الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دُفِنَ، نُبِشَ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ بَلِيَ.
وَيُمْنَعُونَ مِنَ الْإِقَامَةِ بِالْحِجَازِ، كَالْمَدِينَةِ وَالْيَمَامَةِ وَخَيْبَرَ، فَإِنْ دَخَلُوا لِتِجَارَةٍ، لَمْ يُقِيمُوا فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ، وَإِنْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
لِهَتْكِهِ الْحَرَمَ بِدُخُولِهِ، وَمَحَلُّهِ مَا إِذَا كَانَ عَالِمًا بِالْمَنْعِ؛ فَإِنْ كَانَ جَاهِلًا (هُدِّدَ) وَأُخْرِجَ (فَإِنْ مَرِضَ بِالْحَرَمِ أَوْ مَاتَ أُخْرِجَ) لِأَنَّهُ لَمْ يَجُزْ إِقْرَارُهُ فِي حَيَاتِهِ، فَفِي مَرَضِهِ وَمَمَاتِهِ أَوْلَى؛ لِأَنَّ حُرْمَةَ الْحَرَمِ أَعْظَمُ مِنْهُ (وَإِنْ دُفِنَ نُبِشَ) لِأَنَّهُ وَسِيلَةٌ إِلَى إِخْرَاجِ الْمَيِّتِ الْكَافِرِ مِنَ الْحَرَمِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ لَمْ يُدْفَنْ. (إِلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ بَلِيَ) لِأَنَّهُ مَعَ ذَلِكَ يَتَعَذَّرُ نَقْلُهُ؛ لِأَنَّ جِيفَتَهُ حَصَلَتْ بِأَرْضِ الْحِجَازِ فَتُرِكَ لِلْمَشَقَّةِ، وَلَمْ يَسْتَثْنِ فِي " التَّرْغِيبِ ".
فَرْعٌ: إِذَا صَالَحَهُمُ الْإِمَامُ بِعِوَضٍ عَلَى الدُّخُولِ إِلَيْهِ، لَمْ يَصِحَّ، فَإِنِ اسْتَوْفَاهُ أَوْ بَعْضَهُ مَلَكَهُ، وَقِيلَ: يَرُدُّهُ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّ مَا اسْتَوْفَوْهُ لَا قِيمَةَ لَهُ، وَالْعَقْدُ لَمْ يُوجِبِ الْعِوَضَ لِبُطْلَانِهِ.
[يُمْنَعُ أَهْلُ الذِّمَّةِ مِنَ الْإِقَامَةِ بِالْحِجَازِ]
(وَيُمْنَعُونَ مِنَ الْإِقَامَةِ بِالْحِجَازِ) قِيلَ: هُوَ مَا بَيْنَ الْيَمَامَةِ وَالْعُرُوضِ، وَبَيْنَ الْيَمَنِ وَنَجْدٍ، وَسُمِّيَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ حَجَزَ بَيْنَ تِهَامَةَ وَنَجْدٍ (كَالْمَدِينَةِ) وَقِيلَ: نِصْفُهَا تِهَامِيٌّ، وَنِصْفُهَا حِجَازِيٌّ (وَالْيَمَامَةِ) وَسُمِّيَ الْعُرُوضَ، وَكَانَ اسْمُهَا حُجْرًا، فَسُمِّيَتِ الْيَمَامَةَ بَاسِمِ امْرَأَةٍ، وَقَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ: الْيَمَامَةُ: الصَّقْعُ الْمَعْرُوفُ شَرْقِيَّ الْحِجَازِ، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنْ لَا يَكُونَ مِنَ الْحِجَازِ، وَفِيهِ تَكَلُّفٌ (وَخَيْبَرَ) شَرْقِيَّ الْمَدِينَةِ، لِمَا رَوَى أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ أَنَّ آخِرَ مَا تَكَلَّمَ بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«أَخْرِجُوا الْيَهُودَ مِنَ الْحِجَازِ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ. وَقَالَ عُمَرُ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ «لَأُخْرِجَنَّ الْيَهُودَ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ فَلَا أَتْرُكُ فِيهَا إِلَّا مُسْلِمًا» . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ. وَالْمُرَادُ: الْحِجَازُ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ مِنَ الْخُلَفَاءِ أَخْرَجَ أَحَدًا مِنَ الْيَمَنِ، وَتَيْمَاءَ، قَالَ أَحْمَدُ: جَزِيرَةُ الْعَرَبِ الْمَدِينَةُ، وَمَا وَالَاهَا، وَكَذَا الْيَنْبُعُ وَفَدَكُ، وَمَخَالِيفُهَا مَعْرُوفٌ بِالْيَمَنِ تُسَمَّى بِهَا الْقُرَى الْمُجْتَمِعَةُ كَالرُّسْتَاقِ فِي غَيْرِهَا، وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: تَبُوكُ وَنَحْوُهَا، وَمَا دُونَ الْمُنْحَنَى، وَهُوَ عَقَبَةُ الصَّوَّانِ مِنَ الشَّامِ كَمَعَانٍ. وَلَهُمْ دُخُولُهُ، وَالْأَصَحُّ: بِإِذْنِ إِمَامٍ لِتِجَارَةٍ (فَإِنْ دَخَلُوا لِتِجَارَةٍ لَمْ يُقِيمُوا فِي
مَرِضَ لَمْ يُخْرَجْ حَتَّى يَبْرَأَ، وَإِنْ مَاتَ دُفِنَ بِهِ. وَلَا يُمْنَعُونَ مِنْ تَيْمَاءَ وَفَيْدٍ وَنَحْوِهِمَا. وَهَلْ لَهُمْ دُخُولُ الْمَسَاجِدِ بِإِذْنِ مُسْلِمٍ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
مَوْضِعٍ وَاحِدٍ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ) . قَالَهُ الْقَاضِي؛ لِأَنَّ الزَّائِدَ عَلَى الْأَرْبَعَةِ حَدٌّ يُتِمُّ بِهِ الْمُسَافِرُ، فَصَارَ كَالْمُقِيمِ. وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُمْ لَا يُقِيمُونَ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ؛ لِأَنَّ عُمَرَ أَذِنَ لِمَنْ دَخَلَ تَاجِرًا إِقَامَةَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، فَدَلَّ عَلَى الْمَنْعِ فِي الزَّائِدِ، فَإِنْ كَانَ لَهُ دَيْنٌ حَالٌّ، أُجْبِرَ غَرِيمُهُ عَلَى وَفَائِهِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ، جَازَتِ الْإِقَامَةُ لِذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ مُؤَجَّلًا، لَمْ يُمَكَّنْ، وَيُوَكِّلُ. (وَإِنْ مَرِضَ لَمْ يَخْرُجْ حَتَّى يَبْرَأَ) لِأَنَّ الِانْتِقَالَ يَشُقُّ عَلَى الْمَرِيضِ فَهُوَ يُقِيمُ ضَرُورَةً. (وَإِنْ مَاتَ دُفِنَ بِهِ) لِأَنَّهُ مَوْضِعُ حَاجَةٍ، وَفِيهِ وَجْهٌ: كَالْحَرَمِ.
(وَلَا يُمْنَعُونَ مِنْ تَيْمَاءَ وَفَيْدَ) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَيَاءٍ مُثَنَّاةٍ بَعْدَهَا دَالٌ، وَهِيَ مِنْ بِلَادِ طَيْءٍ. (وَنَحْوِهِمَا) لِمَا مَرَّ أَنَّ أَحَدًا مِنَ الْخُلَفَاءِ لَمْ يُخْرِجْ أَحَدًا مِنْ ذَلِكَ. (وَهَلْ لَهُمْ دُخُولُ الْمَسَاجِدِ) أَيْ: مَسَاجِدِ الْحِلِّ (بِإِذْنِ مُسْلِمٍ؛ عَلَى رِوَايَتَيْنِ) .
إِحْدَاهُمَا: وَهِيَ الْمَذْهَبُ: الْمَنْعُ؛ لِأَنَّ عَلِيًّا بَصُرَ بِمَجُوسِيٍّ، وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ فِي الْمَسْجِدِ، فَنَزَلَ وَضَرَبَهُ وَأَخْرَجَهُ، وَهُوَ قَوْلُ عُمَرَ، وَلِأَنَّ حَدَثَ الْجَنَابَةِ وَالْحَيْضِ يَمْنَعُ، فَالشِّرْكُ أَوْلَى.
وَالثَّانِيَةُ: يَجُوزُ بِإِذْنِ مُسْلِمٍ، صَحَّحَهَا فِي " الْكَافِي " وُ " الشَّرْحِ " وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ "، لِمَا رَوَى أَحْمَدُ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ «أَنَّ، وَفْدَ ثَقِيفٍ قَدِمُوا عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَنْزَلَهُمُ الْمَسْجِدَ قَبْلَ إِسْلَامِهِمْ، لِيَكُونَ أَرَقَّ لِقُلُوبِهِمْ» ، وَكَاسْتِئْجَارِهِ لِبِنَائِهِ، وَلَا سِيَّمَا لِمَصْلَحَةٍ. وَظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي: يَجُوزُ لِيَسْمَعُوا الذِّكْرَ، فَتَرِقَّ قُلُوبُهُمْ وَيُرْجَى إِسْلَامُهُمْ، وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي: إِنْ شَرَطَ الْمَنْعَ فِي عَقْدِ ذِمَّتِهِمْ مُنِعُوا، وَإِنْ كَانَ جُنُبًا، فَوَجْهَانِ، فَلَوْ قَصَدُوهَا بِأَكْلٍ وَنَوْمٍ؛ مُنِعُوا. ذَكَرَهُ فِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ. وَقَدْ رُوِيَ مَا يَدُلُّ عَلَى التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْكِتَابِيِّ وَغَيْرِهِ.
تَذْنِيبٌ: يَجُوزُ عِمَارَةُ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُسْوَتُهُ وَإِشْعَالُهُ بِمَالِ كُلِّ كَافِرٍ، وَأَنْ يَبْنِيَهُ بِيَدِهِ،