الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
كَانَ فِيهِمْ مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ، عَتَقَ كُلُّهُ؛ لِأَنَّ مِلْكَهُ ثَبَتَ عَلَيْهِ فِي شِرْكَةِ الْغَانِمِينَ بِاسْتِيلَائِهِمْ عَلَيْهِ. أَشْبَهَ الْمَمْلُوكَ بِالْإِرْثِ، فَيُعْتَقُ جَمِيعُهُ إِنْ كَانَ حَقُّهُ مِنْهَا لَا يَنْقُصُ، أَوْ بِقَدْرِ حَقِّهِ إِنْ نَقَصَ، ثُمَّ الزَّائِدُ عَلَى حَقِّهِ إِنْ كَانَ مُوسِرًا عَتَقَ عَلَيْهِ وَضَمِنَهُ؛ وَإِلَّا بَقِيَ رَقِيقًا بِحَالِهِ عَلَى الْمَنْصُوصِ. وَقَالَ الْقَاضِي وَابْنُ أَبِي مُوسَى: لَا يُعْتَقُ؛ لِأَنَّ مِلْكَهُ لَا يَتَعَيَّنُ فِيهِ لِجَوَازِ أَنْ يَحْصُلَ لَهُ بِالْقِسْمَةِ غَيْرُهُ، وَفِي " الْمُحَرَّرِ " وَعِنْدِي إِنْ كَانَتْ جِنْسًا وَاحِدًا، فَكَالْمَنْصُوصِ، وَإِنْ كَانَتْ أَجْنَاسًا فَكَقَوْلِ الْقَاضِي؛ لِأَنَّ الْمُعْتَقَ فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ يَصِيرُ كَالْحُرِّ الْمُشَاعِ، وَفِي الْأَجْنَاسِ لَمْ يَتَعَيَّنْ حَقُّهُ فِي شَيْءٍ بَعِيدٍ، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهَا قَبْلَ الْقِسْمَةِ حَقُّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْغَانِمِينَ مُشَاعٌ فِي كُلِّ جِنْسٍ، فَالْعِتْقُ يُصَادِفُهُ، فَيُعْتَقُ عَلَيْهِ، وَالْبَاقِي بِالسِّرَايَةِ. وَفِي " الْبُلْغَةِ " فِيمَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ رِوَايَاتٌ، الثَّالِثَةُ: مَوْقُوفٌ، إِنْ تَعَيَّنَ سَهْمُهُ فِي الرَّقِيقِ عَتَقَ، وَإِلَّا فَلَا. وَظَاهِرُهُ لَا فَرْقَ فِي الْمُعْتَقِ أَنْ يَكُونَ رَجُلًا أَوِ امْرَأَةً، أَوْ صَبِيًّا. وَصَرَّحَ فِي " الْمُغْنِي " وَ " الشَّرْحِ " بِأَنَّ الْغَانِمَ إِذَا أَعْتَقَ رَجُلًا مِنْهَا لَا يُعْتَقُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِيرُ رَقِيقًا بِنَفْسِ السَّبْيِ كَالنِّسَاءِ، وَالصِّبْيَانِ.
[الْغُلُولُ مِنَ الْغَنِيمَةِ]
(وَالْغَالُّ مِنَ الْغَنِيمَةِ) وَهُوَ مَنْ كَتَمَ مَا غَنِمَهُ، أَوْ بَعْضَهُ، فَيَجِبُ أَنْ (يُحْرَقَ رَحْلُهُ كُلُّهُ) قَالَهُ الْحَسَنُ وَجَمَاعَةٌ لِمَا رَوَى عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ حَرَّقُوا مَتَاعَ الْغَالِّ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. وَلِحَدِيثِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِذَلِكَ. رَوَاهُ سَعِيدٌ وَالْأَثْرَمُ، وَاخْتَارَ جَمَاعَةٌ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ بَابِ التَّعْزِيرِ لَا الْحَدَّ الْوَاجِبَ، فَيَجْتَهِدُ الْإِمَامُ بِحَسَبِ الْمَصْلَحَةِ قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": وَهُوَ أَظْهَرُ. فَعَلَى مَا ذَكَرَهُ يَخْتَصُّ التَّحْرِيقُ بِالْمَتَاعِ الَّذِي غُلَّ، وَهُوَ مَعَهُ، فَلَوِ اسْتَحْدَثَ مَتَاعًا، أَوْ رَجَعَ إِلَى بَلَدِهِ وَلَهُ فِيهِ مَتَاعٌ، لَمْ يُحْرَقْ، وَكَمَا لَوِ انْتَقَلَ عَنْهُ بِبَيْعٍ، أَوْ هِبَةٍ فِي الْأَشْهَرِ. وَهَذَا إِذَا كَانَ حَيًّا حُرًّا مُكَلَّفًا مُلْتَزِمًا. جَزَمَ بِهِ صَاحِبُ " الْوَجِيزِ " وَ " الْآدَمِيُّ " الْبَغْدَادِيَّانِ، وَلَوْ أُنْثَى أَوْ ذِمِّيًّا. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا ينْفي، نَصَّ عَلَيْهِ، بَلْ يُضْرَبُ لِلْخَبَرِ، وَفِي السَّارِقِ: لَا يُحْرَقُ مَتَاعُهُ، وَقِيلَ: بَلَى، جَزَمَ بِهِ فِي " التَّبْصِرَةِ ". (إِلَّا السِّلَاحَ) لِأَنَّهُ يُحْتَاجُ إِلَيْهِ فِي الْقِتَالِ (وَالْمُصْحَفَ) لِحُرْمَتِهِ. وَشَمِلَ الْجِلْدَ، وَالْكِيسَ، وَمَا هُوَ تَابِعٌ لَهُ، وَقِيلَ: يُبَاعُ وَيُتَصَدَّقُ بِثَمَنِهِ؛ لِقَوْلِ سَالِمٍ: بِعْهُ
وَمَا أُخِذَ مِنَ الْفِدْيَةِ أَوْ أَهْدَاهُ الْكُفَّارُ لِأَمِيرِ الْجَيْشِ أَوْ بَعْضِ قُوَّادِهِ، فَهُوَ غَنِيمَةٌ.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَتَصَدَّقْ بِثَمَنِهِ. وَالْأَصَحُّ: وَكُتُبُ الْعِلْمِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ الْقَصْدُ الْإِضْرَارَ بِهِ فِي دِينِهِ، بَلْ فِي بَعْضِ دُنْيَاهُ. (وَالْحَيَوَانَ) لِنَهْيِهِ عليه السلام أَنْ يُعَذِّبَ بِالنَّارِ إِلَّا رَبُّهَا، وَعَدَمِ دُخُولِهِ فِي مُسَمَّى الْمَتَاعِ الْمَأْمُورِ بِإِحْرَاقِهِ، وَكَذَا آلَتُهَا، نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ يُحْتَاجُ إِلَيْهَا، وَكَذَا نَفَقَتُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُحْرَقُ عَادَةً، وَكَسَهْمِهِ وَثِيَابِهِ الَّتِي عَلَيْهِ، لِئَلَّا يُتْرَكَ عُرْيَانًا، وَقِيلَ: سَاتِرُ عَوْرَتِهِ. جَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ ". وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُحْرَمُ سَهْمَهُ، لِعَدَمِ ذِكْرِهِ فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ، وَعَنْهُ: بَلَى، اخْتَارَهُ الْآجُرِّيُّ، وَلَمْ يَسْتَثْنِ إِلَّا الْمُصْحَفَ وَالدَّابَّةَ، وَأَنَّهُ قَوْلُ أَحْمَدَ.
فَرْعٌ: مَا أَبْقَتِ النَّارُ مِنْ حَدِيدٍ وَنَحْوِهِ، فَهُوَ لَهُ، فَإِذَا تَابَ قَبْلَ الْقِسْمَةِ، رَدَّ مَا أَخَذَهُ فِي الْغَنِيمَةِ، وَبَعْدَهَا يُعْطِي الْإِمَامَ خُمُسَهُ، وَيَتَصَدَّقُ بِالْبَاقِي. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا أَعْرِفُ لِلصَّدَقَةِ وَجْهًا. قَالَ الْآجُرِّيُّ: يَأْتِي بِهِ الْإِمَامُ فَيُقَسِّمُهُ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ، وَمَنْ سَتَرَ عَلَى الْغَالِّ وَأَخَذَ مَا أُهْدِيَ لَهُ مِنْهَا، أَوْ بَاعَهُ إِمَامٌ، أَوْ حَابَاهُ، فَهُوَ غَالٌّ.
(وَمَا أُخِذَ مِنَ الْفِدْيَةِ) أَيْ: مِنْ فِدْيَةِ الْأُسَارَى، فَهُوَ غَنِيمَةٌ بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ؛ لِأَنَّهُ عليه السلام قَسَّمَ فِدَاءَ أُسَارَى بَدْرٍ بَيْنَ الْغَانِمِينَ، وَلِأَنَّهُ مَالٌ حَصَلَ بِقُوَّةِ الْجَيْشِ أَشْبَهَ السِّلَاحَ (أَوْ أَهْدَاهُ الْكُفَّارُ) أَوْ وَاحِدٌ مِنْهُمْ (لِأَمِيرِ الْجَيْشِ أَوْ بَعْضِ قُوَّادِهِ) جَمْعُ قَائِدٍ؛ وَهُوَ نَائِبُهُ (فَهُوَ غَنِيمَةٌ) أَيْ: لِلْجَيْشِ، نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ خَوْفًا مِنَ الْجَيْشِ، فَيَكُونُ غَنِيمَةً كَمَا لَوْ أَخَذَهُ بِغَيْرِهَا. وَشَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي دَارِ الْحَرْبِ، وَعَنْهُ: هُوَ لِلْمُهْدَى لَهُ، وَقِيلَ: فَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ لَمْ يُوجَفْ عَلَيْهِ بِخَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ، فَلَوْ كَانَتْ بِدَارِنَا، فَهِيَ لِمَنْ أُهْدِيَتْ إِلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ عليه السلام قَبِلَ هَدِيَّةَ الْمُقَوْقِسِ، وَاخْتُصَّ بِهَا، وَقِيلَ: فَيْءٌ، وَاقْتَضَى ذَلِكَ أَنَّ الْهَدِيَّةَ لِأَحَدِ الرَّعِيَّةِ فِي دَارِهِمْ يُخْتَصُّ بِهَا، كَمَا لَوْ أُهْدِيَ إِلَيْهِ إِلَى دَارِ الْإِسْلَامِ، وَقَالَ الْقَاضِي: هُوَ غَنِيمَةٌ، وَفِي " الشَّرْحِ " احْتِمَالٌ إِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا مُهَادَاةٌ قَبْلَ ذَلِكَ، فَهِيَ لَهُ، وَإِلَّا فَهِيَ لِلْمُسْلِمِينَ كَهَدِيَّةِ الْقَاضِي، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.