الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شرهم؛ يقال: أرسلت البعير أي خليته.
وقوله: {تَؤُزُّهُمْ أَزًّا (83)} : الأز والهز والاستفزاز بمعنى، ومعناها التهييج وشدة الإزعاج. فقوله:{تَؤُزُّهُمْ أَزًّا (83)} أي تهيجهم وتزعجهم إلى الكفر والمعاصي.
وأقوال أهل العلم في الآية راجعة إلى ما ذكرنا: كقول ابن عباس {تَؤُزُّهُمْ أَزًّا (83)} : أي تغويهم إغواء. وكقول مجاهد {تَؤُزُّهُمْ أَزًّا (83)} : أي تشليهم إشلاء. وكقول قتادة {تَؤُزُّهُمْ أَزًّا (83)} : أي تزعجهم إزعاجًا.
وما ذكره جل وعلا في هذه الآية الكريمة: من أنه سلط الشياطين على الكافرين، وقيضهم لهم يضلونهم عن الحق بينه في مواضع أخر من كتابه؛ كقوله تعالى:{وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ فَزَيَّنُوا لَهُمْ مَا بَينَ أَيدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ} الآية، وقوله تعالى:{وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ (36) وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ} الآية، وقوله تعالى:{وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَامَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ} الآية، وقوله:{وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ ثُمَّ لَا يُقْصِرُونَ} ، إلى غير ذلك من الآيات.
•
قوله تعالى: {فَلَا تَعْجَلْ عَلَيهِمْ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا (84)}
.
قوله: {فَلَا تَعْجَلْ عَلَيهِمْ} أي لا تستعجل وقوع العذاب بهم فإن الله حدد له أجلًا معينًا معدودًا، فإذا انتهى ذلك الأجل جاءهم العذاب. فقوله:{إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا (84)} أي نعد الأعوام والشهور والأيام التي دون وقت هلاكهم، فإذا جاء الوقت المحدد لذلك
أهلكناهم؛ والعرب تقول: عجلت عليه بكذا إذا استعجلته منه.
وما ذكره جل وعلا في هذه الآية الكريمة: من أن هلاك الكفار حدد له أجل معدود ذكره في مواضع كثيرة من كتابه؛ كقوله تعالى: {وَلَا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إلا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ} ، وقوله تعالى:{وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَوْلَا أَجَلٌ مُسَمًّى لَجَاءَهُمُ الْعَذَابُ} الآية، وقوله:{وَمَا نُؤَخِّرُهُ إلا لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ (104)} ، وقوله:{وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ لَيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ} ، وقوله:{وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ (42)} ، وقوله تعالى:{نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلًا ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَى عَذَابٍ غَلِيظٍ (24)} ، وقوله:{قَال وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ} الآية، وقوله:{فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيدًا (17)} إلى غير ذلك من الآيات.
ورُويَ أن المأمون قرأ هذه السورة الكريمة فمر بهذه الآية وعنده جماعة من الفقهاء، فأشار إلى ابن السماك أن يعظه. فقال: إذا كانت الأنفاس بالعدد، ولم يكن لها مدد، فما أسرع ما تنفد.
والأظهر في الآية هو ما ذكرنا من أن العد المذكور عد الأعوام والأيام والشهور من الأجل المحدد.
وقال بعض أهل العلم: هو عد أنفاسهم؛ كما أشار إليه ابن السماك في موعظته للمأمون التي ذكرنا إن صح ذلك. وعن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان إذا قرأها بكى وقال: آخر العدد خروج نفسك، آخر العدد: فراق أهلك، آخر العدد: دخول قبرك.
وقال بعض أهل العلم: {إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا (84)} أي نعد