الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والجاه والشرف بدلًا منهم. وعدا يعدو: تتعدى بنفسها إلى المفعول وتلزم. والجملة في قوله: {تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} في محل حال، والرابط الضمير، على حد قوله في الخلاصة:
وذاتُ بدءٍ بمضارع ثبت
…
حَوَت ضميرًا ومن الواو خَلَت
وصاحب الحال المذكورة هو الضمير المضاف إليه في قوله: {عَيْنَاكَ} وإنَّما ساغ ذلك لأنَّ المضاف هنا جزء من المضاف إليه، على حد قوله في الخلاصة:
ولا تُجِزْ حالًا من المضاف له
…
إلَّا إذا اقتضى المضافُ عملَه
أو كان جزءُ مالَه أُضيفا
…
أو مِثْل جزئه فلا تحيفا
وما نهى الله عنه نبيه صلى الله عليه وسلم في هذه الآية الكريمة من طموح العين إلى زينة الحياة الدُّنيا، مع الاتصاف بما يرضيه جل وعلا من الثبات على الحق، كمجالسة فقراء المؤمنين = أشار له أيضًا في مواضع أخر، كقوله:{فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى (130) وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} الآية، وقوله تعالى:{وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ (87) لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ .. } الآية.
•
قوله تعالى: {وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا (28)}
.
نهى الله جل وعلا نبيه صلى الله عليه وسلم في هذه الآية الكريمة عن طاعة من أغفل الله قلبه عن ذكره واتبع هواه، وكان أمره فرطًا. وقد
كرر في القرآن نهي نبيه صلى الله عليه وسلم عن أتباع مثل هذا الغافل عن ذكر الله المتبع هواه، كقوله تعالى:{فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا (24)} ، وقوله:{وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ .. } الآية، وقوله تعالى:{وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ (9) وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ (10) هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ (11) مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ (12) عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ (13)} إلى غير ذلك من الآيات.
وقد أمره في موضع آخر بالإعراض عن المتولين عن ذكر الله، والذين لا يريدون غير الحياة الدُّنيا، وبين له أن ذلك هو مبلغهم من العلم، وذلك في قوله تعالى:{فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (29) ذَلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ} .
وقوله في هذه الآية الكريمة: {مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ} يدل على أن ما يعرض للعبد من غفلة ومعصية، إنَّما هو بمشيئة الله تعالى؛ إذ لا يقع شيء البتة كائنًا ما كان إلَّا بمشيئته الكونية القدرية، جل وعلا، {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ .. } الآية، {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا} ، {وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا} ، {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى} ، {خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ .. } الآية، {وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا} إلى غير ذلك من الآيات الدّالة على أن كل شيء من خير وشر، لا يقع إلَّا بمشيئة خالق السموات والأرض. فما يزعمه المعتزلة، ويحاول الزمخشري في تفسيره دائمًا تأويل آيات القرآن على نحو ما يطابقه من استقلال قدرة العبد وإرادته بأفعاله دون مشيئة الله = لا يخفى بطلانه، كما تدل عليه الآيات المذكورة آنفًا، وأمثالها في القرآن كثيرة.