الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كِتَابُ الْمَنَاسِكِ
يَجِبُ الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ ولله على الناس حج البيت فِي الْعُمْرِ مَرَّةً وَاحِدَةً.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
[كِتَابُ الْمَنَاسِكِ]
[تَعْرِيفُ الْمَنَاسِكِ]
ِ وَاحِدُهَا مَنْسَكٌ بِفَتْحِ السِّينِ وَكَسْرِهَا فَبِالْفَتْحِ مَصْدَرٌ، وَبِالْكَسْرِ اسْمٌ لِمَوْضِعِ الْعِبَادَةِ.
وَهِيَ فِي الْأَصْلِ النَّسِيكَةِ، وَهِيَ الذَّبِيحَةُ الْمُتَقَرَّبُ بِهَا، ثُمَّ اتُّسِعَ فِيهِ فَصَارَ اسْمًا لِلْعِبَادَةِ وَالطَّاعَةِ، وَمِنْهُ قِيلَ لِلْعَابِدِ: نَاسِكٌ، وَقَدْ غَلَبَ إِطْلَاقُهَا عَلَى أَفْعَالِ الْحَجِّ لِكَثْرَةِ أَنْوَاعِهَا، وَأُخِّرَ الْحَجُّ عَنِ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصَّوْمِ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ عِمَادُ الدِّينِ، لِشِدَّةِ الْحَاجَةِ إِلَيْهَا لِتَكَرُّرِهَا كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ الزَّكَاةُ لِكَوْنِهَا قَرِينَةً لَهَا فِي أَكْثَرِ الْمَوَاضِعِ، وَلِشُمُولِهَا الْمُكَلَّفَ وَغَيْرَهُ، ثُمَّ الصَّوْمُ لِتَكَرُّرِهِ كُلَّ سَنَةٍ، لَكِنَّ الْبُخَارِيَّ قَدَّمَ رِوَايَةَ الْحَجِّ عَلَى الصَّوْمِ لِلتَّغْلِيظَاتِ الْوَارِدَةِ فِيهِ نَحْوَ {وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} [آل عمران: 97] وَنَحْوَ «فَلْيَمُتَ إِنْ شَاءَ يَهُودِيًّا أَوْ نَصْرَانِيًّا» ، وَلِعَدَمِ سُقُوطِهِ بِالْبَدَلِ بَلْ يَجِبُ الْإِتْيَانُ بِهِ، إِمَّا بِنَفْسِهِ، وَإِمَّا بِغَيْرِهِ بِخِلَافِ الصَّوْمِ.
[حُكْمُ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ]
(يَجِبُ الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ) الْحَجُّ بِفَتْحِ الْحَاءِ لَا بِكَسْرِهَا فِي الْأَشْهَرِ، وَعَكْسُهُ شَهْرُ الْحِجَّةِ.
وَهُوَ لُغَةً: الْقَصْدُ إِلَى مَنْ نُعَظِّمُهُ.
وَشَرْعًا: قَصْدُ مَكَّةَ لِلنُّسُكِ. وَالْعُمْرَةُ لُغَةً: الزِّيَارَةُ يُقَالُ: اعْتَمَرَهُ إِذَا زَارَهُ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَشَرْعًا زِيَارَةُ الْبَيْتِ عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ، وَالْإِجْمَاعُ عَلَى وُجُوبِهِ، وَسَنَدُهُ {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} [آل عمران: 97] وَالسُّنَّةُ مُسْتَفِيضَةٌ بِذَلِكَ، وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ وُجُوبِ الْعُمْرَةِ هُوَ نَصُّ أَحْمَدَ، وَقَوْلُ جُمْهُورِ الْأَصْحَابِ، وَاحْتَجَّ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ بِقَوْلِهِ، {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: 196] . وَظَاهِرُهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَكِّيِّ وَغَيْرِهِ، «لِقَوْلِ عَائِشَةَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ عَلَى النِّسَاءِ مِنْ جِهَادٍ؛ قَالَ: نَعَمْ عَلَيْهِنَّ جِهَادٌ لَا قِتَالَ فِيهِ الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَرُوَاتُهُ ثِقَاتٌ.
«وَعَنْ أَبِي رَزِينٍ الْعُقَيْلِيِّ أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إِنَّ أَبِي شَيْخٌ كَبِيرٌ لَا يَسْتَطِيعُ الْحَجَّ وَلَا الْعُمْرَةَ وَلَا الظَّعْنَ قَالَ: حُجَّ عَنْ أَبِيكَ وَاعْتَمِرْ» . رَوَاهُ الْخَمْسَةُ، وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَلِأَنَّهَا تَشْتَمِلُ عَلَى إِحْرَامٍ وَطَوَافٍ وَسَعْيٍ فَكَانَتْ وَاجِبَةً كَالْحَجِّ، وَعَنْهُ: هِيَ سُنَّةٌ، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ؛ لِأَنَّ «رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: زَعَمَ رَسُولُكَ أَنَّ عَلَيْنَا الصَّلَاةَ وَالزَّكَاةَ وَالصَّوْمَ وَالْحَجَّ فَقَالَ: " صَدَقَ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ فَلَمْ يَذْكُرِ الْعُمْرَةَ.
وَأُجِيبَ بِأَنَّ اسْمَ الْحَجِّ يَتَنَاوَلُهَا، وَفِي ثَالِثَةٍ: تَجِبُ عَلَى غَيْرِ الْمَكِّيِّ، وَهِيَ الْمَنْصُورَةُ فِي " الْمُغْنِي " إِذْ رُكْنُ الْعُمْرَةِ وَمُعْظَمُهَا هُوَ الطَّوَافُ.
قَالَ أَحْمَدُ: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَرَى الْعُمْرَةَ وَاجِبَةً، وَيَقُولُ يَا أَهْلَ مَكَّةَ لَيْسَ عَلَيْكُمْ عُمْرَةٌ إِنَّمَا عُمْرَتُكُمُ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ، وَهُوَ مِنْ رِوَايَةِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ الْمَكِّيِّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.
(فِي الْعُمْرِ مَرَّةً وَاحِدَةً) لِمَا «رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْكُمُ الْحَجَّ فَحُجُّوا فَقَالَ رَجُلٌ: أَكُلَّ عَامٍ؛ فَسَكَتَ حَتَّى قَالَهَا