الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صَوْمُهُ. وَيَلْزَمُ الْمُغْمَى عَلَيْهِ الْقَضَاءُ دُونَ الْمَجْنُونِ.
فَصْلٌ وَلَا يَصِحُّ صَوْمُ وَاجِبٍ إِلَّا أَنْ يَنْوِيَهُ مِنَ اللَّيْلِ مُعَيَّنًا وَعَنْهُ: لَا يَجِبُ تَعْيِينُ النِّيَّةِ لِرَمَضَانَ،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الْحَيْضَ، فَإِنَّهُ لَا يَمْنَعُ الْوُجُوبَ، وَإِنَّمَا يَمْنَعُ صِحَّتَهُ وَيَحْرُمُ فِعْلُهُ، (وَإِنْ نَامَ جَمِيعَ النَّهَارِ صَحَّ صَوْمُهُ) ؛ لِأَنَّهُ مُعْتَادٌ، وَلَا يُزِيلُ الْإِحْسَاسَ بِالْكُلِّيَّةِ وَخَالَفَ فِيهِ الْإِصْطَخْرِيُّ، وَهُوَ شَاذٌّ، (وَيَلْزَمُ الْمُغْمَى عَلَيْهِ) إِذَا لَمْ يَصِحَّ صَوْمُهُ (الْقَضَاءُ) فِي الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّهُ مَرَضٌ وَهُوَ مُغَطٍّ عَلَى الْعَقْلِ غَيْرُ رَافِعٍ لِلتَّكْلِيفِ، وَلَا تَطُولُ مُدَّتُهُ، وَلَا تَثْبُتُ الْوِلَايَةُ عَلَى صَاحِبِهِ، وَيَدْخُلُ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ عليهم السلام وَعَنْهُ: لَا يَقْضِي كَالْجُنُونِ (دُونَ الْمَجْنُونِ) فَلَا يَلْزَمُهُ قَضَاءٌ لِعَدَمِ تَكْلِيفِهِ، سَوَاءٌ فَاتَ بِالْجُنُونِ الشَّهْرُ أَوْ بَعْضُهُ، وَعَنْهُ: يَقْضِي؛ لِأَنَّهُ مَعْنًى يُزِيلُ الْعَقْلَ فَلَمْ يَمْنَعْ وُجُوبَ الصَّوْمِ كَالْإِغْمَاءِ، وَعَنْهُ: إِنْ أَفَاقَ فِي الشَّهْرِ قَضَى مَا مَضَى، وَإِنْ أَفَاقَ بَعْدَهُ، فَلَا، كَمَا لَوْ جُنَّ فِي أَثْنَائِهِ، وَكَمَا لَوْ أَفَاقَ فِي جُزْءٍ مِنَ الْيَوْمِ، لَكِنْ إِذَا جُنَّ فِي صَوْمِ قَضَاءٍ وَكَفَّارَةٍ، فَإِنَّهُ يَقْضِيهِ بِالْوُجُوبِ السَّابِقِ.
[وُجُوبُ تَبْيِيتِ نِيَّةِ صَوْمِ الْوَاجِبِ مِنَ اللَّيْلِ]
فَصْلٌ (وَلَا يَصِحُّ صَوْمٌ وَاجِبٌ إِلَّا أَنْ يَنْوِيَهُ مِنَ اللَّيْلِ) لِمَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ عَنْ حَفْصَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ لَمْ يَجْمَعِ الصِّيَامَ قَبْلَ الْفَجْرِ فَلَا صِيَامَ لَهُ» رَوَاهُ الْخَمْسَةُ، قَالَ التِّرْمِذِيُّ وَالْخَطَّابِيُّ: رَفَعَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ، وَعَمْرٌو مِنَ الثِّقَاتِ، وَوَافَقَهُ عَلَى رَفْعِهِ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ، رَوَاهُ النَّسَائِيُّ، وَلَمْ يُثْبِتْ أَحْمَدُ رَفَعَهُ، وَصَحَّحَ التِّرْمِذِيُّ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ عَلَى ابْنِ عُمَرَ. وَعَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا:«مَنْ لَمْ يُبَيِّتِ الصِّيَامَ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ فَلَا صِيَامَ لَهُ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَفِي لَفْظٍ لِلزُّهْرِيِّ:«مَنْ لَمْ يُبَيِّتِ الصِّيَامَ مِنَ اللَّيْلِ فَلَا صِيَامَ لَهُ» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
لَا يُقَالُ: قَدْ وَرَدَ فِي صَوْمِ عَاشُورَاءَ بِنِيَّةٍ مِنَ النَّهَارِ، لِأَنَّ وُجُوبَهُ كَانَ نَهَارًا لِمَنْ صَامَ تَطَوُّعًا ثُمَّ نَذَرَهُ، عَلَى أَنَّ جَمَاعَةً ذَكَرُوا أَنَّهُ لَيْسَ بِوَاجِبٍ، وَلِأَنَّ النِّيَّةَ عِنْدَ ابْتِدَاءِ الْعِبَادَةِ كَالصَّلَاةِ. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ فِي أَيِّ وَقْتٍ مِنَ اللَّيْلِ نَوَى أَجْزَأَهُ لِإِطْلَاقِ الْخَبَرِ، وَسَوَاءٌ وُجِدَ بَعْدَهَا مَا يُبْطِلُ الصَّوْمَ كَالْجِمَاعِ، وَالْأَكْلِ، أَوْ لَا، نَصَّ عَلَيْهِ فَلَوْ بَطَلَتْ فَاتَ مَحَلُّهَا، وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: تَبْطُلُ إِذَا أَتَى بِالْمُنَافِي كَمَا لَوْ فَسَخَ النِّيَّةَ أَوْ نَسِيَهَا أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ، وَإِنْ نَوَتِ الْحَائِضُ صَوْمَ الْغَدِ، وَقَدْ عَرَفَتِ الطُّهْرَ لَيْلًا، فَوَجْهَانِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ فِي نَهَارِ يَوْمٍ كَصَوْمِ غَدٍ، وَكَنِيَّتِهِ مِنَ اللَّيْلِ صَوْمَ بَعْدَ غَدٍ، وَعَنْهُ: يَصِحُّ مَا لَمْ يَفْسَخْهَا، وَحَمَلَهَا الْقَاضِي عَلَى أَنَّهُ اسْتَصْحَبَهَا إِلَى اللَّيْلِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَيَعْتَبِرُ لِكُلِّ يَوْمٍ نِيَّةً مُفْرَدَةً؛ لِأَنَّهَا عِبَادَاتٌ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يَفْسُدُ يَوْمٌ بِفَسَادِ آخَرَ، وَكَالْقَضَاءِ، وَعَنْهُ: يُجْزِئُ فِي أَوَّلِ رَمَضَانَ نِيَّةٌ وَاحِدَةٌ لِكُلِّهِ، نَصَرَهَا أَبُو يَعْلَى الصَّغِيرُ. وَعَلَى قِيَاسِهِ النَّذْرُ الْمُعَيَّنُ وَنَحْوُهُ، فَلَوْ أَفْطَرَ يَوْمًا بِعُذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ لَمْ يَصِحَّ صِيَامُ الْبَاقِي بِتِلْكَ النِّيَّةِ، جَزَمَ بِهِ فِي " الْمُسْتَوْعِبِ " وَغَيْرِهِ، وَقِيلَ: يَصِحُّ مَعَ بَقَاءِ التَّتَابُعِ، قَدَّمَهُ فِي " الرِّعَايَةِ " (مُعَيَّنًا) أَيْ: لَا بُدَّ أَنْ يَعْتَقِدَ أَنَّهُ يَصُومُ مِنْ رَمَضَانَ، أَوْ مِنْ قَضَائِهِ أَوْ نَذْرِهِ أَوْ كَفَّارَتِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَاخْتَارَهُ الْأَصْحَابُ لِقَوْلِهِ:«إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ وَإِنَّمَا لِامْرِئٍ مَا نَوَى» ، وَكَالْقَضَاءِ وَالْكَفَّارَةِ، وَلِأَنَّ التَّعْيِينَ مَقْصُودٌ فِي نَفْسِهِ، فَلَوْ خَطَرَ بِقَلْبِهِ نَقْلُهُ لَيْلًا أَنَّهُ صَائِمٌ غَدًا فَقَدْ بَرِئَ، قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ بِنِيَّةِ الصَّوْمِ عِنْدَنَا نِيَّةٌ، قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: هُوَ حِينَ يَتَعَشَّى يَتَعَشَّى عَشَاءَ مَنْ يُرِيدُ الصَّوْمَ، بِدَلِيلِ لَيْلَةِ الْعِيدِ مِنْ غَيْرِهَا.
(وَعَنْهُ: لَا يَجِبُ تَعْيِينُ النِّيَّةِ لِرَمَضَانَ) لِأَنَّ التَّعْيِينَ يُرَادُ لِلتَّمْيِيزِ، وَهَذَا الزَّمَانُ يَتَعَيَّنُ، وَكَالْحَجِّ فَعَلَيْهَا يَصِحُّ بِنِيَّةٍ مُطْلَقَةٍ، وَنِيَّةِ نَفْلٍ، وَنِيَّةِ فَرْضٍ تَرَدَّدَ فِيهَا، وَاخْتَارَ
وَلَا يُحْتَاجُ إِلَى نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ، وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: يَجِبُ ذَلِكَ، وَلَوْ نَوَى إِنْ كَانَ غَدًا مِنْ رَمَضَانَ، فَهُوَ فَرْضِيٌّ، وَإِلَّا فَهُوَ نَفْلٌ، لَمْ يُجْزِئْهُ وَمَنْ نَوَى الْإِفْطَارَ، أَفْطَرَ.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الْمَجْدُ صِحَّتَهُ بِنِيَّةٍ مُطْلَقَةٍ لِتَعَذُّرِ صَرْفِهِ إِلَى غَيْرِ رَمَضَانَ، وَاخْتَارَ حَفِيدُهُ: يَصِحُّ مُطْلَقًا مَعَ الْجَهْلِ، فَإِنْ كَانَ عَالِمًا فَلَا كَمَنْ دَفَعَ وَدِيعَةَ رَجُلٍ إِلَيْهِ عَلَى طَرِيقِ التَّبَرُّعِ، ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ كَانَ حَقَّهُ، فَإِنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إِلَى إِعْطَاءٍ ثَانٍ، (وَلَا يَحْتَاجُ) مَعَ التَّعْيِينِ (إِلَى نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ) لِأَنَّ الْوَاجِبَ لَا يَكُونُ إِلَّا فَرْضًا فَأَجْزَأَ التَّعْيِينُ عَنْهُ، (وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: يَجِبُ ذَلِكَ) كَالصَّلَاةِ، (وَلَوْ نَوَى إِنْ كَانَ غَدًا مِنْ رَمَضَانَ فَهُوَ فَرْضِيٌّ) أَيْ: الَّذِي فَرَضَهُ اللَّهُ عَلَيَّ، (وَإِلَّا فَهُوَ نَفْلٌ، لَمْ يُجْزِئْهُ) عَلَى الْمَشْهُورِ فِي الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُعَيِّنِ الصَّوْمَ مِنْ رَمَضَانَ حَزْمًا، وَعَلَى الثَّانِيَةِ: يُجْزِئُهُ، وَنَقَلَ صَالِحٌ: أَنَّهُ يَصِحُّ بِالنِّيَّةِ الْمُتَرَدِّدَةِ وَالْمُطْلَقَةِ مَعَ الْغَيْمِ دُونَ الصَّحْوِ؛ لِوُجُوبِ صَوْمِهِ، فَلَوْ نَوَى إِنْ كَانَ غَدًا مِنْ رَمَضَانَ فَصَوْمِي عَنْهُ، وَإِلَّا فَهُوَ عَنْ وَاجِبٍ عَيَّنَهُ بِنِيَّتِهِ لَمْ يُجْزِئْهُ عَنْ ذَلِكَ الْوَاجِبِ، وَفِي إِجْزَائِهِ عَنْ رَمَضَانَ الرِّوَايَتَانِ إِذَا بَانَ مِنْهُ، وَإِنْ قَالَ: وَإِلَّا فَأَنَا مُفْطِرٌ، لَمْ يَصِحَّ، وَإِنْ نَوَى الرَّمَضَانِيَّةَ بِلَا مُسْتَنَدٍ شَرْعِيٍّ، فَعَلَى الْخِلَافِ إِذَا بَانَ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ عَنْ مُسْتَنَدٍ شَرْعِيٍّ أَجْزَأَهُ كَالْمُجْتَهِدِ فِي الْوَقْتِ.
فَرْعٌ إِذَا قَالَ: أَنَا صَائِمٌ غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ - تَعَالَى - فَإِنْ قَصَدَ بِالْمَشِيئَةِ الشَّكَّ وَالتَّرَدُّدَ فِي الْعَزْمِ وَالْقَصْدِ، فَسَدَتْ نِيَّتُهُ، وَإِلَّا لَمْ تَفْسُدْ ذَكَرَهُ فِي " التَّعْلِيقِ " وَ " الْفُنُونِ "؛ لِأَنَّهُ إِنَّمَا قَصَدَ أَنَّ فِعْلَهُ لِلصَّوْمِ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ وَتَوْفِيقِهِ، وَتَيْسِيرِهِ كَمَا لَا يَفْسُدُ الْإِيمَانُ بِهِ غَيْرَ مُتَرَدِّدٍ فِي الْحَالِ، وَطَرَدَهُ الْقَاضِي فِي سَائِرِ الْعِبَادَاتِ بِأَنَّهَا لَا تَفْسُدُ بِذِكْرِ الْمَشِيئَةِ فِي نِيَّتِهَا.
(وَمَنْ نَوَى الْإِفْطَارَ أَفْطَرَ) نَصَّ عَلَيْهِ، وَفِي " الشَّرْحِ " هُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ مِنْ شَرْطِهِ النِّيَّةُ فَفَسَدَ بِنِيَّةِ الْخُرُوجِ كَالصَّلَاةِ. وَلِأَنَّ الْأَصْلَ اعْتِبَارُ النِّيَّةِ فِي جَمِيعِ أَجْزَاءِ
وَيَصِحُّ صَوْمُ النَّفْلِ بِنْيَةٍ مِنَ النَّهَارِ قَبْلَ الزَّوَالِ وَبَعْدَهُ، وَقَالَ الْقَاضِي: لَا يُجْزِئُ بَعْدَ الزَّوَالِ.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الْعِبَادَةِ، لَكِنْ لَمَّا شَقَّ اعْتِبَارُ حَقِيقَتِهَا اعْتُبِرَ بِنَاءُ حُكْمِهَا، وَهُوَ أَنْ لَا يَنْوِيَ قَطْعَهَا، فَإِذَا نَوَاهُ زَالَتْ حَقِيقَةً وَحُكْمًا، وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: لَا تَبْطُلُ كَالْحَجِّ مَعَ بُطْلَانِ الصَّلَاةِ عِنْدَهُ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْحَجَّ يَصِحُّ بِنِيَّةٍ مُطْلَقَةٍ وَمُبْهَمَةٍ، وَقَوْلُهُ: أَفْطَرَ أَيْ: صَارَ كَمَنْ لَمْ يَنْوِ لَا كَمَنْ أَكَلَ. فَلَوْ كَانَ فِي نَفْلٍ يَقْطَعُهُ ثُمَّ نَوَاهُ جَازَ نَصَّ عَلَيْهِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ فِي نَذْرٍ أَوْ كَفَّارَةٍ أَوْ قَضَاءٍ فَقَطَعَ بِنِيَّتِهِ ثُمَّ نَوَى نَفْلًا جَازَ، وَلَوْ قُلْتَ: نِيَّةُ نَذْرٍ وَقَضَاءٍ إِلَى النَّفْلِ فَكَمَنِ انْتَقَلَ مِنْ فَرْضِ صَلَاةٍ إِلَى نَفْلِهَا، وَعَلَى الْمَذْهَبِ: لَوْ تَرَدَّدَ فِي الْفِطْرِ، أَوْ نَوَى أَنَّهُ سَيُفْطِرُ سَاعَةً أُخْرَى، أَوْ إِنْ وَجَدْتُ طَعَامًا، أَكَلْتُ وَإِلَّا أَتْمَمْتُ، فَكَالْخِلَافِ فِي الصَّلَاةِ، (وَيَصِحُّ صَوْمُ النَّفْلِ بِنِيَّةٍ مِنَ النَّهَارِ وَقَبْلَ الزَّوَالِ وَبَعْدَهُ) نَصَّ عَلَيْهِ، وَاخْتَارَهُ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، مِنْهُمُ الْقَاضِي فِي أَكْثَرِ تَصَانِيفِهِ، لِمَا رَوَتْ عَائِشَةُ قَالَتْ:«دَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ فَقَالَ: هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ؟ قُلْنَا: لَا قَالَ: فَإِنِّي إِذًا صَائِمٌ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ حَدِيثُ عَاشُورَاءَ، وَلِأَنَّ الصَّلَاةَ خُفِّفَ نَفْلُهَا عَنْ فَرْضِهَا فَكَذَا الصَّوْمُ، وَلِمَا فِيهِ مِنْ تَكْثِيرِهِ؛ لِكَوْنِهِ يَعِنُّ لَهُ مِنَ النَّهَارِ فَعُفِيَ عَنْهُ، (وَقَالَ الْقَاضِي) فِي " الْمُجَرَّدِ " وَتَبِعَهُ ابْنُ عَقِيلٍ (لَا يُجْزِئُ بَعْدَ الزَّوَالِ) لِأَنَّ فِعْلَهُ عليه السلام إِنَّمَا هُوَ فِي الْغَدَاءِ، وَهُوَ قَبْلَ الزَّوَالِ، وَلِأَنَّ النِّيَّةَ لَمْ تَصْحَبِ الْعِبَادَةَ فِي مُعْظَمِهَا، أَشْبَهُ مَا لَوْ نَوَى مَعَ الْغُرُوبِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ نَوَى فِي جُزْءٍ مِنْهُ يَصِحُّ كَأَوَّلِهِ، وَجَمِيعُ اللَّيْلِ وَقْتٌ لِنِيَّةِ الْفَرْضِ، فَكَذَا النَّهَارُ وَشَرْطُهُ أَنْ لَا يَكُونَ فَعَلَ مَا يُفْطِرُهُ قَبْلَ النِّيَّةِ، فَإِنْ فَعَلَ فَلَا يُجْزِئُهُ الصَّوْمُ بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ، قَالَهُ فِي " الشَّرْحِ " وَخَالَفَ فِيهِ أَبُو زَيْدٍ الشَّافِعِيُّ، وَيُحْكَمُ بِالصَّوْمِ الشَّرْعِيِّ الْمُثَابِ عَلَيْهِ مِنْ وَقْتِ النِّيَّةِ فِي الْأَظْهَرِ، وَفِي " الْمُجَرَّدِ " وَ " الْهِدَايَةِ " مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ، وَقَالَهُ حَمَّادٌ، وَإِسْحَاقُ إِنْ نَوَاهُ قَبْلَ الزَّوَالِ فَعَلَى الْأَوَّلِ تَطَوُّعُ حَائِضٍ طَهُرَتْ، وَكَافِرٍ أَسْلَمَ فِي يَوْمٍ، وَلَمْ يَأْكُلَا يَصُومَا بَقِيَّةَ الْيَوْمِ، وَعَلَى الثَّانِي: لَا، لِامْتِنَاعِ تَبْعِيضِ صَوْمِ الْيَوْمِ. قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": وَيَتَوَجَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَصِحَّ عَلَيْهِمَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ مِنْهُمَا صَوْمٌ.