الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الخامس نسخ حكم الفعل بالقول وعكسُه
إذا اختلف القول والفعل، ولم يمكن تخصيص القول بالفعل، ولا ظهر وجه للجمع بينهما، وتم التعارض، فإنه يتطلب التاريخ، فيكون آخرهما وروداً ناسخاً لأولها. وقد نقل الماوردي منع الشافعي لنسخ الفعل بالقول. ووافقه ابن عقيل الحنبلي (1).
وهذا القول مردود عند جمهور العلماء، ولعل مراد الشافعي أن الفعل يستدلّ به على تقدّم قول ناسخ للقول الأول.
أما إن جهل التاريخ فسنذكره في المبحث التالي.
ثم قد يكون التعارض والنسخ في حقه صلى الله عليه وسلم وحده، أو في حق الأمة دونه، أو في حقهما جميعاً بحسب موضع التقابل بين الدليلين.
وإنما يجوز المصير إلى النسخ إذا تحصل أمران:
الأول: أن تتحق الشروط العامة، التي تذكر في باب النسخ من مباحث علم الأصول. ومنها ما يلي:
1 -
أن يتراخى المتأخر من الدليلين عن المتقدم منهما، فإن تعقبه بحيث لم يمكن لأحد من الأمة تنفيذ مقتضاه، فلا يجوز النسخ. كأن يرد الدليل الثاني قبل دخول الوقت، أو دخل ولم يمض ما يتسع لتنفيذ الأول.
وهذا الشرط ذكره بعض أصوليي المعتزلة (2) في باب النسخ. وذكروه في باب
(1) الشوكاني: إرشاد الفحول ص 192، 197
(2)
المعتمد لأبي الحسين البصري 1/ 390
تعارض الأفعال وذكره كذلك الرازي في محصوله (1) قائلاً به.
وأما غيره من الأصوليين، فليس هذا عندهم شرطاً، لأن النسخ عندهم يجوز قبل التمكن من الامتثال. واستدلوا بوقوعه، فقد نسخ الله تعالى عن إبراهيم أمره بذبح ابنه قبل أن يتمكن من الامتثال. ونسخ الله تعالى ليلة الإسراء عن هذه الأمة خمسين صلاة بخمس صلوات، قبل أن يعلموا بالمنسوخ.
وهذا القول أصح.
وعلى القول باشتراط التراخي إن تعقّب أحد الدليلين الآخر، وتم التعارض، لم يمكن القول بالنسخ، ووجب الحمل على الخصوصية إن أمكن.
2 -
أن يعلم الترتيب الزمني بين الدليلين المتعارضين، فيكون آخرهما ناسخاً لأولهما ولا يجوز المصير إلى اعتبار أحدهما ناسخاً قبل تحقيق هذا الشرط.
الأمر الثاني: أن تتحقق في كل من القول والفعل شروط التعارض التي تقدم ذكرها. فمن اعتبر في حصول التعارض شرطاً، لم يجز عنده النسخ قبل حصول ذلك الشرط.
(1) ق 54 أ، ب.