الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
يَأْتِيهِ كُلَّ سَبْتٍ رَاكِبًا أَوْ مَاشِيًا ويُصَلِّي فِيهِ رَكْعَتَيْنِ، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَفْعَلُهُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يَحْتَجْ إِلَى شَدِّ رِحَالٍ فَظَاهِرُ " الِانْتِصَارِ " وَ " الْمُغْنِي " وَ " الشَّرْحِ ": يَلْزَمُ، وَذَكَرَ أَبُو الْحُسَيْنِ احْتِمَالًا فِي تَعْيِينِ الْمَسْجِدِ الْعَتِيقِ لِلصَّلَاةِ؛ لِأَنَّهُ أَفْضَلُ قَالَ الْمَجْدُ: وَنَذْرُ الِاعْتِكَافِ مِثْلُهُ فَعَلَى الْمَذْهَبِ يَعْتَكِفُ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ الَّذِي عَيَّنَهُ. وَظَاهِرُهُ لَا كَفَّارَةَ، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الشَّرْحِ ". وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ يُصَلِّي فِي غَيْرِ مَسْجِدٍ، وَإِنْ أَرَادَ الذَّهَابَ إِلَى مَا عَيَّنَهُ، وَاحْتَاجَ إِلَى شَدِّ رَحْلٍ فَجَزَمَ بَعْضُهُمْ بِإِبَاحَتِهِ، وَاخْتَارَهُ الْمُؤَلِّفُ فِي الْقَصْرِ، وَمَنَعَ مِنْهُ ابْنُ عَقِيلٍ، وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وَخَيَّرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ، وَأَمَّا مَا لَمْ يَحْتَجْ إِلَى شَدِّ رَحْلٍ فَالْمَذْهَبُ: يُخَيَّرُ، وَفِي " الْوَاضِحِ ": الْأَفْضَلُ الْوَفَاءُ قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": وَهَذَا أَظْهَرُ.
(إِلَّا الْمَسَاجِدَ الثَّلَاثَةَ) فَإِنَّهَا تَتَعَيَّنُ لِفَضْلِ الْعِبَادَةِ فِيهَا عَلَى غَيْرِهَا لِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى، وَمَسْجِدِي هَذَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَلِمُسْلِمٍ فِي رِوَايَةٍ «إِنَّمَا يُسَافَرُ إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ»
[أَفْضَلُ الْمَسَاجِدِ الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ]
(وَأَفْضَلُهَا الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ) لِمَا رَوَى أَنَسٌ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «صَلَاةٌ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَفْضَلُ مِنْ مِائَةِ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ» . رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي الْخَطَّابِ الدِّمَشْقِيِّ، وَهُوَ مَجْهُولٌ، وَفِي رِوَايَةٍ لِأَحْمَدَ:«وَصَلَاةٌ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةٍ فِي مَسْجِدِي بِمِائَةِ صَلَاةٍ» ، (ثُمَّ مَسْجِدُ الْمَدِينَةِ) لِمَا «رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّ
ثُمَّ الْأَقْصَى فَإِذَا نَذَرَهُ فِي الْأَفْضَلِ لَمْ يُجْزِئْهُ فِي غَيْرِهِ، وَإِنْ نَذَرَهُ فِي غَيْرِهِ فَلَهُ فِعْلُهُ فِيهِ، وَإِنْ نَذَرَ اعْتِكَافَ شَهْرٍ بِعَيْنِهِ لَزِمَهُ الشُّرُوعُ فِيهِ قَبْلَ دُخُولِ لَيْلَتِهِ إِلَى انْقِضَائِهِ،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ إِلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَجُمَعُ: الْمَدِينَةِ أَفْضَلُ فَدَلَّ أَنَّ مَسْجِدَهَا أَفْضَلُ، وَقَالَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ أَشْهَبَ: إِنَّ مَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّ الصَّلَاةَ فِي مَسْجِدِ الرَّسُولِ أَفْضَلُ مِنْ سَائِرِ الْمَسَاجِدِ بِأَلْفِ صَلَاةٍ إِلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ فَإِنَّ الصَّلَاةَ فِي مَسْجِدِ الرَّسُولِ أَفْضَلُ مِنَ الصَّلَاةِ فِيهِ بِدُونِ الْأَلْفِ.
وَجَوَابُهُ: رِوَايَةُ أَحْمَدَ السَّابِقَةُ، وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ مَوْضِعُ قَبْرِهِ عليه الصلاة والسلام فَإِنَّهُ أَفْضَلُ بِقَاعِ الْأَرْضِ، (ثُمَّ الْأَقْصَى) لِمَا رَوَى أَبُو الدَّرْدَاءِ مَرْفُوعًا قَالَ:«صَلَاةٌ فِي الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى بِخَمْسِمِائَةِ صَلَاةٍ» وَفِي حَدِيثِ أَبِي الْمُهَاجِرِ نَحْوُهُ فَإِذَا نَذَرَهُ فِي الْأَفْضَلِ كَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ (لَمْ يُجْزِئْهُ) فِي (غَيْرِهِ) ؛ لِأَنَّهُ أَفْضَلُهَا احْتَجَّ بِهِ الْإِمَامُ وَالْأَصْحَابُ، وَإِنْ نَذَرَهُ فِي غَيْرِهِ فَلَهُ فِعْلُهُ فِيهِ أَيْ: إِذَا نَذَرَهُ فِي مَسْجِدِ الرَّسُولِ أَوِ الْأَقْصَى فَلَهُ فِعْلُهُ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ؛ لِأَفْضَلِيَّتِهِ، وَإِنْ نَذَرَهُ فِي مَسْجِدِ الرَّسُولِ لَمْ يُجْزِئْهُ غَيْرُهُ إِلَّا الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ، وَإِذَا عَيَّنَ الْأَقْصَى أَجْزَأَهُ الْمَسْجِدَانِ فَقَطْ نَصَّ عَلَيْهِ لِأَفْضَلِيَّتِهِمَا عَلَيْهِ، وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا إِذَا نَذَرَ الِاعْتِكَافَ فِي هَذِهِ الْمَسَاجِدِ فَدَخَلَ فِيهِ، ثُمَّ انْهَدَمَ مُعْتَكَفُهُ، وَالْعِيَاذُ بِاللَّهِ - تَعَالَى -، وَلَمْ يُمْكِنْهُ الْمَقَامُ فِيهِ، أَتَمَّهُ فِي غَيْرِهِ لُزُومًا، وَلَمْ يَبْطُلِ اعْتِكَافُهُ، ذَكَرَهُ فِي " الشَّرْحِ ".
(وَإِنْ نَذَرَ اعْتِكَافَ شَهْرٍ بِعَيْنِهِ) تَعَيَّنَ عَلَيْهِ وَ (لَزِمَهُ الشُّرُوعُ فِيهِ قَبْلَ دُخُولِ لَيْلَتِهِ) أَيْ: قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، نَصَّ عَلَيْهِ، إِذِ الشَّهْرُ يَدْخُلُ بِدُخُولِ اللَّيْلَةِ بِدَلِيلِ تَرَتُّبِ الْأَحْكَامِ
وَإِنْ نَذَرَ شَهْرًا مُطْلَقًا لَزِمَهُ شَهْرٌ مُتَتَابِعٌ، وَإِنْ نَذَرَ أَيَّامًا مَعْدُودَةً فَلَهُ تَفْرِيقُهَا إِلَّا عِنْدَ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الْمُعَلَّقَةِ بِهِ مِنْ حُلُولِ الدَّيْنِ، وَوُقُوعِ الطَّلَاقِ، وَالْعَتَاقِ الْمُعَلَّقِينَ بِهِ، وَمَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إِلَّا بِهِ وَاجِبٌ، وَعَنْهُ: يَدْخُلُ قَبْلَ فَجْرِهَا الثَّانِي رُوِيَ عَنِ اللَّيْثِ، وَاسْتَدَلَّ لَهُ «بِقَوْلِ عَائِشَةَ: كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَعْتَكِفَ صَلَّى الْفَجْرَ، ثُمَّ دَخَلَ مُعْتَكَفَهُ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَلِأَنَّ الصَّوْمَ شَرْطٌ فِيهِ فَلَمْ يَجِبِ ابْتِدَاؤُهُ قَبْلَ شَرْطِهِ، وَلَيْسَ بِظَاهِرٍ؛ لِأَنَّهُ عليه السلام لَمْ يَدْخُلْ إِلَّا بَعْدَ الصُّبْحِ وَهُمْ يُوجِبُونَ الدُّخُولَ قَبْلَ ذَلِكَ، مَعَ أَنَّ اعْتِكَافَهُ كَانَ تَطَوُّعًا، وَالتَّطَوُّعُ مَتَى شَاءَ شُرِعَ. عَلَى أَنَّ ابْنَ عَبْدِ الْبَرِّ قَالَ: لَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنَ الْفُقَهَاءِ قَالَ بِهَذَا الْحَدِيثِ، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ، والليث وَإِسْحَاقَ، وَرِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ فِيمَا إِذَا أَرَادَ أَنْ يَعْتَكِفَ الْعَشْرَ الْأَخِيرَ تَطَوُّعًا فَإِنَّهُ يَدْخُلُ بَعْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ أَوَّلَ يَوْمٍ مِنْهُ، وَحُمِلَ عَلَى الْجَوَازِ، وَقَالَ الْقَاضِي: يُحْتَمَلُ أَنَّهُ كَانَ يَفْعَلُ يَوْمَ الْعِشْرِينَ لِيَسْتَظْهِرَ بِبَيَاضِ يَوْمٍ زِيَادَةً، وَالْمَنْصُوصُ أَنَّهُ يَدْخُلُ قَبْلَ لَيْلَتِهِ الْأُولَى (إِلَى انْقِضَائِهِ) لِدُخُولِهِ فِي مُسَمَّى نَذْرِهِ، وَفِيهِ إِشَارَةٌ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ سِوَى الشَّهْرِ، وَإِنْ كَانَ نَاقِصًا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مُقْتَضَى نَذْرِهِ لَكِنْ إِذَا اعْتَكَفَ رَمَضَانَ، أَوِ الْعَشْرَ الْأَخِيرَ، اسْتُحِبَّ أَنْ يَبِيتَ لَيْلَةَ الْعِيدِ فِي مُعْتَكَفِهِ، وَيَخْرُجُ مِنْهُ إِلَى الْمُصَلَّى، نَصَّ عَلَيْهِ، لِيَصِلَ طَاعَةً بِطَاعَةٍ.
(وَإِنْ نَذَرَ شَهْرًا مُطْلَقًا، لَزِمَهُ شَهْرٌ مُتَتَابِعٌ) نَصَّ عَلَيْهِ، وَذَكَرَهُ الْقَاضِي وَجْهًا وَاحِدًا؛ لِأَنَّهُ مَعْنًى يَصِحُّ لَيْلًا وَنَهَارًا فَإِذَا أَطْلَقَهُ لَزِمَهُ التَّتَابُعُ، وَكَقَوْلِهِ: لَا كَلَّمْتُ زَيْدًا شَهْرًا، وَكَمُدَّةِ الْعِدَّةِ وَالْإِيلَاءِ، وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْكَفَّارَةِ تَأْكِيدًا، وَعَنْهُ: لَا، اخْتَارَهَا الْآجُرِّيُّ، وَصَحَّحَهَا ابْنُ شِهَابٍ وَغَيْرُهُ لِصِحَّةِ إِطْلَاقِهِ عَلَى ذَلِكَ، وَلِهَذَا يَصِحُّ تَقْيِيدُهُ بِالتَّتَابُعِ بِخِلَافِ الْيَمِينِ وَيَدْخُلُ مُعْتَكَفَهُ قَبْلَ الْغُرُوبِ مِنْ أَوَّلِ لَيْلَةٍ مِنْهُ عَلَى الْأَصَحِّ، وَلَا يَخْرُجُ إِلَّا بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ آخِرَ أَيَّامِهِ، وَيَكْفِيهِ شَهْرٌ هِلَالِيٌّ نَاقِصٌ بِلَيَالِيهِ أَوْ ثَلَاثِينَ يَوْمًا بِلَيَالِيهِنَّ، وَثَلَاثِينَ لَيْلَةً فَإِنِ ابْتَدَأَهُ فِي أَثْنَاءِ النَّهَارِ تَمَّمَهُ إِلَى مِثْلِ تِلْكَ السَّاعَةِ فِي الْيَوْمِ الْحَادِي وَالثَّلَاثِينَ، وَكَذَلِكَ إِنِ ابْتَدَأَهُ فِي أَثْنَاءِ اللَّيْلِ تَمَّمَهُ إِلَى مَا ذَكَرْنَا إِنْ لَمْ يُعْتَبَرِ الصَّوْمُ، وَإِنِ اعْتَبَرَ فَثَلَاثِينَ لَيْلَةً صِحَاحًا بِأَيَّامِهَا الْكَامِلَةِ.
(وَمَنْ نَذَرَ أَيَّامًا مَعْدُودَةً) كَقَوْلِهِ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَعْتَكِفَ عِشْرِينَ يَوْمًا (فَلَهُ تَفْرِيقُهَا)