الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَبَينَ حَمِيمٍ آنٍ (44)} والحميم الآني: الماء المتناهي في الحرارة، وقوله تعالى:{وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ (16) يَتَجَرَّعُهُ وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ .. } الآية، وقوله تعالى:{ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيهَا لَشَوْبًا مِنْ حَمِيمٍ (67)} ، وقوله تعالى:{فَشَارِبُونَ عَلَيهِ مِنَ الْحَمِيمِ (54) فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ (55)} ، وقوله تعالى:{لَا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلَا شَرَابًا (24) إلا حَمِيمًا وَغَسَّاقًا (25) .. } الآية؛ وقوله تعالى: {هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ (57) وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ (58)} إلى غير ذلك من الآيات. وقد قدمنا طرفًا من هذا في سورة "يونس".
•
قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا (30)}
.
ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أن من عمل صالحًا وأحسن في عمله أنه جل وعلا لا يضيع أجره، أي جزاء عمله؛ بل يُجازى بعمله الحسن الجزاء الأوفى.
وبيَّن هذا المعنى في آيات كثيرة جدًّا، كقوله تعالى:{فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى} ؛ وقوله تعالى: {يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ (171)} ، وقوله:{هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إلا الْإِحْسَانُ (60)} والآيات الدالة على هذا المعنى كثيرة جدًّا. وفي هذه الآية الكريمة سؤالان معروفان عند العلماء:
الأول: أن يقال: أين خبر {إِنَّ} في قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا} الآية؟ فإذا قيل: خبرها جملة {إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا (30)} توجه السؤال.
الثاني: وهو أن يقال: أين رابط الجملة الخبرية بالمبتدأ الذي هو اسم {إِنَّ} ؟.
اعلم أن خبر {إِنَّ} في قوله: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا} قيل هو جملة {أُولَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ} وعليه فقوله: {إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا (30)} جملة اعتراضية. وعلى هذا فالرابط موجود ولا إشكال فيه. وقيل: {إِنَّ} الثانية واسمها وخبرها، كل ذلك خبر {إِنَّ} الأولى. ونظير الآية من القرآن في الإخبار عن {إِنَّ} بـ {إِنَّ} وخبرها واسمها قوله تعالى في سورة "الحج":{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَينَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ..} الآية، وقول الشاعر:
إنَّ الخليفةَ إنَّ اللهَ ألبسه
…
سربال ملك به تُرْجى الخواتيم
على أظهر الوجهين في خبر "إن" الأولى في البيت. وعلى هذا فالجواب عن السؤال الثاني من وجهين:
الأول: أن الضمير الرابط محذوف، تقديره: لا نُضِيع أجر من أحسن منهم عملا؛ كقولهم: السَّمْن مَنَوانٌ بدرهم، أي مَنَوانٌ منه بدرهم، كما تقدم في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ
…
} الآية. أي: يتربصن بعدهم.
الوجه الثاني: أن {مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا (30)} هم الذين آمنوا وعملوا الصالحات. وإذا كان الذين آمنوا، ومن أحسن عملًا، ينظمها معنى واحد قام ذلك مقام الربط بالضمير. وهذا هو مذهب الأخفش، وهو الصواب؛ لأن الربط حاصل بالاتحاد في المعنى.