الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِخَمْسَةِ شُرُوطٍ: الْإِسْلَامُ وَالْعَقْلُ، فَلَا يَجِبُ عَلَى كَافِرٍ وَلَا مَجْنُونٍ، وَلَا يَصِحُّ مِنْهُمَا. وَالْبُلُوغُ وَالْحُرِّيَّةُ، فَلَا يَجِبُ عَلَى صَبِيٍّ وَلَا عَبْدٍ، وَلَا يَصِحُّ مِنْهُمَا وَلَا
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
ثَلَاثًا فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: لَوْ قُلْتُ نَعَمْ لَوَجَبَتْ، وَلَمَا اسْتَطَعْتُمْ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَلِأَنَّهَا عِبَادَةٌ مُؤَقَّتَةٌ بِالْعُمْرِ أَشْبَهَ الصَّلَاةَ فِي وَقْتِهَا، وَهُوَ فَرْضُ كِفَايَةٍ كُلَّ عَامٍ
[شُرُوطُ وُجُوبِ الْحَجِّ]
(بِخَمْسَةِ شُرُوطٍ: الْإِسْلَامُ، وَالْعَقْلُ) هُمَا شَرْطَانِ لِلصِّحَّةِ، وَالْوُجُوبِ (فَلَا يَجِبُ عَلَى كَافِرٍ) أَصْلِيٍّ؛ لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ دُخُولِ الْحَرَمِ، وَهُوَ مُنَافٍ لَهُ، (وَلَا مَجْنُونٍ) لِلْخَبَرِ، وَلِعَدَمِ صِحَّتِهِ، وَقَصْدُ الْفِعْلِ شَرْطٌ، (وَلَا يَصِحُّ مِنْهُمَا) ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنَ الْحَجِّ، وَالْعُمْرَةِ عِبَادَةٌ مِنْ شَرْطِهَا النِّيَّةُ، وَهِيَ لَا تَصِحُّ مِنْهُمَا، لَكِنَّ الْكَافِرَ يُعَاقَبُ عَلَيْهِ وَعَلَى سَائِرِ فُرُوعِ الْإِسْلَامِ كَالتَّوْحِيدِ إِجْمَاعًا، وَعَنْهُ: لَا، وَهُوَ الْأَشْهَرُ لِلْحَنَفِيَّةِ، وَعَنْهُ: يُعَاقَبُ عَلَى النَّوَاهِي فَقَطْ، وَالْمُرْتَدُّ مِثْلُهُ، وَهَلْ يَلْزَمُهُ الْحَجُّ بِاسْتِطَاعَتِهِ فِي رِدَّتِهِ إِذَا أَسْلَمَ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ الْتَزَمَ حُكْمَ الْإِسْلَامِ أَوْ لَا يَلْزَمُهُ كَالْأَصْلِيِّ؛ فِيهِ رِوَايَتَانِ، فَلَوْ حَجَّ، ثُمَّ ارْتَدَّ، ثُمَّ أَسْلَمَ، وَهُوَ مُسْتَطِيعٌ فَهَلْ يَلْزَمُهُ حَجٌّ ثَانٍ؛ فِيهِ رِوَايَتَانِ، وَيَبْطُلُ إِحْرَامُهُ، وَيَخْرُجُ مِنْهُ بِرِدَّتِهِ فِيهِ كَالصَّوْمِ، وَلَا تَبْطُلُ الِاسْتِطَاعَةُ بِالْجُنُونِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَعْقِدَهُ بِنَفْسِهِ أَوْ يَعْقِدَهُ لَهُ وَلِيُّهُ، وَقِيلَ: يَصِحُّ فِي الثَّانِيَةِ اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ.
وَيَبْطُلُ الْإِحْرَامُ بِالْجُنُونِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْ أَهْلِ الْعِبَادَةِ، وَقِيلَ: لَا، كَالْمَوْتِ فَيَصِيرُ كَالْمُغْمَى عَلَيْهِ، وَالْمَعْرُوفُ لَا يَبْطُلُ بِهِ كَالسُّكْرِ.
(وَالْبُلُوغُ وَالْحُرِّيَّةُ) هُمَا شَرْطَانِ لِلْوُجُوبِ، وَالْإِجْزَاءِ (فَلَا يَجِبُ عَلَى صَبِيٍّ) لِلْخَبَرِ، ولِأَنَّهُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ، (وَلَا عَبْدٍ) ؛ لِأَنَّ مُدَّتَهُمَا تَطُولُ فَلَمْ يَجِبَا عَلَيْهِ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ إِبْطَالِ حَقِّ السَّيِّدِ كَالْجِهَادِ، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْهُ الشَّهَادَةُ، (وَيَصِحُّ مِنْهُمَا) لِمَا «رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّ امْرَأَةً رَفَعَتْ إِلَيْهِ صَبِيًّا فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلِهَذَا حَجٌّ؛ قَالَ: نَعَمْ، وَلَكِ أَجْرٌ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَالْعَبْدُ مِنْ أَهْلِ الْعِبَادَةِ فَصَحَّا مِنْهُ كَالْحُرِّ، (وَلَا يُجْزِئُهُمَا) عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ بَعْدَ زَوَالِ الْمَانِعِ، وَعَلَيْهِمَا الْحَجُّ، وَالْعُمْرَةُ بَعْدَ الْبُلُوغِ، وَالْعِتْقِ لِمَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«أَيُّمَا صَبِيٍّ حَجَّ ثُمَّ بَلَغَ فَعَلَيْهِ حَجَّةٌ أُخْرَى وَأَيُّمَا عَبْدٍ حَجَّ ثُمَّ عُتِقَ فَعَلَيْهِ حَجَّةٌ أُخْرَى» . رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ، وَالْبَيْهَقِيُّ.
يُجْزِئُهُمَا إِلَّا أَنْ يَبْلُغَ وَيُعْتَقَ فِي الْحَجِّ قَبْلَ الْخُرُوجِ مِنْ عَرَفَةَ، وَفِي الْعُمْرَةِ قَبْلَ طَوَافِهَا فَيُجْزِئُهُمَا، وَيُحْرِمُ الصَّبِيُّ الْمُمَيِّزُ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ، وَغَيْرُ الْمُمَيِّزِ يُحْرِمُ عَنْهُ وَلِيُّهُ،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
قَالَ بَعْضُ الْحُفَّاظِ: لَمْ يَرْفَعْهُ إِلَّا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ عَنْ شُعْبَةَ، وَهُوَ ثِقَةٌ، وَلِأَنَّهُمَا فَعَلَا ذَلِكَ قَبْلَ الْوُجُوبِ عَلَيْهِمَا، فَلَمْ يُجْزِئْهُمَا إِذَا صَارَا مِنْ أَهْلِهِ كَالصَّبِيِّ يُصَلِّي ثُمَّ يَبْلُغُ فِي الْوَقْتِ، وَهَذَا قَوْلُ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ إِلَّا شُذُوذًا، بَلْ حَكَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ إِجْمَاعًا.
تَنْبِيهٌ: الْمُكَاتَبُ، وَالْمُدَبَّرُ، وَأُمُّ الْوَلَدِ، وَالْمُعْتَقُ بَعْضُهُ كَالْقِنِّ (إِلَّا أَنْ يَبْلُغَ) الصَّبِيُّ، (وَيُعْتَقَ) الْعَبْدُ (فِي الْحَجِّ قَبْلَ الْخُرُوجِ مِنْ عَرَفَةَ، وَفِي الْعُمْرَةِ قَبْلَ طَوَافِهَا فَيُجْزِئُهُمَا) لِأَنَّهُمَا أَتَيَا بِالنُّسُكِ حَالَ الْكَمَالِ فَأَجْزَأَهُمَا كَمَا لَوْ وُجِدَ قَبْلَ الْإِحْرَامِ، وَاسْتَدَلَّ أَحْمَدُ بِأَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ: إِذَا أُعْتِقَ الْعَبْدُ بِعَرَفَةَ أَجْزَأَتْ عَنْهُ حَجَّتُهُ، وَإِنْ أُعْتِقَ بِجَمْعٍ لَمْ يُجْزِئْ عَنْهُ، لَكِنْ لَوْ زَالَ الْمَانِعُ بَعْدَ الْخُرُوجِ مِنْ عَرَفَةَ، وَالْوَقْتُ بَاقٍ، وَلَوْ أَقَلُّ جُزْءٍ عَادَ فَوَقَفَ بِهَا، أَجْزَأَهُ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَكَمَا لَوْ أَحْرَمَ إِذَنْ، قَالَ الْمُؤَلِّفُ وَغَيْرُهُ: إِنَّمَا يُعْتَدُّ بِإِحْرَامٍ وَوُقُوفٍ مَوْجُودَيْنِ إِذَنْ، وَمَا قَبْلَهُ تَطَوُّعٌ لَا يَنْقَلِبُ فَرْضًا، وَقَالَ الْمَجْدُ وَآخَرُونَ: يَنْعَقِدُ إِحْرَامُهُ مَوْقُوفًا فَإِذَا تَغَيَّرَ حَالُهُ تَتَبَيَّنُ فَرِيضَتُهُ كَزَكَاةٍ مُعَجَّلَةٍ، وَعَنْهُ: لَا يُجْزِئُهُ، وَقَالَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ. وَظَاهِرُ كَلَامِهِ لَا فَرْقَ فِي وُجُودِ ذَلِكَ قَبْلَ السَّعْيِ أَوْ بَعْدَهُ، وَقُلْنَا بِعَدَمِ رُكْنِيَّتِهِ أَوْ سَعَى وَقُلْنَا بِرُكْنِيَّتِهِ، ثُمَّ زَالَ الْعُذْرُ وَهُوَ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ لِحُصُولِ الرُّكْنِ الْأَعْظَمِ، وَهُوَ الْوُقُوفُ، وَتَبَعِيَّةُ غَيْرِهِ لَهُ، وَالثَّانِي: لَا يُجْزِئُهُ اخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ، وَالْمَجْدُ، وَفِي " الْمُجَرَّدِ ": هُوَ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ لِوُقُوعِ الرُّكْنِ في غير وَقْت الْوُجُوبِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ كَبَّرَ لِلْإِحْرَامِ ثُمَّ بَلَغَ.
فَعَلَى هَذَا لَا يُجْزِئُهُ وَإِنْ أَعَادَ السَّعْيَ، ذَكَرَهُ الْمَجْدُ؛ لِأَنَّهُ لَا تُشْرَعُ مُجَاوَزَةُ عَدَدِهِ، وَلَا تَكْرَارُهُ، وَاسْتِدَامَةُ الْوُقُوفِ مَشْرُوعٌ، وَلَا قَدْرَ لَهُ مَحْدُودٌ، وَمَا ذَكَرْنَاهُ هُوَ جَارٍ فِي طَوَافِ الْعُمْرَةِ. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ إِذَا زَالَ الْمَانِعُ فِي أَثْنَاءِ طَوَافِهَا لَا يُجْزِئُهُ، وَلَا أَثَرَ لِإِعَادَتِهِ، وَحَيْثُ قِيلَ بِالْإِجْزَاءِ فَلَا دَمَ لِنَقْصِهِمَا فِي ابْتِدَاءِ الْإِحْرَامِ كَاسْتِمْرَارِهِ.
تَنْبِيهٌ: إِذَا زَالَ الْمَانِعُ قَبْلَ الْوُقُوفِ أَوْ فِي وَقْتِهِ، وَأَمْكَنَ الْإِتْيَانَ لَزِمَهُ الْحَجُّ عَلَى الْفَوْرِ، وَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ مَعَ الْإِمْكَانِ كَالْبَالِغِ الْحُرِّ.
1 -
(وَيُحْرِمُ الصَّبِيُّ الْمُمَيِّزُ) بِنَفْسِهِ (بِإِذْنِ وَلِيِّهِ) ، فَلَوْ أَحْرَمَ بِغَيْرِ إِذْنِهِ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ
وَيَفْعَلُ عَنْهُ مَا يَعْجِزُ عَنْهُ مِنْ عَمَلِهِ، وَنَفَقَةِ الْحَجِّ وَكَفَّارَاتِهِ فِي مَالِ الْوَلِيِّ، وَعَنْهُ: فِي
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
يُؤَدِّي إِلَى لُزُومِ مَالٍ، فَلَمْ يَنْعَقِدْ بِنَفْسِهِ كَالْبَيْعِ، وَقِيلَ: يَصِحُّ، اخْتَارَهُ الْمَجْدُ كَصَوْمٍ وَصَلَاةٍ.
فَعَلَى هَذَا يُحَلِّلُهُ مِنْهُ إِنْ رَآهُ ضَرَرًا فِي الْأَصَحِّ كَعَبْدٍ. وَالْوَلِيُّ: مَنْ يَلِي مَالَهُ. وَظَاهِرُ رِوَايَةِ حَنْبَلٍ يَصِحُّ مِنَ الْأُمِّ أَيْضًا اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ، وَفِي عُصْبَتِهِ كَالْعَمِّ وَابْنِهِ وَجْهَانِ. وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْوَلِيَّ لَا يُحْرِمُ عَنِ الْمُمَيِّزِ لِعَدَمِ الدَّلِيلِ (وَغَيْرُ الْمُمَيِّزِ يُحْرِمُ عَنْهُ وَلِيُّهُ) أَيْ: يَعْقِدُ لَهُ الْإِحْرَامَ، وَيَقَعُ لَازِمًا، وَحُكْمُهُ كَالْمُكَلَّفِ، نَصَّ عَلَيْهِ، لِمَا رَوَى جَابِرٌ قَالَ:«حَجَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَمَعَنَا النِّسَاءُ، وَالصِّبْيَانُ فَأَحْرَمْنَا عَنِ الصِّبْيَانِ» . رَوَاهُ سَعِيدٌ، وَلِأَنَّهُ يَصِحُّ وُضُوءُهُ كَالْبَالِغِ، بِخِلَافِ الْمَجْنُونِ فَصَحَّ عَقْدُهُ لَهُ كَالنِّكَاحِ، (وَيَفْعَلُ عَنْهُ مَا يَعْجِزُ عَنْهُ مِنْ عَمَلِهِ) لِمَا «رَوَى جَابِرٌ قَالَ: لَبَّيْنَا عَنِ الصِّبْيَانِ وَرَمَيْنَا عَنْهُمْ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ فِي الرَّمْيِ، وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ أَنَّهُ طَافَ بِابْنِ الزُّبَيْرِ فِي خِرْقَةٍ. رَوَاهُمَا الْأَثْرَمُ. فَدَلَّ أَنَّ مَا أَمْكَنَ الصَّبِيَّ فِعْلُهُ مِنْ وُقُوفٍ وَمَبِيتٍ لَزِمَهُ؛ لِأَنَّ النِّيَابَةَ إِنَّمَا تَجُوزُ مَعَ الْعَجْزِ وَذَلِكَ مُنْتَفٍ، وَلَكِنْ لَا يَجُوزُ أَنْ يَرْمِيَ عَنْهُ إِلَّا مَنْ رَمَى عَنْ نَفْسِهِ كَالنِّيَابَةِ فِي الْحَجِّ، فَإِنْ قُلْنَا بِالْإِجْزَاءِ هُنَاكَ فَكَذَا هُنَا، وَإِلَّا وَقَعَ الرَّمْيُ عَنْ نَفْسِهِ إِنَّ كَانَ مُحْرِمًا بِفَرْضِهِ، وَإِنْ كَانَ حَلَالًا لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ، وَإِنْ قُلْنَا يَقَعُ الْإِحْرَامُ بَاطِلًا هُنَاكَ فَكَذَا الرَّمْيُ هُنَا، وَإِنْ أَمْكَنَ الصَّبِيُّ أَنْ يُنَاوِلَ النَّائِبَ الْحَصَا نَاوَلَهُ، وَإِلَّا اسْتُحِبَّ أَنْ تُوضَعَ الْحَصَاةُ فِي كَفِّهِ، ثُمَّ تُؤْخَذُ مِنْهُ، وَيُرْمَى عَنْهُ. فَلَوْ جَعَلَ كَفَّ الصَّبِيِّ كَالْآلَةِ، وَرَمَى بِهَا عَنْهُ، فَحَسَنٌ، ثُمَّ إِنْ عَجَزَ عَنِ الطَّوَافِ، طِيفَ بِهِ مَحْمُولًا أَوْ رَاكِبًا، وَتُعْتَبَرُ النِّيَّةُ مِنَ الطَّائِفِ بِهِ، وَكَوْنِهِ مِمَّنْ يَصِحُّ أَنْ يُعْقَدَ لَهُ الْإِحْرَامُ فَإِنْ نَوَاهُ عَنْ نَفْسِهِ، وَعَنِ الصَّبِيِّ، وَقَعَ عَنِ الصَّبِيِّ، كَالْكَبِيرِ يُطَافُ بِهِ مَحْمُولًا لِعُذْرٍ، وَلَا فَرْقَ فِي حَامِلِهِ أَنْ يَكُونَ حَلَالًا أَوْ حَرَامًا أَسْقَطَ فَرْضَ نَفْسِهِ أَوْ لَا، كَوُجُودِ الطَّوَافِ مِنَ الصَّبِيِّ فَهُوَ كَمَحْمُولٍ مَرِيضٍ.
تَنْبِيهٌ: يَجْتَنِبُ فِي حَجِّهِ مَا يَجْتَنِبُهُ الْكَبِيرُ مِنَ الْمَحْظُورَاتِ، وَالْوُجُوبُ مُتَعَلِّقٌ بِالْوَلِيِّ؛ لِأَنَّ الصَّغِيرَ لَا يُخَاطَبُ بِخِطَابٍ تَكْلِيفِيٍّ. وَعَنْ عَائِشَةَ: أَنَّهَا كَانَتْ تُجَرِّدُ الصِّبْيَانَ إِذَا دَنَوْا
مَالِ الصَّبِيِّ، وَلَيْسَ لِلْعَبْدِ الْإِحْرَامُ إِلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ، وَلَا لِلْمَرْأَةِ الْإِحْرَامُ نَفْلًا إِلَّا بِإِذْنِ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
مِنَ الْحَرَمِ، وَقَالَ عَطَاءٌ يَفْعَلُ بِهِ كَمَا يَفْعَلُ الْكَبِيرُ، وَيَشْهَدُ الْمَنَاسِكَ كُلَّهَا إِلَّا أَنَّهُ لَا يُصَلَّى عَنْهُ، فَإِنْ وَطِئَ فِيهِ فَسَدَ حَجُّهُ، وَلَزِمَهُ الْمُضِيُّ فِيهِ، وَعَلَيْهِ قَضَاؤُهُ، وَلَا يَصِحُّ إِلَّا بَعْدَ الْبُلُوغِ، نَصَّ عَلَيْهِ، كَالْمَجْنُونِ إِذَا احْتَلَمَ، وَقِيلَ: يَصِحُّ قَبْلَ بُلُوغِهِ كَالْبَالِغِ، وَقِيلَ: لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ لِاسْتِلْزَامِهِ وُجُوبَ عِبَادَةٍ بَدَنِيَّةٍ عَلَى غَيْرِ الْمُكَلَّفِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ إِذَا قَضَى بَدَأَ بِحَجَّةِ الْإِسْلَامِ، فَإِنْ أَحْرَمَ بِهِ قَبْلَهَا انْصَرَفَ إِلَيْهَا، وَهَلْ يُجْزِئُهُ عَنِ الْقَضَاءِ بِفِطْرٍ، فَإِنْ كَانَ أَدْرَكَ فِي الْفَاسِدَةِ جُزْءًا مِنَ الْوُقُوفِ بَعْدَ بُلُوغِهِ أَجْزَأَ عَنْهُمَا جَمِيعًا، وَإِلَّا فَلَا.
(وَنَفَقَةُ الْحَجِّ وَكَفَّارَتُهُ فِي مَالِ الْوَلِيِّ) هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ؛ لِأَنَّهُ السَّبَبُ فِيهِ، وَكَمَا لَوْ أَتْلَفَ مَالَ غَيْرِهِ بِأَمْرِهِ، قَالَهُ ابْنُ عَقِيلٍ (وَعَنْهُ فِي مَالِ الصَّبِيِّ) اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ؛ لِأَنَّهُ مِنْ مَصْلَحَتِهِ لِيَأْلَفَ الْحَجَّ، وَيَتَمَرَّنَ عَلَيْهِ، وَكَأُجْرَةِ الطَّبِيبِ، وَحَامِلِهِ لِشُهُودِ الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ يَخْتَصُّ بِمَا زَادَ عَلَى نَفَقَةِ الْحَضَرِ فِي قَوْلِ الْأَكْثَرِ خِلَافًا لِلْقَاضِي فَإِنَّهُ أَوْجَبَهَا عَلَى الصَّغِيرِ مُطْلَقًا، وَاخْتَارَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ الْأَوَّلَ، زَادَ الْمَجْدُ: وَمَالُهُ كَثِيرٌ يَحْتَمِلُ ذَلِكَ فَأَمَّا سَفَرُهُ مَعَهُ لِخِدْمَةٍ أَوْ تِجَارَةٍ أَوْ إِلَى مَكَّةَ لِغَرَضٍ صَحِيحٍ فَهِيَ عَلَى الصَّبِيِّ رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ، وَقَدَّمَ فِي " الْفُرُوعِ " أَنَّ النَّفَقَةَ عَلَى الْوَلِيِّ وَفِي الْكَفَّارَةِ رِوَايَتَانِ، وَالْمُؤَلِّفُ سَوَّى بَيْنَهُمَا كَغَيْرِهِ، وَيَخْتَصُّ الْخِلَافُ مَا فَعَلَهُ الصَّبِيُّ، وَيَلْزَمُ الْبَالِغَ كَفَّارَتُهُ مَعَ خَطَأٍ وَنِسْيَانٍ، قَالَ الْمَجْدُ: أَوْ فَعَلَهُ الْوَلِيُّ لِمَصْلَحَتِهِ كَتَغْطِيَةِ رَأْسِهِ لِبَرْدٍ أَوْ تَطْبِيبِهِ لِمَرَضٍ، وَإِنْ فَعَلَهُ بِهِ الْوَلِيُّ لَا لِعُذْرٍ، فَالْفِدْيَةُ عَلَيْهِ، وَمَا لَا يَلْزَمُ الْبَالِغَ كَفَّارَتُهُ مَعَ خَطَأٍ وَنِسْيَانٍ، لَا يَلْزَمُ الصَّبِيَّ؛ لِأَنَّ عَمْدَهُ خَطَأٌ، فَإِذَا وَجَبَتْ عَلَى الْوَلِيِّ وَدَخَلَ فِيهَا الصَّوْمُ [صَامَ عَنْهُ لِوُجُوبِهَا عَلَيْهِ ابْتِدَاءً] ، كَصَوْمِهَا عَنْ نَفْسِهِ.
1 -
(وَلَيْسَ لِلْعَبْدِ الْإِحْرَامُ إِلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ) لِمَا فِيهِ مِنْ تَفْوِيتِ حَقِّهِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ، (وَلَا لِلْمَرْأَةِ الْإِحْرَامُ نَفْلًا إِلَّا بِإِذْنِ زَوْجِهَا) لِتَفْوِيتِ حَقِّهِ، وَقَيَّدَهُ بِالنَّفْلِ مِنْهَا دُونَ الْعَبْدِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ حَجٌّ بِحَالٍ بِخِلَافِهَا قَالَهُ ابْنُ الْمَنْجَا، وَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّهُمْ صَرَّحُوا بِأَنَّ الْعَبْدَ لَوْ نَذَرَهُ لَزِمَهُ بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ؛ لِأَنَّهُ مُكَلَّفٌ، وَصَحَّ نَذْرُهُ كَالْحُرِّ، لَكِنْ لِسَيِّدِهِ مَنْعُهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ نَذْرُهُ بِإِذْنِهِ فِي رِوَايَةٍ، وَفِي أُخْرَى: لَا؛ لِوُجُوبِهِ عَلَيْهِ كَالصَّلَاةِ، وَقِيلَ: إِنْ كَانَ عَلَى
زَوْجِهَا فَإِنْ فَعَلَا، فَلَهُمَا تَحْلِيلُهُمَا، وَيَكُونَانِ كَالْمُحْصَرِ، وَإِنْ أَحْرَمَا بِإِذْنِهِ لَمْ يَجُزْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الْفَوْرِ لَمْ يَمْنَعْهُ (فَإِنْ فَعَلَا) انْعَقَدَ إِحْرَامُهَما؛ لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ فَصَحَّتْ بِغَيْرِ إِذْنٍ كَالصَّوْمِ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ يَتَخَرَّجُ بُطْلَانُ إِحْرَامِهِ لِغَصْبِهِ نَفْسَهُ فَيَكُونُ قَدْ حَجَّ فِي بَدَنِ غَصْبٍ، فَهُوَ آكَدُ مِنَ الْحَجِّ بِمَالٍ غَصْبٍ قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": وَهَذَا مُتَوَجِّهٌ لَيْسَ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ مُؤَثِّرٌ فَيَكُونُ هُوَ الْمَذْهَبُ، وَصَرَّحَ بِهِ جَمَاعَةٌ فِي الِاعْتِكَافِ (فَلَهُمَا تَحْلِيلُهُمَا) فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّ حَقَّهُمَا لَازِمٌ فَمَلَكَا إِخْرَاجَهُمَا مِنْهُ كَالِاعْتِكَافِ. وَفِي " الْمُغْنِي " وَ " الشَّرْحِ " فِي الْعَبْدِ كَالصَّوْمِ الْمُضِرِّ بِبَدَنِهِ، وَلَا يَفُوتُ بِهِ حَقٌّ. وَالثَّانِيَةُ - وَنَقَلَهَا وَاخْتَارَهَا الْأَكْثَرُ -: أَنَّهُ لَيْسَ لَهُمَا تَحْلِيلُهُمَا، وَعَلَى الْأَوَّلِ: لَوْ حَلَّلَهَا فَلَمْ يَقْبَلْ، أَثِمَتْ، وَلَهُ مُبَاشَرَتُهَا، (وَيَكُونَانِ كَالْمُحْصَرِ) لِأَنَّهُمَا فِي مَعْنَاهُ، (وَإِنْ أَحْرَمَا بِإِذْنِهِ لَمْ يَجُزْ تَحْلِيلُهُمَا) ؛ لِأَنَّهُ قَدْ لَزِمَ بِالشُّرُوعِ، وَكَنِكَاحٍ، وَإِعَارَةٍ كَرَهْنٍ. وَعَنْهُ: لَهُ تَحْلِيلُ الْعَبْدِ؛ لِأَنَّهُ مَلَّكَهُ مَنَافِعَ نَفْسِهِ، فَمَلَكَ الرُّجُوعَ فِيهَا كَالْمُعِيرِ، وَلَهُ الرُّجُوعُ قَبْلَ إِحْرَامٍ، وَكَذَا لَوْ أَحْرَمَا بِنَذْرٍ أُذِنَ فِيهِ لَهُمَا أَوْ لَمْ يُأْذَنْ فِيهِ لِلْمَرْأَةِ، وَإِنْ عَلِمَ الْعَبْدُ بِرُجُوعِ سَيِّدِهِ عَنْ إِذْنِهِ، فَكَمَا لَوْ لَمْ يَأْذَنْ، وَإِلَّا فَالْخِلَافُ فِي عَزْلِ الْوَكِيلِ قَبْلَ عِلْمِهِ، وَإِنْ بَاعَهُ فَمُشْتَرِيهِ كَبَائِعِهِ فِي تَحْلِيلِهِ، وَلَهُ الْفَسْخُ إِنْ لَمْ يَعْلَمْ إِلَّا أَنْ يَمْلِكَ بَائِعُهُ تَحْلِيلَهُ فَيُحَلِّلُهُ.
تَنْبِيهٌ: إِذَا أَفْسَدَ الْعَبْدُ حَجَّهُ بِالْوَطْءِ لَزِمَهُ الْمُضِيُّ فِيهِ كَالْحُرِّ، وَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ، وَيَصِحُّ فِي رِقِّهِ لِلُزُومِهِ لَهُ كَالنَّذْرِ بِخِلَافِ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ، وَلَيْسَ لِسَيِّدِهِ مَنْعُهُ إِنْ كَانَ شُرُوعُهُ فِيمَا أَفْسَدَهُ بِإِذْنِهِ؛ لِأَنَّ إِذْنَهُ فِيهِ إِذْنٌ فِي مُوجِبِهِ، وَمِنْ مُوجِبِهِ قَضَاءُ مَا أَفْسَدَهُ عَلَى الْفَوْرِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِإِذْنِهِ فَفِي مَنْعِهِ مِنَ الْقَضَاءِ وَجْهَانِ كَالنَّذْرِ، وَفِي لُزُومِهِ الْقَضَاءُ لِفَوَاتٍ أَوْ إِحْصَارٍ الْخِلَافُ كَالْحُرِّ، وَإِنْ عُتِقَ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ بِمَا لَزِمَهُ مِنْ ذَلِكَ لَزِمَهُ أَنْ يَبْدَأَ بِحَجَّةِ الْإِسْلَامِ فَإِنْ خَالَفَ فَكَالْحُرِّ فَإِنْ عُتِقَ فِي الْحَجَّةِ الْفَاسِدَةِ فِي حَالٍ يُدْرِكُ بِهِ حَجَّةَ الْفَرْضِ مَضَى فِيهَا، وَأَجْزَأَهُ عَنِ الْفَرْضِ، وَالْقَضَاءِ خِلَافًا لِابْنِ عَقِيلٍ، وَيَلْزَمُهُ حُكْمُ حَيَاتِهِ كَحُرٍّ مُعْسِرٍ، وَإِنْ تَحَلَّلَ بِحَصْرٍ أَوْ حَلَّلَهُ سَيِّدُهُ لَمْ يَتَحَلَّلْ قَبْلَ الصَّوْمِ، وَلَيْسَ لِسَيِّدِهِ مَنْعُهُ
تَحْلِيلُهُمَا وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ مَنْعُ امْرَأَتِهِ مِنْ حَجِّ الْفَرْضِ، وَلَا تَحْلِيلُهَا إِنْ أَحْرَمَتْ بِهِ.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
مِنْهُ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَإِنْ مَاتَ الْعَبْدُ، وَلَمْ يَصُمْ فَلِسَيِّدِهِ أَنْ يُطْعِمَ عَنْهُ. ذَكَرَهُ فِي " الْفُصُولِ " وَحُكْمُ الصَّبِيِّ فِي الْقَضَاءِ لِفَوَاتٍ أَوْ إِحْصَارٍ، وَصِحَّتُهُ مِنْهُ، وَهُوَ فِي الْقَضَاءِ بَعْدَ بُلُوغِهِ إِجْزَاؤُهُ عَنْهُ، وَعَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ كَالْعَبْدِ.
(وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ مَنْعُ امْرَأَتِهِ مِنْ حَجِّ الْفَرْضِ) إِذَا كَمَّلَتِ الشُّرُوطَ، (وَلَا تَحْلِيلُهَا إِنْ أَحْرَمَتْ بِهِ) ؛ لِأَنَّهُ وَاجِبٌ بِأَصْلِ الشَّرْعِ أَشْبَهَ الصَّوْمَ وَالصَّلَاةَ أَوَّلَ الْوَقْتِ وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ أَحْرَمَتْ قَبْلَ الْمِيقَاتِ، وَنَفَقَتُهَا عَلَيْهِ قَدْرَ نَفَقَةِ الْحَضَرِ، وَيُسْتَحَبُّ لَهَا أَنْ تَسْتَأْذِنَهُ، نَصَّ عَلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ غَائِبًا، كَتَبَتْ إِلَيْهِ، فَإِنْ أَذِنَ، وَإِلَّا حَجَّتْ بِمَحْرَمٍ، وَعَنْهُ: لَهُ تَحْلِيلُهَا، فَيَتَوَجَّهُ مِنْهُ مَنْعُهَا. وَظَاهِرُهُ أَنَّ لَهُ مَنْعَهَا مِنَ الْخُرُوجِ إِلَّا حَجَّةَ الْإِسْلَامِ وَالْإِحْرَامُ إِنْ لَمْ تُكْمِلِ الشُّرُوطَ، وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْحَابُ، لَكِنْ لَوْ أَحْرَمَتْ إِذَنْ بِلَا إِذْنِهِ، لَمْ يَمْلِكْ تَحْلِيلَهَا فِي الْأَصَحِّ كَالْمَرِيضِ.
مَسْأَلَةٌ: إِذَا أَحْرَمَتْ بِوَاجِبٍ، فَحَلَفَ زَوْجُهَا بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ لَا تَحْجُجِ الْعَامَ، فَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَحِلَّ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ مُبَاحٌ فَلَيْسَ لَهَا تَرْكُ الْفَرِيضَةِ لِأَجْلِهِ، وَنَقَلَ مُهَنَّا أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، فَقَالَ عَطَاءٌ: الطَّلَاقُ هَلَاكٌ هِيَ بِمَنْزِلَةِ الْمُحْصَرِ.
1 -
فَصْلٌ: لَا يَجُوزُ لِوَالِدٍ مَنْعُ وَلَدِهِ مِنْ حَجٍّ وَاجِبٍ، وَلَا تَحْلِيلُهُ إِنْ أَحْرَمَ بِهِ، وَلَيْسَ لِلْوَلَدِ طَاعَتُهُ فِي تَرْكِهِ، فَإِنْ كَانَ تَطَوُّعًا، فَلَهُ مَنْعُهُ كَالْجِهَادِ فَإِنْ أَحْرَمَ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، لَمْ يَمْلِكْ تَحْلِيلَهُ؛ لِوُجُوبِهِ بِشُرُوعِهِ فِيهِ، فَصَارَ كَالْوَاجِبِ ابْتِدَاءً، وَكَذَا لَيْسَ لِوَلِيِّ سَفِيهٍ مَنْعُهُ مِنْ حَجِّ الْفَرْضِ، وَلَا تَحْلِيلُهُ مِنْهُ، وَيَدْفَعُ نَفَقَتَهُ إِلَى سَفِيهٍ يُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْ طَرِيقِهِ، فَإِنْ أَحْرَمَ بِنَفْلٍ، وَزَادَتْ نَفَقَتُهُ عَلَى نَفَقَتِهِ الْحَضَرَ وَلَمْ يَكْتَسِبْهَا، فَالْأَصَحُّ لَهُ مَنْعُهُ وَتَحْلِيلُهُ بِصَوْمٍ، وَإِلَّا فَلَا، فَإِنْ مَنَعَهُ وَأَحْرَمَ، فَهُوَ كَمَنْ ضَاعَتْ نَفَقَتُهُ.
فَرْعٌ: حُكْمُ الْعُمْرَةِ الْوَاجِبَةِ كَالْحَجِّ الْمَفْرُوضِ فِي قَوْلِ الْأَكْثَرِ، وَهَلْ يُلْحَقُ الْمَنْذُورُ بِهِ فَلَا يَمْلِكُ مَنْعَهَا أَوْ لَا كَالتَّطَوُّعِ؛ فِيهِ رِوَايَتَانِ حَكَاهُمَا أَبُو الْحُسَيْنِ. وَقِيلَ: يُفَرَّقُ بَيْنَ الْمُعَيَّنِ وَغَيْرِهِ.