الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكان من مشايخ قريش، يقيم بأرض خالد بوادى مر، من أعمال مكة المشرفة.
492 ـ محمد بن يوسف بن على بن محمود بن أبى المعالى، النزارى نسبا الصبرى بلدا، قاضى تعز:
كان ذا فضل فى الفقه والنحو واللغة، والحديث، والتفسير والقراءات السبع والفرائض. درس بالغرابية، ثم بالمظفرية الكبرى. وكان كثير الصلاح والورع والعبادة، ساعيا فى قضاء حوائج الناس.
حج فى سنة اثنتين وأربعين وسبعمائة، مع الملك المجاهد صاحب اليمن.
فتوفى فى آخر يوم عرفة من هذه السنة شهيدا مبطونا، وغسل بمنى، ودفن بالأبطح.
493 ـ محمد بن يوسف بن موسى بن يوسف بن موسى بن يوسف بن إبراهيم ابن عبد الله بن المغيرة الأزدى المهلبى، جمال الدين أبو بكر، ويقال: أبو المكارم بن أبى أحمد، الشهير بابن مسدى، ويقال: ابن مسد ـ بضم الميم وسكون السين وحذف الياء ـ الأندلسى الغرناطى:
نزيل مكة وخطيبها، وإمام المقام الشريف. ولد يوم عيد الأضحى سنة تسع وخمسمائة بوادى آش (1) من الأندلس.
وقرأ على جماعة، منهم: قاضى الجماعة بقرطبة أبو القاسم بن بقى المخلدى، وجماعة بالمغرب، ثم رحل بعد العشرين وستمائة، فسمع بالثغر، من محمد بن عمار الحرانى وغيره، وبمصر من الفخر الفارسى، وأبى القاسم عيسى بن عبد العزيز بن عيسى اللخمى، وقرأ عليه بالروايات، وأبى الحسن بن المقير وأكثر عنه، وجماعة بمصر، وبدمشق من أبى القاسم الحسين بن هبة الله بن محفوظ بن صصرى، وغيره، وبحلب من الموفق عبد اللطيف بن يوسف البغدادى وغيره، ومن أبى البركات عبد الرحمن بن عبد اللطيف الصوفى، وجماعة بمكة.
وأجاز له من شيوخها إمامها أبو إسحاق زاهر بن رستم الأصبهانى، والشريف يونس بن يحيى الهاشمى، ومن بغداد: ابن الأخضر وابن سكينة.
493 ـ انظر ترجمته فى: (تذكرة الحفاظ للذهبى 4/ 233).
(1)
أش: بالفتح، والشين مخففة، وربما مدت همزته، مدينة الأشات بالأندلس من كورة البيرة وتعرف بوادى أش، بينها وبين غرناطة أربعون ميلا، وهى بين غرناطة وبجانة، قال ابن حوقل: بين ماردة ومدلين يومان ومنها الى ترجيلة يومان ومنها إلى قصر أش يومان ومن قصر أش إلى مكناسة يومان. قلت: ولا أدرى قصر أش هو وادى أش أو غيره. انظر: معجم البلدان (أش).
ومن دمشق: قاضيها أبو القاسم الحرستانى، والعلامة أبو اليمن الكندى، وجماعة يجمعهم كلهم معجمه الذى خرجه لنفسه فى ثلاث مجلدات كبار. وكان عنى بهذا الشأن كثيرا، وخرج لنفسه ولغير واحد من شيوخ عصره. ووقع له فى معجمه أوهام قليلة كما ذكره الذهبى، ووقع له وهم فى بعض تخاريجه على ما ذكر أيضا؛ لأنه خرج لابن الجميزى، من رابع المحامليات عن شهدة، قال: وهذا خطأ، وكتب بخطه الكثير، وكان يكتب بالمغربى والمشرقى خطأ حسنا. وكان سريع الكتابة؛ لأنى وجدت بخط الشيخ بهاء الدين عبد الله بن خليل، أنه سمع الرضى الطبرى يقول: إنه سمع ابن مسدى يقول: كنت أكتب قبل أن أتغدى كراسين. انتهى.
وله تواليف كثيرة، منها: الأربعون المختارة، فى فضل الحج والزيارة، وغير ذلك فى الحديث، ومنسك ذكر فيه خلاف العلماء. ونظم ونثر حسن، وخطب. وحدث بأشياء من ذلك، ومن مروياته.
وآخر الرواة عنه: مسند الشام فى عصره، أحمد بن على الجزرى، له منه إجازة، قرأ عليه بها الشريف أبو المحاسن محمد بن على بن حمزة الحسينى، ومن خطه استفدت ذلك.
وقد روى عنه جماعة من الأعيان، منهم: أبو اليمن بن عساكر، وأبو عبد الله بن النعمان، والعفيف بن مزروع، والحافظ الدمياطى، وجماعة كثيرون، وآخرهم وفاة: الرضى الطبرى، إمام المقام، وأشك فى سماع القاضى بدر الدين بن جماعة منه، فإن صح سماعه، فهو آخر أصحابه بالسماع. والله أعلم.
وكتب عنه الرشيد العطار، ومات قبله.
وذكره جماعة من الحفاظ، ووصفوه بالحفظ، منهم: منصور بن سليم الهمدانى، وقال: كان حافظا متقنا. والشريف أبو القاسم الحسينى، وقال: كان فاضلا حسن المعرفة بالصناعة الحديثية. والقطب الحلبى، وقال: كان يميل إلى الاجتهاد، ويؤثر الحديث. والحافظ الذهبى، وقال فى الميزان: كان من بحور العلم، ومن كبار الحفاظ، له أوهام، وفيه تشيع، ورأيت جماعة يضعفونه، وله معجم فى ثلاث مجلدات كبار، طالعته وعلقت منه كثيرا. قتل بمكة. انتهى.
وقال فى طبقات الحفاظ: وله تصانيف كثيرة، وتوسع فى العلوم، وتفنن، وله اليد الطولى فى النظم والنثر، ومعرفة بالفقه وغير ذلك، وفيه تشيع وبدعة. وذكر أن الشيخ رضى الدين الطبرى، كان يمتنع من الرواية عنه. انتهى.
وقد تكلّم فيه من غير ما وجه، منها: أن الحافظ قطب الدين الحلبى قال فى تاريخه: قال: الشيخ أبو حيان الأندلسى: أخبرنى شيخنا الناقد أبو على بن أبى الأحوص، أن بعض شيوخهم عمل أربعين حديثا، فأخذها ابن مسدى ووصل بها أسانيده وأدعاها. ومنها لما فيه من التشيع والبدعة؛ لأنه نظم قصيدة نحوا من ستمائة بيت نال فيها من معاوية ـ رضى الله عنه ـ وذويه، على ما ذكر الذهبى، وذكر أن العفيف المطرى، أراها له، وأنه سمع التقى العمرى يقول: سألت أبا عبد الله بن النعمان عن ابن مسدى، فقال: ما نقمنا عليه غير أنه تكلم فى أم المؤمنين عائشة. انتهى.
وقد تكلم ابن مسدى أيضا، فى جماعة كبار، فلا جرم، أنه توفى مقتولا غيلة، مقطوع اللسان، على ما بلغنى بمنزله برباط القزوينى على باب السدة، واتهم الأمير به جماعة وحلفوا، وطل دمه.
وكانت وفاته يوم السبت العاشر من شوال، سنة ثلاث وستين وستمائة بمكة، ودفن بالمعلاة من يومه.
كذا وجدت وفاته بخط أبى العباس الميورقى والقطب القسطلانى.
ووجدت بخط الشريف أبى القاسم الحسينى فى وفياته، وغيرها، أنه توفى فى حادى عشر شوال، وهذا مخالف لما ذكرناه، وهما أعرف بوفاته، والله أعلم.
ولعل سبب الخلاف، اختلاف حصل فى مبدأ الشهر، والله أعلم.
وأما كلام الإمام رضى الدين محمد بن على بن يوسف الشاطبى اللغوى النحوى المقرئ، نزيل القاهرة، فى ابن مسدى هذا، فمحمول على الممازحة.
أشار إلى ذلك الحافظ أبو الفتح بن سيد الناس اليعمرى؛ لأنه سئل عمن تكلم فى ابن مسدى، فذكر له ترجمة، بين فيها أشياء من حاله وفضله، وقال فيها: وذكر لى عبيد ـ يعنى الإسعردى الحافظ ـ: أنه كان جالسا مع الشيخ الإمام الرضى الشاطبى، ينظران فى إجازة، فاجتاز بهما ابن مسدى، وسلم وجلس إليهما يتكلم، فقال: ما هذه؟ ففال له الرضى: إجازة فيها خط ابن يونس وابن الجوزى، فاحذر أن تلحق اسمك فيها، فإن وفاتهما قبل مولدك، ومصدرهما قبل موردك، فتبسما وأفاضا فى غير ذلك وتكلما.
وقال الحافظ أبو الفتح بن سيد الناس: إنما هذا من الشاطبى، فعلى الممازحة مقبولة،
وليست على غير المداعبة محمولة، ولو خرجت، مخرج الجد، لكانت جد مقبولة، بدليل التبسم والرضى، وانفصالها، على أنه ليس لهذا الكلام مقتضى. انتهى.
ومما يعاب على ابن مسدى حرصه على أخذ الأجرة على التحديث، وقد ذكر هذه القضية عنه ابن رشيد فى رحلته، فقال فيما ذكره من أخبار الذين لقيهم بالمدينة النبوية: وأخبرنى أبو إسحاق المذكور ـ يعنى إبراهيم بن يحيى بن محمد بن يحيى الفاسى ـ أنه سمع الموطأ، رواية يحيى بن يحيى الليثى، على ابن مسدى. وأجاز له.
وأخبرنى أنه لما جاء يسمع عليه الموطأ، قال له: لزمتنى يمين أنى لا أسمعه إلا بعشرة دنانير عينا، فقلت له: لو جعلت على الناس فى سماعه عشرة فلوس، لزهدتهم فيه، ولم يكن ما أعطيه، فجاء بعض بنى الدنيا ليسمعه عليه. فبعث ابن مسدى إلىّ فسمعته معه، قال ابن رشيد: وهذه جرحة، إلا أن يتأول عليه أنه قصد بذلك تنفيق العلم، فالله أعلم. فقد كان الرجل معروفا بالدين والفضل. انتهى.
وذكر القطب الحلبى: أن ابن مسدى ولى تصدر بالفيوم (2)، وأقام به، وأن القطب القسطلانى، أخبره أن ابن مسدى قدم المدينة سنة ست وأربعين وستمائة من مصر، وكنت مجاورا بها، وتوجه إلى مكة، فحج ذلك العام، وأقام بها، إلى أن توفى بها، بعد أن ولى خطابه الحرم، وإمامة المقام. انتهى.
قلت: وليهما فى سنة إحدى وستين، بعد الفقيه سليمان بن خليل العسقلانى.
وذكر الذهبى عن العفيف المطرى: أنه كان يداخل الزيدية، فولوه خطابة الحرم، وكان ينشيء الخطب فى الحال. انتهى.
ووجدت بخط الشيخ بهاء الدين عبد الله بن خليل: أنه سمع الشيخ رضى الدين الطبرى يقول، وقد ذكرنا له ابن مسدى، فقال: سمعته يقول: كنت أسرج السراج وأتكئ على المخدة قليلا، ثم استيفظ، فأقرأ أربع عشرة قائمة حفظا، وسمعته يقول: أعرف البخارى ومسلما بالفاء والواو. ودخلت عليه يوما وفى يده كتاب، فقال: هذا من عند أبى إسحاق البلفيقى، فقلت له: ما ذكر فيه؟ . فقال ذكر فيه: أنه رأى النبى صلى الله عليه وسلم فى النوم، وعنده جماعة، وهم يذكرون قصائد، ومدح بها النبى صلى الله عليه وسلم: أين أنتم من قصيدة ابن مسدى الدالية. انتهى.
(2) الفيوم: فى البلاد المصرية، وهو نظير كبير من قرى كثيرة، يقال إن فيه من القرى عدد ما فى قطر مصر كلها من القرى. انظر: معجم البلدان (الفيوم)، الروض المعطار 445، الاستبصار 90، الإدريسى 146، خطط المقريزى 1/ 245، ابن الوردى 23.