الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْل
الثَّالِثُ: تَغْطِيَةُ الرَّأْسِ فَمَتَى غَطَّاهُ بِعِمَامَةٍ أَوْ خِرْقَةٍ أَوْ قِرْطَاسٍ فِيهِ دَوَاءٌ أَوْ غَيْرُهُ، أَوْ عَصَبَهُ، أَوْ طَيَّنَهُ بِطِينٍ أَوْ حِنَّاءٍ، أَوْ غَيْرِهِ، فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ، وَإِنِ اسْتَظَلَّ بِالْمَحْمَلِ،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
رَأْسِهِ، وَبَدَنِهِ بِرِفْقٍ نَصَّ عَلَيْهِ، مَا لَمْ يَقْطَعْهُ وَقِيلَ: غَيْرُ الْجُنُبِ، وَلَهُ غَسْلُهُ فِي حَمَّامٍ وَغَيْرِهِ بِلَا تَسْرِيحٍ فَإِنْ غَسَلَهُ بِسِدْرٍ أَوْ نَحْوِهِ، جَازَ، قَالَهُ الْقَاضِي وَجَمَعَ، وَجَزَمَ آخَرُونَ بِالْكَرَاهَةِ لِتَعَرُّضِهِ لِقَطْعِ الشَّعْرِ، وَعَنْهُ: يَحْرُمُ وَيَفْدِي، وَلَهُ أَنْ يَحْتَجِمَ، وَكَرِهَ الْخِرَقِيُّ، لِلْخَبَرِ، زَادَ فِي " الْمُحَرَّرِ " وَغَيْرِهِ: مَا لَمْ يَقْطَعْ شَعْرًا قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: فِيمَنِ احْتَاجَ وَقَطَعَهُ لِحِجَامَةٍ أَوْ غُسْلٍ: لَمْ يَضُرَّ.
[الْفَصْلُ الثَّالِثُ: تَغْطِيَةُ الرَّأْسِ]
(الثَّالِثُ: تَغْطِيَةُ الرَّأْسِ) إِجْمَاعًا؛ لِأَنَّهُ عليه السلام «نَهَى عَنْ لُبْسِ الْعَمَائِمِ» ، وَقَوْلُهُ فِي الْمُحْرِمِ الَّذِي وَقَصَتْهُ رَاحِلَتُهُ:«وَلَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ: إِحْرَامُ الرَّجُلِ فِي رَأْسِهِ، وَذَكَرَهُ الْقَاضِي مَرْفُوعًا، وَالْأُذُنَانِ مِنْهُ فِي قَوْلِ الْجَمَاهِيرِ، وَعَنْهُ: عُضْوَانِ مُسْتَقِلَّانِ ذَكَرَهَا ابْنُ عَقِيلٍ: وَعَلَى الْأَوَّلِ: يَدْخُلُ فِيهِ الْبَيَاضُ الَّذِي فَوْقَهُمَا دُونَ الشَّعْرِ بِدَلِيلِ الْمُوَضِّحَةِ، وَهِيَ لَا تَكُونُ إِلَّا فِي رَأْسٍ وَوَجْهٍ، وَلَيْسَ فِي الْوَجْهِ فَتَعَيَّنَ الْأَوَّلُ، وَقِيلَ: لَيْسَ مِنْهُ، وَذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ إِجْمَاعًا ويدخل فِيهِ النَّزْعَتَانِ، وَالشَّعْرُ الَّذِي بَيْنَهُمَا، وَفِي الصُّدْغِ، وَالتَّحْذِيفِ خِلَافٌ (فَمَتَى غَطَّاهُ بِعِمَامَةٍ أَوْ خِرْقَةٍ أَوْ قِرْطَاسٍ فِيهِ دَوَاءٌ أَوْ غَيْرُهُ أَوْ عَصَبَهُ، أَوْ طَيَّنَهُ بِطِينٍ أَوْ حِنَّاءٍ أَوْ غَيْرِهِ) جَمَعَ فِي ذِكْرِهَا بَيْنَ تَغْطِيَةٍ بِمُعْتَادٍ أَوْ غَيْرِهِ. قَالَ أَحْمَدُ: وَشَدِّ سَيْرٍ فِيهِ (فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ) ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ مُحَرَّمًا فِي الْإِحْرَامِ يَقْصِدُ بِهِ الرَّفَهَ أَشْبَهَ حَلْقَ الرَّأْسِ. وَظَاهِرُهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ لِعُذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ، (وَإِنِ اسْتَظَلَّ بِالْمَحْمَلِ) ضَبَطَهُ الْجَوْهَرِيُّ كَالْمَجْلِسِ، وَعَكَسَ ابْنُ مَالِكٍ (فَفِيهِ رِوَايَتَانِ) أَشْهَرُهُمَا أَنَّهُ يَحْرُمُ، وَيَلْزَمُهُ الْفِدَاءُ؛ لِأَنَّ ابْنَ عُمَرَ رَأَى عَلَى رَجُلٍ مُحْرِمٍ عُودًا يَسْتُرُهُ مِنَ الشَّمْسِ
فَفِيهِ رِوَايَتَانِ، وَإِنْ حَمَلَ عَلَى رَأْسِهِ شَيْئًا، أَوْ نَصَبَ حِيَالَهُ ثَوْبًا أَوِ اسْتَظَلَّ بِخَيْمَةٍ أَوْ شَجَرَةٍ أَوْ بَيْتٍ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. وَفِي تَغْطِيَةِ الْوَجْهِ رِوَايَتَانِ.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
فَنَهَاهُ عَنْ ذَلِكَ. رَوَاهُ الْأَثْرَمُ، وَاحْتَجَّ بِهِ أَحْمَدُ، وَلِأَنَّهُ قَصَدَهُ بِمَا يَقْصِدُ بِهِ الرَّفَهَ كَتَغْطِيَتِهِ، وَعَنْهُ: لَا فِدْيَةَ إِنْ طَالَ زَمَنُهُ، وَعَنْهُ: يُكْرَهُ قَالَ الْمُؤَلِّفُ: وَهُوَ الظَّاهِرُ، وَعَنِ الْأَوَّلِ لَوِ اسْتَظَلَّ بِثَوْبٍ رَاكِبًا وَنَازِلًا، لَزِمَتْهُ الْفِدْيَةُ، وَالثَّانِيَةُ: يَجُوزُ بِلَا فِدَاءٍ جَزَمَ بِهَا فِي " الْوَجِيزِ "؛ لِأَنَّ غَايَةَ مَا سَبَقَ أَنَّهُ قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ، وَهُوَ لَا يَرَى ذَلِكَ حَرَامًا، وَلِأَنَّهُ يَجُوزُ بِثَوْبٍ كَمَا سَيَأْتِي.
(وَإِنْ حَمَلَ عَلَى رَأْسِهِ شَيْئًا) وَكَسَتْرِهِ بِيَدِهِ، وَلَا أَثَرَ لِلْقَصْدِ، وَعَدَمِهِ فِيمَا فِيهِ فِدْيَةٌ، وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: إِنْ قَصَدَ بِهِ السَّتْرَ فَدَى كَجُلُوسِهِ عِنْدَ عَطَّارٍ لِقَصْدِ شَمِّ الطِّيبِ، فَلَوْ لَبَّدَهُ بِغُسْلٍ أَوْ صَمْغٍ وَنَحْوِهِ لِئَلَّا يَدْخُلَهُ غُبَارٌ، وَلَا دَبِيبٌ جَازَ لِلْخَبَرِ (أَوْ نَصَبَ حِيَالَهُ ثَوْبًا) لِمَا رَوَتْ أُمُّ الْحُصَيْنِ قَالَتْ «حَجَجْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حَجَّةَ الْوَدَاعِ فَرَأَيْتُ بِلَالًا، وَأُسَامَةَ وَأَحَدُهُمَا آخِذٌ بِخِطَامِ نَاقَتِهِ، وَالْآخَرُ رَافِعٌ ثَوْبَهُ يَسْتُرُهُ مِنَ الْحَرِّ حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَأَجَابَ أَحْمَدُ، وَعَلَيْهِ اعْتَمَدَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ - بِأَنَّهُ يَسِيرٌ لَا يُرَادُ لِلِاسْتِدَامَةِ بِخِلَافِ الِاسْتِظْلَالِ بِالْمَحْمَلِ زَادَ ابْنُ عَقِيلٍ: أَوْ كَانَ بَعْدَ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ أَوْ بِهِ عُذْرٌ وَفَدَى أَوْ لَمْ يَعْمَلِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِهِ (أَوِ اسْتَظَلَّ بِخَيْمَةٍ أَوْ شَجَرَةٍ أَوْ بَيْتٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) لِمَا رَوَى جَابِرٌ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ضُرِبَتْ لَهُ قُبَّةٌ بِنَمِرَةَ فَنَزَلَهَا» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقْصَدُ بِهِ الرَّفَهُ فِي الْبَدَنِ عَادَةً، بَلْ جَمْعُ الرَّحْلِ، وَحِفْظُهُ، وَفِيهِ شَيْءٌ، (وَفِي تَغْطِيَةِ الْوَجْهِ رِوَايَتَانِ) إِحْدَاهُمَا: تَجُوزُ، وَاخْتَارَهَا الْأَكْثَرُ رُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ، وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ الزُّبَيْرِ وَغَيْرِهِمْ، وَلِأَنَّهُ يُقْصَدُ بِهِ سُنَّةُ التَّقْصِيرِ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حُرْمَةُ التَّخْمِيرِ كَسَائِرِ بَدَنِهِ، وَالثَّانِيَةُ - وَنَقَلَهَا الْأَكْثَرُ - لَا يَجُوزُ لِقَوْلِهِ عليه السلام:«وَلَا تُخَمِّرُوا وَجْهَهُ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ فَيَكُونُ كَالرَّأْسِ.