الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَا يَجُوزُ الِاعْتِكَافُ مِنَ الْمَرْأَةِ بِغَيْرِ إِذْنِ زَوْجِهَا، وَلَا مِنَ الْعَبْدِ بِغَيْرِ إِذْنِ سَيِّدِهِ، فَإِنْ شَرَعَا فِيهِ بِغَيْرِ إِذْنٍ فَلَهُمَا تَحْلِيلُهُمَا، وَإِنْ كَانَ بِإِذْنٍ فَلَهُمَا تَحْلِيلُهُمَا إِنْ كَانَ تَطَوُّعًا،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّهُ مَوْقُوفٌ عَلَيْهَا، وَمَنْ رَفَعَهُ فَقَدْ وَهِمَ، ثُمَّ لَوْ صَحَّ فَيُحْمَلُ عَلَى نَفْيِ الْكَمَالِ جَمْعًا بَيْنَ الْأَدِلَّةِ، وَلِأَنَّ إِيجَابَ الصَّوْمِ حُكْمٌ لَا يَثْبُتُ إِلَّا بِالشَّرْعِ، وَلَمْ يَصِحَّ فِيهِ نَصٌّ، وَلَا إِجْمَاعٌ، وَقِيَاسُهُمْ يُرَدُّ عَلَيْهِمْ بِأَنَّهُ لُبْثٌ فِي مَكَانٍ مَخْصُوصٍ، فَلَمْ يُشْتَرَطْ لَهُ الصَّوْمُ كَالْوُقُوفِ (فَعَلَى هَذَا لَا يَصِحُّ فِي لَيْلَةٍ مُفْرَدَةٍ، وَلَا فِي بَعْضِ يَوْمٍ) لِعَدَمِ وُجُودِ الصَّوْمِ الْمُشْتَرَطِ. وَظَاهِرُهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَصُومَ الْيَوْمَ الَّذِي اعْتَكَفَ بَعْضَهُ أَمْ لَا، وَقَطَعَ الْمَجْدُ وَغَيْرُهُ بِصِحَّتِهِ لِوُجُودِ اللُّبْثِ بِشَرْطِهِ، وَأَطْلَقَ فِي " مُنْتَهَى الْغَايَةِ " وَ " الْفُرُوعِ " الْخِلَافَ، وَالْمَذْهَبُ الْبُطْلَانُ نَظَرًا إِلَى أَنَّ الصَّوْمَ لَمْ يُقْصَدْ لَهُ، وَلَا يَصِحُّ فِي أَيَّامِ النَّهْيِ الَّتِي لَا يَصِحُّ صَوْمُهَا، وَاعْتِكَافُهَا نَذْرًا أَوْ نَفْلًا كَصَوْمِهَا نَذْرًا أَوْ نَفْلًا فَإِذَا كَانَ الِاعْتِكَافُ مُتَتَابِعًا، فَأَتَى فِي أَثْنَائِهِ يَوْمُ عِيدٍ فَإِنْ قُلْنَا بِجَوَازِ اعْتِكَافِهِ فَالْأَوْلَى أَنْ يَثْبُتَ مَكَانَهُ، وَيَجُوزَ خُرُوجُهُ إِلَى الْعِيدِ، وَلَا يَفْسُدَ اعْتِكَافُهُ، وَإِنْ قُلْنَا لَا يَجُوزُ خَرَجَ إِلَى الْمُصَلَّى إِنْ شَاءَ، وَإِلَى أَهْلِهِ، وَعَلَيْهِ حُرْمَةُ الْعُكُوفِ، ثُمَّ يَعُودُ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ فِي يَوْمِهِ لِتَمَامِ أَيَّامِهِ قَالَهُ الْمَجْدُ.
تَنْبِيهٌ: لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَصُومَ لِلِاعْتِكَافِ مَا لَمْ يَنْذُرْ لَهُ الصَّوْمَ لِظَاهِرِ الْآيَةِ، وَالْخَبَرِ، وَكَمَا يَصِحُّ أَنْ يَعْتَكِفَ فِي رَمَضَانَ تَطَوُّعًا أَوْ يَنْذُرَ عَنْهُ بِهِ، وَإِذَا قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَعْتَكِفَ صَائِمًا أَوْ بِصَوْمٍ لَزِمَاهُ مَعًا، فَلَوْ فَرَّقَهُمَا أَوِ اعْتَكَفَ، وَصَامَ فَرْضَ رَمَضَانَ، وَنَحْوَهُ لَمْ يُجْزِئْهُ؛ لِأَنَّ الصَّوْمَ صِفَةٌ مَقْصُودَةٌ فِيهِ كَالتَّتَابُعِ، وَقِيلَ: يَلْزَمُهُ الْجَمِيعُ لَا الْجَمْعُ فَلَهُ فِعْلُ كُلٍّ مِنْهُمَا مُنْفَرِدًا، وَإِنْ نَذَرَ أَنْ يَصُومَ مُعْتَكِفًا فَالْخِلَافُ كَمَا لَوْ نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ مُصَلِّيًا، وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُصَلِّيَ جَمِيعَ الزَّمَانِ، وَإِنْ نَذَرَ أَنْ يُصَلِّيَ صَلَاةً، وَيَقْرَأَ فِيهَا سُورَةً بِعَيْنِهَا لَزِمَهُ الْجَمْعُ، فَلَوْ قَرَأَهَا خَارِجَ الصَّلَاةِ لَمْ يُجْزِئْهُ ذَكَرَهُ فِي " الِانْتِصَارِ ".
[اعْتِكَافُ الْمَرْأَةِ بِغَيْرِ إِذْنِ زَوْجِهَا]
(وَلَا يَجُوزُ الِاعْتِكَافُ مِنَ الْمَرْأَةِ بِغَيْرِ إِذْنِ زَوْجِهَا) وِفَاقًا (وَلَا مِنَ الْعَبْدِ بِغَيْرِ إِذْنِ سَيِّدِهِ) لِتَفْوِيتِ مَنَافِعِهَا الْمَمْلُوكَةِ لِغَيْرِهِمَا (فَإِنْ شَرَعَا فِيهِ بِغَيْرِ إِذْنٍ) وَإِنْ كَانَ فَرْضًا، قَالَهُ فِي
وَإِلَّا فَلَا، وَلِلْمُكَاتَبِ أَنْ يَعْتَكِفَ وَيَحُجَّ بِغَيْرِ إِذْنٍ. وَمَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ إِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
" الشَّرْحِ " وَغَيْرِهِ (فَلَهُمَا تَحْلِيلُهُمَا) لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: «لَا تَصُومُ الْمَرْأَةُ وَزَوْجُهَا شَاهِدٌ يَوْمًا مِنْ غَيْرِ رَمَضَانَ إِلَّا بِإِذْنِهِ» . رَوَاهُ الْخَمْسَةُ، وَحَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَلِأَنَّهُ شروع غير جَائِزٌ مُتَضَمِّنٌ لِفَوَاتِ حَقِّهِمَا، فَمَلَكَا تَحْلِيلَهُمَا مِنْهُ لِيَعُودَ حَقُّهُمَا إِلَى مَا كَانَ، وَخَرَّجَ فِي " مُنْتَهَى الْغَايَةِ " لَا يَمْنَعَانِ مِنَ الْمَنْذُورِ كَرِوَايَةٍ فِي الْمَرْأَةِ فِي صَوْمٍ وَحَجٍّ مَنْذُورَيْنِ، وَفِي ثَالِثٍ: مَنْعُهُمَا وَتَحْلِيلُهُمَا مِنْ نَذْرٍ مُطْلَقٍ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ عَلَى التَّرَاخِي كَوَجْهٍ لِأَصْحَابِنَا فِي صَوْمٍ وَحَجٍّ مَنْذُورَيْنِ، وَفِي رَابِعٍ مَنْعُهُمَا، وَتَحْلِيلُهُمَا إِلَّا مِنْ مَنْذُورٍ مُعَيَّنٍ قَبْلَ النِّكَاحِ، وَالْمِلْكِ كَوَجْهٍ لِأَصْحَابِنَا فِي سُقُوطِ نَفَقَتِهَا قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": وَيَتَوَجَّهُ إِنْ لَزِمَ بِالشُّرُوعِ فِيهِ فكَالْمَنْذُورِ فَعَلَى الْأَوَّلِ إِنْ لَمْ يُحَلِّلَاهَا صَحَّ وَأَجْزَأَ، وَجَزَمَ فِي " الْمُسْتَوْعِبِ " وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْبَنَّا: يَقَعُ بَاطِلًا كَصَلَاةٍ فِي مَغْصُوبٍ، وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْعَبْدِ (وَإِنْ كَانَ بِإِذْنٍ فَلَهُمَا تَحْلِيلُهُمَا إِنْ كَانَ تَطَوُّعًا) ؛ «لِأَنَّهُ عليه السلام أَذِنَ لِعَائِشَةَ، وَحَفْصَةَ، وَزَيْنَبَ، ثُمَّ مَنَعَهُنَّ بَعْدَ أَنْ دَخَلْنَ فِيهِ» ، وَلِأَنَّ حَقَّهُمَا وَاجِبٌ، وَالتَّطَوُّعُ لَا يَلْزَمُ بِالشُّرُوعِ، وَلَهُمَا الْمَنْعُ ابْتِدَاءً فَكَذَا دَوَامًا كَالْعَارِيَةِ بِخِلَافِ الْحَجِّ، (وَإِلَّا فَلَا) أَيْ: إِذَا كَانَ مَنْذُورًا لَمْ يَكُنْ لَهُمَا تَحْلِيلُهُمَا مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ يَتَعَيَّنُ بِالشُّرُوعِ فِيهِ، وَيَجِبُ إِتْمَامُهُ كَالْحَجِّ. وَظَاهِرُهُ لَا فَرْقَ أَنْ يَكُونَ مُتَعَيِّنًا أَوْ مُطْلَقًا، وَاخْتَارَ الْمَجْدُ فِي النَّذْرِ الْمُطْلَقِ الَّذِي يَجُوزُ تَفْرِيقُهُ كَنَذْرِ عَشَرَةِ أَيَّامٍ مُتَفَرِّقَةٍ أَوْ مُتَتَابِعَةٍ إِذَا اخْتَارَ فِعْلَهُ مُتَتَابِعًا، وَأَذِنَ لَهُمَا فِي ذَلِكَ يَجُوزُ تَحْلِيلُهُمَا مِنْهُ عِنْدَ مُنْتَهَى كُلِّ يَوْمٍ لِجَوَازِ الْخُرُوجِ مِنْهُ كَالتَّطَوُّعِ. وَظَاهِرُ كَلَامِهِمُ الْمَنْعُ كَغَيْرِهِ.
فَرْعٌ: الْإِذْنُ فِي عَقْدِ النَّذْرِ إِذْنٌ فِي فِعْلِهِ إِنْ نَذَرَ زَمَنًا مُعَيَّنًا بِالْإِذْنِ، وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّ زَمَنَ الشُّرُوعِ لَمْ يَقْتَضِهِ الْإِذْنُ السَّابِقُ، وَقَدَّمَ الْمُؤَلِّفُ: مَنْعَ تَحْلِيلِهِمَا أَيْضًا كَالْإِذْنِ فِي الشُّرُوعِ.
(وَلِلْمُكَاتَبِ أَنْ يَعْتَكِفَ وَيَحُجَّ بِغَيْرِ إِذْنٍ) نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ السَّيِّدَ لَا يَسْتَحِقُّ