الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هذا حديث صحيح أخرجه الترمذى عن أبى الأشعث هذا، فوافقناه مع العلو بدرجتين. فلله الحمد والمنة. وهو من الأحاديث التى رويناها عالية، من حديث حماد ابن زيد.
أنشدنى المحدث شمس الدين بن سكر من لفظه بعرفات فى يومها، قال: أنشدنى الأستاذ أبو حيان محمد بن يوسف الأندلسى النحوى، والمقرى شمس الدين محمد بن محمد بن نمير بن السراج، أن العلامة شيخ النحاة بمصر، بهاء الدين محمد بن إبراهيم ابن النحاس أنشدهما لنفسه:
اليوم شيء وغدا مثله
…
من نخب العلم التى تلتقط
يحصل المرء بها حكمة
…
وإنما السيل اجتماع النقط
326 ـ محمد بن على بن محمد بن على بن عبد الله بن محمد بن يوسف بن يوسف بن أحمد الأنصارى الحارثى الخزرجى، أبو عبد الله، المعروف بابن قطرال الأندلسى، ثم المراكشى:
نزيل مكة. هكذا وجدت نسبه بخطه، ووجدت بخطه: أنه يروى عن المسند أبى على الحسن بن الحسين بن عتيق المهدوى: الشفا للقاضى عياض سماعا، خلا شيئا يسيرا من آخره، وحدث به عنه، وعن العلامة أبى على الحسين بن عبد العزيز بن الأحوص الفهرى، وعن جماعة من أهل المغرب والمشرق إجازة، منهم محمد بن عبد الخالق ابن طرخان الإسكندرى.
ووجدت بخطه أسماء جماعة من شيوخه بالإخبار من أهل المشرق، ومنهم: الفخر على بن البخارى، وابن شيبان، والتقى الواسطى، وعبد الرحمن بن الزين، وابن الكمال، وابن الأنماطى، وابن فارس، والعز الحرانى، وغازى الحلاوى. انتهى.
وسمع بمصر من على بن هارون الثعلبى، وسمع بمكة الكثير، بقراءته غالبا على الفخر التوزرى، والرضى الطبرى، وأخيه الصفى وغيرهم.
وحدث. سمع منه جماعة من الأعيان، وأثنوا عليه، منهم الجد أبو عبد الله الفاسى.
ووجدت بخطه: سمعت الشيخ الصالح، أبا عبد الله محمد بن على بن قطرال، الأنصارى المحصل الفاضل رحمه الله، يقول: سمعت الإمام الإستاذ أبا جعفر بن الزبير،
بمدينة غرناطة (1)، رحمه الله، يقول: كان بمدينة مرسية رجل من الموثقين، وكان له فى الوقائع فهم عجيب.
فما اتفق، أن إنسانا جاءه، فقال: يا سيدى، ذهب من بيتى ثوب حرير أحمر ـ ويسمونه الجلدى ـ فنظر ساعة، ثم قال له المؤذن: جاركم أخذه، فذهب الرجل إلى المؤذن وكلمه، فحلف له ما أخذه، وأدخله داره، ففتشها فلم يجد شيئا، فرجع الرجل إلى ذلك الفقيه الموثق، فأخبره أن المؤذن حلف له، وأدخله داره وفتشها فلم يجد شيئا، فنظر ذلك الفقيه، ثم قال للرجل: هل رأيت فى بيت المؤذن شيئا من الطعام؟ فقال: نعم، رأيت شيئا من الشعير. فقال: اطلب الثوب فيه، فرجع الرجل فطلب الثوب فى ذلك الشعير، فوجده، فسئل ذلك الفقيه، من أين لك هذا؟ .
فقال: لما أخبرنى بذهاب الثوب، فرأيت ديكا يتطاول بعنقه، فوقع لى أن المؤذن أخذ، فلما أنكر، نظرت فرأيت شخصا فى يده حزمة من سنبلة شعير، وفى وسطها نوار من شقائق النعمان، ففهمت أن الثوب الحرير الأحمر فى وسط الشعير، فكان كذلك. انتهى.
وهذه حكاية عجيبة، لم يسمع فى الفطنة لها بنظير، مع كون الحكايات فى هذا المعنى كثير.
وقال جدى أيضا: وأخبرنى الشيخ الصالح الأصيل، أبو عبد الله محمد بن على ابن قطرال المراكشى قال: أخبرنى الفقيه القاضى بمدينة فاس ـ كلأها الله ـ أبو غالب بن الفقيه القاضى أبى عبد الرحمن محمد بن عبد الرحمن المغيلى: أن والده مرض مرضا شديدا أشفاه، وكان يعالجه رجل يهودى، طبيب حاذق، يعرف بالعنكبوت، قال: فلم يزل يعالجه إلى أن عجز، وقال لأهله: ترفقوا بهذا الرجل ما استطعتم، فإنه ليس فيه طمع.
قال: فأرسلت والدتى رسولا إلى الشيخ أبى عثمان، تعرفه حال الفقيه، وتسأله الدعاء له، أو مثل هذا.
قال: فأرسل الشيخ أبو عثمان بإناء فيه ماء، وقال: اسقوه هذا الماء، قال: فسقوه ذلك الماء، قال: فما هو إلا أن شرب ذلك الماء، رمى من بطنه شيئا أسود لا يدرى ما
326 ـ (1) غرناطة ـ وأغرناطة ـ: مدينة بالأندلس بينها وبين وادى آش أربعون ميلا وهى من مدن إلبيرة. انظر: الروض المعطار 45، 46، معجم البلدان (غرناطة)، الإدريسى 203.
هو، فأرسلوا إلى الطبيب العنكبوت، وأطلعوه على ذلك الذى رماه الفقيه، فقال: هذا شيء ما يخرج على يد طبيب أصلا، وإنما يخرج هذا بوجه (1)، إلى أن أخبروه بشرب ذلك الماء، الذى أرسل به الشيخ أبو عثمان، فاعترف بذلك.
قال جدى: والشيخ أبو عثمان هذا، يعرف بالورياجلى، وهو من صنهاجة، وكان قد صحب سيدى أبا محمد عبد الرزاق، وعبد الرزاق صحب سيدنا أبا مدين رضى الله عنه.
وكان لأبى عثمان فى مدينة فاس، العجائب من خوارق العادات، وبقى أبو عبد الرحمن المغيلى، قاضيا بمدينة فاس، إلى أن دخلها بنو مرين، قريب الخمسين والستمائة، فقتلوه هو وولده وجماعة آخرين من أكابر البلد. انتهى.
ولأبى عبد الله بن قطرال هذا نظم، فمنه ما أنشدناه إبراهيم بن أبى بكر بن عمر، ومحمد بن محمد بن عبد الله الصالحيان، إذنا مكاتبة منهما: أن أبا عبد الله بن قطرال هذا، أنشدها لنفسه إجازة مكاتبة، وتفردا بها عنه:
حمى الله دار العامرية بالحمى
…
وروى بريا ذلك الشعب والشعبا
ألا هل لهاتيك الظلال إفاءة
…
وذاك النسيم الحاجرى ألا هبا
أما وعشايا بالعميم يديرها
…
علىّ نديمى كالمشعشعة الصهبا
لقد أصبحت نآى حقيقة هابها
…
لدن أوطنت منى محبتها القلبا
فلا أدعى شيئا ولا أشتكى نوى
…
ولا أختشى فصلا ولا أتقى حجبا
ومن شعره أيضا، ما أنشدناه الشيخان المذكوران إجازة عنه، قال:
إن أيام الرضا معدودة
…
فالرضا أجمل شيء بالعبيد
لا تظنوا عنكم لى سلوة
…
ما على شوقى إليكم من مزيد
راجعوا أنفسكم تستيقنوا
…
أنكم فى الوقت أقصى ما أريد
إن يوما يجمع الله بكم
…
فيه شملى هو عندى يوم عيد
وقد كتب عنه هذه الأبيات، المحدث فخر الدين عثمان بن بلبان المقاتلى، وكتبها عن المقاتلى: القاضى عز الدين بن جماعة. وأنشدناها عنه شيخنا الشريف عبد الرحمن بن أبى الخير الفاسى. وكان ابن قطرال هذا، صالحا كبير القدر، عالما نحويا أديبا.
توفى بمكة، فى سادس جمادى الأولى سنة عشر وسبعمائة برباط الخوزى ـ بخاء معجمة ـ طلع أعلاه لنشر ثيابه، فوقع به الدرابزين، فسقط إلى الأرض، فمات.
(1) هكذا فى الأصل، ويبدو أن هناك سقط.