الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فِي إِحْلِيلِهِ، أَوْ فَكَّرَ فَأَنْزَلَ، أَوْ ذَرَعَهُ الْقَيْءُ، أَوْ أَصْبَحَ وَفِي فِيهِ طَعَامٌ فَلَفَظَهُ، أَوِ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
" الْهِدَايَةِ " وَ " التَّبْصِرَةِ " لَا فِطْرَ لِعَدَمِ تَعَمُّدِهِ الْمُفْسِدِ كَالنَّاسِي، وَجَمَعَ بَيْنَهُمَا فِي " الْكَافِي " بِعَدَمِ التَّأْثِيمِ.
فَرْعٌ: مَنْ أَرَادَ الْفِطْرَ فِيهِ بِأَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ، وَهُوَ نَاسٍ أَوْ جَاهِلٌ، فَهَلْ يَجِبُ إِعْلَامُهُ؛ فِيهِ وَجْهَانِ: قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": وَيَتَوَجَّهُ ثَالِثٌ: إِعْلَامُ جَاهِلٍ لَا نَاسٍ، وَفِيهِ شَيْءٌ.
[مَا لَا يُفْسِدُ الصَّوْمَ]
(وَإِنْ طَارَ إِلَى حَلْقِهِ ذُبَابٌ) لَمْ يُفْطِرْ خِلَافًا لِلْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ (أَوْ غُبَارٌ) مِنْ طَرِيقٍ أَوْ دَقِيقٍ أَوْ دُخَانٍ، فَكَالنَّائِمِ، وَقِيلَ: فِي حَقِّ الْمَاشِي، وَقِيلَ: فِي حَقِّ النَّخَّالِ وَالْوَقَّادِ (أَوْ قَطَرَ فِي إِحْلِيلِهِ) هُنَا، نَصَّ عَلَيْهِ لِعَدَمِ الْمَنْفَذِ، وَإِنَّمَا يَخْرُجُ الْبَوْلُ رَشْحًا لِمُدَاوَاةِ جُرْحٍ عَمِيقٍ لَمْ يَنْفُذْ إِلَى الْجَوْفِ، وَقِيلَ: بَيْنَهُمَا مَنْفَذٌ كَمَنْ وَضَعَ فِي فِيهِ مَا لَمْ يَتَحَقَّقْ نُزُولُهُ فِي حَلْقِهِ، وَقِيلَ: يُفْطِرُ إِنْ وَصَلَ مَثَانَةً وَهِيَ الْعُضْوُ الَّذِي يَجْتَمِعُ فِيهِ الْبَوْلُ.
(أَوْ فَكَّرَ فَأَنْزَلَ) لِقَوْلِهِ عليه السلام: «عُفِيَ لِأُمَّتِي مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا مَا لَمْ تَعْمَلْ أَوْ تَتَكَلَّمْ بِهِ» وَلِأَنَّهُ لَا نَصَّ فِيهِ، وَلَا إِجْمَاعَ، وَقِيَاسُهُ عَلَى تَكْرَارِ النَّظَرِ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ دُونَهُ فِي اسْتِدْعَاءِ الشَّهْوَةِ، وَإِفْضَائِهِ إِلَى الْإِنْزَالِ، وَسَوَاءٌ أَنَزَلَ مَنِيًّا أَوْ مَذْيًا، وَاخْتَارَ أَبُو حَفْصٍ الْعُكْبَرِيُّ، وَابْنُ عَقِيلٍ: أَنَّهُ يَفْسُدُ لِأَنَّ الْفِكْرَةَ تُسْتَحْضَرُ، فَيَدْخُلُ تَحْتَ الِاخْتِيَارِ أَمَّا لَوْ خَطَرَ بِقَلْبِهِ صُورَةٌ فِي مُبَاشَرَتِهِ نَهَارًا لَمْ يُفْطِرْ. وَظَاهِرُهُ وَلَوْ وَطِئَ قُرْبَ الْفَجْرِ، وَيُشْبِهُهُ مَنِ اكْتَحَلَ إِذَنْ.
(أَوْ ذَرَعَهُ الْقَيْءُ) لِلْخَبَرِ وَلِخُرُوجِهِ بِغَيْرِ اخْتِيَارٍ، أَشْبَهَ الْمُكْرَهَ، وَلَوْ عَادَ إِلَى جَوْفِهِ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ، وَلَوْ أَعَادَهُ عَمْدًا وَلَمْ يَمْلَأِ الْفَمَ أَوْ قَاءَ مَا لَا يُفْطَرُ بِهِ ثُمَّ أَعَادَهُ عَمْدًا أَفْطَرَ، كَتَلَفِهِ بَعْدَ انْفِصَالِهِ عَنِ الْفَمِ (أَوْ أَصْبَحَ، وَفِي فِيهِ طَعَامٌ فَلَفِظُهُ) أَيْ: رَمَاهُ لِعَدَمِ إِمْكَانِ التَّحَرُّزِ مِنْهُ، وَلَا يَخْلُو مِنْهُ صَائِمٌ غَالِبًا، فَإِنْ شَقَّ رَمْيُهُ فَبَلَعَهُ مَعَ رِيقِهِ بِغَيْرِ قَصْدٍ، أَوْ جَرَى رِيقُهُ بِبَقِيَّةِ طَعَامٍ تَعَذَّرَ رَمْيُهُ، أَوْ بَلَعَ رِيقَهُ عَادَةً، لَمْ يُفْطِرْ، وَإِنْ أَمْكَنَهُ لَفْظُهُ بِأَنْ تَمَيَّزَ عَنْ رِيقِهِ فَبَلَعَهُ عَمْدًا، أَفْطَرَ وَلَوْ دُونَ الْحِمَّصَةِ.
(أَوِ
اغْتَسَلَ أَوْ تَمَضْمَضَ أَوِ اسْتَنْشَقَ، فَدَخَلَ الْمَاءُ حَلْقَهُ لَمْ يَفْسُدْ صَوْمُهُ، وَإِنْ زَادَ عَلَى الثَّلَاثِ أَوْ بَالَغَ فِيهِمَا، فَعَلَى وَجْهَيْنِ. وَمَنْ أَكَلَ شَاكًّا فِي طُلُوعِ الْفَجْرِ، فَلَا
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
اغْتَسَلَ) ؛ لِأَنَّهُ - «عليه السلام كَانَ يُدْرِكُهُ الْفَجْرُ، وَهُوَ جُنُبٌ مِنْ أَهْلِهِ ثُمَّ يَغْتَسِلُ، وَيَصُومُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ، وَأُمِّ سَلَمَةَ، وَلِأَنَّ اللَّهَ أَبَاحَ الْجِمَاعَ وَغَيْرَهُ إِلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ، فَيَلْزَمُ جَوَازُ الْإِصْبَاحِ جُنُبًا، احْتَجَّ بِهِ رَبِيعَةُ وَالشَّافِعِيُّ، وَلَكِنْ يُسَنُّ لَهُ أَنْ يَغْتَسِلَ قَبْلَ الْفَجْرِ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ نَهْيُهُ عليه السلام أَوْ أَنَّهُ مَنْسُوخٌ، وَلِهَذَا لَمَّا أَخْبَرَ بِقَوْلِ عَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ فَقَالَ: هُمَا أَعْلَمُ بِذَلِكَ، إِنَّمَا حَدَّثَنِيهِ الْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ: رَجَعَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ فُتْيَاهُ فَإِنْ أَخَّرَهُ يَوْمًا صَحَّ وَأَثِمَ، وَالْحَائِضُ كَالْجُنُبِ إِذَا انْقَطَعَ دَمُهَا لَيْلًا وَنَوَتْهُ، وَنَقَلَ صَالِحٌ فِي الْحَائِضِ، تُؤَخِّرُهُ بَعْدَ الْفَجْرِ، قَالَ: يَقْضِي، وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ قَوْلِ عُرْوَةَ، وَطَاوُسٍ فِي الْجُنُبِ.
فَائِدَةٌ: لَا يُكْرَهُ لِلصَّائِمِ أَنْ يَغْتَسِلَ، قَالَ الْمَجْدُ: لِأَنَّ فِيهِ إِزَالَةَ الضَّجَرِ مِنَ الْعِبَادَةِ، كَالْجُلُوسِ فِي الظِّلِّ الْبَارِدِ، وَغَوْصُهُ فِي الْمَاءِ كَصَبِّهِ عَلَيْهِ، وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: لَا بَأْسَ بِهِ إِذَا لَمْ يَخَفْ أَنْ يَدْخُلَ الْمَاءُ حَلْقَهُ أَوْ مَسَامِعَهُ.
(أَوْ تَمَضْمَضَ أَوِ اسْتَنْشَقَ) فِي الْوُضُوءِ، (فَدَخَلَ الْمَاءُ حَلْقَهُ) ؛ لِأَنَّهُ وَاصِلٌ بِغَيْرِ قَصْدٍ، أَشْبَهَ الذُّبَابَ فَإِنْ كَانَ لِنَجَاسَةٍ فَكَالْوُضُوءِ. (لَمْ يَفْسُدْ صَوْمُهُ) لِمَا ذَكَرْنَا، (وَإِنْ زَادَ عَلَى الثَّلَاثِ) فِي أَحَدِهِمَا (أَوْ بَالَغَ فِيهِمَا) فَدَخَلَ الْمَاءُ حَلْقَهُ (فَعَلَى وَجْهَيْنِ) كَذَا فِي " الْكَافِي " وَ " الْمُحَرَّرِ " وَ " الْفُرُوعِ " أَحَدُهُمَا: لَا يُفْطِرُ جَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ "؛ لِأَنَّهُ وَاصَلَ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ، وَالثَّانِي: بَلَى؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ مَكْرُوهًا تَعَرَّضَ بِهِ إِلَى إِيصَالِ الْمَاءِ إِلَى حَلْقِهِ، أَشْبَهَ الْإِنْزَالَ بِالْمُبَاشِرَةِ، وَاخْتَارَ الْمَجْدُ يَبْطُلُ بِالْمُبَالَغَةِ لِلنَّهْيِ الْخَاصِّ، وَعَدَمِ نُدْرَةِ الْوُصُولِ فِيهَا بِخِلَافِ الْمُجَاوَزَةِ، وَأَنَّهُ ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ فِي الْمُجَاوَزَةِ: يُعْجِبُنِي أَنْ يُعِيدَ فَإِنْ تَمَضْمَضَ أَوِ اسْتَنْشَقَ عَبَثًا، أَوْ لِحَرٍّ، أَوْ عَطَشٍ، كُرِهَ،
قَضَاءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَكَلَ شَاكًّا فِي غُرُوبِ الشَّمْسِ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ، وَإِنْ أَكَلَ مُعْتَقِدًا أَنَّهُ لَيْلٌ، فَبَانَ نَهَارًا فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
نَصَّ عَلَيْهِ. وَفِي الْفِطْرِ بِهِ الْخِلَافُ فِي الزَّائِدِ عَلَى الثَّلَاثِ، وَكَذَا إِنْ غَاصَ فِي الْمَاءِ مِنْ غَيْرِ غُسْلٍ مَشْرُوعٍ أَوْ إِسْرَافٍ، أَوْ كَانَ عَابِثًا، حُكْمُهُ حُكْمُ الدَّاخِلِ مِنَ الْحَلْقِ مِنَ الْمُبَالَغَةِ وَالْمُجَاوَزَةِ، وَقَالَ الْمَجْدُ: إِنْ فَعَلَهُ لِغَرَضٍ صَحِيحٍ فَكَالْمَضْمَضَةِ الْمَشْرُوعَةِ، وَإِنْ كَانَ عَبَثًا فَكَالْمُجَاوَزَةِ.
(وَمَنْ أَكَلَ شَاكًّا فِي طُلُوعِ الْفَجْرِ) وَلَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُ الْحَالُ (فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ) لِظَاهِرِ الْآيَةِ، وَلِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ اللَّيْلِ، فَيَكُونُ زَمَانُ الشَّكِّ مِنْهُ، وَلَهُ الْأَكْلُ حَتَّى يَتَيَقَّنَ طُلُوعَ الْفَجْرِ، نَصَّ عَلَيْهِ، فَلَوْ أَكَلَ يَظُنُّ طُلُوعَ الْفَجْرِ، فَبَانَ لَيْلًا، وَلَمْ يُجَدِّدْ نِيَّةَ صَوْمِهِ الْوَاجِبِ، قَضَى، جَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ (وَإِنْ أَكَلَ شَاكًّا فِي غُرُوبِ الشَّمْسِ) وَدَامَ شَكُّهُ أَوْ أَكَلَ فَظَنَّ بَقَاءَ النَّهَارِ (فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ) لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ النَّهَارِ، فَإِنْ بَانَ لَيْلًا لَمْ يَقْضِ، وَكَذَا إِنْ أَكَلَ فَظَنَّ الْغُرُوبَ ثُمَّ شَكَّ بَعْدَ الْأَكْلِ، وَلَمْ يَتَبَيَّنْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ يَقِينٌ أَزَالَ الظَّنَّ الَّذِي بُنِيَ عَلَيْهِ كَالصَّلَاةِ (وَإِنْ أَكَلَ مُعْتَقِدًا) أَوْ ظَانًّا (أَنَّهُ لَيْلٌ فَبَانَ نَهَارًا) فِي أَوَّلِهِ أَوْ آخِرِهِ كَمَنْ يَعْتَقِدُ أَنَّ الشَّمْسَ غَابَتْ وَلَمْ تَغِبْ، أَوْ أَنَّ الْفَجْرَ لَمْ يَطْلُعْ وَقَدْ طَلَعَ (فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ) وِفَاقًا؛ لِأَنَّ اللَّهَ - تَعَالَى - أَمَرَ بِإِتْمَامِ الصَّوْمِ وَلَمْ يُتِمَّهُ، وَقَالَتْ أَسْمَاءُ:«أَفْطَرْنَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي يَوْمِ غَيْمٍ، ثُمَّ طَلَعَتِ الشَّمْسُ قِيلَ: لِهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ - وَهُوَ رَاوِي الْحَدِيثِ - أُمِرُوا بِالْقَضَاءِ؛ قَالَ: لَا بُدَّ مِنْ قَضَاءٍ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ. وَلِأَنَّهُ جَهِلَ وَقْتَ الصَّوْمِ كَالْجَهْلِ بِأَوَّلِ رَمَضَانَ، وَعَنْهُ: لَا قَضَاءَ عَلَى مَنْ جَامَعَ جَاهِلًا بِالْوَقْتِ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وَقَالَ: هُوَ قِيَاسُ أُصُولِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ، فَيَتَوَجَّهُ هُنَا مِثْلُهُ.
فَرْعٌ: إِذَا أَكَلَ نَاسِيًا، وَظَنَّ أَنَّهُ قَدْ أَفْطَرَ، فَأَكَلَ عَمْدًا فَيَتَوَجَّهُ أَنَّهَا مَسْأَلَةُ الْجَاهِلِ بِالْحُكْمِ فِيهِ الْخِلَافُ السَّابِقُ، فَلَوْ جَامَعَ بَعْدَهُ نَسِيَانَا، وَاعْتَقَدَ الْفِطْرَ بِهِ فَكَالنَّاسِي وَالْمُخْطِئِ إِلَّا أَنْ يَعْتَقِدَ وُجُوبَ الْإِمْسَاكِ، فَيُكَفِّرَ فِي الْأَشْهُرِ.