبه وأعطيه نصف المعلوم، فأجبتهم لسؤالهم، ولم يوافق هو على ذلك، لإشارة كثير من أهل الهوى عليه بعدم الموافقة على ذلك، قدر شيء لكان، وبلغنى أنه جمع شيئا يتعلق بابن الحاجب الفرعى، ذكر فيه الراجح مما فيه الخلاف، وسماه «الأداء الواجب فى تصحيح ابن الحاجب» وهذا أو غالبه موجود فى شرح ابن الحاجب، ولكن لجمعه فائدة فى الجملة، ولم أقف على شيء من ذلك، ووقفت له على شيء جمعه فى قدر ثلاث كراريس، تتعلق «بمختصر» الشيخ خليل الجندى، وشارحيه الإمامين: صدر الدين عبد الخالق بن الفرات، وشيخنا القاضى تاج الدين بهرام لذكرهما فى شرحهما أشياء انتقدها عليهما، وبعث بذلك إلى فضلاء المالكية بالقاهرة لينظروا فيه، فوقف على ذلك ـ فيما بلغنى ـ من المعتبرين: شيخنا قاضى القضاة جمال الدين عبد الله بن مقداد الأقفهسى، وقاضى القضاة شمس الدين البساطى، ولم يكتبا ولا غيرهما عليه حرفا، ولم يحمداه على ذلك فيما بلغنى، ولعل ذلك لعدم ورود أكثر ما أورده، وإساءته فى العبارة فى بعض ذلك.
وقد ناب فى الحكم بمكة عن قاضيها شيخنا العلامة جمال الدين بن ظهيرة، وحكم فى قضايا لم يخل فيها من انتقاد، ولديه فى الجملة خير.
توفى وقت العصر من يوم الخميس خامس عشر ربيع الأول سنة أربع وعشرين وثمانمائة، ودفن فى بكرة الجمعة بالمعلاة، عند قبر أبى لكوط (2).
وكانت مدة علته ثمانية أيام، وهى حمى حادة دموية، ولعله فاز بسببها بالشهادة، فإنها نوع من الطاعون فيما قيل.
269 ـ محمد بن عبد الرحمن بن هشام بن يحيى بن هشام بن العاص بن المغيرة ابن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشى المخزومى، قاضى مكة، والملقب بالأوقص:
روى عن ابن جريج، وعيسى بن طهمان.
روى عنه معن بن عيسى، ومحمد بن الحسن بن زبالة، وذكره ابن حبان فى الثقات.
قال العقيلى: يخالف فى حديثه، وقال أبو القاسم بن عساكر: ضعيف.
(2) على هامش المطبوعة: «هو الولى الصالح: عبد الله بن عبد الرحمن الدكالى المتوفى سنة 629، وقبره بالحجون مشهور» .
269 ـ انظر ترجمته فى: (ميزان الاعتدال 3/ 625 ترجمة 7855).
وذكر الأزرقى: أنه كان على قضاء مكة، لما أمر المهدى بشراء الدور، لتوسعة المسجد عام حج، وهو عام ستين ومائة.
وذكره الزبير بن بكار، فقال: ومن ولد هشام بن العاص بن هشام: الأوقص، وهو محمد بن عبد الرحمن بن هشام بن يحيى بن هشام بن العاص بن هشام بن المغيرة.
وكان على قضاء مكة فى أيام المهدى أمير المؤمنين، ومات فى خلافة أمير المؤمنين موسى الهادى، وأمه أم أبان بنت عبد الحميد بن عباد بن مطرف بن سلامة، من بنى مخربة. وقال: قال الدارمى: يمدح محمد بن عبد الرحمن المعروف بالأوقص (1):
أبا خالد أشكو غريما مشوها
…
ببابى لا يحيا ولا يتوجه
له مقلتا كلب ومنخر ثعلب
…
وبالضبع إن شبهته هو أشبه
إذا قلت أقبل زادك الله بغضة
…
وثنى وجهه لا بل غريمى أشوه
ولو كنت إن ماطلته مل وأنثنى
…
ولكنه يشرى على ويسفه
وذكره الفاكهى فى قضاة مكة؛ لأنه قال فى الترجمة التى ترجم عليها بقوله «ذكر من ولى قضاء مكة من أهلها من قريش» وكان منهم: محمد بن عبد الرحمن بن هشام الأوقص، قضى للمهدى، وخلف عنده أموال المسجد الحرام ليعمر المسجد، ففعل. انتهى.
وذكره الذهبى فى الميزان. ومنه كتبت من روى عنه، ومن يروى عنه، والكلام فيه، وعرّفه بقاضى المدينة، ولعله قضاها أيضا، والله أعلم.
وروينا عن الأزرقى قال: حدثنى محمد بن أبى عمر، عن القاضى محمد بن عبد الرحمن بن محمد المخزومى، عن القاضى الأوقص محمد بن عبد الرحمن بن هشام، قال: خرجت غازيا فى خلافة بنى مروان، فقفلنا من بلاد الروم، فأصابنا مطر فأوينا إلى قصر، فاستدرينا به من المطر، فلما أمسينا، صرخت جارية مولدة من القصر، فتذكرت مكة وبكت عليها، وأنشأت تقول:
من كان ذا بالشام يحبسه
…
فإن فى غيره أمسى لى الشجن
فإن ذا القصر حقا ما به وطنى
…
لكن بمكة أمسى الأهل والوطن
من ذا يسائل عنا أين منزلنا
…
فالأقحوانة منا منزل قمن
إذ نلبس العيش صفوا ما يكدره
…
طعن الوشاة ولا ينبو بنا الزمن
(1) الأبيات فى: (جمهرة نسب قريش 1812).