الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كيف يصرفون حقوق الذي يحفظهم بالليل والنهار إلى ما لا ينفع ولا يضر؟! وهذا المعنى الذي أشارت إليه هذه الآية الكريمة: أنه لا أحد يمنع أحدًا من عذاب الله، ولا يحفظه ولا يحرسه من الله، وأن الحافظ لكل شيء هو الله وحده؛ جاء مبينًا في مواضع أخر؛ كقوله تعالى:{لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَينِ يَدَيهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ} على أظهر التفسيرات، وقوله تعالى:{قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيئًا إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعًا} الآية، وقوله تعالى:{قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللَّهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً وَلَا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (17)} ، وقوله تعالى:{قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيئًا إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا} وقوله تعالى: {وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (88)} إلى غير ذلك من الآيات.
•
قوله تعالى: {أَمْ لَهُمْ آلِهَةٌ تَمْنَعُهُمْ مِنْ دُونِنَا لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَ أَنْفُسِهِمْ وَلَا هُمْ مِنَّا يُصْحَبُونَ (43)}
.
قوله في هذه الآية الكريمة: {أَمْ} هي المنقطعة، وهي بمعنى بل والهمزة، فقد اشتملت على معنى الإضراب والإنكار، والمعنى: ألهم آلهة تجعلهم في منعة وعز حتى لا ينالهم عذابنا؟ ثم بين أن آلهتهم التي يزعمون لا تستطيع نفع أنفسها، فكيف تنفع غيرها بقوله:{لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَ أَنْفُسِهِمْ} .
وقوله: {مِنْ دُونِنَا} فيه وجهان: أحدهما: أنه متعلق بـ {آلِهَةٌ} أي: ألهم آلهة {مِنْ دُونِنَا} أي سوانا {تَمْنَعُهُمْ} مما نريد أن نفعله بهم من العذاب! كلا! ليس الأمر كذلك. الوجه
الثاني: أنه متعلق بـ {تَمْنَعُهُمْ} لقول العرب: منعت دونه، أي كففت أذاه. والأظهر عندي الأول. ونحوه كثير في القرآن كقوله:{وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِنْ دُونِهِ} الآية، وقوله:{واتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً} الآية، إلى غير ذلك من الآيات.
وما تضمنته هذه الآية الكريمة، من كون الآلهة التي اتخذوها لا تستطيع نصر أنفسها فكيف تنفع غيرها؛ جاء مبينًا في غير هذا الموضع، كقوله تعالى:{أَيُشْرِكُونَ مَا لَا يَخْلُقُ شَيئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ (191) وَلَا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْرًا وَلَا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ (192) وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لَا يَتَّبِعُوكُمْ سَوَاءٌ عَلَيكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صَامِتُونَ (193) إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (194) أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَيدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا قُلِ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلَا تُنْظِرُونِ (195)} ، وقوله تعالى:{وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلَا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ (197) وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لَا يَسْمَعُوا وَتَرَاهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيكَ وَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ (198)} ، وقوله تعالى:{ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ (13) إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ} الآية، وقوله تعالى:{وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ} الآية، إلى غير ذلك من الآيات الدالة على أن تلك الآلهة المعبودة من دون الله ليس فيها نفع البتة.
وقوله في هذه الآية الكريمة: {وَلَا هُمْ مِنَّا يُصْحَبُونَ (43)} أي يجارون؛ أي ليس لتلك الآلهة مجير يجيرهم منا؛ لأن الله يجير