الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأخبرناه أعلا من هذا: أحمد بن محمد بن عبد الله الحميرى، وإبراهيم بن عمر بن أبى بكر الصالحى، إذنا عن الحافظ الدمياطى بسنده.
وأخبرناه عاليا أحسن من هذا: العماد أبو بكر بن إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن عبد الله بن أبى عمر، وآخرون، بقراءتى عليهم قالوا: أخبرنا أبو الحسن على بن محمد ابن ممدود البندنيجى سماعا، عن أبى عبد الله محمد بن أبى الفتوح نصر بن أبى الفتوح الحصرى إجازة قال: أخبرنا ابن شاتيل بسنده.
344 ـ محمد بن عمر بن محمد بن بليق الحرانى الخياط المجاور، يكنى أبا عبد الله، وينعت بالمحب:
ذكره هكذا ابن الحاجب الأمينى فى معجمه، قال: من مجاورى رباط الزنجيلى بمكة شرفها الله، وكان أولا من ساكنى حران، ثم انتقل إلى مكة، جاور بها سنين، مع قلة ذات اليد، والتقنع بالكفاف وأظن أصله تركيا.
سمع بدمشق حنبلا وابن طبرزد، والكندى، سألت عنه الحافظ بن عبد الواحد، فقال: رجل خير. انتهى.
345 ـ محمد بن عمر بن محمد بن عمر بن الحسن بن عبد الله بن أحمد التوزرى:
الإمام ضياء الدين أبو عبد الله بن الإمام تقى الدين أبى البركات القسطلانى المكى المالكى، إمام المالكية بالحرم الشريف.
ولد بتوزر (1) سنة ثمان وتسعين وخمسمائة، وقدم مكة قبل العشرين وستمائة، وسمع
ـ سفيان عن منصور عن إبراهيم: عن همام قال: كنا مع حذيفة فقيل له: إن رجلا يرفع الحديث إلى عثمان، فقال حذيفة: سمعت النبى صلى الله عليه وسلم يقول: «لا يدخل الجنة قتات» .
وأخرجه مسلم فى صحيحه (251) من طريق: حدثنا على بن حجر السعدى وإسحاق بن إبراهيم قال إسحاق: أخبرنا جرير، عن منصور، عن إبراهيم، عن همام بن الحارث قال: كان رجل ينقل الحديث إلى الأمير، فكنا جلوسا فى المسجد، فقال القوم: هذا ممن ينقل الحديث إلى الأمير، قال: فجاء حتى جلس إلينا، فقال حذيفة: سمعت رسول اللهصلى الله عليه وسلم يقول: «لا يدخل الجنة قتات» .
(1)
توزر: بالفتح ثم السكون، وفتح الزاى، وراء: مدينة فى أقصى إفريقية من نواحى الزاب الكبير من أعمال الجريد، معمورة، بينها وبين نفطة عشرة فراسخ. انظر: معجم البلدان (توزر).
بها (1) من أبى الحسن بن البنا: جامع الترمذى، وصحب الشيخ شهاب الدين السهروردى بمكة، وقرأ عليه كتابه: عوارف المعارف، وحدث وأفتى ودرس.
ووجدت بخط الميورقى: أنه درس بمدرسة المالكية التى لابن الحداد المهدوى بالشبيكة، أسفل مكة.
ووجدت بخط جدى أبى عبد الله الفاسى: أنه درس بالمنصورية بمكة، ولم يذكر هل ذلك فى الفقه أو الحديث؟ والظاهر أن ذلك فى الحديث؛ لأن درس الفقه بهذه المدرسة، هو على مذهب الإمام الشافعى، ومدرسه المحب الطبرى.
ووجدت بخط الميورقى ما يؤيد ذلك؛ لأنه ترجمه بإمام الحديث بالمدرسة النورية بمكة، والنورية: هى المنصورية؛ لأن نور الدين المنسوبة إليه: هو السلطان الملك المنصور صاحب اليمن والمدرسة المشار إليها، ولا معنى لإمام الحديث بها، إلا مدرسه فيها.
وولى الإمامة بعد أبيه ـ على ما وجدت بخط الميورقى، والقطب القسطلانى فى تاريخ وفاة أبى البركات والد ضياء الدين هذا ـ واستمر على ذلك حتى مات.
وقد أثنى عليه غير واحد من الفضلاء، منهم: الشريف أبو القاسم الحسينى فى وفياته، فقال: كان شيخا فاضلا، وفقيها حسنا، وله نظم جيد، انتهى.
وذكره المحب الطبرى، فى مشيخة الملك المظفر، فقال: إمام المالكية بالحرم الشريف، ومفتيها ومدرسها، قرأ وأقرأ وأفاد واستفاد، وروى الكثير، وارتحل إلى مدينة السلام، وغيرها من البلاد. وغلب عليه الفقه والفتيا، وإظهار الخمول والتواضع.
وذكره جدى فى تعاليقه، فقال: كان من فضلاء أهل زمانه علما ونزاهة وعفافا، وكان عالما بالأصول والفقه والعربية والحديث. سمع وحدث ودرس بالمنصورية إلى حين وفاته، وكان شاعرا حسنا، انتهى.
ومما بلغنا من أخباره الحسنة، أنه لما حضره الأجل، أمر أهله أن لا يبكوا عليه إذا مات، ففعلوا ذلك، وكان عبد له عند موته غائبا عنه بمكة، فى حاجة يقضيها، فلما جاء العبد إليه، وعرف بموته، صرخ العبد باكيا، فأسكت العبد، وعد ذلك كرامة لمولاه.
(1) على هامش نسخة ابن فهد: «من الشرف محمد بن عبد الله وأبى الفضل النرسى صحيح مسلم بسماعه فى مجالس آخرها عشر شوال سنة اثنتين وستين وستمائة» .
ومما حكى لنا من كراماته، أنه كان يقول لأهله: أين عينى تراكم بعد ثمان؟ ، فكانوا يتعجبون من قوله، ولا يعرفون مراده، فلما مضت ثمان سنين من موته، وجدوا حالهم فى الدنيا، قد تغير وذهب منهم ما كان خلفه لهم من الميراث، أو غالبه بالبيع وغيره، بتولى ولده «أحمد» ذلك، وكان أحمد هذا ولى الإمامة بعده، ومات بعد ثمان سنين من موت أبيه، وأنزل فى قبر أبيه، وكان الذى أنزل «أحمد» فى القبر، أخوه عمر، فرأى أباه ضياء الدين القسطلانى هذا، جالسا فى قبره، فتغير لذلك عقل عمر، هذا معنى ما بلغنا فى ذلك.
ومن شعره:
الناس خدام من أثرى وإن أمروا
…
وهم عدو لمن قد خانه القدر
ذنب المقل كطود لا يحركه
…
ريح التنصل مهما جاء يعتذر
وصاحب المال مكروم وإن عظمت
…
منه الإساءة مقبول ومغتفر
تبارك الله مازال الورى خدما
…
لذى اليسار وإن لم يحصل الوطر
ومن شعره أيضا:
حسدونى وليس عندى مما
…
حسدونى عليه غير الكفاف
ولحونى على انفرادى عنهم
…
وانفرادى أن لا أرى من أصافى
بذلوا أوجها رجاء ازدياد
…
وحمانى عن بذل وجهى عفافى
قل لمن أعمل المطى مجدا
…
راجيا للغنى بقطع الفيافى
أنا فى نعمة وأحمد ربى
…
روضتى مسجدى وزهرى طوافى
لا أبالى ما صان وجهى قليل
…
أن ينال الغنى العدو المنافى
ومن شعره أيضا:
لا يدرك السودد العالى بلا نصب
…
ما المجد فى طول أكمام وأردان
وليس يرفع ذا جهل سمو أب
…
ولو علت قدماه رأس كيوان
إن رمت نيل المعالى فاستفد أدبا
…
جودا وحلما وصفحا عن أذى الجانى
فمر تقى المجد وعر ليس تدركه
…
إلا بعفو وإغضاء وإحسان
وبذل مال لمنتاب له أمل
…
راج بذاك محبا كان أو شانى
سيان عندك فى بذل الندى أبدا
…
قاص أتاك لنيل البر أو دانى
حسب العدو إذا أبدى خضاعته
…
ذل السؤال على مطلوبه الفانى
وله شعر سوى ما ذكرناه، وقد كتب عنه من شعره: القطب القسطلانى وأبو العباس الميورقى، والرضى بن خليل وغيرهم. وكتب عنه الميورقى أشياء مفيدة منها: دعاء ألهمه الإمام ضياء الدين القسطلانى هذا لقضاء الدين، وقد رأيت أن أذكره لما فى ذلك من الفائدة.
قال الميورقى ـ مما وجدت بخطه ـ حدثت إمام المالكية بالحرم الشريف، عن منامة عجيبة لى رأيتها فى الرزق، بوج الطائف، فى تلك الشدائد التى اتفقت بعد الخمسين والستمائة، قمت منها وأنا قد حفظت شيئا عجيبا، ما كنت سمعته قط.
فقال لى الإمام بالحرم الشريف، مفتى المالكية: ارتكبنى ـ بمكة شرفها الله تعالى ـ دين فقدم رجل بمال كثير للصدقة، فلم أتعرض له، ولا هو أيضا سأل عن أمثالى. فبت مهموما، فإذا فى النوم بشيخ قد قال لى: اكتب، وإن الله قد خار لك فى ذلك المال، فما يصلح لأمثالك، فكتب عنه ما لم أسمعه قط قبل تلك الليلة: اللهم صلّ على محمد وعلى آل محمد، وهب لى من رزقك الحلال الواسع المبارك، ما تصون به وجوهنا عن التعرض إلى أحد من خلقك، واجعل لنا اللهم إليه طريقا سهلا من غير نصب، ولا تعب، ولا منة، ولا تبعة، وجنبنا اللهم الحرام حيث كان وأين كان وعند من كان، وحل بيننا وبين أهله، واقبض عنا أيديهم، واصرف عنا قلوبهم، حتى لا تتقلب إلا فيما يرضيك ولا تستعين برحمتك إلا على ما تحب، يا أرحم الراحمين.
قال: فاستيقظت وأنا أحفظه، فلزمت الدعاء سنة بعد صلاة الصبح، فإذا بسلطان تونس قد بعث لى من بيت مال المسلمين ألف دينار، فبلغ الدعاء إلى مدرس المالكية بقوص، الشيخ الصالح العالم أبى الحسن على بن وهب المعروف بابن دقيق العيد، رضى الله عنه، وكان عليه دين أثقل ظهره، مثل ما كان علىّ، فكاتبنى فى الرؤيا، وطلب منى الدعاء.
قال: فكتبت إليه بذلك، فدعا به أيضا نحو السنة، وكتب لى بقضاء دينه من حيث لا يحتسب، أو كما حدثنى به، حتى انتشر هذا الدعاء فى العصر، وبقى العمل به عند الفضلاء، حتى سمعت بعض هداة العصر، يعظمه، فسألته عن أصله، فقال: لا أدرى، وأظنه نبويا. قيل إن المالكى يرويه. انتهى ما وجدته بخط الميورقى.
وذكر لى بعض أقاربى: أن عنده تأليفا للإمام ضياء الدين القسطلانى هذا، فى رجال الموطأ لمالك.