الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد حدث هذا، عن بحر بن نصر بن سابق الخولانى.
384 ـ محمد بن محمد بن أحمد بن ظهيرة بن أحمد بن عطية بن ظهيرة، يكنى أبا السعود بن أبى الفضل بن القاضى شهاب الدين، المعروف بابن ظهيرة:
سمع بمكة من شيخنا ابن صديق وغيره من شيوخنا، وسمع بالقاهرة بقراءتى على شيختنا مريم بنت الأذرعى، وحفظ كتبا علمية، وحضر دروس شيخنا القاضى جمال الدين بن ظهيرة، ثم اخترمته المنية، وهو ابن عشرين سنة أو نحوها فى سنة اثنتين وثمانمائة بمكة.
385 ـ محمد بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن محمد بن أبى بكر بن محمد بن إبراهيم، قاضى مكة ومفتيها، نجم الدين أبو حامد بن القاضى جمال الدين ابن الشيخ محب الدين الطبرى المكى الشافعى:
ولد فى شوال سنة ثمان وخمسين وستمائة، كما وجدت بخط جدّى أبى عبد الله الفاسى، وقيل فى سنة تسع وخمسين.
وأجاز له فى استدعاء مؤرخ بهذه السنة: نجم الدين سليمان بن خليل، والحافظ ابن مسدى، والكمال محمد بن عمر بن خليل، وأبو عبد الله بن الخادم، والتاج بن عساكر، وجماعة، منهم: عم جدّه يعقوب بن أبى بكر الطبرى، وسمع عليه جامع الترمذى، وأبو اليمن بن عساكر، وسمع عليه صحيح مسلم بفوت وغير ذلك، وعلى العز أحمد بن إبراهيم الفاروثى، خطيب دمشق، مسند الشافعى، وفضائل القرآن لأبى عبيد، وجزء البانياسى، والحاوى فى الفقه عن مؤلفه الإمام عبد الغفار بن عبد الكريم ابن عبد الغفار القزوينى، وبحثه عليه.
وسمع على جدّه المحب سنن أبى داود، وتفقه عليه، ودرس وأفتى مدة، وولى قضاء مكة بعد أبيه مدة، تزيد على خمسة وثلاثين عاما حتى مات، وحدث.
وسمع منه جماعة، منهم: البرزالى، وذكره فى معجمه وقال: كان شيخا فاضلا، فقيها مشهورا بمعرفة الفقه، يقصد بالفتوى من بلاد اليمن والحجاز.
وحكى عن العفيف المطرى أنه قال: كان صدوقا معظما كبيرا، رأسا فى الفقهاء الشافعية، مع النظر الفائق، والشعر الرائق، ولم يخلق بعده فى الحرمين مثله. وذكر أنه
384 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 9/ 5).
توفى فى ضحوة يوم الجمعة ثانى جمادى الآخرة سنة ثلاثين وسبعمائة، ودفن بالمعلاة بعد العصر، وقد رثاه جماعة من أهل مكة بقصائد، نذكر شيئا منها فى تراجمهم، ويقال: إن الجن بكته، ومدحه غير واحد، منهم: النجم الطوفى العالم المشهور، بثلاثة أبيات لها موجب، وهو أنه حضر بالمدينة النبوية، عند قاضيها عمر بن أحمد بن الخضر الأنصارى الشافعى المعروف بالسراج فى درسه، فتكلم معه فى العلم، فلم ينصفه السراج، ثم قدم النجم الطوفى إلى مكة عند قاضيها نجم الدين الطبرى، وتكلم معه فى العلم فأنصفه وأكرمه، فقال فى الرجلين:
سراج بالمدينة ثم نجم
…
بمكة أصبحا متناقضين
فهذا ما علمت له بزين
…
وهذا ما علمت له بشين
فأطفأه المهيمن من سراج
…
وأبقى النجم نور المشرقين
أخبرنى بذلك بعض مشايخنا عن العفيف المطرى. وقد أخبرنى شيخنا العلامة القاضى جمال الدين بن ظهيرة، أن الشيخ عفيف الدين عبد الله بن الزين الطبرى، أخبره أن القاضى نجم الدين كان جالسا فى جمع حفل، فقام رجل من المجلس فأنشد:
يا أيها الجمع المنظم شمله
…
بشيوخه وكهوله وشبابه
هل فيكم من منتم إلا له
…
أو فيكم متجمل إلا به
ومن محفوظات القاضى نجم الدين: المحرر للرافعى.
وبلغنى: أنه دخل إلى اليمن، مع جدّه الشيخ محب الدين الطبرى، وأن الملك المظفر أو غيره من الأعيان، التمس من الشيخ محب الدين نسخة من المحرر فقال: ليس معى منه نسخة، وإنما ابنى هذا ـ يعنى القاضى نجم الدين يحفظه، وهو يمليه عليكم، فأملاه عليهم القاضى نجم الدين، ثم عارضوا ما أملاه عليهم على نسخة ظفروا بها، فلم يجدوا خلافا إلا بالعطف بالواو والفاء، فى مسائل قليلة.
هذا ما بلغنى فى هذه الحكاية بالمعنى.
ورأيت جوابا للقاضى نجم الدين الطبرى، على فتيا يحسن ذكرها لما فيه من الفائدة بالنسبة إلى أهل مكة. ونص السؤال بعد البسملة: ما تقول السادة الفقهاء أئمة الدين، وعلماء المسلمين، فسح الله فى مدتهم، ونفع ببركتهم: فى رجل باع من رجل مبيعا بدراهم مسعودية، فى نخلة، ونقدها يخالف نقد مكة المشرفة، هل يلزمه نقد نخلة أو نقد مكة، ولو أنه شرط له حالة البيع، نقد مكة وجوازها، فبطلت تلك السكة الأولى، وظهرت سكة أخرى. هل يلزمه القديمة أم الجديدة؟ .
فلو أنه شرط له جواز مكة، الذى سيظهر بعد، على ما جرت به عادة مكة، هل يصح ذلك؟ . ويلزمه من السكة الجديدة أم لا يصح؟ .
ولو أن المديون أشهد على نفسه فى ظاهر الأمر، بما يلزمه جميع ما يدعيه خصمه، والأمر فى الباطن على خلاف ذلك، هل يحل له أخذ ذلك، بناء على إقرار خصمه فيما بينه وبين الله عزوجل، أم هو حرام عليه؟ .
وإذا كان الشهود عالمين بباطن الحال، وأشهدهم المديون بما يعضد خصمه، مع علمهم بأن الأمر على خلاف ما أشهدهم به، هل تجوز لهم الشهادة أم لا؟ .
أفتونا مأجورين مثابين إن شاء الله، وصلى الله على رسوله سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما.
ونص الجواب:
الجواب ـ والله الموفق ـ: أنهما إذا تبايعا فى نخلة، ولم يعينا نقد مكة، لزم نقد نخلة، وإن عيناه فحدثت سكة غير التى كانت حالة البيع، فلا تلزم إلا السكة التى كانت حالة البيع، ولو شرطا السكة التى ستحدث، كعادة مكة، لم يصح ذلك، وكان البيع باطلا، ولو أشهد المديون على نفسه بما يلزمه فى ظاهر الشرع مطلوب خصمه، ولا مستند له فى الباطن؛ فلا يحل لخصمه إلا ما كان حلالا له قبل إشهاده، ومتى أخذ منه غير ذلك، كان حراما عليه، ومتى علم الشهود خلاف ما أشهدهم المشهد، حرمت عليهم الشهادة. والله سبحانه أعلم.
وكتب محمد بن محمد الطبرى، حامدا مصليا مسلما. انتهى.
وقد كتب بموافقته على الجواب: الرضى إبراهيم بن محمد الطبرى إمام المقام، والشيخ شهاب الدين أحمد بن قاسم الحرازى، والفقيه على بن إبراهيم بن محمد بن حسين البجلى، وأخوه عمر بن إبراهيم بن محمد بن حسين البجلى، والفقيه على بن محمد الحكمى، رحمهم الله تعالى.
ومن شعر القاضى نجم الدين الطبرى، ما أنشدناه القاضى شهاب الدين أحمد بن ظهيرة، أجاز عنه إجازة:
أشبيهة البدر التمام إذا انتهى
…
حسنا وليس البدر من أشباهك
مأسور حسنك إن يكن مستشفعا
…
فإليك فى الحسن البديع بجاهك
أشفى أسى أعيى الأساة دواؤه
…
وشفاه يحصل بارتشاف شفاهك
فصليه واغتنمى بقاء حياته
…
لا تقتليه جوى بحق إلهك
ومن شعره ما رويناه عنه بهذا الإسناد، فى مدح الشريف أبى نمى محمد بن أبى سعد الحسنى، صاحب مكة، وكتب ذلك عنه، القاضى عز الدين بن جماعة، قال:
أمفرقا جمع الخزائن إذ غدا
…
كرما لمفترق المحامد يجمع
أنا من ولاه لبيتكم طبع وما
…
ذو الطبع فى حال كمن يتطبع
أعددت حبكم وسيلتى التى
…
ما راح يفزع من إليها يفزع
وحلت حلاك لمنطقى فنظمتها
…
دررا بها تاج الفخار مرصع
فإذا دفعت إلى الخطوب رجوتها
…
بالله ثم بحد عزمك تدفع
وإذا رأيت غمام خطب مطبقا
…
بى من سواك رجوته بك يقشع
فإذا أتانى الضيم منك وأصبحت
…
من فيض جودك غلتى لا تنقع
فبمن ألوذ وأين مثلك آخر
…
فى القوم يستسقى حياه فيهمع
أنا من أطال لك المديح وما له
…
فى كسب شيء غير ودك مطمع
وفرت مالك وهو غير موفر
…
ووقفت عنه وفيه كل يكرع
وحميت نفسى ورده مع أننى
…
ظام إليه وهو طام مترع
كيلا يقال مودة موصولة
…
بحقير دنيا حيث يقطع تقطع
فأقل ما لى لا عدمتك أننى
…
أحمى المضرة حيث لا أنا أنفع
أأكون ممن لا يزال بجهده
…
يرعاك وهو بما يشاء يروع
حاشا لمثلك أن يضيع حافظا
…
ما زال فيك ثناؤه يتضوع
ولئن فعلت ولا أراك وحق ما
…
لا كان منك بحالة يتوقع
فلتخبرن بما يقال إذا غدت
…
مدحى تشنف من حواه المجمع
ولتسمعن وقيت كل رذيلة
…
ما قد يسرك أنه لا يسمع
ممن إذا أنشدت مدحك قال لى
…
أين الصنيع ومثل ذا بك يصنع
ما بعد مدحك واعتقادك فيهم
…
فإذا خفضت فمن لديهم يرفع
أما فمى فوحق جدك لا يرى
…
أبدا لغير مديحكم يتطلع
يا ماجدا لا منع يوجد عنده
…
أبدا وليس لديه جود يمنع
أيليق أن تثنى العنان مخيبا
…
فى القصد من قدام بابك يقرع
وكان أكبر أولاد الملك الكامل، وملك الملك المسعود مكة ـ شرفها الله تعالى ـ وبلاد الحجاز مضافة إلى اليمن، واتسعت المملكة للملك الكامل.
ولقد حكى من حضر الخطبة يوم الجمعة بمكة، لما وصل الخطيب الدعاء للملك الكامل، قال: صاحب مكة وعبيدها، واليمن وزبيدها، ومصر وصعيدها، والشام وصناديدها، والجزيرة ووليدها، سلطان القبلتين، ورب العلامتين، وخادم الحرمين الشريفين، أبو المعالى محمد الملك الكامل ناصر الدين، خليل أمير المؤمنين. انتهى من تاريخ ابن خلكان.
وكان من خبر الملك الكامل فيما يتعلق بملكه لمكة، أنها لم تزل فى ولايته، من حين مات ابنه الملك المسعود صاحب اليمن ومكة بها، فى سنة ست وعشرين إلى سنة تسع وعشرين.
فلما كان فى هذه السنة، نازعه فيها الملك المنصور نور الدين عمر بن على بن رسول صاحب اليمن، وكان بعد أن دعا لنفسه بالسلطنة ببلاد اليمن وكان قبل ذلك يظهر أنه نائب للملك الكامل باليمن؛ لأن الملك المسعود بن الملك الكامل، كان استناب الملك المنصور هذا، على بلاد اليمن، لما توجه منها لقصد دمشق، حين سمع بموت عمه الملك المعظم. فمات الملك المسعود بمكة. وبقى الملك المنصور باليمن، يظهر الطاعة للكامل، إلى أن تمكن من إظهار الدعوة لنفسه ببلاد اليمن، كما يأتى فى ترجمته.
فعند ذلك بعث إلى مكة فى سنة تسع وعشرين، أميرا يقال له: ابن عبدان مع الشريف راجح بن قتادة. وبعث معهما خزانة كبيرة، فنزلوا الأبطح، وحصروا الأمير الذى بمكة، من جهة الملك الكامل. وكان يقال له: الطغتكين، وأرسل الشريف راجح ابن قتادة إلى من مع طغتكين. وذكرهم إحسان نور الدين إليهم، أيام ولايته على مكة، نيابة عن الملك المسعود، فمال إليهم رؤساؤهم.
فلما أحس بذلك طغتكين، هرب إلى ينبع، وعرف الكامل الخبر، فجهز جيشا كثيفا من مصر، وأمر الشريف أبا سعد، صاحب ينبع، والأمير شيحة أمير المدينة، أن يكونا مع عسكره، ففعلا.
فلما وصل العسكر إلى مكة، قابلوا راجح بن عبدان، فقتل ابن عبدان، وانكسر أهل مكة، واستولى عليها طغتكين، وأظهر حقده فى أهلها.
فلما كانت سنة اثنتين وثلاثين، أرسل السلطان نور الدين بخزانة كبيرة إلى راجح، على يد ابن النصيرى، وأمره باستخدام الجند، ليمنعوا العسكر المصرى الواصل إلى مكة