الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تسمية القرآن بالذكر وجوه:
أحدها: أنه كتاب فيه ذكر ما يحتاج إليه الناس من أمر دينهم ودنياهم.
وثانيها: أنه يذكر أنواع آلاء الله ونعمائه تعالى؛ ففيه التذكير والمواعظ.
وثالثها: أنه فيه الذكر والشرف لك ولقومك على ما قال: {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ} .
واعلم أن الله تعالى سمى كل كتبه ذكرًا فقال: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْر} اهـ المراد من كلام الرازي.
ويدل للوجه الثاني في كلامه قوله تعالى: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ (29)} ، وقوله تعالى:{وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا} .
•
.
ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أن من أعرض عن هذا الذكر الذي هو القرآن العظيم، أي: صد وأدبر عنه، ولم يعمل بما فيه من الحلال والحرام، والآداب والمكارم، ولم يعتقد ما فيه من العقائد، ويعتبر بما فيه من القصص والأمثال، ونحو ذلك؛ فإنه يحمل يوم القيامة وزرًا، قال الزمخشري في تفسير هذه الآية الكريمة: يريد بالوزر: العقوبة الثقيلة الباهظة، سماها وزرًا تشبيهًا في ثقلها على المعاقَب وصعوبة احتمالها بالحِمْل الذي يفدح
الحامل وينقض ظهره، ويُلقي عليه بُهْره. أو لأنها جزاء الوزر وهو الإثم.
قال مقيده -عفا الله عنه وغفر له-: قد دلت آيات كثيرة من كتاب الله: على أن المجرمين يأتون يوم القيامة يحملون أوزارهم؛ أي: أثقال ذنوبهم على ظهورهم؛ كقوله في سورة "الأنعام": {قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً قَالُوا يَاحَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ (31)} ، وقوله في "النحل":{لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيرِ عِلْمٍ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ (25)} وقوله في "العنكبوت": {وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ (13)} ، وقوله في "فاطر":{وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وزْرَ أُخْرَى وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى} .
وبهذه الآيات التي ذكرنا وأمثالها في القرآن: تعلم أن معنى قوله تعالى: {فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وزْرًا} وقوله: {وَسَاءَ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِمْلًا} أن المرادَ بذلك الوزرِ المحمولِ أثقالُ ذنوبهم وكفرهم يأتون يوم القيامة يحملونها؛ سواء قلنا: إن أعمالهم السيئة تتجسم في أقبح سورة وأنتنها، أو غير ذلك كما تقدم إيضاحه. والعلم عند الله. وقد قدمنا عمل {وَسَاءَ} التي بمعنى يئس مرارًا؛ فأغنى ذلك عن إعادته هنا.
وقوله تعالى: {خَالِدِينَ فِيهِ} قال القرطبي في تفسير هذه الآية الكريمة: {خَالِدِينَ فِيهِ} يريد مقيمين فيه، أي في جزائه، وجزاؤه جهنم.