المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌كِتَابُ الصِّيَامِ

- ‌[تَعْرِيفُ الصوم وَحُكْمُهُ]

- ‌[إِذَا رَأَى الْهِلَالَ أَهْلُ بَلَدٍ لَزِمَ النَّاسَ كُلَّهُمُ الصَّوْمُ]

- ‌[يَثْبُتُ هِلَالُ رَمَضَانَ بِقَوْلِ الْوَاحِدِ]

- ‌[مَنْ يَجِبُ عَلَيْهِ الصَّوْمُ]

- ‌[إِذَا قَامَتِ الْبَيِّنَةُ بِالرُّؤْيَةِ فِي أَثْنَاءِ النَّهَارِ لَزِمَهُمُ الْإِمْسَاكُ وَالْقَضَاءُ]

- ‌ بَلَغَ الصَّبِيُّ صَائِمًا

- ‌[صَوْمُ الْكَبِيرِ وَالْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ]

- ‌[صَوْمُ الْحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ]

- ‌[صَوْمُ الْمَجْنُونِ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ]

- ‌[وُجُوبُ تَبْيِيتِ نِيَّةِ صَوْمِ الْوَاجِبِ مِنَ اللَّيْلِ]

- ‌بَابُ مَا يُفْسِدُ الصَّوْمَ وَيُوجِبُ الْكَفَّارَةَ

- ‌[مَا لَا يُفْسِدُ الصَّوْمَ]

- ‌[مَا يُوجِبُ الْقَضَاءَ وَالْكَفَّارَةَ في الصيام]

- ‌[كُلُّ أَمْرٍ غُلِبَ عَلَيْهِ الصَّائِمُ فَلَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءٌ وَلَا كَفَّارَةٌ]

- ‌[كَفَّارَةُ الجماع في رمضان]

- ‌بَابُ مَا يُكْرَهُ لِلصَّائِمِ فِعْلُهُ وَمَا يُسْتَحَبُّ وَحُكْمُ الْقَضَاءِ

- ‌[اسْتِحْبَابُ تَعْجِيلِ الْإِفْطَارِ وَتَأْخِيرِ السُّحُورِ وَالتَّتَابُعِ فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ]

- ‌ تَأْخِيرُ قَضَاءِ رَمَضَانَ إِلَى رَمَضَانَ آخَرَ لِغَيْرِ عُذْرٍ

- ‌[مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صَوْمٌ أَوْ حَجٌّ أَوِ اعْتِكَافٌ مَنْذُورٌ فَعَلَهُ عَنْهُ وَلِيُّهُ]

- ‌بَابُ صَوْمِ التَّطَوُّعِ

- ‌[مَا يُكْرَهُ صَوْمُهُ مِنَ الْأَيَّامِ]

- ‌مَنْ دَخَلَ فِي صَوْمٍ أَوْ صَلَاةٍ تَطَوُّعًا، اسْتُحِبَّ لَهُ إِتْمَامُهُ

- ‌[الْتِمَاسُ لَيْلَةِ الْقَدْرِ]

- ‌كِتَابُ الِاعْتِكَافِ

- ‌[تَعْرِيفُ الاعتكاف وَحُكْمُهُ]

- ‌[اعْتِكَافُ الْمَرْأَةِ بِغَيْرِ إِذْنِ زَوْجِهَا]

- ‌[الِاعْتِكَافُ لَا يَصِحُّ إِلَّا فِي الْمَسْجِدِ]

- ‌[أَفْضَلُ الْمَسَاجِدِ الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ]

- ‌لَا يَجُوزُ لِلْمُعْتَكِفِ الْخُرُوجُ إِلَّا لِمَا لَا بُدَّ مِنْهُ

- ‌يُسْتَحَبُّ لِلْمُعْتَكِفِ التَّشَاغُلُ بِفِعْلِ الْقُرَبِ

- ‌كِتَابُ الْمَنَاسِكِ

- ‌[تَعْرِيفُ الْمَنَاسِكِ]

- ‌[حُكْمُ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ]

- ‌[شُرُوطُ وُجُوبِ الْحَجِّ]

- ‌[الِاسْتِطَاعَةُ مِنْ شُرُوطِ الْحَجِّ]

- ‌يُشْتَرَطُ لِوُجُوبِ الْحَجِّ عَلَى الْمَرْأَةِ وُجُودُ مَحْرَمِهَا

- ‌بَابُ الْمَوَاقِيتِ

- ‌بَابُ الْإِحْرَامِ

- ‌[مَا يُسْتَحَبُّ لِلْمُحْرِمِ]

- ‌[التَّخْيِيرُ بَيْنَ التَّمَتُّعِ وَالْإِفْرَادِ وَالْقِرَانِ]

- ‌[صِفَةُ التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ]

- ‌[وُجُوبُ دَمِ نُسُكٍ عَلَى الْمُتَمَتِّعِ وَالْقَارِنِ]

- ‌[حُكْمُ التَّلْبِيَةِ]

- ‌بَابُ مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ

- ‌[الْأَوَّلُ وَالثَّانِي حَلْقُ الشَّعْرِ وَتَقْلِيمُ الْأَظْفَارِ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّالِثُ: تَغْطِيَةُ الرَّأْسِ]

- ‌[الْفَصْلُ الرَّابِعُ: لُبْسُ الْمَخِيطِ وَالْخُفَّيْنِ]

- ‌ الْخَامِسُ: الطِّيبُ

- ‌السَّادِسُ: قَتْلُ صَيْدِ الْبَرِّ

- ‌ السَّابِعُ: عَقْدُ النِّكَاحِ

- ‌ الثَّامِنُ: الْجِمَاعُ فِي الْفَرْجِ

- ‌ التَّاسِعُ: الْمُبَاشِرَةُ

- ‌بَابُ الْفِدْيَةِ

- ‌[أَنْوَاعُ الفدية في الحج]

- ‌[دَمُ الْمُتْعَةِ وَالْقِرَانِ]

- ‌ فِدْيَةُ الْوَطْءِ يَجِبُ بِهِ بَدَنَةٌ

- ‌[النَّوْعُ الثَّانِي الْمُحْصَرُ يَلْزَمُهُ الْهَدْيُ]

- ‌ الدِّمَاءُ الْوَاجِبَةُ لِلْفَوَاتِ

- ‌[حُكْمُ تَكَرُّرِ الْمَحْظُورِ مَنْ جِنْسٍ]

- ‌كُلُّ هَدْيٍ أَوْ إِطْعَامٍ، فَهُوَ لِمَسَاكِينِ الْحَرَمِ

- ‌[تُجْزِئُ الْبَقَرَةُ مَكَانَ الْبَدَنَةِ]

- ‌بَابُ جَزَاءِ الصَّيْدِ

- ‌[مَا قَضَتْ بِهِ الصَّحَابَةُ في جزاء الصيد]

- ‌[مَا لَمْ تَقْضِ فِيهِ الصَّحَابَةُ في جزاء الصيد]

- ‌ مَا لَا مِثْلَ لَهُ

- ‌بَابُ صَيْدِ الْحَرَمِ وَنَبَاتِهِ

- ‌[حُكْمُ صَيْدِ الْحَرَمِ وَنَبَاتِهِ]

- ‌يَحْرُمُ صَيْدُ الْمَدِينَةِ وَشَجَرُهَا وَحَشِيشُهَا

- ‌بَابُ ذِكْرِ دُخُولِ مَكَّةَ

- ‌[مَا يَقُولُ إِذَا رَأَى الْبَيْتَ]

- ‌[أَوَّلُ مَا يَبْدَأُ بِهِ عند زيارة البيت الطَوَاف]

- ‌[طَوَافُ الْمُحْدِثِ]

- ‌[صَلَاةُ رَكْعَتَيْنِ خَلْفَ الْمَقَامِ]

- ‌[السَّعْيُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ]

- ‌بَابُ‌‌ صِفَةِ الْحَجِّ

- ‌ صِفَةِ الْحَجِّ

- ‌[عَرَفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ إِلَّا بَطْنَ عُرَنَةَ]

- ‌[الدَّفْعُ إِلَى مُزْدَلِفَةَ]

- ‌[نَحْرُ الْهَدْيِ]

- ‌[حَلْقُ الشَّعْرِ]

- ‌يَحْصُلُ التَّحَلُّلُ بِالرَّمْيِ وَحْدَهُ

- ‌[الْإِفَاضَةُ مِنْ مِنًى إِلَى مَكَّةَ وَطَوَافُ الزِّيَارَةِ]

- ‌[الرُّجُوعُ إِلَى مِنًى وَالْبَيْتُوتَةُ فِيهَا]

- ‌ طَوَافِ الْوَدَاعِ

- ‌[الْوُقُوفُ فِي الْمُلْتَزَمِ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْبَابِ]

- ‌[اسْتِحْبَابُ زِيَارَةِ قَبْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم]

- ‌فَصْلٌ فِي صِفَةِ الْعُمْرَةِ

- ‌فَصْلٌ أَرْكَانُ الْحَجِّ:

- ‌أَرْكَانُ الْعُمْرَةِ:

- ‌ بَابُ الْفَوَاتِ وَالْإِحْصَارِ

- ‌ بَابُ الْهَدْيِ وَالْأَضَاحِيِّ

- ‌[مَا يُجْزِئُ فِي الهدي والأضحية]

- ‌يَتَعَيَّنُ الْهَدْيُ بِقَوْلِهِ: هَذَا هَدْيٌ، أَوْ تَقْلِيدِهِ، أَوْ إِشْعَارِهِ مَعَ النِّيَّةِ

- ‌[الِانْتِفَاعُ بِجِلْدِ الْأُضْحِيَّةِ]

- ‌فَصْلٌ.سَوْقُ الْهَدْيِ مَسْنُونٌ

- ‌[نَذْرُ الْهَدْيِ الْمُطْلَقِ]

- ‌[حُكْمُ الْأُضْحِيَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْعَقِيقَةِ]

- ‌[تَعْرِيفُ العقيقة]

- ‌[الْمَشْرُوعُ فِي العقيقة]

- ‌[حُكْمُ الْعَقِيقَةِ]

- ‌كِتَابُ الْجِهَادِ

- ‌[تَعْرِيفُ الجهاد وَحُكْمُهُ]

- ‌أَقَلُّ مَا يُفْعَلُ مَرَّةً فِي كُلِّ عَامٍ

- ‌[أَفْضَلُ مَا يُتَطَوَّعُ بِهِ الْجِهَادُ]

- ‌[الرِّبَاطُ وَأَحْكَامُهُ]

- ‌[الْهِجْرَةُ وَأَحْكَامُهَا]

- ‌[لَا يُجَاهِدُ مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ أَحَدُ أَبَوَيْهِ مُسْلِمٌ إِلَّا بِإِذْنِ غَرِيمِهِ وَأَبِيهِ]

- ‌لَا يَحِلُّ لِلْمُسْلِمِينَ الْفِرَارُ

- ‌يَجُوزُ تَبْيِيتُ الْكُفَّارِ، وَرَمْيُهُمْ بِالْمَنْجَنِيقِ، وَقَطْعُ الْمِيَاهِ عَنْهُمْ، وَهَدْمُ حُصُونِهِمْ

- ‌[حُكْمُ الْأَسْرَى]

- ‌بَابُ مَا يَلْزَمُ الْإِمَامَ وَالْجَيْشَ

- ‌[جَوَازُ بَذْلِ الْإِمَامِ الْجُعْلَ لِمَنْ يَدُلُّهُ عَلَى طَرِيقٍ أَوْ قَلْعَةٍ أَوْ مَاءٍ]

- ‌[لِلْإِمَامِ أَنْ يَنْفُلَ زِيَادَةً عَلَى السَّهْمِ الْمُسْتَحَقِّ]

- ‌[لُزُومُ الْجَيْشِ طَاعَة الْأَمِيرِ]

- ‌[حُكْمُ الْمُبَارِزَةِ]

- ‌لَا يَجُوزُ الْغَزْوُ إِلَّا بِإِذْنِ الْأَمِيرِ

- ‌بَابُ قِسْمَةِ الْغَنَائِمِ

- ‌مَا أُخِذَ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ مِنْ رِكَازٍ أَوْ مُبَاحٍ لَهُ قِيمَةٌ فَهُوَ غَنِيمَةٌ

- ‌[كَيْفَ يُقَسِّمُ الْإِمَامُ الْأَسْلَابَ]

- ‌[نَصِيبُ الرَّاجِلِ وَالْفَارِسِ]

- ‌[مَنِ اسْتُؤْجِرَ لِلْجِهَادِ مِمَّنْ لَا يَلْزَمُهُ فَلَيْسَ لَهُ إِلَّا الْأُجْرَةُ]

- ‌[مَنْ مَاتَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْحَرْبِ فَسَهْمُهُ لِوَارِثِهِ]

- ‌[إِذَا وَطِئَ جَارِيَةً مِنَ الْمَغْنَمِ مِمَّنْ لَهُ فِيهَا حَقٌّ أُدِّبَ وَلَا يَبْلُغُ بِهِ الْحَدَّ]

- ‌[الْغُلُولُ مِنَ الْغَنِيمَةِ]

- ‌بَابُ حُكْمِ الْأَرَضِينَ الْمَغْنُومَةِ

- ‌الْمَرْجِعُ فِي الْخَرَاجِ وَالْجِزْيَةِ إِلَى اجْتِهَادِ الْإِمَامِ فِي الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ

- ‌[الْخَرَاجُ عَلَى الْمَالِكِ دُونَ الْمُسْتَأْجِرِ]

- ‌بَابُ الْفَيْءِ

- ‌[إِسْقَاطُ الْخَرَاجِ]

- ‌بَابُ الْأَمَانِ

- ‌[جَوَازُ عَقْدِ الْأَمَانِ لِلرَّسُولِ وَالْمُسْتَأْمَنِ]

- ‌بَابُ الْهُدْنَةِ

- ‌لَا يَصِحُّ عَقْدُ الْهُدْنَةِ وَالذِّمَّةِ إِلَّا مِنَ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ

- ‌[الشُّرُوطُ الْفَاسِدَةُ فِي الْهُدْنَةِ]

- ‌[الشُّرُوطُ الصَّحِيحَةُ فِي الْهُدْنَةِ]

- ‌بَابُ عَقْدِ الذِّمَّةِ

- ‌[حُكْمُ عقد الذمة]

- ‌[مَنْ لَا جِزْيَةَ عَلَيْهِ]

- ‌[بَابُ أَحْكَامِ أَهْلِ الذِّمَّةِ]

- ‌[مَا يُمْنَعُ مِنْهُ أَهْلُ الذِّمَّةِ]

- ‌[يُمْنَعُ أَهْلُ الذِّمَّةِ مِنَ الْإِقَامَةِ بِالْحِجَازِ]

- ‌[تِجَارَةُ الذِّمِّيِّ وَالْحَرْبِيِّ]

- ‌[حِفْظُ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَالْمَنْعُ مِنْ أَذَاهُمْ]

- ‌فَصْلٌ. فِي نَقْضِ الْعَهْدِ

الفصل: . . . . . . . . . .

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

امْتَنَعَ مِنَ الِانْقِيَادِ مَعَهُ لِجُرْحٍ أَوْ مَرَضٍ، فَلَهُ قَتْلُهُ. وَعَنِ الْوَقْفِ فِي الْمَرِيضِ فِيهِ وَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا الْجَوَازُ؛ لِأَنَّ تَرْكَهُ حَيًّا ضَرَرٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: لَا يُخَلِّيهِ وَلَا يَقْتُلُهُ. وَيَحْرُمُ قَتْلُ أَسِيرِ غَيْرِهِ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَاخْتَارَ الْآجُرِّيُّ جَوَازَ قَتْلِهِ لِمَصْلَحَةٍ كَقَتْلِ بِلَالٍ أُمَيَّةَ بْنَ خَلَفٍ أَسِيرَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ الْأَنْصَارُ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ لَوْ خَالَفَ، وَفَعَلَ، فَإِنْ كَانَ الْمَقْتُولُ رَجُلًا، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ امْرَأَةً، أَوْ صَبِيًّا، عَاقَبَهُ الْأَمِيرُ، وَغَرَمَ ثَمَنَهُ غَنِيمَةً؛ لِأَنَّهُ صَارَ رَقِيقًا بِنَفْسِ السَّبْيِ.

[حُكْمُ الْأَسْرَى]

(وَيُخَيَّرُ الْأَمِيرُ فِي الْأَسْرَى بَيْنَ الْقَتْلِ) لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} [التوبة: 5] ، وَلِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَتَلَ رِجَالَ قُرَيْظَةَ، وَهُمْ بَيْنَ السِّتِّمِائَةٍ وَالسَّبْعِمِائَةٍ، وَقَتَلَ يَوْمَ بَدْرٍ عُقْبَةَ بْنَ أَبِي مُعَيْطٍ، وَالنَّضْرَ بْنَ الْحَارِثِ، وَفِيهِ تَقُولُ أُخْتُهُ:

مَا كَانَ ضَرَّكَ لَوْ مَنَنْتَ، وَرُبَّمَا

مَنَّ الْفَتَى وَهُوَ الْمَغِيظُ الْمُحْنَقُ

فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: «لَوْ سَمِعْتُهُ مَا قَتَلْتُهُ» . وَالِاسْتِرْقَاقُ «لِقَوْلِ أَبِي هُرَيْرَةَ: لَا أَزَالُ أُحِبُّ بَنِي تَمِيمٍ بَعْدَ ثَلَاثٍ سَمِعْتُهُنَّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: هُمْ أَشَدُّ أُمَّتِي عَلَى الدَّجَّالِ، وَجَاءَتْ صَدَقَاتُهُمْ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: هَذِهِ صَدَقَاتُ قَوْمِنَا قَالَ: وَكَانَتْ سَبِيَّةٌ عِنْدَ عَائِشَةَ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: اعْتِقِيهَا فَإِنَّهَا مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَلِأَنَّهُ يَجُوزُ إِقْرَارُهُمْ عَلَى كُفْرِهِمْ بِالْجِزْيَةِ فَبِالرِّقِّ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي صَغَارِهِمْ.

فَرْعٌ: لَا يُبْطِلُ الِاسْتِرْقَاقُ حَقًّا لِمُسْلِمٍ. قَالَهُ ابْنُ عَقِيلٍ. وَفِي " الِانْتِصَارِ " لَا يُسْقِطُ حَقَّ قَوْدٍ لَهُ وَعَلَيْهِ. وَفِي سُقُوطِ دَيْنٍ فِي ذِمَّتِهِ لِضَعْفِهَا بِرِقِّهِ كَذِمَّةِ مَرِيضٍ احْتِمَالَانِ. وَفِي " الْبُلْغَةِ ": يُتْبَعُ بِهِ بَعْدَ عِتْقِهِ إِلَّا أَنْ يَغْنَمَ بَعْدَ إِرْقَاقِهِ فَيَقْضِي مِنْهُ دَيْنَهُ فَيَكُونُ رِقُّهُ كَمَوْتِهِ؛ وَعَلَيْهِ يَخْرُجُ حُلُولُهُ بِرِقِّهِ، وَإِنْ غُنِمَا مَعًا فَهُمَا لِلْغَانِمِ، وَدَيْنُهُ فِي ذِمَّتِهِ. (وَالْمَنُّ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً} [محمد: 4] وَلِمَا رَوَى أَنَسٌ «أَنَّ ثَمَانِينَ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ هَبَطُوا عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ جِبَالِ التَّنْعِيمِ عِنْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ لِيَقْتُلُوهُمْ فَأَخَذَهُمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَأَعْتَقَهُمْ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ} [الفتح: 24] الْآيَةَ.» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَعَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعَمٍ أَنَّ

ص: 296

وَالْمَنِّ وَالْفِدَاءِ بِمُسْلِمٍ أَوْ مَالٍ. وَعَنْهُ: لَا يَجُوزُ بِمَالٍ إِلَّا غَيْرُ الْكِتَابِيِّ، فَفِي اسْتِرْقَاقِهِ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي أُسَارَى بَدْرٍ: «لَوْ كَانَ الْمُطْعَمُ بْنُ عَدِيٍّ حَيًّا، ثُمَّ كَلَّمَنِي فِي هَؤُلَاءِ النَّتْنَى لَتَرَكْتُهُمْ لَهُ» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. وَقَدْ صَحَّ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم مَنَّ عَلَى أَبِي عُرْوَةَ الشَّاعِرِ، وَعَلَى أَبِي الْعَاصِ بْنِ الرَّبِيعِ، وَعَلَى ثُمَامَةَ بْنِ أُثَالٍ.

وَالثَّانِيَةُ: لَا يَجُوزُ الْمَنُّ بِغَيْرِ عِوَضٍ؛ لِأَنَّهُ لَا مَصْلَحَةَ فِيهِ (وَالْفِدَاءُ) لِلْآيَةِ، وَلِمَا رَوَى عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ، «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَدَى رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِهِ بِرَجُلٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ مِنْ بَنِي عُقَيْلٍ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ، وَهُوَ جَائِزٌ (بِمُسْلِمٍ) بِلَا نِزَاعٍ لِحَدِيثِ عِمْرَانَ وَغَيْرِهِ (أَوْ بِمَالٍ) فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم فَادَى أَهْلَ بَدْرٍ بِالْمَالِ بِلَا رَيْبٍ.

(وَعَنْهُ: لَا يَجُوزُ) بِالْمَالِ. وَحَكَاهُ أَبُو الْخَطَّابِ فِي " الْهِدَايَةِ " وَجْهًا؛ لِأَنَّ اللَّهَ - تَعَالَى - نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ، وَأَنْزَلَ {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى} [الأنفال: 67] إِلَى قَوْلِهِ {عَذَابٌ عَظِيمٌ} [الأنفال: 68] وَلِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُمُ السِّلَاحَ، لِمَا فِيهِ مِنْ تَقْوِيَتِهِمْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، فَبَيْعُ أَنْفُسِهِمْ أَوْلَى، وَهَذَا التَّخْيِيرُ إِنَّمَا هُوَ فِي الْمُقَاتِلَةِ الْأَحْرَارِ. ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ، فَإِنْ كَانُوا أَرِقَّاءَ فَيُخَيَّرُ الْإِمَامُ بَيْنَ قَتْلِهِمْ، وَتَرْكِهِمْ غَنِيمَةً كَالْبَهَائِمِ. وَأَمَّا النِّسَاءُ، وَالذُّرِّيَّةُ فَيَصِيرُونَ أَرِقَّاءَ بِنَفْسِ السَّبْيِ؛ لِنَهْيِهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ قَتْلِهِمْ، وَكَانَ يَسْتَرِقُّهُمْ إِذَا سَبَاهُمْ. وَمَنْ يَحْرُمُ قَتْلُهُ كَالزَّمِنِ وَالشَّيْخِ الْفَانِي وَالْأَعْمَى، فَفِي " الْمُغْنِي " وَ " الشَّرْحِ " أَنَّهُ لَا يَجُوزُ سَبْيُهُمْ لِتَحْرِيمِ قَتْلِهِمْ، وَعَدَمِ النَّفْعِ فِي اقْتِنَائِهِمْ، لَكِنْ صَرَّحَ فِي " الْمُغْنِي ": يَجُوزُ اسْتِرْقَاقُ الشَّيْخِ وَالزَّمِنِ، وَنَقَلَهُ ابْنُ الْمُنَجَّا عَنْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ، فَقَالَ: كُلُّ مَنْ لَا يُقْتَلُ كَأَعْمَى وَغَيْرِهِ، يَرِقُّ بِنَفْسِ السَّبْيِ، وَتَوَسَّطَ الْمَجْدُ فَجَعَلَ مَنْ فِيهِ نَفْعٌ مِنْ هَؤُلَاءِ حُكْمَهُ حُكْمَ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهُوَ أَعْدَلُ الْأَقْوَالِ، إِذِ الزَّمِنُ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ نَاطُورًا، وَالْأَعْمَى يَنْفُخُ فِي كِيرِ الْحَدَّادِ، إِلَّا أَنْ يُرَادَ بِهِ النَّفْعُ الْمُطْلَقُ.

تَنْبِيهٌ: إِذَا أَسْلَمَ الْكَافِرُ قَبْلَ أَسْرِهِ لِخَوْفٍ أَوْ غَيْرِهِ فَلَا تَخْيِيرَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدَ لَهُ عَلَيْهِ.

ص: 297

رِوَايَتَانِ. وَلَا يَجُوزُ إِلَّا الْأَصْلَحُ لِلْمُسْلِمِينَ فَإِنْ أَسْلَمُوا، رَقُّوا فِي الْحَالِ. وَمَنْ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ كَمُسْلِمٍ أَصْلِيٍّ فِي قَوْدٍ وِدْيَةٍ، لَكِنْ لَا قَوْدَ مَعَ شُبْهَةِ التَّأْوِيلِ، وَفِي الدِّيَةِ الْخِلَافُ كَبَاغٍ. وَالتَّخْيِيرُ السَّابِقُ ثَابِتٌ فِي أَهْلِ الْكِتَابِ، وَمَنْ يُقَرُّ بِالْجِزْيَةِ، فَأَمَّا غَيْرُهُ، فَقَالَ فِيهِ:(إِلَّا غَيْرَ الْكِتَابِيِّ فَفِي اسْتِرْقَاقِهِ رِوَايَتَانِ) كَذَا فِي " الْمُحَرَّرِ " وَ " الْفُرُوعِ ".

إِحْدَاهُمَا: يَجُوزُ، وَإِلَيْهَا مَيْلُ الْمُؤَلِّفِ وَهِيَ ظَاهِرُ " الْوَجِيزِ " كَغَيْرِهِمْ.

وَالثَّانِيَةُ: لَا، اخْتَارَهَا الشَّرِيفُ، وَابْنُ عَقِيلٍ، وَصَحَّحَهَا فِي " الْبُلْغَةِ ".

قَالَ الْخِرَقِيُّ: لَا يُقْبَلُ مِنْهُمْ إِلَّا الْإِسْلَامُ أَوِ السَّيْفُ، وَفِي " الْوَاضِحِ " يَدُلُّ هَذَا عَلَى مُفَادَاتٍ وَمَنٍّ؛ لِأَنَّهُ كَافِرٌ لَا يُقَرُّ بِالْجِزْيَةِ فَلَمْ يُسْتَرَقَّ كَالْمُرْتَدِّ، وَالْمُؤَلِّفُ تَبِعَ أَبَا الْخَطَّابِ فِي حِكَايَةِ الْخِلَافِ فِي غَيْرِ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَالْمَجْدُ جَعَلَ مَنَاطَ الْحُكْمِ فِيمَنْ لَا يُقَرُّ بِالْجِزْيَةِ. فَعَلَى قَوْلِهِ نَصَارَى بَنِي تَغْلِبَ يَجْرِي فِيهِمُ الْخِلَافُ، لِعَدَمِ أَخْذِهَا مِنْهُمْ. وَظَاهِرُ مَا سَبَقَ أَنَّ الْكَافِرَ إِذَا كَانَ مَوْلَى مُسْلِمٍ لَا يَجُوزُ اسْتِرْقَاقُهُ؛ لِأَنَّ فِي اسْتِرْقَاقِهِ تَفْوِيتَ وَلَاءِ الْمُسْلِمِ الْمَعْصُومِ بِخِلَافِ وَلَدِهِ الْحَرْبِيِّ لِبَقَاءِ نَسَبِهِ. وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ كَمَا لَوْ كَانَ عَلَيْهِ وَلَاءٌ لِذِمِّيٍّ لَا يَجُوزُ قَتْلُهُ فَجَازَ اسْتِرْقَاقُهُ كَغَيْرِهِ.

(وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَخْتَارَ إِلَّا الْأَصْلَحَ لِلْمُسْلِمِينَ) لِأَنَّ هَذَا تَخْيِيرُ مَصْلَحَةٍ وَاجْتِهَادٌ لَا تَشَهٍّ؛ فَمَتَى رَأَى مَصْلَحَةً فِي خَصْلَةٍ لَزِمَهُ فِعْلُهَا. وَفِي " الرَّوْضَةِ " يُنْدَبُ، وَلِأَنَّهُ يَتَصَرَّفُ لَهُمْ عَلَى سَبِيلِ النَّظَرِ لَهُمْ، فَلَمْ يَجُزْ تَرْكُ مَا فِيهِ الْأَصْلَحُ كَوَلِيِّ الْيَتِيمِ. وَلِأَنَّ الْمَصْلَحَةَ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَسْرَى؛ فَالْقَوِيُّ قَتْلُهُ أَصْلَحُ، وَلَا يُمَثَّلُ بِهِ، وَعَنْهُ: بَلَى إِنْ فَعَلَوْهُ، وَالضَّعِيفُ الَّذِي لَهُ مَالٌ فِدَاؤُهُ أَصْلَحُ، وَمَنْ لَهُ رَأْيٌ حَسَنٌ يُرْجَى إِسْلَامُهُ، فَالْمَنُّ عَلَيْهِ أَصْلَحُ، وَمَنْ يُنْتَفَعُ بِخِدْمَتِهِ، فَاسْتِرْقَاقُهُ أَصْلَحُ، وَإِنْ تَرَدَّدَ نَظَرُهُ، فَقَتْلُهُ أَوْلَى. وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ لِلْإِمَامِ عَمَلَ الْمَصْلَحَةِ فِي مَالٍ وَغَيْرِهِ، لِفِعْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِأَهْلِ مَكَّةَ.

فَرْعٌ: مَنِ اسْتُرِقَّ أَوْ فُودِيَ بِمَالٍ، كَانَ لِلْغَانِمِينَ بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ. (فَإِنْ أَسْلَمُوا،

ص: 298

سُبِيَ مِنْ أَطْفَالِهِمْ مُنْفَرِدًا أَوْ مَعَ أَحَدِ أَبَوَيْهِ، فَهُوَ مُسْلِمٌ وَإِنْ سُبِيَ مَعَ أَبَوَيْهِ فَهُوَ عَلَى دِينِهِمَا، وَلَا يَنْفَسِخُ النِّكَاحُ بِاسْتِرْقَاقِ الزَّوْجَيْنِ. وَإِنْ سُبِيَتِ الْمَرْأَةُ وَحْدَهَا انْفَسَخَ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

رَقُّوا فِي الْحَالِ) نَصَّ عَلَيْهِ، وَحَرُمَ قَتْلُهُ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ» وَهَذَا مُسْلِمٌ؛ وَلِأَنَّهُ أَسِيرٌ يَحْرُمُ قَتْلُهُ، فَصَارَ رَقِيقًا، كَالْمَرْأَةِ، وَقِيلَ: يَحْرُمُ قَتْلُهُ. وَيُتَخَيَّرُ فِيهِ بَيْنَ الْخِصَالِ الثَّلَاثِ. جَزَمَ بِهِ فِي " الْكَافِي " وَصَحَّحَهُ فِي " الشَّرْحِ "؛ لِأَنَّهُ إِذَا جَازَ ذَلِكَ حَالَ كُفْرِهِمْ فَفِي حَالِ إِسْلَامِهِمْ أَوْلَى، وَعَلَى الْأَوَّلِ يَزُولُ حُكْمُ التَّخْيِيرِ، وَلَا يَجُوزُ رَدُّهُ إِلَى الْكُفَّارِ.

وَزَادَ فِي " الْمُغْنِي " وَ " الشَّرْحِ ": إِلَّا أَنْ تَمْنَعَهُ عَشِيرَةٌ، وَنَحْوُهَا.

1 -

(وَمَنْ سُبِيَ مِنْ أَطْفَالِهِمْ) وَلَوْ مُمَيِّزًا (مُنْفَرِدًا أَوْ مَعَ أَحَدِ أَبَوَيْهِ فَهُوَ مُسْلِمٌ) لِأَنَّ التَّبَعِيَّةَ انْقَطَعَتْ فَيَصِيرُ تَابِعًا لِسَابِيهِ فِي دِينِهِ، وَعَنْهُ: كَافِرٌ كَمَا لَوْ سُبِيَ مَعَ أَبَوَيْهِ أَوْ مَعَ أَحَدِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى الْأَصَحِّ، لِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا:«مَا مِنْ مَوْلُودٍ يُولَدُ إِلَى عَلَى الْفِطْرَةِ فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. فَجَعَلَ التَّبَعِيَّةَ لِأَبَوَيْهِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ انْقَطَعَتِ التَّبَعِيَّةُ، وَوَجَبَ بَقَاؤُهُ عَلَى حُكْمِ الْفِطْرَةِ. وَعَنْهُ: يَتْبَعُ أَبَوَيْهِ، قَالَهُ أَبُو الْخَطَّابِ؛ لِأَنَّهُ يَتْبَعُهُ فِي النَّسَبِ، فَكَذَا فِي الدِّينِ. وَعَنْهُ: يَتْبَعُ الْمَسْبِيَّ مَعَهُ مِنْهُمَا. اخْتَارَهُ الْآجُرِّيُّ.

(وَإِنْ سُبِيَ مَعَ أَبَوَيْهِ، فَهُوَ عَلَى دِينِهِمَا) عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّ التَّبَعِيَّةَ بَاقِيَةٌ. وَعَنْهُ: لَا؛ لِأَنَّهُ خَرَجَ مِنْ دَارِهِمَا إِلَى دَارِ الْإِسْلَامِ فَتَبِعَ سَابِيَهُ الْمُسْلِمَ.

فَرْعٌ: يَتْبَعُ الطِّفْلُ سَابِيًا ذِمِّيًّا كَمُسْلِمٍ، وَقِيلَ: إِنْ سُبِيَ مُفْرَدًا فَمُسْلِمٌ. وَنَقَلَ عَبْدُ اللَّهِ، وَالْفَضْلُ: يَتْبَعُ مَالِكًا مُسْلِمًا كَسَبْيٍ. اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ. (وَلَا يَنْفَسِخُ النِّكَاحُ

ص: 299

نِكَاحُهَا، وَحَلَّتْ لِسَابِيهَا. وَهَلْ يَجُوزُ بَيْعُ مَنِ اسْتُرِقَّ مِنْهُمْ لِلْمُشْرِكِينَ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ، وَلَا يُفَرَّقُ فِي الْبَيْعِ بَيْنَ ذَوِي رَحِمٍ مُحَرَّمٍ إِلَّا بَعْدَ الْبُلُوغِ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَإِذَا حَصَرَ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

بِاسْتِرْقَاقِ الزَّوْجَيْنِ) وَبِسَبْيِهِمَا مَعًا؛ لِأَنَّ الِاسْتِرْقَاقَ مَعْنًى لَا يَمْنَعُ ابْتِدَاءَ النِّكَاحِ، فَلَمْ يَقْطَعِ اسْتِدَامَتَهُ كَالْعِتْقِ. وَعَنْهُ: يَنْفَسِخُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 24] وَالْمُرَادُ بِالْمُحْصَنَاتِ: الْمُزَوَّجَاتُ {إِلا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 24] بِالسَّبْيِ، وَهَذَا إِذَا تَعَدَّدَ سَابِيهَا. قَالَهُ الْمُؤَلِّفُ. وَظَاهِرُهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَسْبِيَهَا رَجُلٌ أَوْ رَجُلَانِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ. (وَإِنْ سُبِيَتِ الْمَرْأَةُ وَحْدَهَا انْفَسَخَ نِكَاحُهَا) بِغَيْرِ خِلَافٍ عَلِمْنَاهُ، قَالَهُ فِي " الشَّرْحِ " وَعَنْهُ: لَا يَنْفَسِخُ، قَدَّمَهَا فِي " التَّبْصِرَةِ " كَزَوْجَةِ ذِمِّيٍّ، وَعَلَى الْأَوَّلِ (وَحَلَّتْ لِسَابِيهَا) لِلْآيَةِ، وَلِمَا رَوَى أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ «قَالَ: أَصَبْنَا سَبَايَا يَوْمَ أَوْطَاسٍ، وَلَهُنَّ أَزْوَاجٌ فِي قَوْمِهِنَّ فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَنَزَلَتْ {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: 24] الْآيَةَ» . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَحَسَّنَهُ. وَظَاهِرُهُ أَنَّ الزَّوْجَ إِذَا سُبِيَ مُنْفَرِدًا أَنَّهُ لَا يَنْفَسِخُ نِكَاحُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا نَصَّ عَلَيْهِ فِيهِ، وَلَا يَقْتَضِيهِ الْقِيَاسُ. وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: إِذَا سُبِيَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ، انْفَسَخَ النِّكَاحُ، وَلَمْ يُفَرَّقْ.

(وَهَلْ يَجُوزُ بَيْعُ مَنِ اسْتُرِقَّ مِنْهُمْ لِلْمُشْرِكِينَ؛ عَلَى رِوَايَتَيْنِ) .

أَظْهَرُهُمَا: لَا يَصِحُّ. قَالَ أَحْمَدُ: لَيْسَ لِأَهْلِ الذِّمَّةِ أَنْ يَشْتَرُوا مِمَّا سَبَى الْمُسْلِمُونَ؛ لِأَنَّهُ يُرْوَى أَنَّ عُمَرَ كَتَبَ يَنْهَى أُمَرَاءَ الْأَمْصَارِ عَنْ ذَلِكَ، وَلِأَنَّ فِيهِ تَفْوِيتًا لِلْإِسْلَامِ، فَلَا يَجُوزُ رَدُّهُمْ إِلَى الْكُفْرِ، كَمَا لَوْ أَسْلَمُوا.

وَالثَّانِيَةُ: يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم بَاعَ سَبْيَ بَنِي قُرَيْظَةَ لِأَهْلِ الْحَرْبِ، وَلِأَنَّهُ لَا يُمْنَعُ مِنْ إِثْبَاتِ يَدِهِ عَلَيْهِ، فَلَا يُمْنَعُ مِنِ ابْتِدَائِهِ كَالْمُسْلِمِ.

وَعَنْهُ: يَجُوزُ فِي الْبَالِغِ دُونَ الصِّغَارِ، وَعَنْهُ: يَجُوزُ فِي غَيْرِ النِّسَاءِ، وَكَذَا الْخِلَافُ بِمُفَادَاتِهِ بِمَالٍ. (وَلَا يُفَرَّقُ فِي الْبَيْعِ) وَلَا فِي الْقِسْمَةِ (بَيْنَ ذَوِي رَحِمٍ مُحَرَّمٍ) قَبْلَ الْبُلُوغِ

ص: 300

الْإِمَامُ حِصْنًا، لَزِمَهُ مُصَابَرَتُهُ إِذَا رَأَى الْمَصْلَحَةَ فِيهِ، فَإِنْ أَسْلَمُوا، أَوْ مَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

أَمَّا فِي الْوَالِدَةِ وَوَلَدِهَا، فَلِحَدِيثِ أَبِي أَيُّوبَ رضي الله عنه:«مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ وَالِدَةٍ وَوَلَدِهَا فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحْبَابِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ. وَقَالَ: حَسَنٌ غَرِيبٌ. وَظَاهِرُهُ: وَلَوْ رَضِيَتِ الْأُمُّ، نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا قَدْ تَرْضَى بِمَا فِيهِ ضَرَرُهَا، ثُمَّ يَتَغَيَّرُ قَلْبُهَا فَتَنْدَمُ، وَحُكْمُ الْأَبِ مَعَ وَلَدِهِ كَالْأُمِّ وَالْجَدِّ وَالْجَدَّةِ كَهُمَا لِقِيَامِهمَا فِي اسْتِحْقَاقِ الْمِيرَاثِ، وَالنَّفَقَةِ، وَالْحَضَانَةِ، فَقَامَا مَقَامَهُمَا فِي تَحْرِيمِ التَّفْرِيقِ، وَكَذَا يَحْرُمُ بَيْنَ الْإِخْوَةِ لِحَدِيثِ عَلِيٍّ. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَحَسَّنَهُ، وَعُمُومُ كَلَامِهِ يَقْتَضِي تَحْرِيمَ التَّفْرِيقِ بَيْنَ كُلِّ ذِي رَحِمٍ مُحَرَّمٍ، كَالْعَمَّةِ، وَابْنِ أَخِيهَا. جَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ ". وَقَالَهُ الْأَكْثَرُ. قَالَ فِي " الشَّرْحِ ": وَالْأَوْلَى جَوَازُ التَّفْرِيقِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ حِلُّ الْبَيْعِ وَالتَّفْرِيقِ، وَلَا يَصِحُّ إِلْحَاقُهُمْ بِمَنْ سَبَقَ (إِلَّا بَعْدَ الْبُلُوغِ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ) هِيَ ظَاهِرُ " الْوَجِيزِ " وَغَيْرِهِ، لِمَا رَوَى عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا يُفَرَّقُ بَيْنَ الْوَالِدَةِ وَوَلَدِهَا. قِيلَ: إِلَى مَتَى؟ قَالَ: حَتَّى يَبْلُغَ الْغُلَامُ، وَتَحِيضَ الْجَارِيَةُ» ، وَلِأَنَّ الْأَحْرَارَ يَتَفَرَّقُونَ بِالتَّزْوِيجِ بَعْدَ الْبُلُوغِ فَالْعَبِيدُ أَوْلَى.

وَالثَّانِيَةُ: الْمَنْعُ، لِعُمُومِ مَا ذَكَرْنَا، وَهُوَ ظَاهِرُ الْخِرَقِيِّ فِي الْوَلَدِ؛ لِأَنَّ الْوَالِدَةَ تَتَضَرَّرُ بِمُفَارَقَةِ وَلَدِهَا، وَلِهَذَا حَرُمَ عَلَيْهِ الْجِهَادُ إِلَّا بِإِذْنِهِمَا، وَعَلَى الْمَنْعِ فَيُسْتَثْنَى التَّفْرِيقُ بِالْعِتْقِ، وَافْتِدَاءُ الْأَسْرَى، وَسَيَأْتِي فِي الْبَيْعِ إِذَا مَلَكَ أُخْتَيْنِ.

1 -

(وَإِذَا حَصَرَ الْإِمَامُ حِصْنًا، لَزِمَ مُصَابَرَتُهُ) مَهْمَا أَمْكَنَ (إِذَا رَأَى الْمَصْلَحَةَ فِيهَا) لِأَنَّ عَلَيْهِ فِعْلَ مَا فِيهِ مَصْلَحَةٌ لِلْمُسْلِمِينَ. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ إِذَا رَأَى الْمَصْلَحَةَ فِي الِانْصِرَافِ جَازَ. صَرَّحَ بِهِ فِي " الْمُغْنِي " وَغَيْرِهِ لِانْصِرَافِهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ حِصْنِ الطَّائِفِ قَبْلَ فَتْحِهِ، وَبِهِ يَزُولُ اللُّزُومُ. وَبِالْإِسْلَامِ، وَبِبَذْلِ الْمَالِ عَلَى الْمُوَادَعَةِ، سَوَاءٌ أَعْطَوْهُ جُمْلَةً، أَوْ جَعَلُوهُ خَرَاجًا يُؤْخَذُ مِنْهُمْ كُلَّ عَامٍ، وَبِالْفَتْحِ، وَبِالنُّزُولِ عَلَى الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ، وَبِالْهُدْنَةِ بِشَرْطِهَا. (فَإِنْ

ص: 301

أَحْرَزَ دَمَهُ وَمَالَهُ وَأَوْلَادَهُ الصِّغَارَ. وَإِنْ سَأَلُوهُ الْمُوَادَعَةَ بِمَالٍ أَوْ غَيْرِهِ، جَازَ إِنْ كَانَتِ الْمَصْلَحَةُ فِيهِ، وَإِنْ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ حَاكِمٍ، جَازَ إِذَا كَانَ حُرًّا مُسْلِمًا بَالِغًا عَاقِلًا مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ. وَلَا يَحْكُمْ إِلَّا بِمَا فِيهِ الْأَحَظُّ لِلْمُسْلِمِينَ مِنَ الْقَتْلِ وَالسَّبْيِ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

أَسْلَمُوا) أَيْ: أَهْلُ الْحِصْنِ (أَوْ مَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ) فَكَمُسْلِمٍ قَبْلَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ (أَحْرَزَ دَمَهُ وَمَالَهُ) لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ» . . . . الْخَبَرَ، وَالْمُرَادُ بِالْمَالِ حَيْثُ كَانَ، وَمَنْفَعَةُ إِجَارَةٍ؛ لِأَنَّهَا مَالٌ (وَأَوْلَادُهُ الصِّغَارُ) لِأَنَّهُمْ تَبَعٌ لَهُمْ فِي الْإِسْلَامِ، وَلَوْ كَانُوا فِي دَارِ الْحَرْبِ، وَحَمْلُ امْرَأَتِهِ مَعَ كَوْنِهِ حُرًّا مُسْلِمًا، وَالْمَجْنُونُ كَصَغِيرٍ. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَعْصِمُ أَوْلَادَهُ الْكِبَارَ، لِأَنَّهُمْ لَا يَتْبَعُونَهُ، وَلَا زَوْجَتَهُ كَذَلِكَ. (وَإِنْ سَأَلُوهُ الْمُوَادَعَةَ) وَهِيَ الْمُصَالَحَةُ، وَالْمُسَالَمَةُ (بِمَالٍ أَوْ غَيْرِهِ، جَازَ إِنْ كَانَتِ الْمَصْلَحَةُ فِيهِ) لِأَنَّ الْغَرَضَ إِعْلَاءُ كَلِمَةِ الْإِسْلَامِ وَصَغَارُ الْكَفَرَةِ؛ وَهُوَ حَاصِلٌ بِالْمُوَادَعَةِ، فَيَجِبُ كَالْمَنِّ عَلَيْهِمْ، وَشَرَطَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا فِي عَقْدِهَا بِغَيْرِ مَالٍ عَجْزَ الْمُسْلِمِينَ، وَاسْتِضْرَارَهُمْ بِالْمُقَامِ لِيَكُونَ ذَلِكَ عُذْرًا فِي الِانْصِرَافِ.

(وَإِنْ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ حَاكِمٍ جَازَ)«لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمَّا حَاصَرَ بَنِي قُرَيْظَةَ، نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، فَأَجَابَهُمْ إِلَى ذَلِكَ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ. وَقَدْ عُلِمَ أَنَّهُمْ إِذَا نَزَلُوا لَزِمَهُ أَنْ يُنْزِلَهُمْ، وَخُيِّرَ كَأَسْرَى. وَالْكَلَامُ فِي مَقَامَيْنِ فِي صِفَةِ الْحَاكِمِ، فَقَالَ:(إِذَا كَانَ حُرًّا مسلما بالغا عَاقِلًا مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ) لِأَنَّهُ حَاكِمٌ أَشْبَهَ وِلَايَةَ الْقَضَاءِ. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ بَصِيرًا، صَرَّحَ بِهِ فِي " الْبُلْغَةِ " وَ " الْوَجِيزِ " بِخِلَافِ الْقَضَاءِ لِيَعْرِفَ الْمُدَّعِيَ مِنَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَالشَّاهِدَ مِنَ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ، وَلَا مُجْتَهِدًا فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ الَّتِي لَا تَعَلُّقَ لَهَا فِي الْجِهَادِ، وَصَرَّحَ بِهِ فِي " الْمُحَرَّرِ " وَ " الْفُرُوعِ " وَغَيْرِهِمَا، وَتَرَكَ قَيْدَ الذُّكُورِيَّةِ وَالْعَدَالَةِ لِوُضُوحِهِمَا.

تَنْبِيهٌ: لَوْ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ رَجُلَيْنِ فَأَكْثَرَ، جَازَ، وَالْحُكَمُ مَا اجْتَمَعُوا عَلَيْهِ؛ فَلَوْ جَعَلُوا الْحُكْمَ عَلَى رَجُلٍ يُعَيِّنُهُ الْإِمَامُ، صَحَّ؛ فَإِنْ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ رَجُلٍ مِنْهُمْ، أَوْ جَعَلُوا

ص: 302

وَالْفِدَاءِ فَإِنْ حَكَمَ بِالْمَنِّ، لَزِمَ قَبُولُهُ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، وَإِنْ حَكَمَ بِقَتْلٍ أَوْ سَبْيٍ، فَأَسْلَمُوا، عَصَمُوا دِمَاءَهُمْ. وَفِي اسْتِرْقَاقِهِمْ وَجْهَانِ.

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

التَّعْيِينَ إِلَيْهِمْ، لَمْ يَجُزْ، لِأَنَّهُمْ رُبَّمَا اخْتَارُوا غَيْر الْأَصْلَحِ. ذَكَرَهُ فِي " الشَّرْحِ " وَغَيْرِهِ.

الثَّانِي: فِي صِفَةِ الْحُكْمِ فَقَالَ: (وَلَا يَحْكُمُ إِلَّا بِمَا فِيهِ الْأَحَظُّ لِلْمُسْلِمِينَ) لِأَنَّهُ نَائِبُ الْإِمَامِ فَقَامَ مَقَامَهُ فِي اخْتِيَارِ الْأَحَظِّ فِي الْأَسْرَى؛ وَحِينَئِذٍ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ، وَحُكْمُهُ لَازِمٌ. (مِنَ الْقَتْلِ وَالسَّبْيِ) لِأَنَّ سَعْدًا حَكَمَ فِي بَنِي قُرَيْظَةَ بِقَتْلِهِمْ، وَسَبْيِ ذَرَارِيِّهِمْ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«لَقَدْ حَكَمْتَ بِحُكْمِ اللَّهِ مِنْ فَوْقِ سَبْعِ أَرْقِعَةٍ» .

(وَالْفِدَاءِ) لِمَا سَبَقَ فِي الْإِمَامِ. وَظَاهِرُهُ وَلَوْ حَكَمَ عَلَيْهِمْ بِإِعْطَاءِ الْجِزْيَةِ، لَمْ يَلْزَمْ حُكْمُهُ؛ لِأَنَّ عَقْدَ الذِّمَّةِ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ، وَاشْتُرِطَ فِيهِ التَّرَاضِي. وَكَذَلِكَ لَا يَمْلِكُ الْإِمَامُ إِجْبَارَ الْأَسِيرِ عَلَى إِعْطَاءِ الْجِزْيَةِ (فَإِنْ حَكَمَ بِالْمَنِّ لَزِمَهُ قَبُولُهُ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ) قَالَهُ الْقَاضِي، وَقَدَّمَهُ فِي " الْمُحَرَّرِ " وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ "؛ لِأَنَّهُ نَائِبُ الْإِمَامِ فَكَانَ لَهُ الْمَنُّ، كَهُوَ. وَظَاهِرُهُ وَلَوْ أَبَاهُ الْإِمَامُ.

وَالثَّانِي: الْمَنْعُ، قَالَهُ أَبُو الْخَطَّابِ؛ لِأَنَّهُ لَا حَظَّ فِيهِ، وَمَحَلُّهُ إِذَا لَمْ يَرَهُ الْإِمَامُ. قَالَهُ فِي " الْكَافِي " وَ " الْمُحَرَّرِ " وَ " الْخُلَاصَةِ " وَقِيلَ: فِي الْمُقَاتِلَةِ دُونَ النِّسَاءِ، وَالذُّرِّيَّةِ لِأَنَّهُمَا غَنِيمَةٌ، فَلَيْسَ لِلْحَاكِمِ تَرْكُهَا مَجَّانًا، وَفِي " الْكَافِي " وَ " الْبُلْغَةِ ": لَوْ حَكَمَ بِأَسْرٍ لَمْ يَجُزْ لِلْإِمَامِ أَنْ يَمُنَّ بِإِطْلَاقِهِمْ إِلَّا بِرِضَا الْغَانِمِينَ (وَإِنْ حَكَمَ بِقَتْلٍ أَوْ سَبْيٍ، فَأَسْلَمُوا) بَعْدَ الْحُكْمِ (عَصَمُوا دِمَاءَهُمْ) لِأَنَّ قَتْلَ الْمُسْلِمِ حَرَامٌ. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُمْ لَا يَعْصِمُونَ أَمْوَالَهُمْ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ لِلْمُسْلِمِينَ قَبْلَ إِسْلَامِهِمْ، وَكَذَا سَبْيُهُمْ، قَالَهُ فِي " الْمُحَرَّرِ ".

(وَفِي اسْتِرْقَاقِهِمْ وَجْهَانِ) كَذَا فِي " الْبُلْغَةِ " وَفِي " الْكَافِي " وَ " الْمُحَرَّرِ "

ص: 303