الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
33 ـ محمد بن أحمد بن عجلان ـ بفتح العين ـ ابن رميثة بن أبى نمى محمد بن أبى سعد حسن بن على بن قتادة بن إدريس بن مطاعن بن عبد الكريم بن عيسى بن حسين بن سليمان بن على بن عبد الله بن محمد بن موسى بن عبد الله بن موسى ابن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن على بن
أبى طالب، الحسنى، المكى، يلقب جمال الدين:
أمير مكة. ولى إمرة مكة ثمان سنين شريكا لأبيه، غير مائة يوم من آخرها، فإنه استقل بها بعد أبيه. وأول ولايته فى سنة ثمانين وسبعمائة.
وكان يصل إليه من صاحب مصر سبب ذلك: تقليد وخلعة فى كل موسم، على ما ذكر لى والدى، وهو المخبر لى بولايته فى سنة ثمانين.
ولم يكن لولايته فى حياة أبيه أثر؛ لأن أباه كان يقوم بمصالح العسكر، وهو الذى ينظر فى الأمور إلى أن مات، فعند ذلك نظر فيها ولده مع عمه كبيش وكان لا يفصل أمرا دون كبيش، وإلى كبيش معظم النظر فى الأمور.
وبعث محمد ـ بعد موت أبيه ـ إلى الملك الظاهر صاحب مصر كتابا يخبر فيه بموت أبيه، ويسأل استقراره عوضه فى إمرة مكة، ومحضرا فيه خطوط أعيان أهل الحرم بسؤال ولايته.
فأجاب السلطان إلى ذلك وبعث إليه تقليدا وخلعة بالولاية مع رسوله عطيفة بن محمد بن عطيفة بن أبى نمى، فبلغ مكة فى آخر شوال سنة ثمان وثمانين وسبعمائة، أو فى أول ذى القعدة منها.
وفى ليلة العشرين من شعبان هذه السنة، مات أحمد، فلبس ابنه خلعة الولاية وقرأ تقليده بالإمرة بالحرم الشريف على رءوس الأشهاد.
وكان السلطان ولاه ذلك وهو متغير عليه لما بلغه عنه من موافقته على كحل الأشراف الذين مات أبوه، وهم فى سجنه، وهم: عمه محمد بن عجلان، وخالاه: أحمد، وحسن ابنا ثقبة، وابن خاله على بن أحمد بن ثقبة؛ لأن السلطان المذكور كان سأل أباه فى إطلاقهم فامتنع، فأضمر السلطان ولاية عنان بن مغامس بن رميثة لإمرة مكة عوض محمد هذا، وسيره مع الحاج المصرى، ولم يطلعه على ذلك، وأمر أمير
33 ـ انظر ترجمته فى: (العقود اللؤلؤية 2/ 189، النجوم الزاهرة 11/ 245، الأعلام 5/ 329).
الحاج بعدم الاحتفال به لئلا يشوش من إكرامه محمد بن أحمد فينفر، فيفوت المراد منه.
وعرف السلطان الأمير جركس الخليلى أمير أخور المالكى الظاهرى بما فى نفسه فى حق محمد وعنان، وكان من الحجاج فى هذه السنة ـ وهى حجته الأولى وحجته الثانية فى سنة تسعين وسبعمائة ـ فلما وصل إلى مكة خدمه محمد وأمه السيدة فاطمة بنت ثقية كثيرا. وبعثت إليه أمه تسأله عن حال ابنها وعنان، فذكر لها أنه لا يعلم على ابنها سوءا، وربما قيل: إنه حلف لها على ذلك، فانشرح لذلك خاطرها وحسنت لابنها الإقدام على ملاقاة المحمل المصرى لخدمته على عادة أمراء الحجاز، وكان محجما عن ذلك لإشارة كبيش عليه بعدم ملاقاة المحمل، وما زالت به أمه حتى وافقها على مرادها.
فخرج فى عسكره إلى أن حضر عند المحمل، فلما أخذ يقبل خف الجمل على العادة، وثب عليه باطنيان فجرحاه جرحات مات بها من فوره.
وذلك فى يوم الاثنين مستهل الحجة سنة ثمان وثمانين وسبعمائة، وله نحو عشرين سنة، ونقل إلى المعلاة، ودفن بها بعد الصلاة عليه وغسله وتكفينه. وتوجع الناس عليه كثيرا، سيما أمه.
ويقال: إنها كانت دعت عليه بالهلاك بعد أن عرفت بكحل أخويها، ومن ذكر معهما لعظم ألمها لذلك وألم الناس أيضا لكحلهم، فإن صح عنها ذلك، فقد استجيب دعاؤها وما خطر لها ببال قتله.
وكان كبيش يتوقع له ذلك، ولذلك نهاه عن ملاقاة المحمل. وكانت أمه لا تظن يصيبه من السوء فى ملاقاة المحمل غير اعتقاله، وغلب على ظنها سلامته لما ذكر لها الخليلى.
ويقال: إن الخليلى عوتب على ما ذكره لأمه؛ لأنه ظهر بعد ذلك ما يدل على علمه للسوء فيه، فاعتذر بعدم قدرته على إفشاء السر، وقال: كان ينبغى لهم أن يفطنوا لملازمة جماعتنا لحمل السلاح، وما كان لمحمد فى كحل المذكورين راحة؛ لأنه ابتلى بفقد الحياة، ويستبعد أن يكون للمذكورين على ذلك قدرة إلا أن يشاء الله وكل ما يسدونه إليه من الأذى يسير بالنسبة إلى ما أصابه من البلاء.
ويقال: إنه لم يوافق على كحلهم، حتى عظم عليه فى التخويف من شرهم، فما نفعه الحذر من القدر، ولكنه فاز بالشهادة.