الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
منه جل وعلا لجميع الذنوب السالفة بالإنابة إليه، والندم على ما فات، والعزم المصمم على عدم العود إلى الذنب.
•
قوله تعالى: {وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إلا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ}
.
ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أنه ما يرسل الرسل إلا مبشرين من أطاعهم بالجنة، ومنذرين من عصاهم بالنار. وكرر هذا المعنى في مواضع أخر، كقوله:{وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إلا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (48)} وقد أوضحنا معنى البشارة والإنذار في أول هذه السورة الكريمة في الكلام على قوله تعالى: {لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ
…
} الآية، وانتصاب قوله:{مُبَشِّرِينَ} على الحال، أي ما نرسلهم إلا في حال كونهم مبشرين ومنذرين.
•
قوله تعالى: {وَيُجَادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ}
.
ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أن الذين كفروا يجادلون بالباطل، أي يخاصمون الرسل بالباطل، كقولهم في الرسول: ساحر، شاعر، كاهن. وكقولهم في القرآن: أساطير الأولين، سحر، شعر، كهانة. وكسؤالهم عن أصحاب الكهف، وذي القرنين. وسؤالهم عن الروح عنادًا وتعنتًا، ليبطلوا الحق بجدالهم وخصامهم بالباطل، فالجدال: المخاصمة. ومفعول "يجادل" محذوف دل ما قبله عليه؛ لأن قوله: {وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ} يدل على أن الذين يجادلهم الكفار بالباطل هم المرسلون المذكورون آنفًا، وحذف الفضلة إذا دل المقام عليها جائز وواقع كثيرًا في القرآن وفي كلام العرب؛ كما عقده في الخلاصة بقوله:
وحَذْف فَضْلَةٍ أَجِزْ إنْ لم يَضِرْ
…
كحَذْفِ ما سِيقَ جوابًا أو حُصِرْ
والباطل: ضد الحق، وكل شيء زائل مضمحل تسميه العرب: باطلًا، ومنه قول لبيد:
ألا كل شيء ما خلا الله باطل
…
وكلُّ نعيم لا محالة زائل
ويجمع الباطل كثيرًا على أباطيل على غير القياس، فيدخل في قول ابن مالك في الخلاصة:
وحائدٌ عن القياسِ كلُّ ما
…
خالفَ في البابين حُكْمًا رُسِما
ومنه قول كعب بن زهير:
كانت مواعيد عرقوب لها مثلًا
…
وما مواعيدها إلا الأباطيل
ويجمع أيضًا على البواطل قياسًا. والحق: ضد الباطل. وكل شيء ثابت غير زائل ولا مضمحل تسميه العرب حقًّا، وقوله تعالى:{لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ} أي ليبطلوه ويزيلوه به، وأصله من إدحاض القدم، وهو إزلاقها وإزالتها عن موضعها. تقول العرب، دحضت رجله: إذا زلقت، وأدحضها الله: أزلقها، ودحضت حجته: إذا بطلت، وأدحضها الله: أبطلها، والمكان الدحض: هو الذي تزل فيه الأقدام، ومنه قول طرفة:
أبا منذر رُمْت الوفاء فهبته
…
وحُدْت كما حاد البعير عن الدحض
وهذا الذي ذكره هنا من مجادلة الكفار للرسل بالباطل أوضحه في مواضع أخر؛ كقوله: {وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا اسْتُجِيبَ لَهُ حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ
…
} الآية. وقوله جل وعلا: {يُرِيدُونَ أَنْ