الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِقْبَالِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَإِذَا الْتَقَتِ الرِّفَاقُ، وَلَا تَرْفَعُ الْمَرْأَةُ صَوْتَهَا إِلَّا بِقَدْرِ مَا تَسْمَعُ رَفِيقَتُهَا.
بَابُ مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ
وَهِيَ تِسْعَةٌ: حَلْقُ الشَّعْرِ وَتَقْلِيمُ الْأَظْفَارِ، فَمَنْ حَلَقَ أَوْ قَلَّمَ ثَلَاثَةً، فَعَلَيْهِ دَمٌ،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الْمَكْتُوبَاتِ) أَيْ عند الفراغ مِنْهَا، (وَإِقْبَالِ اللَّيْلِ، وَالنَّهَارِ) أَيْ: بِأَوَّلِهِمَا، (وَإِذَا الْتَقَتِ الرِّفَاقُ) لِقَوْلِ جَابِرٍ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُلَبِّي كَذَلِكَ، وَقَالَ النَّخَعِيُّ: كَانُوا يَسْتَحِبُّونَ التَّلْبِيَةَ دُبُرَ الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَةِ، وَإِذَا هَبَطَ وَادِيًا، أَوْ عَلَا نَشَزًا، أَوْ لَقِيَ رَاكِبًا، أَوِ اسْتَوَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ.
وَتُسْتَحَبُّ إِذَا أَتَى مَحْظُورًا نَاسِيًا أَوْ رَكِبَ زَادَ فِي " الرِّعَايَةِ ": أَوْ نَزَلَ، وَفِي " الْمُسْتَوْعِبِ " يُسْتَحَبُّ عِنْدَ تَنَقُّلِ الْأَحْوَالِ بِهِ، وَزَادَ: وَإِذَا رَأَى الْبَيْتَ. (وَلَا تَرْفَعُ الْمَرْأَةُ صَوْتَهَا بِهَا إِلَّا بِقَدْرِ مَا تَسْمَعُ رَفِيقَتُهَا) وَقَالَهُ فِي " الْمُحَرَّرِ " وَ " الْوَجِيزِ " وَغَيْرِهِمَا؛ لِأَنَّ صَوْتَهَا عَوْرَةٌ، فَلَمْ يُشْرَعْ لَهَا الرَّفْعُ إِلَّا بِمَا ذُكِرَ، وَالْمُرَادُ بِهِ: الْمُزَامَلَةُ لَهَا، لَكِنَّ السُّنَّةَ أَنَّهَا لَا تَرْفَعُ صَوْتَهَا بِهَا، وَحَكَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ إِجْمَاعًا، وَيُكْرَهُ جَهْرُهَا أَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ سَمَاعِ رَفِيقَتِهَا خَوْفَ الْفِتْنَةِ. وَظَاهِرُ كَلَامِ بَعْضِ أَصْحَابِنَا تَقْتَصِرُ عَلَى إِسْمَاعِ نَفْسِهَا قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
فَائِدَةٌ: لَا تُشْرَعُ التَّلْبِيَةُ إِلَّا بِالْعَرَبِيَّةِ إِنْ قَدَرَ كَأَذَانٍ، وَلَمْ يُجَوِّزْ أَبُو الْمَعَالِي الْأَذَانَ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ إِلَّا لِنَفْسِهِ مَعَ الْعَجْزِ
[بَابُ مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ]
[الْأَوَّلُ وَالثَّانِي حَلْقُ الشَّعْرِ وَتَقْلِيمُ الْأَظْفَارِ]
بَابُ مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ أَيِ: الْمَمْنُوعُ فِعْلُهُنَّ فِي الْإِحْرَامِ، (وَهِيَ تِسْعَةٌ: حَلْقُ الشَّعْرِ) إِجْمَاعًا لِقَوْلِهِ - تَعَالَى - {وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [البقرة: 196] نَصَّ عَلَى حَلْقِ الرَّأْسِ، وَعُدِّيَ إِلَى سَائِرِ شَعْرِ الْبَدَنِ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَاهُ، إِذْ حَلْقُهُ مُؤْذِنٌ بِالرَّفَاهِيَةِ، وَهُوَ يُنَافِي الْإِحْرَامَ لِكَوْنِ أَنَّ الْمُحْرِمَ أَشْعَثُ أَغْبَرُ، وَلَيْسَ الْحُكْمُ خَاصًّا بِالْحَلْقِ بَلْ قَطْعُهُ، وَنَتْفُهُ
وَعَنْهُ: لَا يَجِبُ إِلَّا فِي أَرْبَعٍ فَصَاعِدًا، وَفِيمَا دُونَ ذَلِكَ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مُدٌّ مِنْ طَعَامٍ، وَعَنْهُ: قَبْضَةٌ، وَعَنْهُ: دِرْهَمٌ، وَإِنْ حَلَقَ رَأْسَهُ بِإِذْنِهِ فَالْفِدْيَةُ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ مُكْرَهًا،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
كَذَلِكَ، وَعَبَّرَ فِي " الْفُرُوعِ " بِتَرْكِهِ إِزَالَةَ الشَّعْرِ، وَهُوَ أَوْلَى، لَكِنَّ الْمُؤَلِّفَ تَبِعَ النَّصَّ، وَلِكَوْنِهِ هُوَ الْأَغْلَبُ، (وَتَقْلِيمُ الْأَظَافِرِ) ؛ لِأَنَّهُ تَحْصُلُ بِهِ الرَّفَاهِيَةُ أَشْبَهَ الْحَلْقَ، فَمَنْ حَلَقَ، أَوْ قَلَّمَ ثَلَاثَةً فَعَلَيْهِ دَمٌ، أَمَّا فِي حَلْقِ شَعْرِ الرَّأْسِ، فَلِقَوْلِهِ - تَعَالَى - {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ} [البقرة: 196] الْآيَةَ، وَلِحَدِيثِ كَعْبٍ قَالَ:«حُمِلْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَالْقَمْلُ يَتَنَاثَرُ عَلَى وَجْهِي، قَالَ: مَا كُنْتُ أَرَى الْجُهْدَ بَلَغَ بِكَ مَا أَرَى تَجِدُ شَاةً؟ قَالَ: لَا قَالَ: صُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ لِكُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفُ صَاعٍ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَالْمَذْهَبُ أَنَّهَا تَجِبُ فِي إِزَالَةِ ثَلَاثِ شَعَرَاتٍ، فَمَا فَوْقَهَا، قَالَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ؛ لِأَنَّ الثَّلَاثَ جَمْعٌ، وَاعْتُبِرَتْ فِي مَوَاضِعَ كَمَحَلِّ الْوِفَاقِ بِخِلَافِ رُبْعِ الرَّأْسِ، وَمَا يُمَاطُ بِهِ الْأَذَى. وَظَاهِرُهُ يَقْتَضِي وُجُوبَ الدَّمِ عَيْنًا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ هُوَ مُخَيَّرٌ فِيهِ كَمَا يَأْتِي، وَلَعَلَّهُ وَكَّلَ التَّفْصِيلَ إِلَى بَابِهِ، وَحُكْمُ الْأَظَافِرِ كَالشَّعْرِ؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ لِلتَّرَفُّهِ. وَظَاهِرُهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْمَعْذُورِ وَغَيْرِهِ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّ النَّصَّ دَلَّ عَلَى وُجُوبِهَا عَلَى الْمَعْذُورِ، فَغَيْرُهُ مِنْ بَابِ أَوْلَى، وَإِنَّمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا فِي جَوَازِ الْإِقْدَامِ، وَعَدَمِهِ، (وَعَنْهُ: لَا يَجِبُ إِلَّا فِي أَرْبَعٍ فَصَاعِدًا) نَقَلَهَا جَمَاعَةٌ، وَاخْتَارَهَا الْخِرَقِيُّ؛ لِأَنَّ الْأَرْبَعَ كَثِيرٌ، وَلِأَنَّ الثَّالِثَ آخِرُ أَجْزَاءِ الْعِلَّةِ، وَآخِرُ الشَّيْءِ مِنْهُ فَلَمْ يَجِبْ فِيهِ كَالشَّعْرَتَيْنِ، وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي مُوسَى رِوَايَةً فِي خَمْسٍ، اخْتَارَهَا أَبُو بَكْرٍ فِي " التَّنْبِيهِ " قَالَ فِي " الشَّرْحِ " وَ " الْفُرُوعِ ": وَلَا وَجْهَ لَهَا، وَلَعَلَّهُ قَيَّدَ الْحُكْمَ بِأَطْرَافِ الْيَدِ كَامِلَةً، (وَفِيمَا دُونَ ذَلِكَ) أَيِ: الْعَدَدِ الْمُعْتَبَرِ عَلَى الْخِلَافِ (فِي كُلِّ وَاحِدٍ مُدٌّ مِنْ طَعَامٍ) أَيْ: إِطْعَامُ مِسْكِينٍ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ؛ لِأَنَّهُ أَقَلُّ مَا، وَجَبَ شَرْعًا فِدْيَةٌ، (وَعَنْهُ: قَبْضَةٌ) وَقَالَهُ عَطَاءٌ؛ لِأَنَّهُ لَا تَقْدِيرَ فِيهِ، وَلِأَنَّهَا الْيَقِينُ، (وَعَنْهُ: دِرْهَمٌ) ؛ لِأَنَّهُ قَالَ: فِي الشَّعْرَتَيْنِ دِرْهَمَانِ، وَلِأَنَّهُ لَمَّا امْتَنَعَ إِيجَابُ جُزْءٍ مِنَ الْحَيَوَانِ،
أَوْ نَائِمًا، فَالْفِدْيَةُ عَلَى الْحَالِقِ. وَإِنْ حَلَقَ مُحْرِمٌ رَأْسَ حَلَالٍ، فَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ وَقَطْعُ الشَّعْرِ، وَنَتْفُهُ كَحَلْقِهِ، وَشَعْرُ الرَّأْسِ وَالْبَدَنِ وَاحِدٌ، وَعَنْهُ: لِكُلِّ وَاحِدٍ حُكْمٌ مُفْرَدٌ.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَجَبَ الْمَصِيرُ إِلَى الْقِيمَةِ، وَهُوَ أَقَلُّ مَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ فِي الْوَحْدَةِ، وَعَنْهُ: دِرْهَمٌ أَوْ نِصْفُهُ، ذَكَرَهَا جَمَاعَةٌ، وَخَرَّجَهَا الْقَاضِي مِنْ لَيَالِي مِنًى.
فَرْعٌ: إِزَالَةُ بَعْضِ الشَّعْرَةِ كَهِيَ، وَكَذَا فِي الظُّفْرِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُقَدَّرٍ بِمِسَاحَةٍ، وَهُوَ يَجِبُ فِيهِمَا سَوَاءٌ طَالَا أَوْ قَصُرَا بَلْ كَالْمُوَضِّحَةِ يَجِبُ فِي كَبِيرِهَا، وَصَغِيرِهَا.
وَخَرَّجَ ابْنُ عَقِيلٍ وَجْهًا: يَجِبُ بِحِسَابِ الْمُتْلَفِ كَالْأُصْبُعِ فِي أُنْمُلَتِهَا ثُلُثُ دِيَتِهَا، (وَإِنْ حَلَقَ رَأْسَهُ بِإِذْنِهِ فَالْفِدْيَةُ عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى الْمَحْلُوقِ رَأَسُهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ بِإِذْنِهِ أَشْبَهَ مَا لَوْ بَاشَرَهُ، وَلِأَنَّهُ - تَعَالَى - أَوْجَبَ الْفِدْيَةَ عَلَيْهِ مَعَ عِلْمِهِ أَنَّ غَيْرَهُ يَحْلِقُهُ. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَى الْحَالِقِ سَوَاءٌ كَانَ مُحْرِمًا أَوْ حَلَالًا، وَفِي " الْفُصُولِ " احْتِمَالُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ، كَشَعْرِ الصَّيْدِ، وَفِيهِ بُعْدٌ، فَإِنْ سَكَتَ وَلَمْ يَنْهَهُ، فَقِيلَ عَلَى الْحَالِقِ كَإِتْلَافِهِ مَا لَهُ وَهُوَ سَاكِتٌ، وَقِيلَ: عَلَى الْمَحْلُوقِ رَأَسُهُ؛ لِأَنَّهُ أَمَانَةٌ عِنْدَهُ كَوَدِيعَةٍ (وَإِنْ كَانَ مُكْرَهًا أَوْ نَائِمًا فَالْفِدْيَةُ عَلَى الْحَالِقِ) نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ أَزَالَ مَا مُنِعَ مِنْ إِزَالَتِهِ، كَحَلْقِ مُحْرِمٍ رَأَسَ نَفْسِهِ، وَقِيلَ: عَلَى الْمَحْلُوقِ رَأَسُهُ، وَفِي " الْإِرْشَادِ ": وَجْهُ الْقَرَارِ عَلَى الْحَالِقِ، قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالُ لَا فِدْيَةَ عَلَى أَحَدٍ؛ لِأَنَّهُ لَا دَلِيلَ، وَفِيهِ شَيْءٌ، وَإِنْ حَلَقَ مُحْرِمٌ رَأْسَ حَلَالٍ فَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ أَيْ: هَدْرٌ، نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ شَعْرٌ مُبَاحُ الْإِتْلَافِ فَلَمْ يَجِبْ بِإِتْلَافِهِ جُزْءًا كَبَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ.
وَفِي " الْفُصُولِ " احْتِمَالٌ؛ لِأَنَّ الْإِحْرَامَ لِلْآدَمِيِّ كَالْحَرَمِ لِلصَّيْدِ، (وَقَطْعُ الشَّعْرِ، وَنَتْفُهُ كَحَلْقِهِ) وَكَذَا الظُّفْرُ بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ لِاشْتِرَاكِ الْكُلِّ فِي حُصُولِ الرَّفَاهِيَةِ، (وَشَعْرُ الرَّأْسِ، وَالْبَدَنِ وَاحِدٌ) عَلَى
وَإِنْ خَرَجَ فِي عَيْنِهِ شَعْرٌ، فَقَلَعَهُ أَوْ نَزَلَ شَعْرُهُ فَغَطَّى عَيْنَيْهِ، فَقَصَّهُ أَوِ انْكَسَرَ ظُفْرُهُ، فَقَصَّهُ أَوْ قَلَعَ جِلْدًا عَلَيْهِ شَعْرٌ، فَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّهُ جِنْسٌ وَاحِدٌ لَمْ يَخْتَلِفْ إِلَّا مَوْضِعُهُ، وَكَلُبْسِهِ سَرَاوِيلَ، وَقَمِيصًا، (وَعَنْهُ: لِكُلِّ وَاحِدٍ حُكْمٌ مُفْرَدٌ) لِأَنَّهُمَا كَجِنْسَيْنِ لِتَعَلُّقِ النُّسُكِ بِحَقِّ الرَّأْسِ فَقَطْ فَهُوَ كَحَلْقٍ، وَلُبْسٍ، وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ إِنْ تَطَيَّبَ أَوْ لَبِسَ فِي رَأْسِهِ وَبَدَنِهِ فَالرِّوَايَتَانِ، وَنَصَّ أَحْمَدُ فِدْيَةٌ وَاحِدَةٌ، وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي، وابن عقيل وَأبو الْخَطَّابِ؛ لِأَنَّ الْحَلْقَ إِتْلَافٌ فَهُوَ آكَدُ، وَالنُّسُكُ يَخْتَصُّ بِالرَّأْسِ فَعَلَى الْأُولَى لَوْ قَطَعَ مِنْ بَدَنِهِ شَعْرَتَيْنِ، وَفِي رَأْسِهِ وَاحِدَةٌ، وَجَبَتِ الْفِدْيَةُ، وَعَلَى الثَّانِيَةِ يَجِبُ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مَا تَقَدَّمَ.
(وَإِنْ خَرَجَ فِي عَيْنِهِ شَعْرٌ، فَقَلَعَهُ، أَوْ نَزَلَ شَعْرُهُ فَغَطَّى عَيْنَيْهِ فَقَصَّهُ) فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الشَّعْرَ آذَاهُ فَكَانَ لَهُ إِزَالَتُهُ مِنْ غَيْرِ فِدْيَةٍ كَقَتْلِ الصَّيْدِ الصَّائِلِ بِخِلَافِ مَا إِذَا حَلَقَ شَعْرَهُ لِقَمْلٍ أَوْ صُدَاعٍ، وَشِدَّةِ حَرٍّ فَإِنَّهَا تَجِبُ الْفِدْيَةُ؛ لِأَنَّ الْإِيذَاءَ مِنْ غَيْرِ الشَّعْرِ (أَوِ انْكَسَرَ ظُفْرُهُ فَقَصَّهُ) فَكَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يُؤْذِيهِ بَقَاؤُهُ، وَكَذَا إِنْ، وَقَعَ بِظُفْرِهِ مَرْضٌ، فَأَزَالَهُ لَهُ، أَوْ قَلَعَ أُصْبُعًا بِظُفْرٍ فَهَدَرٌ.
وَمَعْنَى قَوْلِهِ: فَقَصَّهُ أَيْ: قَصَّ مَا احْتَاجَهُ فَقَطْ، وَقَالَ الْآجُرِّيُّ إِنِ انْكَسَرَ فَآذَاهُ قَطَعَهُ وَفَدَى. وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ مُدَاوَاةُ قُرْحِهِ إِلَّا بِقَصِّهِ قَصَّهُ، وَفَدَى (أَوْ قَلَعَ جِلْدًا عَلَيْهِ شَعْرٌ فَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ) ؛ لِأَنَّ الشَّعْرَ زَالَ تَابِعًا لِغَيْرِهِ، وَالتَّابِعُ لَا يُضْمَنُ كَمَا لَوْ قَلَعَ أَشْفَارَ عَيْنٍ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ الْهُدْبَ، وَفِي " الْمُبْهِجِ " إِذَا زَالَ شَعْرُ الْأَنْفِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ دَمٌ لِعَدَمِ التَّرَفُّهِ، وَفِيهِ نَظَرٌ إِذْ لَا فَرْقَ.
فَوَائِدُ: لِلْمُحْرِمِ تَخْلِيلُ لِحْيَتِهِ، وَلَا فِدْيَةَ بِقَطْعِهِ بِلَا تَعَمُّدٍ، وَالْمَذْهَبُ إِنْ شَعَرَ أَنَّهُ انْفَصَلَ مِنْ مُشْطٍ أَوْ تَخْلِيلٍ فَدَى. قَالَ أَحْمَدُ إِنْ خَلَّلَهَا فَسَقَطَ إِنْ كَانَ شَعْرًا مَيِّتًا، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الشَّرْحِ "؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ نَفْيُ الضَّمَانِ، لَكِنْ يُسْتَحَبُّ، وَلَهُ غَسْلُ