الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ إِذَا جَامَعَ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ فِي الْفَرْجِ قُبُلًا كَانَ أَوْ دُبُرًا، فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ عَامِدًا كَانَ أَوْ سَاهِيًا، وَعَنْهُ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ مَعَ الْإِكْرَاهِ وَالنِّسْيَانِ، وَلَا
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
[مَا يُوجِبُ الْقَضَاءَ وَالْكَفَّارَةَ في الصيام]
فَصَلٌ (وَإِذَا جَامَعَ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ فِي الْفَرْجِ قُبُلًا كَانَ أَوْ دُبُرًا، فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ، وَالْكَفَّارَةُ عَامِدًا كَانَ أَوْ سَاهِيًا) وَفِيهِ أُمُورٌ:
الْأُولَى: أَنَّ الْجِمَاعَ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ بِلَا عُذْرٍ مُفْسِدٌ لَهُ لِقَوْلِهِ - تَعَالَى - {فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ} [البقرة: 187] الْآيَةَ، فَدَلَّتْ أَنَّ الصِّيَامَ الْمَأْمُورَ بِإِتْمَامِهِ تَرْكُ الْوَطْءِ وَالْأَكْلِ، فَإِذَا وُجِدَ فِيهِ الْجِمَاعُ، لَمْ يَتِمَّ فَيَكُونُ بَاطِلًا، وَالْمُكْرَهُ كَالْمُخْتَارِ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ، وَشَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ بِذَكَرٍ أَصْلِيٍّ فِي فَرْجٍ أَصْلِيٍّ، قُبُلًا كَانَ أَوْ دُبُرًا، مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى، حُرٍّ أَوْ مَيِّتٍ، أَنْزَلَ أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ فِي مَظِنَّةِ الْإِنْزَالِ؛ أَوْ لِأَنَّهُ بَاطِنٌ كَالدُّبُرِ فَلَوْ أَوْلَجَ خُنْثَى مُشْكِلٌ ذَكَرَهُ فِي قُبُلِ خُنْثَى مُشْكِلٍ أَوْ قُبُلِ امْرَأَةٍ، أَوْ أَوْلَجَ رَجُلٌ ذَكَرَهُ فِي قُبُلِ خُنْثَى مُشْكِلٍ، لَمْ يَفْسُدْ صَوْمُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِلَّا أَنْ يُنْزِلَ كَالْغُسْلِ، وَكَذَا إِذَا أَنْزَلَ مَجْبُوبٌ أَوِ امْرَأَتَانِ بِمُسَاحَقَةٍ
الثَّانِيَةُ: أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ مِثْلَهُ فِي قَوْلِ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ لِقَوْلِهِ عليه السلام لِلْمُجَامِعِ: «وَصُمْ يَوْمًا مَكَانَهُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالْأَثْرَمُ، وَكَمَا لَوْ أَفْسَدَهُ بِالْأَكْلِ.
الثَّالِثَةُ: عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ، لِحَدِيثِ الْأَعْرَابِيِّ، وَقَالَ النَّخَعِيُّ وَغَيْرُهُ: لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ لَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ بِإِفْسَادِ قَضَائِهَا، فَلَمْ تَجِبْ بِإِفْسَادِ أَدَائِهَا كَالصَّلَاةِ.
وَجَوَابُهُ بِأَنَّ الْأَدَاءَ يَتَعَلَّقُ بِزَمَنٍ مَخْصُوصٍ يَتَعَيَّنُ بِهِ، وَالْقَضَاءُ مَحَلُّهُ الذِّمَّةُ، وَالصَّلَاةُ لَا يَدْخُلُ فِي جُبْرَانِهَا الْمَالُ بِخِلَافِهِ هُنَا.
يَلْزَمُ الْمَرْأَةَ كَفَّارَةٌ مَعَ الْعُذْرِ، وَهَلْ يَلْزَمُهَا مَعَ عَدَمِهِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ،
وَعَنْهُ: كُلُّ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الرَّابِعَةُ: السَّاهِي كَالْعَامِدِ فِي وُجُوبِ ذَلِكَ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ، وَهُوَ اخْتِيَارُ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ؛ لِأَنَّهُ عليه السلام لَمْ يَسْتَفْصِلِ الْأَعْرَابِيَّ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ سَاهِيًا أَوْ عَامِدًا، وَلَوِ اخْتَلَفَ الْحُكْمُ لَاسْتَفْصَلَهُ، وَبِذَلِكَ اسْتَدَلَّ أَحْمَدُ، وَلِأَنَّ تَأْخِيرَ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ لَا يَجُوزُ، وَالسُّؤَالُ مُعَادٌ فِي الْجَوَابِ كَأَنَّهُ قَالَ: إِذَا وَاقَعْتَ فِي صَوْمِ رَمَضَانَ، فَكَفِّرْ، وَلِأَنَّهُ عِبَادَةٌ يَحْرُمُ الْوَطْءُ فِيهَا، فَاسْتَوَى عَمْدُهُ، وَسَهْوُهُ كَالْحَجِّ.
(وَعَنْهُ: لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ مَعَ الْإِكْرَاهِ وَالنِّسْيَانِ) اخْتَارَهُ ابْنُ بَطَّةَ لِلْخَبَرِ فِي الْعَفْوِ عَنْ ذَلِكَ، وَلِأَنَّ الْكَفَّارَةَ لِرَفْعِ الْإِثْمِ، وَهِيَ مُنْحَطَّةٌ عَنْهُمَا، وَعَنْهُ: وَلَا يَقْضِي، اخْتَارَهُ الْآجُرِّيُّ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ، وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وَحَكَاهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ قَوْلَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ كَالْأَكْلِ.
تَنْبِيهٌ: إِذَا جَامَعَ يَعْتَقِدُهُ لَيْلًا، فَبَانَ نَهَارًا فَجَزَمَ الْأَكْثَرُ بِوُجُوبِ الْقَضَاءِ، وَعَنْهُ: عَكْسُهُ، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ. وَيَأْتِي رِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَاخْتَارَ الْأَصْحَابُ أَنَّهُ يُكَفِّرُ. قَالَ الْمَجْدُ: وَإِنَّهُ قِيَاسُ مَنْ أَوْجَبَهَا عَلَى النَّاسِي، وَأَوْلَى، وَالثَّانِيَةُ: لَا يُكَفِّرُ، وَقَالَهَا أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ، وَعَلَيْهَا إِنْ عَلِمَ فِي الْجِمَاعِ أَنَّهُ نَهَارٌ، وَدَامَ عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ، لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ، فَلَوْ جَامَعَ لَيْلًا وَطَلَعَ عَلَيْهِ الْفَجْرُ، وَهُوَ مَجَامِعٌ، وَاسْتَدَامَ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ، وَإِنْ نَزَعَ فِي الْحَالِ مَعَ أَوَّلِ طُلُوعِهِ، وَكَذَلِكَ اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ وَالْقَاضِي؛ لِأَنَّ النَّزْعَ جِمَاعٌ يُلْتَذُّ بِهِ كَالْجِمَاعِ، وَاخْتَارَ أَبُو حَفْصٍ عَكْسَهُ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى: يَقْضِي قَوْلًا وَاحِدًا، وَفِي الْكَفَّارَةِ خِلَافٌ.
(وَلَا يَلْزَمُ الْمَرْأَةَ كَفَّارَةٌ مَعَ الْعُذْرِ) كَالْإِكْرَاهِ، وَالنِّسْيَانِ؛ لِأَنَّهَا مَعْذُورَةٌ، وَلِعُمُومِ مَا سَبَقَ. وَذَكَرَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ أَنَّهَا إِذَا جَامَعَتْ نَاسِيَةً أَنَّ حُكْمَهَا حُكْمُ الرَّجُلِ، وَعَنْهُ: أَنَّهَا تُكَفِّرُ، وَخَرَّجَهَا الْقَاضِي مِنَ الْحَجِّ، وَعَنْهُ: يُرْجَعُ بِهَا عَلَى الزَّوْجِ؛ لِأَنَّهُ الْمُلْجِئُ لَهَا إِلَى ذَلِكَ، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ يَفْسُدُ صَوْمُهَا، وَيَجِبُ عَلَيْهَا الْقَضَاءُ. قَالَ فِي " الشَّرْحِ ": بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ مِنَ الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّهُ نَوْعٌ مِنَ الْمُفْطِرَاتِ، فَاسْتَوَى فِيهِ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ، كَالْأَكْلِ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْمُكْرَهَةِ، وَعَنْهُ: لَا، وَقِيلَ: يَفْسُدُ إِنْ فَعَلَتْ إِلَّا الْمَقْهُورَةَ