الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ (102)}، وقال تعالى:{وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَمْلَيتُ لَهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ ثُمَّ أَخَذْتُهَا وَإِلَيَّ الْمَصِيرُ (48)} .
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: {فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِنْ بَينِهِمْ} قال أبو حيان في البحر: ومعنى قوله: {مِنْ بَينِهِمْ} أن الاختلاف لم يخرج عنهم بل كانوا هم المختلفين. انتهى محل الغرض منه.
•
قوله تعالى: {أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنَا لَكِنِ الظَّالِمُونَ الْيَوْمَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (38)}
.
قوله: {أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ} صيغتا تعجب. ومعنى الآية الكريمة: أن الكفار يوم القيامة يسمعون ويبصرون الحقائق التي أخبرتهم بها الرسل سمعًا وإبصارًا عجيبين، وأنهم في دار الدنيا في ضلال وغفلة لا يسمعون الحق ولا يبصرونه؛ وهذا الذي بينه تعالى في هذه الآية الكريمة؛ بينه في مواضع أخر؛ كقوله في سمعهم وإبصارهم يوم القيامة:{وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ (12)} ، وقوله تعالى:{لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ (22)} ، وكقوله في غفلتهم في الدنيا وعدم إبصارهم وسمعهم:{اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ (1)} ، وقوله:{يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ (7)} ، وقوله:{صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ (18)} ، وقوله: {مَثَلُ الْفَرِيقَينِ كَالْأَعْمَى وَالْأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ
…
} الآية. والمراد بالأعمى والأصم: الكفار. والآيات بمثل هذا كثيرة. واعلم أن صيغة التعجب إذا كانت على
وزن "أفْعِل به" فهي فعل عند الجمهور، وأكثرهم يقولون: إنه فعل ماض جاء على صورة الأمر. وبعضهم يقول: إنه فعل أمر لإنشاء التعجب، وهو الظاهر من الصيغة، ويؤيده دخول نون التوكيد عليه؛ كقول الشاعر:
ومستبدلٍ من بعدِ غَضْبَى صريمةً
…
فأَحْرِ بِهِ من طول فقرٍ وأَحْرِيا
لأن الألف في قوله: "وأحريا" مبدلة من نون التوكيد الخفيفة على حد قوله في الخلاصة:
وأبدلَنْها بعد فتحٍ ألفًا
…
وَقْفًا كما تقول في قِفَنْ: قِفا
والجمهور أيضًا على أن صيغة التعجب الأخرى التي هي "ما أفعله" فعل ماض. خلافًا لجماعة من الكوفيين في قولهم: إنها اسم بدليل تصغيرها في قول العرجى:
ياما أُمَيلحَ غزلانا شدنَّ لنا
…
من هؤلَيَّاء، بين الضَّالِ السَّمُر
قالوا: والتصغير لا يكون إلا في الأسماء. وأجاب من خالفهم بأن تصغيرها في البيت المذكور شاذ يحفظ ولا يقاس عليه.
• قوله تعالى: {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (39)} .
الحسرة: أشد الندم والتلف على الشيء الذي فات ولا يمكن تداركه. والإنذار: الإعلام المقترن بتهديد؛ أي أنذر الناس يوم القيامة. وقيل له: يوم الحسرة لشدة ندم الكفار فيه على التفريط.
وقد يندم فيه المؤمنون على ما كان منهم من التقصير. وقد أشار تعالى إلى هذا المعنى في مواضع أخر كقوله: {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ .. } الآية، وقوله:{إِنْ هُوَ إلا نَذِيرٌ لَكُمْ بَينَ يَدَي عَذَابٍ شَدِيدٍ (46)} .
وأشار إلى ما يحصل فيه من الحسرة في مواضع أخر؛ كقوله: {أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَاحَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ .. } الآية، وقوله تعالى:{قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً قَالُوا يَاحَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا .. } الآية، وقوله:{كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ (167)} إلى غير ذلك من الآيات. وقوله في هذه الآية الكريمة: {وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ} أي: في غفلة الدنيا معرضون عن الآخرة. وجملة {وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ} حالية، والعامل فيها {وَأَنْذِرْهُمْ} أي: أنذرهم في حال غفلتهم غير مؤمنين. خلافًا لمن قال: إن العامل في الجملة الحالية قوله قبل هذا: {فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (38)} . وقد جاء في الحديث الصحيح ما يدل على أن المراد بقوله هنا: {إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ} أي ذبح الموت. قال البخاري رحمه الله في صحيحه: (باب قوله عز وجل: {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ}) حدثنا عمر بن حفص بن غياث، حدثنا أبي، حدثنا الأعمش، حدثنا أبو صالح عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يؤتى بالموت كهيئة كبش أملح فينادي مناد: يا أهل الجنة فيشرئبون وينظرون، فيقول: هل تعرفون هذا فيقولون: نعم هذا الموت وكلهم قد رآه. ثم ينادي: يا أهل النار فيشرئبون وينظرون فيقول: هل تعرفون هذا فيقولون: نعم هذا الموت وكلهم قد رآه؛ فيذبح. ثم يقول: يا أهل الجنة خلود فلا موت، ويا أهل النار