الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومثل القضاء البيع والهبة والتمليك وسائر العقود.
ما يدخل تحت هذه القاعدة:
يدخل تحت هذه القاعدة جملة كبيرة من أقواله صلى الله عليه وسلم، يستدل بها، على طريقة الاستدلال بالأفعال، ونحن نذكر من ذلك أصنافاً:
الأول: الأذكار والأدعية النبوية. سواء أكانت في العبادات المرسومة كالصلاة والزكاة والحج والصوم، أو المرتبطة بأسباب زمانيّة كأدعية الصباح والمساء ودخول الشهر، أو مكانية كأذكار دخول المنزل والخروج منه، أو بمناسبات أخرى كما كان صلى الله عليه وسلم يقوله إذا استجدّ ثوباً، أو عاد مريضاً، أو قابل وفداً، أو غير ذلك.
وقد قال ابن قدامة في سياق بيان حكم تسليمه صلى الله عليه وسلم من الصلاة: "أكثر أفعاله صلى الله عليه وسلم في الصلاة مسنونة غير واجبة"(1).
الثاني: قضاؤه صلى الله عليه وسلم.
فلو شهد عنده شاهد وحلّف المدعي، ثم قضى بذلك، لكان قضاؤه بالشاهد واليمين فعلاً من الأفعال.
وقد ذكر الجصّاص (2) في أفعاله صلى الله عليه وسلم الدالّة على الوجوب قضاءه بين اثنين.
الثالث: افتاؤه صلى الله عليه وسلم، وبيانه للأحكام الشرعية، وتعليمه أصحابه.
والوجه الفعلي لذلك يقتضي أن يُقْتدى به صلى الله عليه وسلم في البيان، وتستخدم الطرق التي سلكها، وتراعى الأمور التي راعاها في ذلك.
ومثاله الحديث الذي في الصحيحين: عن عبد الله بن عمرو، قال: تخلّف عنا النبي صلى الله عليه وسلم في سفرة سافرناها، فأدْركَنا وقد أرهقتنا الصلاة، فجعلنا نمسح على أرجلنا، فنادى بأعلى صوته:"ويل للأعقاب من النار" مرتين أو ثلاثاً.
فالعبارة تدل على وجوب استيعاب الرجل بالغسل.
(1) المغني 1/ 553
(2)
أصول الجصاص ق 208 ب.
والوجه الفعلي يدل على أمور:
منها: ما بوّب عليه البخاري: باب من رفع صوته بالعلم (1).
ومنها: تكرير القول المبلِّغ للحكم ليستقرّ ويتأكد.
ومنها: تفقَّد الإمام للرعية في وضوئهم.
ومن هذا الصنف الثالث أيضاً ما يستدلّ به الأصوليون على إثبات بعض أصول الفقه، كاستدلالهم في باب القياس بأنه صلى الله عليه وسلم قاس في مثل جوابه لمن سألته عن حجها عن أبيها:"أرأيت لو كان على أبيك دين أكنت تقضينه عنه؟ " ثم قال: "اقضوا الله فالله أحق بالوفاء" فهذا النوع إنما هو استدلال بالأفعال.
الرابع: أنواع من كلامه صلى الله عليه وسلم كمدحه بعض الناس، وذمه لآخرين، ومزاحه وتوريته، ونحو ذلك.
إلى غير ذلك من الأنواع.
بل كلّ شيء من أقواله صلى الله عليه وسلم له وجه فعلي، ثم قد يحتاج إلى ذلك الوجه في الاستدلال، وقد لا يحتاج إليه لظهوره.
(1) فتح الباري 1/ 143