الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ جَزَاءِ الصَّيْدِ
وَهُوَ ضَرْبَانِ، أَحَدُهُمَا: مَالَهُ مِثْلٌ مِنَ النَّعَمِ، فَيَجِبُ فِيهِ مِثْلُهُ، وَهُوَ نَوْعَانِ:
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
إِحْدَاهُمَا: يُجْزِئُهُ بَقَرَةٌ، وَالثَّانِيَةُ: يُجْزِئُهُ مَعَ عَدَمِ الْبَدَنَةِ؛ لِأَنَّهَا بَدَلٌ، قَالَ الْمُؤَلِّفُ: وَالْأَوَّلُ أَوْلَى فَإِنْ كَانَتْ جَزَاءَ صَيْدٍ أَجْزَأَتْ أَيْضًا، وَقِيلَ: لَا؛ لِأَنَّهَا لَا تُشْبِهُ النَّعَامَةَ، وَيُجْزِئُ عَنْهَا سَبْعُ شِيَاهٍ ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ؛ لِأَنَّهَا مَعْدُولَةٌ بِسُبُعٍ بدنة، وَهِيَ دَمٌ كَامِلٌ، وَأَطْيَبُ لَحْمًا، وَعَنْهُ: ثُمَّ عَدِمَهَا؛ لِأَنَّهَا بَدَلٌ، وَعَنْهُ: لَا يُجْزِئُ إِلَّا عَشْرُ شِيَاهٍ لِقَوْلِ رَافِعٍ «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَجْعَلُ فِي قَسْمِ الْغَنَمِ عَشْرًا مِنَ الشِّيَاهِ بِبَعِيرٍ» . رَوَاهُ النَّسَائِيُّ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ قَالَ: الْخَلَّالُ، وَالْعَمَلُ عَلَى الْأَوَّلِ، وَمَنْ لَزِمَهُ سَبْعُ شِيَاهٍ أَجْزَأَهُ بَدَنَةٌ أَوْ بَقَرَةٌ، ذَكَرَهُ فِي " الْكَافِي " لِإِجْزَائِهِمَا عَنْ سَبْعَةٍ، وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ إِلَّا فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ، وَفِي " الْمُغْنِي " أَنَّهُ الظَّاهِرُ؛ لِأَنَّ الْغَنَمَ أَطْيَبُ، وَالْبَقَرَةُ كَالْبَدَنَةِ فِي إِجْزَاءِ سَبْعِ شِيَاهٍ عَنْهَا
[بَابُ جَزَاءِ الصَّيْدِ]
[مَا قَضَتْ بِهِ الصَّحَابَةُ في جزاء الصيد]
بَابُ جَزَاءِ الصَّيْدِ وَهُوَ وَاجِبٌ، لِقَوْلِهِ - تَعَالَى -:{وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} [المائدة: 95] فَجَزَاءٌ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ مَحْذُوفٌ، أَيْ: فَعَلَيْهِ جَزَاءٌ، وَمَنْ نَوَّنَ " جَزَاءٌ " - وَقُرِئَ بِهِ فِي السَّبْعَةِ - فَـ " مِثْلُ " صِفَةٌ، " و {مِنَ النَّعَمِ} [المائدة: 95] " صِفَةٌ أُخْرَى لَهُ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ " مِثْلُ " بَدَلًا، وَقُرِئَ شَاذًّا بِنَصْبِ " مِثْلُ " أَيْ: يُخْرِجُ مِثْلَ؛ لِأَنَّ الْجَزَاءَ يَتَعَدَّى بِحَرْفِ الْجَرِّ، وَقُرِئَ بِإِضَافَةِ الْجَزَاءِ إِلَى " مِثْلِ " فَيَكُونُ فِي حُكْمِ الزَّائِدِ كَقَوْلِهِمْ: مِثْلُكَ لَا يَبْخَلُ، وَيَجُوزُ أَنْ يَتَعَلَّقَ "{مِنَ النَّعَمِ} [المائدة: 95]" بِقَوْلِهِ " فَجَزَاءٌ " إِنْ نَصَبْتَ " مِثْلًا " لِعَمَلِهِ فِيهِمَا لِأَنَّهُمَا مِنْ صِلَتِهِ لَا إِنْ رَفَعْتَهُ؛ لِأَنَّ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنْ صِلَتِهِ، وَلَا يُفْصَلُ بَيْنَ الصِّلَةِ وَالْمَوْصُولِ بِصِفَةٍ أَوْ بَدَلٍ، وَيَجُوزُ تَعَلُّقُهُ بِهِ إِنْ أَضَفْتَهُ، وَيَجُوزُ جَعْلُهُ حَالًا مِنَ الضَّمِيرِ " قَتَلَ "؛ لِأَنَّ الْمَقْتُولَ يَكُونُ مِنَ النَّعَمِ، " و {يَحْكُمُ بِهِ} [المائدة: 95] " صِفَةٌ لِجَزَاءٍ إِذَا نَوَّنْتَهُ، وَإِذَا أَضَفْتَهُ فَفِي مَوْضِعِ حَالٍ عَامِلُهَا مَعْنَى الِاسْتِقْرَارِ الْمُقَدَّرِ فِي الْخَبَرِ الْمَحْذُوفِ.
(وَهُوَ ضَرْبَانِ: أَحَدُهُمَا: مَالَهُ مِثْلٌ مِنَ النَّعَمِ) لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ حَقِيقَةَ الْمُمَاثَلَةِ فَإِنَّهَا لَا
أَحَدُهُمَا قَضَتْ بِهِ الصَّحَابَةُ، فَفِيهِ مَا قَضَتْ فَفِي النَّعَامَةِ بَدَنَةٌ، وَفِي حِمَارِ الْوَحْشِ وَبَقَرَتِهِ وَالْإِيَّلِ وَالثَّيْتَلِ وَالْوَعْلِ بَقَرَةٌ، وَفِي الضَّبُعِ كَبْشٌ وَفِي الْغَزَالِ وَالثَّعْلَبِ عَنْزٌ،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
تَتَحَقَّقُ بَيْنَ الْأَنْعَامِ وَالصَّيْدِ، وَإِنَّمَا أُرِيدَ بِهَا مِنْ حَيْثُ الصُّورَةِ (فَيَجِبُ فِيهِ مِثْلُهُ) نَصَّ عَلَيْهِ، (وَهُوَ نَوْعَانِ: أَحَدُهُمَا: قَضَتْ بِهِ الصَّحَابَةُ) لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ كُلَّهُمْ (فَفِيهِ: مَا قَضَتْ)«لِقَوْلِهِ عليه السلام: أَصْحَابِي كَالنُّجُومِ بِأَيِّهِمُ اقْتَدَيْتُمُ اهْتَدَيْتُمْ» وَلِقَوْلِهِ «عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي، وَسُنَّةُ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَصَحَّحَهُ، وَعَنْ حُذَيْفَةَ مَرْفُوعًا:«اقْتَدَوْا بِاللَّذَيْنِ مِنْ بَعْدِي أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَحَسَّنَهُ» ، وَلِأَنَّهُمْ أَقْرَبُ إِلَى الصَّوَابِ، وَأَعْرَفُ بِمَوَاقِعِ الْخِطَابِ، فَكَانَ حُكْمُهُمْ حُجَّةً عَلَى غَيْرِهِمْ كَالْعَالِمِ مَعَ الْعَامِّيِّ، فَفِي النَّعَامَةِ بَدَنَةٌ حَكَمَ بِهِ عُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ وَزَيْدٌ وَأَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ؛ لِأَنَّهَا تُشْبِهُ الْبَعِيرَ فِي خَلْقِهِ، فَكَانَ مِثْلًا لَهَا، فَيَدْخُلُ فِي عُمُومِ النَّصِّ، وَجَعَلَهَا الْخِرَقِيُّ مِنْ أَقْسَامِ الطَّيْرِ؛ لِأَنَّ لَهَا جَنَاحَيْنِ فَيُعَايَا بِهَا، فَيُقَالُ: طَائِرٌ تَجِبُ فِيهِ بَدَنَةٌ، (وَفِي حِمَارِ الْوَحْشِ) بَقَرَةٌ، قَضَى بِهِ عُمَرُ، وَقَالَهُ عُرْوَةُ، وَمُجَاهِدٌ؛ لِأَنَّهَا شَبِيهٌ بِهِ، وَعَنْهُ: بَدَنَةٌ، وَقَالَهُ أَبُو عُبَيْدَةَ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، (وَبَقَرَتِهِ) أَيْ: فِي بَقَرَةِ الْوَحْشِ بَقَرَةٌ قَضَى بِهِ ابْنُ مَسْعُودٍ، وَقَالَهُ عَطَاءٌ وَقَتَادَةُ، وَعَنْهُ: لَا جْزَاءَ لِبَقَرَةِ وَحْشٍ، كَجَامُوسٍ، (وَالْإِيَّلِ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِ الْيَاءِ مُشَدَّدَةً: الذَّكَرُ مِنَ الْأَوْعَالِ فِيهِ بَقَرَةٌ لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ، (وَالثَّيْتَلِ) هُوَ الْوَعِلُ الْمُسِنُّ، (وَالْوَعْلِ) هُوَ تَيْسُ الْجَبَلِ وَجَمْعُهُ: وُعُولٌ (بَقَرَةٌ) قَالَ الْأَصْحَابُ: كَالْإِيَّلِ، وَعَنْهُ: فِي كُلٍّ مِنْهَا بَدَنَةٌ، ذَكَرَهَا فِي " الْوَاضِحِ " وَفِي " صِحَاحِ
وَفِي الْوَبْرِ وَالضَّبِّ جَدْيٌ، وَفِي الْيَرْبُوعِ جَفْرَةٌ لَهَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ، وَفِي الْأَرْنَبِ عَنَاقٌ،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الْجَوْهَرِيِّ " وَالْوَعْلُ هِيَ: الْأَرْوَى، وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ: فِيهَا بَقَرَةٌ، وَهُوَ مِنْ أَوْلَادِ الْبَقَرة: مَا بَلَغَ أَنْ يُقْبَضَ عَلَى قَرْنِهِ، وَلَمْ يَبْلُغْ أَنْ يَكُونَ ثَوْرًا، (وَفِي الضَّبُعِ كَبْشٌ) لِمَا رَوَى أَبُو دَاوُدَ بِإِسْنَادِهِ «عَنْ جَابِرٍ قَالَ: سَأَلَتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنِ الضَّبُعِ، فَقَالَ: هُوَ صَيْدٌ وَفِيهِ كَبْشٌ إِذَا صَادَهُ الْمُحْرِمُ» وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ جَابِرٍ، وَنَحْوِهِ مَرْفُوعًا، وَقَضَى بِهِ عُمَرُ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ كَانَ الْعُلَمَاءُ بِالشَّامِ يَعُدُّونَهَا مِنَ السِّبَاعِ، وَيَكْرَهُونَ أَكْلَهَا، قَالَ: فِي " الْمُغْنِي " وَ " الشَّرْحِ ": وَهُوَ الْقِيَاسُ إِلَّا أَنَّ اتِّبَاعَ السُّنَّةِ، وَالْآثَارِ أَوْلَى، (وَفِي الْغَزَالِ) عَنْزٌ قَضَى بِهِ عُمَرُ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ، وَقَالَهُ عَطَاءٌ قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ، وَلَا يُحْفَظُ عَنْ غَيْرِهِمْ خِلَافُهُ؛ لِأَنَّ فِيهِ شَبَهًا بِالْعَنْزِ؛ لِأَنَّهُ أَجْرَدُ الشَّعْرِ مُتَقَلِّصُ الذَّنَبِ، (وَالثَّعْلَبِ عَنْزٌ) ؛ لِأَنَّهُ كَالْغَزَالِ، وَسَبَقَ أَنَّ الْأَشْهَرَ يَجِبُ فِيهِ الْجَزَاءُ، وَإِنْ حَرَّمْنَا أَكْلَهُ تَغْلِيبًا لِلتَّحْرِيمِ، كَمَا وَجَبَ الْجَزَاءُ فِي الْمُتَوَلَّدِ مِنَ الْمَأْكُولِ وَغَيْرِهِ، وَعَنْهُ: فِيهِ شَاةٌ؛ لِأَنَّهُ أَعْظَمُ مِنَ الْغَزَالِ إِذَا قُلْنَا بِإِبَاحَتِهِ، وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ فِيهِ عَلَى الْمَذْهَبِ، (وَفِي الْوَبْرِ) بِسُكُونِ الْبَاءِ دُوَيْبَّةٌ أَصْغَرُ مِنَ السِّنَّوْرِ طَحْلَاءُ، وَلَا ذَنَبَ لَهَا، (وَالضَّبُّ) حَيَوَانٌ صَغِيرٌ لَهُ ذَنَبٌ شَبِيهٌ بِالْحِرْذَوْنِ (جَدْيٌ) قَضَى بِهِ عُمَرُ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ فِي الضَّبِّ، وَعَنْهُ: شَاةٌ، وَقَالَهُ جَابِرٌ وَعَطَاءٌ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْجَدْيَ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنَ الشَّاةِ، وَأَمَّا الْوَبْرُ فَبِالْقِيَاسِ عَلَى الضَّبِّ، وَفِي " الْمُغْنِي ": فِيهِ شَاةٌ، وَحَكَاهُ عَنْ مُجَاهِدٍ، وَعَطَاءٍ.
وَقَالَ الْقَاضِي: فِيهِ جَفْرَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِأَكْبَرَ مِنْهَا (وَفِي الْيَرْبُوعِ) قَالَ أَبُو السَّعَادَاتِ: هُوَ الْحَيَوَانُ الْمَعْرُوفُ، وَقِيلَ: هُوَ نَوْعٌ مِنَ الْفَأْرِ (جَفْرَةٌ) قَضَى بِهِ عُمَرُ، وَابْنُ مَسْعُودٍ، وَجَابِرٌ، وَهِيَ مِنْ أَوْلَادِ الْمَعْزِ (لَهَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ) قَالَ أَبُو الزُّبَيْرِ: هِيَ الَّتِي فُطِمَتْ، وَرَعَتْ (وَفِي الْأَرْنَبِ عَنَاقٌ) قَضَى بِهِ عُمَرُ، وَرَوَاهُ مَالِكٌ بِإِسْنَادِهِ عَنْ جَابِرٍ عَنْهُ، وَعَنْ جَابِرٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم –