الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قول الشاعر:
خمَّر الشيب لمتي تخميرًا
…
وحدا بي إلى القبور البعيرا
ليت شعري إذ القيامة قامت
…
ودُعي بالحساب أين المصيرا
وأما الجواب عن قراءة الجمهور فالظاهر فيه أن الصحابة حذفوا النون في المصاحف لتمكن موافقة قراءة ابن عامر وشعبة المصاحف لخفائها. أما قراءة الجمهور فوجهها ظاهر ولا إشكال فيها، فغاية الأمر أنهم حذفوا حرفًا من الكلمة لمصلحة مع تواتر الرواية لفظًا بذكر الحرف المحذوف. والعلم عند الله تعالى.
•
.
قد قدمنا معاني "الأمة" في القرآن في سورة "هود". والمراد بالأمة هنا: الشريعة والملة. والمعنى: وأن هذه شريعتكم شريعة واحدة، وهي توحيد الله على الوجه الأكمل من جميع الجهات، وامتثال أمره، واجتناب نهيه بإخلاص في ذلك؛ على حسب ما شرعه لخلقه {وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ (92)} أي وحدي، والمعنى دينكم واحد وربكم واحد، فلم تختلفون {وَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَينَهُمْ} أي: تفرقوا في الدين وكانوا شيعًا؛ فمنهم يهودي، ومنهم نصراني، ومنهم عابد وثن إلى غير ذلك من الفرق المختلفة.
ثم بين بقوله {كُلٌّ إِلَينَا رَاجِعُونَ (93)} أنهم جميعهم راجعون إليه يوم القيامة، وسيجازيهم بما فعلوا. وقال الزمخشري في تفسير هذه الآية الكريمة:{وَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَينَهُمْ} المعنى:
جعلوا أمر دينهم فيما بينهم قطعًا كما يتوزع الجماعة الشيء ويقتسمونه؛ فيصير لهذا نصيب ولذلك نصيب؛ تمثيلًا لاختلافهم فيه، وصيرورتهم فرقًا شتى اهـ.
وظاهر الآية أن "تقطع" متعدية إلى المفعول ومفعولها "أمرهم" ومعنى تقطعوه: أنهم جعلوه قطعًا كما ذكرنا. وقال القرطبي قال الأزهري: {وَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ} أي: تفرقوا في أمرهم فنصب {أَمْرَهُمْ} بحذف "في" ومن إطلاق الأمة بمعنى الشريعة والدين كما في هذه الآية؛ قوله تعالى عن الكفار: {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ} أي: على شريعة وملة ودين. ومن ذلك قول نابغة ذبيان:
حلفتُ فلم أترك في نفسكَ ريبةً
…
وهل يأْثَمَنْ ذو إمَّةٍ وهو طائع
ومعنى قوله: "وهل يأْثَمن ذو إمّة .. إلخ" أن صاحب الدين لا يرتكب الإثم طائعًا.
وما ذكره جل وعلا في هاتين الآيتين الكريمتين: من أن الدين واحد والرب واحد فلا داعي للاختلاف. وأنهم مع ذلك اختلفوا وصاروا فرقًا؛ أوضحه في سورة "قد أفلح المؤمنون"، وزاد أن كل حزب من الأحزاب المختلفة فرحون بما عندهم؛ وذلك في قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (51) وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ (52) فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَينَهُمْ زُبُرًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيهِمْ فَرِحُونَ (53) فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حَتَّى حِينٍ (54)} . وقوله في هذه الآية: {زُبُرًا} أي: قطعًا كزبر الحديد والفضة، أي: قطعها، وقوله:{كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيهِمْ فَرِحُونَ (53)} أي: كل فرقة من هؤلاء الفرق الضالين المختلفين المتقطعين دينهم قطعًا؛ فرحون بباطلهم،