المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌كِتَابُ الصِّيَامِ

- ‌[تَعْرِيفُ الصوم وَحُكْمُهُ]

- ‌[إِذَا رَأَى الْهِلَالَ أَهْلُ بَلَدٍ لَزِمَ النَّاسَ كُلَّهُمُ الصَّوْمُ]

- ‌[يَثْبُتُ هِلَالُ رَمَضَانَ بِقَوْلِ الْوَاحِدِ]

- ‌[مَنْ يَجِبُ عَلَيْهِ الصَّوْمُ]

- ‌[إِذَا قَامَتِ الْبَيِّنَةُ بِالرُّؤْيَةِ فِي أَثْنَاءِ النَّهَارِ لَزِمَهُمُ الْإِمْسَاكُ وَالْقَضَاءُ]

- ‌ بَلَغَ الصَّبِيُّ صَائِمًا

- ‌[صَوْمُ الْكَبِيرِ وَالْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ]

- ‌[صَوْمُ الْحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ]

- ‌[صَوْمُ الْمَجْنُونِ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ]

- ‌[وُجُوبُ تَبْيِيتِ نِيَّةِ صَوْمِ الْوَاجِبِ مِنَ اللَّيْلِ]

- ‌بَابُ مَا يُفْسِدُ الصَّوْمَ وَيُوجِبُ الْكَفَّارَةَ

- ‌[مَا لَا يُفْسِدُ الصَّوْمَ]

- ‌[مَا يُوجِبُ الْقَضَاءَ وَالْكَفَّارَةَ في الصيام]

- ‌[كُلُّ أَمْرٍ غُلِبَ عَلَيْهِ الصَّائِمُ فَلَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءٌ وَلَا كَفَّارَةٌ]

- ‌[كَفَّارَةُ الجماع في رمضان]

- ‌بَابُ مَا يُكْرَهُ لِلصَّائِمِ فِعْلُهُ وَمَا يُسْتَحَبُّ وَحُكْمُ الْقَضَاءِ

- ‌[اسْتِحْبَابُ تَعْجِيلِ الْإِفْطَارِ وَتَأْخِيرِ السُّحُورِ وَالتَّتَابُعِ فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ]

- ‌ تَأْخِيرُ قَضَاءِ رَمَضَانَ إِلَى رَمَضَانَ آخَرَ لِغَيْرِ عُذْرٍ

- ‌[مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صَوْمٌ أَوْ حَجٌّ أَوِ اعْتِكَافٌ مَنْذُورٌ فَعَلَهُ عَنْهُ وَلِيُّهُ]

- ‌بَابُ صَوْمِ التَّطَوُّعِ

- ‌[مَا يُكْرَهُ صَوْمُهُ مِنَ الْأَيَّامِ]

- ‌مَنْ دَخَلَ فِي صَوْمٍ أَوْ صَلَاةٍ تَطَوُّعًا، اسْتُحِبَّ لَهُ إِتْمَامُهُ

- ‌[الْتِمَاسُ لَيْلَةِ الْقَدْرِ]

- ‌كِتَابُ الِاعْتِكَافِ

- ‌[تَعْرِيفُ الاعتكاف وَحُكْمُهُ]

- ‌[اعْتِكَافُ الْمَرْأَةِ بِغَيْرِ إِذْنِ زَوْجِهَا]

- ‌[الِاعْتِكَافُ لَا يَصِحُّ إِلَّا فِي الْمَسْجِدِ]

- ‌[أَفْضَلُ الْمَسَاجِدِ الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ]

- ‌لَا يَجُوزُ لِلْمُعْتَكِفِ الْخُرُوجُ إِلَّا لِمَا لَا بُدَّ مِنْهُ

- ‌يُسْتَحَبُّ لِلْمُعْتَكِفِ التَّشَاغُلُ بِفِعْلِ الْقُرَبِ

- ‌كِتَابُ الْمَنَاسِكِ

- ‌[تَعْرِيفُ الْمَنَاسِكِ]

- ‌[حُكْمُ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ]

- ‌[شُرُوطُ وُجُوبِ الْحَجِّ]

- ‌[الِاسْتِطَاعَةُ مِنْ شُرُوطِ الْحَجِّ]

- ‌يُشْتَرَطُ لِوُجُوبِ الْحَجِّ عَلَى الْمَرْأَةِ وُجُودُ مَحْرَمِهَا

- ‌بَابُ الْمَوَاقِيتِ

- ‌بَابُ الْإِحْرَامِ

- ‌[مَا يُسْتَحَبُّ لِلْمُحْرِمِ]

- ‌[التَّخْيِيرُ بَيْنَ التَّمَتُّعِ وَالْإِفْرَادِ وَالْقِرَانِ]

- ‌[صِفَةُ التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ]

- ‌[وُجُوبُ دَمِ نُسُكٍ عَلَى الْمُتَمَتِّعِ وَالْقَارِنِ]

- ‌[حُكْمُ التَّلْبِيَةِ]

- ‌بَابُ مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ

- ‌[الْأَوَّلُ وَالثَّانِي حَلْقُ الشَّعْرِ وَتَقْلِيمُ الْأَظْفَارِ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّالِثُ: تَغْطِيَةُ الرَّأْسِ]

- ‌[الْفَصْلُ الرَّابِعُ: لُبْسُ الْمَخِيطِ وَالْخُفَّيْنِ]

- ‌ الْخَامِسُ: الطِّيبُ

- ‌السَّادِسُ: قَتْلُ صَيْدِ الْبَرِّ

- ‌ السَّابِعُ: عَقْدُ النِّكَاحِ

- ‌ الثَّامِنُ: الْجِمَاعُ فِي الْفَرْجِ

- ‌ التَّاسِعُ: الْمُبَاشِرَةُ

- ‌بَابُ الْفِدْيَةِ

- ‌[أَنْوَاعُ الفدية في الحج]

- ‌[دَمُ الْمُتْعَةِ وَالْقِرَانِ]

- ‌ فِدْيَةُ الْوَطْءِ يَجِبُ بِهِ بَدَنَةٌ

- ‌[النَّوْعُ الثَّانِي الْمُحْصَرُ يَلْزَمُهُ الْهَدْيُ]

- ‌ الدِّمَاءُ الْوَاجِبَةُ لِلْفَوَاتِ

- ‌[حُكْمُ تَكَرُّرِ الْمَحْظُورِ مَنْ جِنْسٍ]

- ‌كُلُّ هَدْيٍ أَوْ إِطْعَامٍ، فَهُوَ لِمَسَاكِينِ الْحَرَمِ

- ‌[تُجْزِئُ الْبَقَرَةُ مَكَانَ الْبَدَنَةِ]

- ‌بَابُ جَزَاءِ الصَّيْدِ

- ‌[مَا قَضَتْ بِهِ الصَّحَابَةُ في جزاء الصيد]

- ‌[مَا لَمْ تَقْضِ فِيهِ الصَّحَابَةُ في جزاء الصيد]

- ‌ مَا لَا مِثْلَ لَهُ

- ‌بَابُ صَيْدِ الْحَرَمِ وَنَبَاتِهِ

- ‌[حُكْمُ صَيْدِ الْحَرَمِ وَنَبَاتِهِ]

- ‌يَحْرُمُ صَيْدُ الْمَدِينَةِ وَشَجَرُهَا وَحَشِيشُهَا

- ‌بَابُ ذِكْرِ دُخُولِ مَكَّةَ

- ‌[مَا يَقُولُ إِذَا رَأَى الْبَيْتَ]

- ‌[أَوَّلُ مَا يَبْدَأُ بِهِ عند زيارة البيت الطَوَاف]

- ‌[طَوَافُ الْمُحْدِثِ]

- ‌[صَلَاةُ رَكْعَتَيْنِ خَلْفَ الْمَقَامِ]

- ‌[السَّعْيُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ]

- ‌بَابُ‌‌ صِفَةِ الْحَجِّ

- ‌ صِفَةِ الْحَجِّ

- ‌[عَرَفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ إِلَّا بَطْنَ عُرَنَةَ]

- ‌[الدَّفْعُ إِلَى مُزْدَلِفَةَ]

- ‌[نَحْرُ الْهَدْيِ]

- ‌[حَلْقُ الشَّعْرِ]

- ‌يَحْصُلُ التَّحَلُّلُ بِالرَّمْيِ وَحْدَهُ

- ‌[الْإِفَاضَةُ مِنْ مِنًى إِلَى مَكَّةَ وَطَوَافُ الزِّيَارَةِ]

- ‌[الرُّجُوعُ إِلَى مِنًى وَالْبَيْتُوتَةُ فِيهَا]

- ‌ طَوَافِ الْوَدَاعِ

- ‌[الْوُقُوفُ فِي الْمُلْتَزَمِ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْبَابِ]

- ‌[اسْتِحْبَابُ زِيَارَةِ قَبْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم]

- ‌فَصْلٌ فِي صِفَةِ الْعُمْرَةِ

- ‌فَصْلٌ أَرْكَانُ الْحَجِّ:

- ‌أَرْكَانُ الْعُمْرَةِ:

- ‌ بَابُ الْفَوَاتِ وَالْإِحْصَارِ

- ‌ بَابُ الْهَدْيِ وَالْأَضَاحِيِّ

- ‌[مَا يُجْزِئُ فِي الهدي والأضحية]

- ‌يَتَعَيَّنُ الْهَدْيُ بِقَوْلِهِ: هَذَا هَدْيٌ، أَوْ تَقْلِيدِهِ، أَوْ إِشْعَارِهِ مَعَ النِّيَّةِ

- ‌[الِانْتِفَاعُ بِجِلْدِ الْأُضْحِيَّةِ]

- ‌فَصْلٌ.سَوْقُ الْهَدْيِ مَسْنُونٌ

- ‌[نَذْرُ الْهَدْيِ الْمُطْلَقِ]

- ‌[حُكْمُ الْأُضْحِيَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْعَقِيقَةِ]

- ‌[تَعْرِيفُ العقيقة]

- ‌[الْمَشْرُوعُ فِي العقيقة]

- ‌[حُكْمُ الْعَقِيقَةِ]

- ‌كِتَابُ الْجِهَادِ

- ‌[تَعْرِيفُ الجهاد وَحُكْمُهُ]

- ‌أَقَلُّ مَا يُفْعَلُ مَرَّةً فِي كُلِّ عَامٍ

- ‌[أَفْضَلُ مَا يُتَطَوَّعُ بِهِ الْجِهَادُ]

- ‌[الرِّبَاطُ وَأَحْكَامُهُ]

- ‌[الْهِجْرَةُ وَأَحْكَامُهَا]

- ‌[لَا يُجَاهِدُ مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ أَحَدُ أَبَوَيْهِ مُسْلِمٌ إِلَّا بِإِذْنِ غَرِيمِهِ وَأَبِيهِ]

- ‌لَا يَحِلُّ لِلْمُسْلِمِينَ الْفِرَارُ

- ‌يَجُوزُ تَبْيِيتُ الْكُفَّارِ، وَرَمْيُهُمْ بِالْمَنْجَنِيقِ، وَقَطْعُ الْمِيَاهِ عَنْهُمْ، وَهَدْمُ حُصُونِهِمْ

- ‌[حُكْمُ الْأَسْرَى]

- ‌بَابُ مَا يَلْزَمُ الْإِمَامَ وَالْجَيْشَ

- ‌[جَوَازُ بَذْلِ الْإِمَامِ الْجُعْلَ لِمَنْ يَدُلُّهُ عَلَى طَرِيقٍ أَوْ قَلْعَةٍ أَوْ مَاءٍ]

- ‌[لِلْإِمَامِ أَنْ يَنْفُلَ زِيَادَةً عَلَى السَّهْمِ الْمُسْتَحَقِّ]

- ‌[لُزُومُ الْجَيْشِ طَاعَة الْأَمِيرِ]

- ‌[حُكْمُ الْمُبَارِزَةِ]

- ‌لَا يَجُوزُ الْغَزْوُ إِلَّا بِإِذْنِ الْأَمِيرِ

- ‌بَابُ قِسْمَةِ الْغَنَائِمِ

- ‌مَا أُخِذَ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ مِنْ رِكَازٍ أَوْ مُبَاحٍ لَهُ قِيمَةٌ فَهُوَ غَنِيمَةٌ

- ‌[كَيْفَ يُقَسِّمُ الْإِمَامُ الْأَسْلَابَ]

- ‌[نَصِيبُ الرَّاجِلِ وَالْفَارِسِ]

- ‌[مَنِ اسْتُؤْجِرَ لِلْجِهَادِ مِمَّنْ لَا يَلْزَمُهُ فَلَيْسَ لَهُ إِلَّا الْأُجْرَةُ]

- ‌[مَنْ مَاتَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْحَرْبِ فَسَهْمُهُ لِوَارِثِهِ]

- ‌[إِذَا وَطِئَ جَارِيَةً مِنَ الْمَغْنَمِ مِمَّنْ لَهُ فِيهَا حَقٌّ أُدِّبَ وَلَا يَبْلُغُ بِهِ الْحَدَّ]

- ‌[الْغُلُولُ مِنَ الْغَنِيمَةِ]

- ‌بَابُ حُكْمِ الْأَرَضِينَ الْمَغْنُومَةِ

- ‌الْمَرْجِعُ فِي الْخَرَاجِ وَالْجِزْيَةِ إِلَى اجْتِهَادِ الْإِمَامِ فِي الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ

- ‌[الْخَرَاجُ عَلَى الْمَالِكِ دُونَ الْمُسْتَأْجِرِ]

- ‌بَابُ الْفَيْءِ

- ‌[إِسْقَاطُ الْخَرَاجِ]

- ‌بَابُ الْأَمَانِ

- ‌[جَوَازُ عَقْدِ الْأَمَانِ لِلرَّسُولِ وَالْمُسْتَأْمَنِ]

- ‌بَابُ الْهُدْنَةِ

- ‌لَا يَصِحُّ عَقْدُ الْهُدْنَةِ وَالذِّمَّةِ إِلَّا مِنَ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ

- ‌[الشُّرُوطُ الْفَاسِدَةُ فِي الْهُدْنَةِ]

- ‌[الشُّرُوطُ الصَّحِيحَةُ فِي الْهُدْنَةِ]

- ‌بَابُ عَقْدِ الذِّمَّةِ

- ‌[حُكْمُ عقد الذمة]

- ‌[مَنْ لَا جِزْيَةَ عَلَيْهِ]

- ‌[بَابُ أَحْكَامِ أَهْلِ الذِّمَّةِ]

- ‌[مَا يُمْنَعُ مِنْهُ أَهْلُ الذِّمَّةِ]

- ‌[يُمْنَعُ أَهْلُ الذِّمَّةِ مِنَ الْإِقَامَةِ بِالْحِجَازِ]

- ‌[تِجَارَةُ الذِّمِّيِّ وَالْحَرْبِيِّ]

- ‌[حِفْظُ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَالْمَنْعُ مِنْ أَذَاهُمْ]

- ‌فَصْلٌ. فِي نَقْضِ الْعَهْدِ

الفصل: ‌[الدفع إلى مزدلفة]

لَيْلًا، فَوَقَفَ بِهَا، فَلَا دَمَ عَلَيْهِ.

ثُمَّ يَدْفَعُ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ إِلَى مُزْدَلِفَةَ، وَعَلَيْهِ السَّكِينَةُ، فَإِذَا وَجَدَ فَجْوَةً، أَسْرَعَ، فَإِذَا وَصَلَ مُزْدَلِفَةَ صَلَّى الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ قَبْلَ حَطِّ الرِّحَالِ. فَإِنْ صَلَّى الْمَغْرِبَ فِي الطَّرِيقِ، تَرَكَ السُّنَّةَ وَأَجْزَأَهُ، وَمَنْ فَاتَتْهُ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

مِنَ الْعُلَمَاءِ قَالَ بِقَوْلِهِ، وَمِمَّنْ أَوْجَبَ الدَّمَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ، لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَنْ تَرَكَ نُسُكًا فَعَلَيْهِ دَمٌ، وَيُجْزِئُهُ شَاةٌ، وَمَحَلُّهُ إِذَا لَمْ يَعُدْ قَبْلَ الْغُرُوبِ إِلَيْهَا، وَفِي " الْإِيضَاحِ ": قَبْلَ الْفَجْرِ، وَقِيلَ: إِنْ عَادَ مُطْلَقًا، وَفِي " الْوَاضِحِ ": وَلَا عُذْرَ، وَعَنْهُ: لَا يَلْزَمُهُ دَمٌ لِوَاقِفٍ لَيْلًا، وَعَنْهُ: يَلْزَمُ مَنْ دَفَعَ قَبْلَ الْإِمَامِ لِفِعْلِ الصَّحَابَةِ (وَإِنْ وَافَاهَا لَيْلًا فَوَقَفَ بِهَا، فَلَا دَمَ عَلَيْهِ) وَحَجُّهُ تَامٌّ بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ لِقَوْلِهِ عليه السلام: «مَنْ أَدْرَكَ عَرَفَاتٍ بِلَيْلٍ فَقَدْ أَدْرَكَ الْحَجَّ» ، وَلِأَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ جُزْءًا مِنَ النَّهَارِ فَلَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ كَمَنْ مَنْزِلُهُ دُونَ الْمِيقَاتِ وَأَحْرَمَ مِنْهُ

[الدَّفْعُ إِلَى مُزْدَلِفَةَ]

(ثُمَّ يَدْفَعُ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ إِلَى مُزْدَلِفَةَ) سُمِّيَتْ بِهِ مِنَ الزَّلَفِ، وَهُوَ التَّقَرُّبُ؛ لِأَنَّ الْحجاجَّ إِذَا أَفَاضُوا مِنْ عَرَفَاتٍ ازْدَلَفُوا إِلَيْهَا أَيْ: تَقَرَّبُوا، وَمَضَوْا إِلَيْهَا، وَتُسَمَّى جَمْعًا لِاجْتِمَاعِ النَّاسِ بِهَا، (وَعَلَيْهِ السَّكِينَةُ) قَالَ: أَبُو حَكِيمٍ مُسْتَغْفِرًا، وَقَالَ الْخِرَقِيُّ: يَكُونُ فِي طَرِيقِهِ مُلَبِّيًا، وَيَذْكُرُ اللَّهَ - تَعَالَى - لِقَوْلِهِ عليه السلام فِي حَدِيثِ جَابِرٍ، «وَقَدْ شَنَقَ لِلْقَصْوَاءِ بِالزِّمَامِ، وَيَقُولُ بِيَدِهِ الْيُمْنَى: أَيُّهَا النَّاسُ السَّكِينَةَ السَّكِينَةَ، وَفِيهِ أَرْدَفَ الْفَضْلُ، وَلَمْ يَزَلْ يُلَبِّي حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ» (فَإِذَا وَجَدَ فَجْوَةً أَسْرَعَ) لِقَوْلِ أُسَامَةَ «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَسِيرُ الْعَنَقَ، فَإِذَا وَجَدَ فَجْوَةً نَصَّ أَيْ: أَسْرَعَ» قَالَ: هِشَامٌ النَّصُّ فَوْقَ الْعَنَقِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. (فَإِذَا وَصَلَ إِلَى مُزْدَلِفَةَ صَلَّى الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ قَبْلَ حَطِّ الرِّحَالِ) قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: لَا اخْتِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ السُّنَّةَ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا لِفِعْلِهِ عليه السلام. رَوَاهُ جَابِرٌ وَابْنُ عُمَرَ، وَأُسَامَةُ. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ بِغَيْرِ أَذَانٍ، وَإِنَّمَا هُوَ بِإِقَامَتَيْنِ فَقَطْ، فَإِنِ اقْتَصَرَ عَلَى

ص: 214

الصَّلَاةُ مَعَ الْإِمَامِ بِمُزْدَلِفَةَ أَوْ بِعَرَفَةَ، جَمَعَ وَحْدَهُ، ثُمَّ يَبِيتُ بِهَا، فَإِنْ دَفَعَ قَبْلَ نِصْفِ اللَّيْلِ، فَعَلَيْهِ دَمٌ، وَإِنْ دَفَعَ بَعْدَهُ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ وَافَاهَا بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ، فَلَا

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

إِقَامَةٍ لِلْأُولَى فَلَا بَأْسَ لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ عليه السلام جَمَعَ بَيْنِهِمَا بِإِقَامَةٍ وَاحِدَةٍ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَإِنْ أَذَّنَ لِلْأُولَى، وَأَقَامَ لِلثَّانِيَةِ، فَحَسَنٌ قَالَهُ فِي " الْمُغْنِي " وَ " الشَّرْحِ " فَإِنَّهُ مَرْوِيٌّ عَنْ جَابِرٍ، وَهُوَ مُتَضَمِّنٌ لِزِيَادَةِ، وَكَسَائِرِ الْفَوَائِتِ، وَالْمَجْمُوعَاتِ قَالَ فِي " الشَّرْحِ ": وَاخْتَارَ الْخِرَقِيُّ الْأَوَّلُ، وَفِيهِ شَيْءٌ قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: وَهُوَ آخِرُ قَوْلَيْ أَحْمَدَ؛ لِأَنَّ أُسَامَةَ أَعْلَمُ بِحَالِهِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ رَدِيفَهُ، وَإِنَّمَا لَمْ يُؤَذِّنْ لِلْأُولَى؛ لِأَنَّهَا فِي غَيْرِ وَقْتِهَا بِخِلَافِ الْمَجْمُوعَتَيْنِ بِعَرَفَةَ، وَالسُّنَّةُ أَنْ لَا يَتَطَوَّعَ بَيْنَهُمَا بِغَيْرِ خِلَافٍ (فَإِنْ صَلَّى الْمَغْرِبَ فِي الطَّرِيقِ تَرَكَ السُّنَّةَ) الْمَأْثُورَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، (وَأَجْزَأَهُ) ؛ لِأَنَّ كُلَّ صَلَاتَيْنِ جَازَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا جَازَ التَّفْرِيقُ كَالظُّهْرِ وَالْعَصْرِ بِعَرَفَةَ، (وَمَنْ فَاتَتْهُ الصَّلَاةُ مَعَ الْإِمَامِ بِمُزْدَلِفَةَ أَوْ بِعَرَفَةَ جَمَعَ وَحْدَهُ) لِفِعْلِ ابْنِ عُمَرَ، وَهُوَ فِي الْأُولَى إِجْمَاعٌ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَةَ مِنْهُمَا تُصَلَّى فِي وَقْتِهَا، وَلِأَنَّ كُلَّ جَمْعٍ جَازَ مَعَ الْإِمَامِ جَازَ مُنْفَرِدًا كَالْجَمْعِ فِي السَّفَرِ، (ثُمَّ يَبِيتُ بِهَا) وَهُوَ، وَاجِبٌ؛ «لِأَنَّهُ عليه السلام بَاتَ بِهَا، وَقَالَ خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» ، وَسَمَّاهَا مَوْقِفًا (فَإِنْ دَفَعَ قَبْلَ نِصْفِ اللَّيْلِ فَعَلَيْهِ دَمٌ) ؛ لِأَنَّ مَبِيتَ كُلِّ اللَّيْلِ أَوْ أَكْثَرِهِ بِهَا وَاجِبٌ، وَلَمْ يُوجَدْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا فَيَكُونُ تَارِكًا لِلْوَاجِبِ فَيَجِبُ الدَّمُ إِذَا لَمْ يَعُدْ لَيْلًا، نَصَّ عَلَيْهِ، وَعَنْهُ: لَا يَجُبْ كَرُعَاةٍ وَسُقَاةٍ، قَالَهُ فِي " الْمُسْتَوْعِبِ " وَغَيْرِهِ، وَعَلَى الْمَذْهَبِ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْعَامِدِ وَالسَّاهِي، وَالْعَالِمِ وَالْجَاهِلِ لِتَرْكِهِ النُّسُكَ.

(وَإِنْ دَفَعَ بَعْدَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) لِقَوْلِ عَائِشَةَ: «أَرْسَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِأُمِّ سَلَمَةَ لَيْلَةَ النَّحْرِ فَرَمَتِ الْجَمْرَةَ قَبْلَ الْفَجْرِ، ثُمَّ مَضَتْ فَأَفَاضَتْ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَلِأَنَّهُ فَاتَ مُعْظَمُ اللَّيْلِ، وَالْمُعْظَمُ كَالْكُلِّ فَلَمْ يَكُنْ تَارِكًا لِلْوَاجِبِ (وَإِنْ وَافَاهَا بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ، فَلَا شَيْءَ

ص: 215

شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ جَاءَ بَعْدَ الْفَجْرِ، فَعَلَيْهِ دَمٌ، وَحَدُّ الْمُزْدَلِفَةِ: مَا بَيْنَ الْمَأْزِمَيْنِ، وَوَادِي مُحَسِّرٍ، فَإِذَا أَصْبَحَ، صَلَّى الصُّبْحَ بِغَلَسٍ، ثُمَّ يَأْتِي الْمَشْعَرَ الْحَرَامَ، فَيَرْقَى عَلَيْهِ، أَوْ يَقِفُ عِنْدَهُ وَيَحْمَدُ اللَّهَ وَيُكَبِّرُ وَيَدْعُو، فَيَقُولُ: اللَّهُمَّ كَمَا وَقَفْتَنَا فِيهِ، وَأَرَيْتَنَا إِيَّاهُ، فَوُفِّقْنَا لِذِكْرِكَ كَمَا هَدَيْتَنَا، وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا كَمَا وَعَدْتَنَا بِقَوْلِكَ وقولك الحق {فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ} [البقرة: 198] {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة: 199] إِلَى أَنْ يُسْفِرَ ثُمَّ يَدْفَعُ قُبَيْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ فَإِذَا بَلَغَ مُحَسِّرًا أَسْرَعَ قَدْرَ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

عَلَيْهِ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ جُزْءًا مِنَ النِّصْفِ الْأَوَّلِ، فَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حُكْمٌ، كَمَنْ أَدْرَكَ عَرَفَاتٍ لَيْلًا، (وَإِنْ جَاءَ بَعْدَ الْفَجْرِ) أَيْ: طُلُوعِهِ (فَعَلَيْهِ دَمٌ) لِتَرْكِهِ الْوَاجِبَ، وَهُوَ الْمَبِيتُ بِهَا، وَلَا بَأْسَ بِتَقْدِيمِ الضَّعَفَةِ وَالنِّسَاءِ لِقَوْلِ «ابْنِ عَبَّاسٍ: كُنْتُ فِيمَنْ قَدَّمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي ضَعَفَةِ أَهْلِهِ مِنْ مُزْدَلِفَةَ إِلَى مِنًى» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. لِمَا فِيهِ مِنَ الرِّفْقِ بِهِمْ، وَدَفْعِ الْمَشَقَّةِ عَنْهُمْ (وَحَدُّ الْمُزْدَلِفَةِ: مَا بَيْنَ الْمَأْزِمَيْنِ) أَيْ: مَأْزِمَيْ عَرَفَةَ، وَهُمَا جَبَلَانِ، (وَوَادِي مُحَسِّرٍ) وَمَا عَلَى يَمِينِ ذَلِكَ، وَشِمَالِهِ مِنَ الشِّعَابِ، وَنَبَّهَ الْمُؤَلِّفُ عَلَى ذَلِكَ لِيُعَلِّمَكَ أَنَّ أَيَّ مَوْضِعٍ وَقَفَ مِنْهَا، أَجْزَأَهُ؛ «لِأَنَّهُ عليه السلام وَقَفَ بِجَمْعٍ، وَقَالَ: ارْفَعُوا عَنْ بَطْنِ مُحَسِّرٍ» (فَإِذَا أَصْبَحَ صَلَّى الصُّبْحَ) بِأَذَانٍ، وَإِقَامَةٍ (بِغَلَسٍ)«لِقَوْلِ جَابِرٍ إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى الصُّبْحَ بِهَا حِينَ تَبَيَّنَ لَهُ الصُّبْحُ بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ» ، وَلِيَتَتَبَّعَ وَقْتَ الْوُقُوفِ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ.

1 -

(ثُمَّ يَأْتِي الْمَشْعَرَ الْحَرَامَ) سُمِّيَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ عَلَامَاتِ الْحَجِّ (فَيَرْقَى عَلَيْهِ) إِنْ أَمْكَنَهُ (أَوْ يَقِفُ عِنْدَهُ وَيَحْمَدُ اللَّهَ وَيُكَبِّرُهُ) لِقَوْلِهِ - تَعَالَى - {فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ} [البقرة: 198] وَفِي «حَدِيثِ جَابِرٍ أَنَّ: النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَتَى الْمَشْعَرَ الْحَرَامَ فَرَقِيَ عَلَيْهِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَهَلَّلَهُ وَكَبَّرَهُ» ، (وَيَدْعُو فَيَقُولُ:«اللَّهُمَّ كَمَا وَقَفْتَنَا فِيهِ، وَأَرَيْتَنَا إِيَّاهُ، فَوَفِّقْنَا لِذِكْرِكَ كَمَا هَدَيْتَنَا، وَاغْفِرْ لَنَا، وَارْحَمْنَا كَمَا وَعَدْتَنَا بِقَوْلِكَ، وَقَوْلُكَ الْحَقُّ» {فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ} [البقرة: 198]{ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة: 199] وَيُكَرِّرُ ذَلِكَ (إِلَى أَنْ يُسْفِرَ)«لِحَدِيثِ جَابِرٍ: فَلَمْ يَزَلْ وَاقِفًا حَتَّى أَسْفَرَ جِدًّا» (ثُمَّ يَدْفَعُ) مِنْ مُزْدَلِفَةَ

ص: 216

رَمْيَةِ حَجَرٍ. ثُمَّ يَأْخُذُ حَصَى الْجِمَارِ مِنْ طَرِيقِهِ، أَوْ مِنْ مُزْدَلِفَةَ، وَمِنْ حَيْثُ أَخَذَهُ، جَازَ، وَيَكُونُ أَكْبَرَ مِنَ الْحِمَّصِ وَدُونَ الْبُنْدُقِ، وَعَدَدُهُ سَبْعُونَ حَصَاةً، فَإِذَا وَصَلَ إِلَى مِنًى، وَحْدَهَا مِنْ وَادِي مُحَسِّرٍ إِلَى الْعَقَبَةِ بَدَأَ بِجَمْرَةِ الْعَقَبَةِ، فَرَمَاهَا بِسَبْعِ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

(قُبَيْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ) وَلَا خِلَافَ فِي اسْتِحْبَابِهِ، لِفِعْلِهِ عليه السلام «وَقَالَ عُمَرُ: كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ لَا يُفِيضُونَ مِنْ جَمْعٍ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وَيَقُولُونَ: أَشْرِقْ ثَبِيرُ، وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَالَفَهُمْ فَأَفَاضَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ (فَإِذَا بَلَغَ مُحَسِّرًا) وَهُوَ وَادٍ بَيْنَ مُزْدَلِفَةَ وَمِنًى، وَسُمِّيَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ يَحْسَرُ سَالِكَهُ (أَسْرَعَ) إِنْ كَانَ رَاجِلًا أَوْ حَرَّكَ مَرْكُوبَهُ إِنْ كَانَ رَاكِبًا «لِقَوْلِ جَابِرٍ: فَلَمَّا أَتَى بَطْنَ مُحَسِّرٍ حَرَّكَ قَلِيلًا» .

قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي " الْإِمْلَاءِ ": لَعَلَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ لِسِعَةِ الْمَوْضِعِ، وَقِيلَ: لِأَنَّهُ مَأْوَى الشَّيَاطِينِ (قَدْرَ رَمْيَةِ حَجَرٍ) قَالَ الْأَصْحَابُ: وَعَلَيْهِ السَّكِينَةُ وَالْوَقَارُ، وَيُلَبِّي مَعَ ذَلِكَ.

(وَيَأْخُذُ حَصَى الْجِمَارِ مِنْ طَرِيقِهِ، أَوْ مِنْ مُزْدَلِفَةَ) لِئَلَّا يَشْتَغِلَ عِنْدَ قُدُومِهِ إِلَى مِنًى بِغَيْرِ الرَّمْيِ، فَإِنَّهُ تَحِيَّةُ مِنًى، كَمَا أَنَّ الطَّوَافَ تَحِيَّةُ الْبَيْتُ، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَأْخُذُهُ مَنْ جَمْعٍ، وَفَعَلَهُ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَلِأَنَّهُ إِذَا أَخَذَهُ مِنْ غَيْرِ مِنًى كَانَ أَبْعَدُ مِنْ أَنْ يَكُونَ قَدْ رُمِيَ بِهِ (وَمِنْ حَيْثُ أَخَذَهُ جَازٌ) قَالَهُ أَحْمَدُ، وَلَا خِلَافَ فِي الْإِجْزَاءِ لِقَوْلِهِ عليه السلام لِابْنِ عَبَّاسٍ غَدَاةَ الْعَقَبَةِ، وَهُوَ عَلَى نَاقَتِهِ «الْقُطْ لِي حَصًا فَلَقَطْتُ لَهُ سَبْعَ حَصَيَاتٍ مِنْ حَصَا الْخَذَفِ، فَجَعَلَ يُنَفُضْهُنَّ فِي كَفِّهِ، وَيَقُولُ: مِثْلِ هَذَا فَارْمُوا» . رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَيُكْرَهُ مِنَ الْحَرَمِ، وَتَكْسِيرِهِ، وَكَذَا مِنَ الْحَشِّ قَالَهُ فِي " الْفُصُولِ " (وَيَكُونُ أَكْبَرَ مِنَ الْحِمَّصِ وَدُونَ الْبُنْدُقِ) كَحَصَى الْخَذَفِ لِقَوْلِ جَابِرٍ: كُلُّ حَصَاةٍ مِنْهَا مِثْلُ حَصَى الْخَذَفِ، (وَعَدَدُهُ سَبْعُونَ حَصَاةً) ؛ لِأَنَّهُ يَرْمِي جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ يَوْمَ النَّحْرِ بِسَبْعٍ، وَبَاقِيهَا فِي أَيَّامِ مِنًى كُلَّ يَوْمٍ بِإِحْدَى وَعِشْرِينَ، كُلَّ جَمْرَةٍ بِسَبْعٍ، فَيَكُونُ الْمَجْمُوعُ مَا ذَكَرَهُ.

1 -

(فَإِذَا وَصَلَ إِلَى مِنًى) سُمِّيَتْ بِهِ؛ لِأَنَّهُ قُدِّرَ فِيهَا مَوْتُ الْهَدَايَا وَالضَّحَايَا (وَحَدُّهَا مِنْ وَادِي مُحَسِّرٍ إِلَى الْعَقَبَةِ) فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُمَا لَيْسَا مِنَ مِنًى؛ لِأَنَّ الْحَدَّ غَيْرُ الْمَحْدُودِ، وَيُسْتَحَبُّ سُلُوكُ الطَّرِيقِ الْوُسْطَى الَّتِي

ص: 217

حَصَيَاتٍ، وَاحِدَةٍ بَعْدَ وَاحِدَةٍ، يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ، وَيَرْفَعُ يَدَهُ حَتَّى يُرَى بَيَاضُ إِبِطِهِ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

يَخْرُجُ عَلَى الْجَمْرَةِ الْكُبْرَى، لِفِعْلِهِ عليه السلام (بَدَأَ بِجَمْرَةِ الْعَقَبَةِ) هِيَ آخِرُ الْجَمَرَاتِ مِمَّا يَلِي مِنًى وَأَوَّلُهَا مِمَّا يَلِي مَكَّةَ، وَهِيَ عِنْدَ الْعَقَبَةِ وَبِهَا سُمِّيَتْ فَصَارَ عَلَمًا بِالْغَلَبَةِ؛ لِأَنَّهُ عليه السلام بَدَأَ بِهَا، وَلِأَنَّهَا تَحِيَّةٌ، فَلَمْ يَتَقَدَّمْهَا شَيْءٌ كَالطَّوَافِ بِالْبَيْتِ (فَرَمَاهَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ) رَاكِبًا إِنْ كَانَ، وَالْأَكْثَرُ مَاشِيًا، نَصَّ عَلَيْهِ (وَاحِدَةٌ بَعْدَ وَاحِدَةٍ يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ) لِحَدِيثِ جَابِرٍ:«أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَمَاهَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَنَقَلَ حَرْبٌ: يَرْمِي ثُمَّ يُكَبِّرُ وَيَقُولُ: «اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ حَجًّا مَبْرُورًا وَسَعْيًا مَشْكُورًا وَذَنْبًا مَغْفُورًا» ؛ لِأَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ، وَابْنَ عُمَرَ كَانَا يَقُولَانِ ذَلِكَ. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ إِذَا وَضَعَهَا مِنْ غَيْرِ رَمْيٍ لَا يُجْزِئُهُ لِعَدَمِ الرَّمْيِ بَلْ لَوْ طَرَحَهَا أَجْزَأَتْ. وَظَاهِرُ " الْفُصُولِ " لَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْمِ، فَلَوْ رَمَاهَا دَفْعَةً وَاحِدَةً، لَمْ تُجْزِئْهُ عَنْها وَيُؤَدَّبُ، نَقَلَهُ الْأَثْرَمُ، فَيُجْزِئُهُ عَنْ وَاحِدَةٍ، وَيُكَمِّلُ السَّبْعَ. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ غَسْلُهَا، وَاسْتَحَبَّهُ " الْخِرَقِيُّ " فِي رِوَايَةٍ؛ لِأَنَّهُ يَرْوَى عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَفِي حَجَرٍ كَبِيرٍ وَجْهَانِ، وَيَسْتَبْطِنُ الْوَادِي، وَيَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ، وَيَرْمِي عَلَى حَاجِبِهِ الْأَيْمَنِ، لِفِعْلِ عَبْدِ اللَّهِ. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ صَحِيحٌ، وَلَهُ الرَّمْيُ مِنْ فَوْقِهَا لِفِعْلِ عُمَرَ، وَالْأَوَّلُ أَفْضَلُ، (وَيَرْفَعُ يَدَهُ) قَالَ: جَمَاعَةٌ يُمْنَاهُ (حَتَّى يُرَى بَيَاضُ إِبِطِهِ) ؛ لِأَنَّهُ أَعْوَنُ عَلَى الرَّمْيِ، وَأَمْكَنُ، وَيُشْتَرَطُ عِلْمُ حُصُولِهَا فِي الْمَرْمَى، فَلَوْ رَمَاهَا فَوَقَعَتْ فِي غَيْرِ الْمَرْمَى فَتَدَحْرَجَتْ حَصَاةٌ بِسَبَبِهَا، فَوَقَعَتْ فِيهِ أَوِ الْتَقَطَهَا طَائِرٌ بَعْدَ رَمْيِهَا قَبْلَ وُصُولِهَا، لَمْ يُجْزِئْهُ فَلَوْ وَقَعَتْ فِي مَكَانٍ صُلْبٍ، ثُمَّ تَدَحْرَجَتْ إِلَيْهِ أَوْ وَقَعَتْ عَلَى ثَوْبِ إِنْسَانٍ فَنَفَضَهَا مَنْ وَقَعَتْ عَلَيْهِ أَجْزَأَهُ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: لَا يُجْزِئُهُ قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": وَهُوَ أَظْهَرُ؛ لِأَنَّ فِعْلَ الْأَوَّلِ انْقَطَعَ، فَلَوْ رَمَاهَا وَشَكَّ

ص: 218

وَلَا يَقِفُ عِنْدَهَا. وَيَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ مَعَ ابْتِدَاءِ الرَّمْيِ، فَإِنْ رَمَى بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ أَوْ غَيْرِ الْحَصَى أَوْ حَجَرٍ رَمَى بِهِ مَرَّةً لَمْ يُجْزِئْهُ، وَيَرْمِي بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، فَإِنْ رَمَى بَعْدَ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

فِي وُقُوعِهَا فِيهِ، لَمْ يَسْقُطْ. وَعَنْهُ: بَلَى، ذَكَرَهُ ابْنُ الْبَنَّا، وَقِيلَ: يَكْفِي الظَّنُّ بِوُقُوعِهَا فِيهِ.

فَرْعٌ: إِذَا عَجَزَ عَنِ الرَّمْيِ جَازَ أَنْ يَسْتَنِيبَ فِيهِ، فَإِذَا رَمَى، ثُمَّ تَرَكَ لَمْ يَلْزَمْهُ إِعَادَتُهُ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ سَقَطَ عَنْهُ (وَلَا) يُسَنُّ أَنْ (يَقِفُ عِنْدَهَا) لِمَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ، وَابْنُ عَبَّاسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ انْصَرَفَ، وَلَمْ يَقِفْ» . رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَرَوَى الْبُخَارِيُّ مَعْنَاهُ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، وَلِضِيقِ الْمَكَانِ (وَيَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ مَعَ ابْتِدَاءِ الرَّمْيِ) فِي قَوْلِ الْجُمْهُورِ لِمَا رَوَى الْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَزَلْ يُلَبِّي حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ» أَخْرَجَاهُ فِي " الصَّحِيحَيْنِ " وَلِأَنَّهُ كَانَ رَدِيفَهُ، فَهُوَ أَعْلَمُ بِحَالِهِ، وَفِي لَفْظٍ: قَطَعَ عِنْدَ أَوَّلِ حَصَاةٍ. رَوَاهُ حَنْبَلٌ فِي " الْمَنَاسِكِ " وَلِأَنَّهُ يَتَحَلَّلُ بِهِ فَشَرَعَ قَطْعَهَا فِي ابْتِدَائِهِ، كَالْمُعْتَمِرِ يَقْطَعُهَا بِالشُّرُوعِ فِي الطَّوَافِ (فَلَوْ رَمَى بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ) لَمْ يُجْزِئْهُ؛ لِأَنَّهُ عليه السلام لَمْ يَرْمِ إِلَّا بِالْحَصَى، وَهُوَ تَعَبُّدِيٌّ، وَعَنْهُ: بَلَى، فَإِنْ رَمَى بِخَاتَمٍ فَصُّهُ حَصَاةٌ، فَوَجْهَانِ (أَوْ غَيْرُ الْحَصَى) الظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ نَحْوَ الْكُحْلِ، وَالرُّخَامِ، وَصَرَّحَ بِهِ أَبُو الْخَطَّابِ؛ لِأَنَّ شُرَطَهُ الْحَجَرِيَّةُ، وَهَذَا لَيْسَ مِنْهُ، وَيُلْحَقُ بِهِ الْجَوَاهِرُ الْمُنْطَبِعَةُ، وَالزَّبَرْدَجُ، وَالْيَاقُوتُ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَعَنْهُ: تُجْزِئُ مَعَ الْكَرَاهَةِ، وَعَنْهُ: تُجْزِئُ مَعَ الْجَهْلِ لَا الْقَصْدِ، لَكِنَّ الرُّخَامَ وَالْكِدَانَ صَرَّحَ فِي " الْمُغْنِي " وَ " الشَّرْحِ " بِالْإِجْزَاءِ، فِيهِ فَدَلَّ أَنَّهُ مُلْحَقٌ بِالْأَحْجَارِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ: لَا، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ الْحَجَرَ الْكَبِيرَ، وَفِيهِ رِوَايَتَانِ، وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ، وَنَقَلَ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّهُ يُجْزِئُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ لِوُجُودِ الْحَجَرِيَّةِ، وَكَذَا الْقَوْلَانِ فِي الصَّغِيرِ قَالَهُ فِي " الْمُغْنِي "(أَوْ حَجَرٍ رمى بِهِ مَرَّةً لَمْ يُجْزِئْهُ) فِي

ص: 219