المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[الرجوع إلى منى والبيتوتة فيها] - المبدع في شرح المقنع - ط العلمية - جـ ٣

[برهان الدين ابن مفلح الحفيد]

فهرس الكتاب

- ‌كِتَابُ الصِّيَامِ

- ‌[تَعْرِيفُ الصوم وَحُكْمُهُ]

- ‌[إِذَا رَأَى الْهِلَالَ أَهْلُ بَلَدٍ لَزِمَ النَّاسَ كُلَّهُمُ الصَّوْمُ]

- ‌[يَثْبُتُ هِلَالُ رَمَضَانَ بِقَوْلِ الْوَاحِدِ]

- ‌[مَنْ يَجِبُ عَلَيْهِ الصَّوْمُ]

- ‌[إِذَا قَامَتِ الْبَيِّنَةُ بِالرُّؤْيَةِ فِي أَثْنَاءِ النَّهَارِ لَزِمَهُمُ الْإِمْسَاكُ وَالْقَضَاءُ]

- ‌ بَلَغَ الصَّبِيُّ صَائِمًا

- ‌[صَوْمُ الْكَبِيرِ وَالْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ]

- ‌[صَوْمُ الْحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ]

- ‌[صَوْمُ الْمَجْنُونِ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ]

- ‌[وُجُوبُ تَبْيِيتِ نِيَّةِ صَوْمِ الْوَاجِبِ مِنَ اللَّيْلِ]

- ‌بَابُ مَا يُفْسِدُ الصَّوْمَ وَيُوجِبُ الْكَفَّارَةَ

- ‌[مَا لَا يُفْسِدُ الصَّوْمَ]

- ‌[مَا يُوجِبُ الْقَضَاءَ وَالْكَفَّارَةَ في الصيام]

- ‌[كُلُّ أَمْرٍ غُلِبَ عَلَيْهِ الصَّائِمُ فَلَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءٌ وَلَا كَفَّارَةٌ]

- ‌[كَفَّارَةُ الجماع في رمضان]

- ‌بَابُ مَا يُكْرَهُ لِلصَّائِمِ فِعْلُهُ وَمَا يُسْتَحَبُّ وَحُكْمُ الْقَضَاءِ

- ‌[اسْتِحْبَابُ تَعْجِيلِ الْإِفْطَارِ وَتَأْخِيرِ السُّحُورِ وَالتَّتَابُعِ فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ]

- ‌ تَأْخِيرُ قَضَاءِ رَمَضَانَ إِلَى رَمَضَانَ آخَرَ لِغَيْرِ عُذْرٍ

- ‌[مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صَوْمٌ أَوْ حَجٌّ أَوِ اعْتِكَافٌ مَنْذُورٌ فَعَلَهُ عَنْهُ وَلِيُّهُ]

- ‌بَابُ صَوْمِ التَّطَوُّعِ

- ‌[مَا يُكْرَهُ صَوْمُهُ مِنَ الْأَيَّامِ]

- ‌مَنْ دَخَلَ فِي صَوْمٍ أَوْ صَلَاةٍ تَطَوُّعًا، اسْتُحِبَّ لَهُ إِتْمَامُهُ

- ‌[الْتِمَاسُ لَيْلَةِ الْقَدْرِ]

- ‌كِتَابُ الِاعْتِكَافِ

- ‌[تَعْرِيفُ الاعتكاف وَحُكْمُهُ]

- ‌[اعْتِكَافُ الْمَرْأَةِ بِغَيْرِ إِذْنِ زَوْجِهَا]

- ‌[الِاعْتِكَافُ لَا يَصِحُّ إِلَّا فِي الْمَسْجِدِ]

- ‌[أَفْضَلُ الْمَسَاجِدِ الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ]

- ‌لَا يَجُوزُ لِلْمُعْتَكِفِ الْخُرُوجُ إِلَّا لِمَا لَا بُدَّ مِنْهُ

- ‌يُسْتَحَبُّ لِلْمُعْتَكِفِ التَّشَاغُلُ بِفِعْلِ الْقُرَبِ

- ‌كِتَابُ الْمَنَاسِكِ

- ‌[تَعْرِيفُ الْمَنَاسِكِ]

- ‌[حُكْمُ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ]

- ‌[شُرُوطُ وُجُوبِ الْحَجِّ]

- ‌[الِاسْتِطَاعَةُ مِنْ شُرُوطِ الْحَجِّ]

- ‌يُشْتَرَطُ لِوُجُوبِ الْحَجِّ عَلَى الْمَرْأَةِ وُجُودُ مَحْرَمِهَا

- ‌بَابُ الْمَوَاقِيتِ

- ‌بَابُ الْإِحْرَامِ

- ‌[مَا يُسْتَحَبُّ لِلْمُحْرِمِ]

- ‌[التَّخْيِيرُ بَيْنَ التَّمَتُّعِ وَالْإِفْرَادِ وَالْقِرَانِ]

- ‌[صِفَةُ التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ]

- ‌[وُجُوبُ دَمِ نُسُكٍ عَلَى الْمُتَمَتِّعِ وَالْقَارِنِ]

- ‌[حُكْمُ التَّلْبِيَةِ]

- ‌بَابُ مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ

- ‌[الْأَوَّلُ وَالثَّانِي حَلْقُ الشَّعْرِ وَتَقْلِيمُ الْأَظْفَارِ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّالِثُ: تَغْطِيَةُ الرَّأْسِ]

- ‌[الْفَصْلُ الرَّابِعُ: لُبْسُ الْمَخِيطِ وَالْخُفَّيْنِ]

- ‌ الْخَامِسُ: الطِّيبُ

- ‌السَّادِسُ: قَتْلُ صَيْدِ الْبَرِّ

- ‌ السَّابِعُ: عَقْدُ النِّكَاحِ

- ‌ الثَّامِنُ: الْجِمَاعُ فِي الْفَرْجِ

- ‌ التَّاسِعُ: الْمُبَاشِرَةُ

- ‌بَابُ الْفِدْيَةِ

- ‌[أَنْوَاعُ الفدية في الحج]

- ‌[دَمُ الْمُتْعَةِ وَالْقِرَانِ]

- ‌ فِدْيَةُ الْوَطْءِ يَجِبُ بِهِ بَدَنَةٌ

- ‌[النَّوْعُ الثَّانِي الْمُحْصَرُ يَلْزَمُهُ الْهَدْيُ]

- ‌ الدِّمَاءُ الْوَاجِبَةُ لِلْفَوَاتِ

- ‌[حُكْمُ تَكَرُّرِ الْمَحْظُورِ مَنْ جِنْسٍ]

- ‌كُلُّ هَدْيٍ أَوْ إِطْعَامٍ، فَهُوَ لِمَسَاكِينِ الْحَرَمِ

- ‌[تُجْزِئُ الْبَقَرَةُ مَكَانَ الْبَدَنَةِ]

- ‌بَابُ جَزَاءِ الصَّيْدِ

- ‌[مَا قَضَتْ بِهِ الصَّحَابَةُ في جزاء الصيد]

- ‌[مَا لَمْ تَقْضِ فِيهِ الصَّحَابَةُ في جزاء الصيد]

- ‌ مَا لَا مِثْلَ لَهُ

- ‌بَابُ صَيْدِ الْحَرَمِ وَنَبَاتِهِ

- ‌[حُكْمُ صَيْدِ الْحَرَمِ وَنَبَاتِهِ]

- ‌يَحْرُمُ صَيْدُ الْمَدِينَةِ وَشَجَرُهَا وَحَشِيشُهَا

- ‌بَابُ ذِكْرِ دُخُولِ مَكَّةَ

- ‌[مَا يَقُولُ إِذَا رَأَى الْبَيْتَ]

- ‌[أَوَّلُ مَا يَبْدَأُ بِهِ عند زيارة البيت الطَوَاف]

- ‌[طَوَافُ الْمُحْدِثِ]

- ‌[صَلَاةُ رَكْعَتَيْنِ خَلْفَ الْمَقَامِ]

- ‌[السَّعْيُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ]

- ‌بَابُ‌‌ صِفَةِ الْحَجِّ

- ‌ صِفَةِ الْحَجِّ

- ‌[عَرَفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ إِلَّا بَطْنَ عُرَنَةَ]

- ‌[الدَّفْعُ إِلَى مُزْدَلِفَةَ]

- ‌[نَحْرُ الْهَدْيِ]

- ‌[حَلْقُ الشَّعْرِ]

- ‌يَحْصُلُ التَّحَلُّلُ بِالرَّمْيِ وَحْدَهُ

- ‌[الْإِفَاضَةُ مِنْ مِنًى إِلَى مَكَّةَ وَطَوَافُ الزِّيَارَةِ]

- ‌[الرُّجُوعُ إِلَى مِنًى وَالْبَيْتُوتَةُ فِيهَا]

- ‌ طَوَافِ الْوَدَاعِ

- ‌[الْوُقُوفُ فِي الْمُلْتَزَمِ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْبَابِ]

- ‌[اسْتِحْبَابُ زِيَارَةِ قَبْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم]

- ‌فَصْلٌ فِي صِفَةِ الْعُمْرَةِ

- ‌فَصْلٌ أَرْكَانُ الْحَجِّ:

- ‌أَرْكَانُ الْعُمْرَةِ:

- ‌ بَابُ الْفَوَاتِ وَالْإِحْصَارِ

- ‌ بَابُ الْهَدْيِ وَالْأَضَاحِيِّ

- ‌[مَا يُجْزِئُ فِي الهدي والأضحية]

- ‌يَتَعَيَّنُ الْهَدْيُ بِقَوْلِهِ: هَذَا هَدْيٌ، أَوْ تَقْلِيدِهِ، أَوْ إِشْعَارِهِ مَعَ النِّيَّةِ

- ‌[الِانْتِفَاعُ بِجِلْدِ الْأُضْحِيَّةِ]

- ‌فَصْلٌ.سَوْقُ الْهَدْيِ مَسْنُونٌ

- ‌[نَذْرُ الْهَدْيِ الْمُطْلَقِ]

- ‌[حُكْمُ الْأُضْحِيَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْعَقِيقَةِ]

- ‌[تَعْرِيفُ العقيقة]

- ‌[الْمَشْرُوعُ فِي العقيقة]

- ‌[حُكْمُ الْعَقِيقَةِ]

- ‌كِتَابُ الْجِهَادِ

- ‌[تَعْرِيفُ الجهاد وَحُكْمُهُ]

- ‌أَقَلُّ مَا يُفْعَلُ مَرَّةً فِي كُلِّ عَامٍ

- ‌[أَفْضَلُ مَا يُتَطَوَّعُ بِهِ الْجِهَادُ]

- ‌[الرِّبَاطُ وَأَحْكَامُهُ]

- ‌[الْهِجْرَةُ وَأَحْكَامُهَا]

- ‌[لَا يُجَاهِدُ مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ أَحَدُ أَبَوَيْهِ مُسْلِمٌ إِلَّا بِإِذْنِ غَرِيمِهِ وَأَبِيهِ]

- ‌لَا يَحِلُّ لِلْمُسْلِمِينَ الْفِرَارُ

- ‌يَجُوزُ تَبْيِيتُ الْكُفَّارِ، وَرَمْيُهُمْ بِالْمَنْجَنِيقِ، وَقَطْعُ الْمِيَاهِ عَنْهُمْ، وَهَدْمُ حُصُونِهِمْ

- ‌[حُكْمُ الْأَسْرَى]

- ‌بَابُ مَا يَلْزَمُ الْإِمَامَ وَالْجَيْشَ

- ‌[جَوَازُ بَذْلِ الْإِمَامِ الْجُعْلَ لِمَنْ يَدُلُّهُ عَلَى طَرِيقٍ أَوْ قَلْعَةٍ أَوْ مَاءٍ]

- ‌[لِلْإِمَامِ أَنْ يَنْفُلَ زِيَادَةً عَلَى السَّهْمِ الْمُسْتَحَقِّ]

- ‌[لُزُومُ الْجَيْشِ طَاعَة الْأَمِيرِ]

- ‌[حُكْمُ الْمُبَارِزَةِ]

- ‌لَا يَجُوزُ الْغَزْوُ إِلَّا بِإِذْنِ الْأَمِيرِ

- ‌بَابُ قِسْمَةِ الْغَنَائِمِ

- ‌مَا أُخِذَ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ مِنْ رِكَازٍ أَوْ مُبَاحٍ لَهُ قِيمَةٌ فَهُوَ غَنِيمَةٌ

- ‌[كَيْفَ يُقَسِّمُ الْإِمَامُ الْأَسْلَابَ]

- ‌[نَصِيبُ الرَّاجِلِ وَالْفَارِسِ]

- ‌[مَنِ اسْتُؤْجِرَ لِلْجِهَادِ مِمَّنْ لَا يَلْزَمُهُ فَلَيْسَ لَهُ إِلَّا الْأُجْرَةُ]

- ‌[مَنْ مَاتَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْحَرْبِ فَسَهْمُهُ لِوَارِثِهِ]

- ‌[إِذَا وَطِئَ جَارِيَةً مِنَ الْمَغْنَمِ مِمَّنْ لَهُ فِيهَا حَقٌّ أُدِّبَ وَلَا يَبْلُغُ بِهِ الْحَدَّ]

- ‌[الْغُلُولُ مِنَ الْغَنِيمَةِ]

- ‌بَابُ حُكْمِ الْأَرَضِينَ الْمَغْنُومَةِ

- ‌الْمَرْجِعُ فِي الْخَرَاجِ وَالْجِزْيَةِ إِلَى اجْتِهَادِ الْإِمَامِ فِي الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ

- ‌[الْخَرَاجُ عَلَى الْمَالِكِ دُونَ الْمُسْتَأْجِرِ]

- ‌بَابُ الْفَيْءِ

- ‌[إِسْقَاطُ الْخَرَاجِ]

- ‌بَابُ الْأَمَانِ

- ‌[جَوَازُ عَقْدِ الْأَمَانِ لِلرَّسُولِ وَالْمُسْتَأْمَنِ]

- ‌بَابُ الْهُدْنَةِ

- ‌لَا يَصِحُّ عَقْدُ الْهُدْنَةِ وَالذِّمَّةِ إِلَّا مِنَ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ

- ‌[الشُّرُوطُ الْفَاسِدَةُ فِي الْهُدْنَةِ]

- ‌[الشُّرُوطُ الصَّحِيحَةُ فِي الْهُدْنَةِ]

- ‌بَابُ عَقْدِ الذِّمَّةِ

- ‌[حُكْمُ عقد الذمة]

- ‌[مَنْ لَا جِزْيَةَ عَلَيْهِ]

- ‌[بَابُ أَحْكَامِ أَهْلِ الذِّمَّةِ]

- ‌[مَا يُمْنَعُ مِنْهُ أَهْلُ الذِّمَّةِ]

- ‌[يُمْنَعُ أَهْلُ الذِّمَّةِ مِنَ الْإِقَامَةِ بِالْحِجَازِ]

- ‌[تِجَارَةُ الذِّمِّيِّ وَالْحَرْبِيِّ]

- ‌[حِفْظُ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَالْمَنْعُ مِنْ أَذَاهُمْ]

- ‌فَصْلٌ. فِي نَقْضِ الْعَهْدِ

الفصل: ‌[الرجوع إلى منى والبيتوتة فيها]

وَرِزْقًا وَاسِعًا، وَرِيًّا وَشِبَعًا، وَشِفَاءً مَنْ كُلِّ دَاءٍ، وَاغْسِلْ بِهِ قَلْبِي، وَامْلَأْهُ مِنْ خَشْيَتِكَ.

فَصْلٌ ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى مِنًى، وَلَا يَبِيتُ بِمَكَّةَ لَيَالِي مِنًى، وَيَرْمِي الْجَمَرَاتِ بِهَا فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ بَعْدَ الزَّوَالِ، كُلَّ جَمْرَةٍ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ فَيَبْدَأُ بِالْجَمْرَةِ الْأُولَى، وَهِيَ أَبْعَدُهُنَّ مِنْ مَكَّةَ وَتَلِي مَسْجِدَ الْخَيْفِ فَيَجْعَلُهَا عَنْ يَسَارِهِ وَيَرْمِيهَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، ثُمَّ يَتَقَدَّمُ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

عَبَّاسٍ لِرَجُلٍ: تَضَلَّعْ مِنْهَا فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّ آيَةَ مَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْمُنَافِقِينَ أَنَّهُمْ لَا يَتَضَلَّعُونَ مِنْ زَمْزَمَ» . رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَيُسْتَحَبُّ لَهُ اسْتِقْبَالُ الْكَعْبَةِ لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ إِذَا شَرِبْتَ مِنْهَا فَاسْتَقْبِلِ الْكَعْبَةَ، وَاذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ، (وَيَقُولُ:«بِسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ لَنَا عِلْمًا نَافِعًا وَرِزْقًا وَاسِعًا وَرِيًّا وَشِبَعًا وَشِفَاءً مَنْ كُلِّ دَاءٍ، وَاغْسِلْ بِهِ قَلْبِي وَامْلَأْهُ مِنْ خَشْيَتِكَ» ؛ لِأَنَّهُ لَائِقٌ بِهِ، وَهُوَ شَامِلٌ لِخَيْرِ الدُّنْيَا، وَالْآخِرَةِ " فَيُرْجَى لَهُ حُصُولُهُ، وَقَدْ وَرَدَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ إِذَا شَرِبَ مِنْهُ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ عِلْمًا نَافِعًا وَرِزْقًا وَاسِعًا وَشِفَاءً مِنْ كُلِّ دَاءٍ. قَالَ: الْحَاكِمُ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ إِنْ سَلِمَ مِنَ الْجَارُودِيِّ.

[الرُّجُوعُ إِلَى مِنًى وَالْبَيْتُوتَةُ فِيهَا]

فَصْلٌ (ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى مِنًى) فَيُصَلِّي بِهَا الظُّهْرَ يَوْمَ النَّحْرِ نَقَلَهُ أَبُو طَالِبٍ، لِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ:«أَفَاضَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ النَّحْرِ، ثُمَّ رَجَعَ فَصَلَّى الظُّهْرَ بِمِنًى» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. (وَلَا يَبِيتُ بِمَكَّةَ لَيَالِيَ مِنًى) بَلْ يَبِيتُ بِمِنًى ثَلَاثَ لَيَالٍ (وَيَرْمِي الْجَمَرَاتِ بِهَا فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ بَعْدَ الزَّوَالِ) ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَيُسَنُّ قَبْلَ الصَّلَاةِ، وَجَوَّزَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ قَبْلَ الزَّوَالِ، وَفِي " الْوَاضِحِ " بِطُلُوعِ الشَّمْسِ إِلَّا ثَالِثَ يَوْمٍ (كُلُّ جَمْرَةٍ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ فَيَبْدَأُ بِالْجَمْرَةِ الْأُولَى وَهِيَ أَبْعَدُهُنَّ مِنْ مَكَّةَ، وَتَلِي مَسْجِدَ الْخَيْفِ فَيَجْعَلُهَا عَنْ يَسَارِهِ، وَيَرْمِيهَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، ثُمَّ يَتَقَدَّمُ قَلِيلًا)

ص: 228

قَلِيلًا فَيَقِفُ يَدْعُو اللَّهَ - تَعَالَى - وَيُطِيلُ، ثُمَّ يَأْتِي الْوُسْطَى، فَيَجْعَلُهَا عَنْ يَمِينِهِ، وَيَرْمِيهَا بِسَبْعٍ وَيَقِفُ عِنْدَهَا فَيَدْعُو، ثُمَّ يَرْمِي جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ بِسَبْعٍ وَيَجْعَلُهَا عَنْ يَمِينِهِ وَيَسْتَبْطِنُ الْوَادِي وَلَا يَقِفُ عِنْدَهَا، وَيَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ فِي الْجَمَرَاتِ كُلِّهَا، وَالتَّرْتِيبُ شَرْطٌ فِي الرَّمْيِ، وَفِي عَدَدِ الْحَصَى رِوَايَتَانِ، إِحْدَاهُمَا: سَبْعٌ، وَالْأُخْرَى: يُجْزِئُهُ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

إِلَى مَكَانٍ لَا يُصِيبُهُ الْحَصَى (فَيَقِفُ يَدْعُو اللَّهَ - تَعَالَى - وَيُطِيلُ، ثُمَّ يَأْتِي الْوُسْطَى فَيَجْعَلُهَا عَنْ يَمِينِهِ، وَيَرْمِيهَا بِسَبْعٍ، وَيَقِفُ عِنْدَهَا فَيَدْعُو) وَقَيَّدَهُمَا فِي " الْمُحَرَّرِ " قَدْرَ سُورَةِ الْبَقَرَةِ (ثُمَّ يَرْمِي جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ بِسَبْعٍ، وَيَجْعَلُهَا عَنْ يَمِينِهِ، وَيَسْتَبْطِنُ الْوَادِيَ، وَلَا يَقِفُ عِنْدَهَا، وَيَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ فِي الْجَمَرَاتِ كُلِّهَا) لِقَوْلِ عَائِشَةَ: «أَفَاضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي آخِرِ يَوْمِهِ حِينَ صَلَّى الظُّهْرَ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مِنًى فَمَكَثَ بِهَا لَيَالِيَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ يَرْمِي الْجَمْرَةَ إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ، كُلَّ جَمْرَةٍ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ، وَيَقِفُ عِنْدَ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ، فَيُطِيلُ الْمَقَامَ، وَيَتَضَرَّعُ، وَيَرْمِي الثَّالِثَةَ، وَلَا يَقِفُ عِنْدَهَا» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَرَوَى الْبُخَارِيُّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّهُ كَانَ يَرْمِي الْجَمْرَةَ الْأَوْلَى بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ يُكَبِّرُ عَلَى إِثْرِ كُلِّ حَصَاةٍ، ثُمَّ يَتَقَدَّمُ فَيُسْهِلُ، وَيَقُومُ قِيَامًا طَوِيلًا، وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ ثُمَّ يَرْمِي الْوُسْطَى، ثُمَّ يَأْخُذُ ذَاتَ الشِّمَالِ فَيُسْهِلُ، وَيَقُومُ وَيَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ قِيَامًا طَوِيلًا، ثُمَّ يَرْمِي جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ مِنْ بَطْنِ الْوَادِي، وَلَا يَقِفُ عِنْدَهَا ثُمَّ يَنْصَرِفُ، وَيَقُولُ: هَكَذَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَفْعَلُهُ» ، فَلَوْ تَرَكَ الْوُقُوفَ عِنْدَهَا، وَالدُّعَاءَ بَعْدُ تَرَكَ السُّنَّةَ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَقَالَ النَّوَوِيُّ: يُطْعِمُ شَيْئًا، وَإِنْ أَرَاقَ دَمًا كَانَ أَحَبَّ إِلَيَّ، وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ مَعْنَاهُ.

(وَالتَّرْتِيبُ شَرْطٌ فِي الرَّمْيِ) يَعْنِي يَبْدَأُ بِالْجَمْرَةِ الْأَوْلَى، ثُمَّ بِالَّتِي تَلِيهَا؛ لِأَنَّهُ نُسُكٌ يَتَكَرَّرُ فَكَانَ التَّرْتِيبُ شَرْطًا فِيهِ كَالسَّعْيِ، فَلَوْ نَكَّسَ فَبَدَأَ بِجَمْرَةٍ العقبة، ثُمَّ الثَّانِيَةِ ثُمَّ الْأَوْلَى، أَوْ بَدَأَ بِالْوُسْطَى، لَمْ يُجْزِئْهُ إِلَّا الْأُولَى، وَأَعَادَ الْوُسْطَى وَالْقُصْوَى، نَصَّ عَلَيْهِ (وَفِي عَدَدِ الْحَصَى رِوَايَتَانِ إِحْدَاهُمَا: سَبْعٌ) وَهِيَ الْمَذْهَبُ لِفِعْلِهِ عليه السلام فِي حَدِيثِ

ص: 229

خَمْسٌ فَإِنْ أَخَلَّ بِحَصَاةٍ وَاجِبَةٍ مِنَ الْأُولَى، لَمْ يَصِحَّ رَمْيُ الثَّانِيَةِ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ مِنْ أَيِّ الْجَمَرَاتِ تَرَكَهَا، بَنَى عَلَى الْيَقِينِ. وَإِنْ أَخَّرَ الرَّمْيَ كُلَّهُ، فَرَمَاهُ فِي آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، أَجْزَأَهُ، وَيُرَتِّبُهُ بِنْيَتِهِ، وَإِنْ أَخَّرَهُ عَنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ أَوْ تَرَكَ الْمَبِيتَ بِمِنًى مِنْ لَيَالِيَهَا، فَعَلَيْهِ دَمٌ وَفِي حَصَاةٍ أَوْ لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ مَا فِي حَلْقِ شَعْرَةٍ، وَلَيْسَ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

ابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَعَائِشَةَ، وَفِعْلُهُ خَرَجَ بَيَانًا لِصِفَةِ الرَّمْيِ الْمَشْرُوعِ (وَالْأُخْرَى: يُجْزِئُهُ خَمْسٌ) إِذِ الْأَكْثَرُ يُعْطَى حُكْمَ الْكُلِّ، وَقَدْ ثَبَتَ عَنِ الصَّحَابَةِ التَّسَاهُلُ فِي الْبَعْضِ. وَعَنْهُ: سِتٌّ، لِمَا رَوَى سَعْدٌ قَالَ:«رَجَعْنَا مِنَ الْحَجَّةِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعْضُنَا يَقُولُ: رَمَيْتُ بِسِتٍّ، وَبَعْضٌ يَقُولُ: رَمَيْتُ بِسَبْعٍ فَلَمْ يَعِبْ بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ» . رَوَاهُ الْأَثْرَمُ. وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ مَعْنَاهُ (فَإِنْ أَخَلَّ بِحَصَاةٍ وَاجِبَةٍ مِنَ الْأُولَى، لَمْ يَصِحَّ رَمْيُ الثَّانِيَةِ) لِإِخْلَالِهِ بِالتَّرْتِيبِ الْمُشْتَرَطِ، فَلَوْ كَانَتْ غَيْرَ وَاجِبَةٍ لَمْ يُؤَثِّرْ (فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ مِنْ أَيِّ الْجَمَرَاتِ تَرَكَهَا بَنَى عَلَى الْيَقِينِ) لِيَتَيَقَّنَ بَرَاءَةَ ذِمَّتِهِ كَمَا لَوْ شَكَّ هَلْ صَلَّى ثَلَاثًا أَمْ أَرْبَعًا (وَإِنْ أَخَّرَ الرَّمْيَ كُلَّهُ) وَمِنْ جُمْلَتِهِ رَمْيُ يَوْمِ النَّحْرِ (فَرَمَاهُ فِي آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ أَجْزَأَهُ) ؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ الرَّمْيِ فَإِذَا أَخَّرَهُ إِلَى آخِرِ وَقْتِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ كَمَا لَوْ أَخَّرَ الْوُقُوفَ بِعَرَفَةَ إِلَى آخِرِ وَقْتِهِ، لَكِنَّهُ تَرَكَ السُّنَّةَ، وَيَكُونُ أَدَاءً؛ لِأَنَّهُ وَقْتٌ وَاحِدٌ، وَقِيلَ: قَضَاءٌ، وَحَمَلَهُ الْقَاضِي عَلَى الْفِعْلِ لِقَوْلِهِ - تَعَالَى - {ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ} [الحج: 29] ، فَلَوْ أَخَّرَ رَمْيَ يَوْمٍ إِلَى الْغَدِ رَمَى رَمْيَيْنِ، نَصَّ عَلَيْهِ، (وَيرتبهُ بِنِيَّتِهِ) وَمَعْنَاهُ أَنْ يَنْوِي الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ؛ لِأَنَّ الرَّمْيَ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ عِبَادَاتٌ يَجِبُ التَّرْتِيبُ فِيهَا مَعَ فِعْلِهَا فِي أَيَّامِهَا، فَوَجَبَ تَرْتِيبُهَا كَالْمَجْمُوعَتَيْنِ وَالْفَوَاتِ فِي الصَّلَوَاتِ.

(وَإِنْ أَخَّرَهُ عَنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ) فَعَلَيْهِ دَمٌ لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَلِأَنَّهُ تَرَكَ نُسُكًا وَاجِبًا كَمَا لَوْ أَخَّرَ الْإِحْرَامَ عَنِ الْمِيقَاتِ، وَلَا يَأْتِي بِهِ كَالْبَيْتُوتَةِ بِمِنًى (أَوْ تَرَكَ الْمَبِيتَ بِمِنًى مِنْ لَيَالِيَهَا فَعَلَيْهِ دَمٌ) ، اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ لِوُجُوبِهِ، وَلِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ:«لَمْ يُرَخِّصِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِأَحَدٍ يَبِيتُ بِمَكَّةَ إِلَّا الْعَبَّاسَ مِنْ أَجْلِ سِقَايَتِهِ» . رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَعَنْهُ: لَا يَجِبُ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ، لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ: إِذَا رَمَيْتَ الْجَمْرَةَ فَبِتْ حَيْثُ شِئْتَ، وَلِأَنَّهُ قَدْ حَلَّ مِنْ حَجِّهِ فَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْمَبِيتُ بِمَوْضِعٍ مُعَيَّنٍ. (وَعَنْهُ: يَتَصَدَّقُ بِشَيْءٍ) نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ، قَالَهُ

ص: 230

عَلَى أَهْلِ سِقَايَةِ الْحَاجِّ وَالرِّعَاءِ مَبِيتٌ بِمِنًى. فَإِنْ غَرَبَتِ الشَّمْسُ وَهُمْ بِمِنًى، لَزِمَ الرِّعَاءُ الْمَبِيتُ دُونَ أَهْلِ السِّقَايَةِ وَيَخْطُبُ الْإِمَامُ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي مِنْ أَيَّامِ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

الْقَاضِي، (وَفِي حَصَاةٍ أَوْ) مَبِيتِ (لَيْلَةٍ مَا فِي حَلْقِ شَعْرَةٍ) عَلَى الْخِلَافِ أَمَّا أَوَّلًا فَظَاهِرُ نَقْلِ الْأَثْرَمِ يَتَصَدَّقُ بِشَيْءٍ قَالَهُ الْقَاضِي، وَعَنْهُ: عَمْدًا، وَعَنْهُ: عَلَيْهِ دَمٌ، قَطَعَ بِهِ فِي " الْمُحَرَّرِ " وَهُوَ خِلَافُ نَقْلِ الْجَمَاعَةِ، وَالْأَصْحَابِ. وَعَنْهُ: فِي ثِنْتَيْنِ كَثَلَاثٍ فِي الْمَنْصُوصِ.

وَعَنْهُ: وَاحِدَةُ هَدَرٌ، وَعَنْهُ: وَثِنْتَانِ، وَأَمَّا ثَانِيًا، فَذَكَرَ جَمَاعَةٌ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ دَمٌ، وَعَنْهُ: كَشَعْرَةٍ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ نُسُكًا بِمُفْرَدِهَا، بِخِلَافِ مُزْدَلِفَةَ، قَالَهُ الْقَاضِي، وَعَنْهُ: لَا يَجِبُ شَيْءٌ.

(وَلَيْسَ عَلَى أَهْلِ سِقَايَةِ الْحَاجِّ، وَالرِّعَاءِ مَبِيتٌ بِمِنًى) لِمَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ «أَنَّ الْعَبَّاسَ اسْتَأْذَنَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَبِيتَ بِمَكَّةَ لَيَالِيَ مِنًى مِنْ أَجْلِ سِقَايَتِهِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَرَوَى أَبُو الْبَدَّاحِ بْنُ عَاصِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: «رَخَّصَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِرِعَاءِ الْإِبِلِ فِي الْبَيْتُوتَةِ أَنْ يَرْمُوا يَوْمَ النَّحْرِ، ثُمَّ يَجْمَعُوا رَمْيَ يَوْمَيْنِ بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ يَرْمُونَهُ فِي أَحَدِهِمَا» . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَلِأَنَّهُمَا يَشْتَغِلُونَ بِاسْتِقَاءِ الْمَاءِ، وَالرَّعْيِ، فَرَخَّصَ لَهُمْ فِي ذَلِكَ فَعَلَى هَذَا لَهُمُ الرَّمْيُ بِلَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ.

فَائِدَةٌ: أَهْلُ السِّقَايَةِ هُمُ الَّذِينَ يَسْقُونَ عَلَى زَمْزَمَ، وَالرِّعَاءُ بِضَمِّ الرَّاءِ، وَهَاءٍ فِي آخِرِهِ، وَبِكَسْرِ الرَّاءِ مَمْدُودًا بِلَا هَاءٍ، وَهِيَ لُغَةُ الْقُرْآنِ.

(فَإِنْ غَرَبَتِ الشَّمْسُ وَهُمْ بِمِنًى، لَزِمَ الرِّعَاءَ الْمَبِيتُ) ؛ لِأَنَّ تَرْكَ الْمَبِيتِ بِهَا إِنَّمَا كَانَ لِلْحَاجَةِ فَإِذَا غَرَبَتْ زَالَتْ حَاجَةُ الرِّعَاءِ؛ لِأَنَّ وَقْتَهُ النَّهَارُ، وَصَارَ كَالْمَرِيضِ الَّذِي سَقَطَ عَنْهُ حُضُورُ الْجُمْعَةِ لِمَرَضِهِ، فَإِذَا حَضَرَهَا تَعَيَّنَتْ عَلَيْهِ (دُونَ أَهْلِ السِّقَايَةِ) لِأَنَّهُمْ يَسْقُونَ لَيْلًا وَنَهَارًا.

فَرْعٌ: مَنْ لَهُ مَالٌ يَخَافُ ضَيَاعَهُ أَوْ مَوْتَ مَرِيضٍ، قَالَ الْمُؤَلِّفُ: وَكَذَا عُذْرُ خَوْفٍ أَوْ مَرِضٍ كَالرِّعَاءِ فِي تَرْكِ الْبَيْتُوتَةِ لِلْمَعْنَى (وَيَخْطُبُ الْإِمَامُ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ خُطْبَةً) لِمَا رَوَى أَبُو دَاوُدَ عَنْ رَجُلَيْنِ مِنْ بَنِي بَكْرٍ قَالَا: «رَأَيْنَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ بَيْنَ أَوْسَطَ

ص: 231

التَّشْرِيقِ خُطْبَةٌ يُعَلِّمُهُمْ فِيهَا حُكْمَ التَّعْجِيلِ وَالتَّأْخِيرِ وَتَوْدِيعِهِمْ، فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَتَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ، خَرَجَ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، فَإِنْ غَرَبَتْ وَهُوَ بِهَا، لَزِمَهُ الْمَبِيتُ وَالرَّمْيُ مِنَ الْغَدِ.

فَإِذَا أَتَى مَكَّةَ، لَمْ يَخْرُجْ حَتَّى يُوَدِّعَ الْبَيْتَ بِالطَّوَافِ إِذَا فَرَغَ مِنْ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَنَحْنُ عِنْدَ رَاحِلَتِهِ (يُعَلِّمُهُمْ فِيهَا حُكْمَ التَّعْجِيلِ وَالتَّأْخِيرِ وَتَوْدِيعَهُمْ) » ؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ تَدْعُو إِلَى ذَلِكَ لِيُذَكِّرَ الْعَالِمَ، وَيُعَلِّمَ الْجَاهِلَ، نَقَلَ الْأَثْرَمُ: مِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ: يَزُورُ الْبَيْتَ كُلَّ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ مِنًى، وَمِنْهُمُ من يختار الْإِقَامَةُ بِمِنًى، وَاحْتَجَّ أَحْمَدُ بِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُفِيضُ كُلَّ لَيْلَةٍ» (فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَتَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ) أَيْ: يُعَجِّلُ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَهُوَ النَّفْرُ الْأَوَّلُ (خَرَجَ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ) لِقَوْلِهِ - تَعَالَى - {فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ} [البقرة: 203] وَالتَّخْيِيرُ هُنَا لِجَوَازِ الْأَمْرَيْنِ، وَإِنْ كَانَ التَّأْخِيرُ أَفْضَلَ. وَظَاهِرُهُ يَشْمَلُ مُرِيدَ الْإِقَامَةِ بِمَكَّةَ وَغَيْرَهُ، وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ، وَعَنْهُ: لَا يُعْجِبُنِي لِمَنْ نَفَرَ الْأَوَّلَ أَنْ يُقِيمَ بِمَكَّةَ لِقَوْلِ عُمَرَ، وَحَمَلَهُ فِي " الْمُغْنِي " عَلَى الاستحباب محافظة على الْعُمُومِ، فَلَوْ عَادَ فَلَا يَضُرُّ رجوعه لِحُصُولِ الرُّخْصَةِ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ رَمْيُ الْيَوْمِ الثَّالِثِ، قَالَهُ أَحْمَدُ، وَيَدْفِنُ بَقِيَّةَ الْحَصَا فِي الْأَشْهَرِ. زَادَ بَعْضُهُمْ: فِي الْمَرْمَى، وَفِي مَنْسَكِ ابْنِ الزَّاغُونِيِّ: يَرْمِي بِهِنَّ كَفِعْلِهِ فِي اللَّوَاتِي قَبْلَهُ (فَإِنْ غَرَبَتْ وَهُوَ بِهَا لَزِمَهُ الْمَبِيتُ وَالرَّمْيُ مِنَ الْغَدِ) ؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ جَوَّزَ التَّعْجِيلَ فِي الْيَوْمِ، وَهُوَ اسْمٌ لِتَأَخُّرِ النَّهَارِ، فَإِذَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ خَرَجَ مِنْ أَنْ يَكُونَ فِي الْيَوْمِ فَهُوَ مِمَّنْ تَأَخَّرَ، وَعَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: مَنْ غَرَبَتْ لَهُ الشَّمْسُ فِي أَوْسَطِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَهُوَ بِمِنًى، فَلَا يَنْفِرْ حَتَّى يَرْمِيَ الْجِمَارَ مِنَ الْغَدِ. رَوَاهُ مَالِكٌ، وَيَكُونُ الرَّمْيُ بَعْدَ الزَّوَالِ نَصَّ عَلَيْهِ، وَقَوْلُ الزَّرْكَشِيِّ: إِنَّهَا رِوَايَةٌ مَرْجُوحَةٌ فِيهِ بَعْدُ. وَعَنْهُ: أَوْ قَبْلَهُ، وَهُوَ النَّفْرُ الثَّانِي، لَكِنْ لَيْسَ لِلْإِمَامِ الْمُقِيمِ لِلْمَنَاسِكِ التَّعْجِيلُ لِأَجْلِ مَنْ يَتَأَخَّرُ قَالَهُ الْأَصْحَابُ.

فَائِدَةٌ: يُسْتَحَبُّ لِمَنْ نَفَرَ أَنْ يَأْتِيَ الْمُحَصَّبَ، وَهُوَ الْأَبْطَحُ، وَحْدَهُ: مَا بَيْنَ الْجَبَلَيْنِ إِلَى الْمَقْبَرَةِ، فَيُصَلِّي بِهِ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ وَيَهْجَعُ يَسِيرًا، ثُمَّ يَدْخُلُ مَكَّةَ،

ص: 232