الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيَنْزِعُهَا أَعْضَاءً، وَلَا يَكْسِرُ عَظْمَهَا.
وَحُكْمُهَا حُكْمُ الْأُضْحِيَّةِ وَلَا تُسَنُّ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَعِشْرِينَ) نَقَلَهُ صَالِحٌ، وَهُوَ قَوْلُ إِسْحَاقَ، وَرُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا لَا تَقُولُهُ إِلَّا عَنْ تَوْقِيفٍ، فَلَوْ ذَبَحَ قَبْلَ ذَلِكَ أَوْ بَعْدَهُ أَجَزَأَ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ، لَكِنْ مَا ذَكَرَهُ هُوَ السُّنَّةُ فَإِنْ تَجَاوَزَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ فَوَجْهَانِ.
أَحَدُهُمَا: يُسْتَحَبُّ فِي كُلِّ سَابِعٍ، فَيُذْبَحُ فِي ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ، ثُمَّ فِي خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ، ثُمَّ كَذَلِكَ.
وَالثَّانِي - وَهُوَ الْأَشْهَرُ - أَنَّهُ لَا تُعْتَبَرُ الْأَسَابِيعُ بَعْدَ الثَّلَاثِ، بَلْ يُفْعَلُ فِي كُلِّ وَقْتٍ؛ لِأَنَّ هَذَا قَضَاءٌ فَلَمْ يَتَوَقَّفْ كَالْأُضْحِيَّةِ، وَعَنْهُ: يَخْتَصُّ بِالصِّغَرِ، فَإِنْ لَمْ يُعَقَّ عَنْهُ أَصْلًا حَتَّى بَلَغَ وَكَسَبَ، فَقَالَ أَحْمَدُ: ذَلِكَ عَلَى الْوَالِدِ، يَعْنِي لَا يَعُقُّ عَنْ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّ السُّنَّةَ فِي حَقِّ غَيْرِهِ، وَذَكَرَ فِي " الْمُسْتَوْعِبِ " وَ " الرِّعَايَةِ " وَ " الرَّوْضَةِ " أَنَّهُ يَعُقُّ عَنْ نَفْسِهِ كَمَا يُشْرَعُ لَهُ فِكَاكُ نَفْسِهِ.
(وَيَنْزِعُهَا أَعْضَاءً) أَيْ: يَقْطَعُ كُلَّ عُضْوٍ مِنْ مِفْصَلِهِ تَفَاؤُلًا بِسَلَامَةِ أَعْضَاءِ الْمَوْلُودِ (وَلَا يَكْسِرُ عَظْمَهَا) لِمَا رَوَى أَبُو دَاوُدَ فِي مَرَاسِيلِهِ: عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، «عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي الْعَقِيقَةِ عَنِ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ ابْعَثُوا إِلَى أَهْلِ بَيْتِ الْقَابِلَةِ بِرِجْلٍ وَكُلُوا وَأَطْعِمُوا وَلَا تَكْسِرُوا مِنْهَا عَظْمًا» ، وَفِي " التَّنْبِيهِ " تُعْطَى الْقَابِلَةُ مِنْهَا فَخْذًا، وَطَبْخُهَا أَفْضَلُ، نَصَّ عَلَيْهِ، فَيَدْعُو إِلَيْهَا إِخْوَانَهُ فَيَأْكُلُوا، وَفِي " الْمُسْتَوْعِبِ " وَمِنْهُ طَبْخٌ حُلْوٌ تَفَاؤُلًا.
[حُكْمُ الْعَقِيقَةِ]
(وَحُكْمُهَا حُكْمُ الْأُضْحِيَّةِ) فِي سَنِّهَا، وَمَا يُجْزِئُ مِنْهَا، وَمَا لَا يُجْزِئُ، وَمَا يُسْتَحَبُّ فِيهَا مِنَ الصِّفَةِ، وَمَا يُكْرَهُ، وَفِي الْأَكْلِ، وَالْهَدِيَّةِ، وَالصَّدَقَةِ؛ لِأَنَّهَا نَسِيكَةٌ مَشْرُوعَةٌ غَيْرُ وَاجِبَةٍ، أَشْبَهَتِ الْأُضْحِيَّةَ، وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ فِيهَا شِرْكٌ فِي دَمٍ، وَلَا يُجْزِئُ إِلَّا بَدَنَةٌ، أَوْ بَقَرَةٌ كَامِلَةٌ، نَصَّ عَلَيْهِ، قَالَ فِي " النِّهَايَةِ ": أَفْضَلُهُ شَاةٌ، وَفِي " الْفُرُوعِ ": يَتَوَجَّهُ: مِثْلُهُ أُضْحِيَّةً، وَفِي إِجْزَاءِ الْأُضْحِيَّةِ عَنْهَا. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُبَاعُ مِنْهَا شَيْءٌ. وَنَصَّ أَحْمَدُ عَلَى
الْفَرَعَةُ وَهِيَ ذَبْحُ أَوَّلِ وَلَدِ النَّاقَةِ، وَلَا الْعَتِيرَةُ وَهِيَ ذَبِيحَةُ رَجَبٍ.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
بَيْعِ الْجِلْدِ وَالرَّأْسِ وَالسَّوَاقِطِ، وَالصَّدَقَةِ بِثَمَنِهِ خِلَافَ نَصِّهِ فِي الْأُضْحِيَّةِ.
قَالَ فِي " الشَّرْحِ ": وَهُوَ أَقْيَسُ بِمَذْهَبِهِ؛ لِأَنَّ الْأُضْحِيَّةَ أَدْخَلُ مِنْهَا فِي التَّعَبُّدِ، وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: يُحْتَمَلُ نَقْلُ حُكْمِ كُلِّ وَاحِدَةٍ إِلَى الْأُخْرَى، فَيَكُونُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا رِوَايَتَانِ. قَالَ فِي " الشَّرْحِ " وَغَيْرِهِ: وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْأُضْحِيَّةَ ذَبِيحَةٌ شُرِعَتْ يَوْمَ النَّحْرِ أَشْبَهَتِ الْهَدْيَ، وَالْعَقِيقَةُ شُرِعَتْ لِأَجْلِ سُرُورٍ حَادِثٍ، وَتَجَدُّدِ نِعْمَةٍ، أَشْبَهَ الذَّبْحَ فِي الْوَلِيمَةِ، وَلِأَنَّهَا لَمْ تَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ فَكَانَ لَهُ الْبَيْعُ مِنْهَا، وَالصَّدَقَةُ بِثَمَنِهِ إِذِ الْفَضِيلَةُ حَاصِلَةٌ بِكُلٍّ مِنْهُمَا.
(وَلَا تُسَنُّ الْفَرَعَةُ) هُوَ بِفَتْحِ الْفَاءِ وَالرَّاءِ (وَهِيَ ذَبْحُ أَوَّلِ وَلَدِ النَّاقَةِ) كَانُوا يَذْبَحُونَهُ لِآلِهَتِهِمْ، وَقِيلَ: كَانَ الرَّجُلُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِذَا تَمَّتْ إِبِلُهُ مِائَةً قَدَّمَ بِكْرًا فَذَبَحَهُ لِصَنَمِهِ (وَلَا الْعَتِيرَةُ وَهِيَ ذَبِيحَةُ رَجَبٍ) وَقَالَ أَبُو السَّعَادَاتِ وَأَبُو عُبَيْدٍ: كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ إِذَا طَلَبَ أَحَدُهُمْ أَمْرًا نَذَرَ أَنْ يَذْبَحَ مِنْ غَنَمِهِ شَاةً، وَالصَّحِيحُ مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ، لِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا فَرَعَ وَلَا عَتِيرَةَ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَفِي " الرِّعَايَةِ " يُكْرَهُ. وَنَقَلَ حَنْبَلٌ عَنْ أَحْمَدَ: يُسْتَحَبُّ الْعَتِيرَةُ، وَحَكَاهُ أَحْمَدُ عَنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ، وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ عليه السلام «عَلَى كُلِّ أَهْلِ بَيْتٍ أَضْحَاةٌ، وَعَتِيرَةٌ» وَقَالَتْ عَائِشَةُ: «أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْفَرَعَةِ مِنْ خَمْسِينَ وَاحِدَةً» . قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ:
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
هَذَا حَدِيثٌ ثَابِتٌ. وَالْجَوَابُ أَنَّهُ مَنْسُوخٌ بِمَا سَبَقَ لِأَمْرَيْنِ، أَحَدُهُمَا: أَنَّ رَاوِيَهُ أَبُو هُرَيْرَةَ، وَهُوَ مُتَأَخِّرُ الْإِسْلَامِ، قَالَهُ فِي " الشَّرْحِ " وَالثَّانِي: أَنَّ فِعْلَهُمَا كَانَ مُتَقَدِّمًا عَلَى الْإِسْلَامِ فَالظَّاهِرُ بَقَاؤُهُ إِلَى حِينِ النَّسْخِ، فَلَوْ لَمْ يَكُنْ مَنْسُوخًا، لَزِمَ النَّسْخُ مَرَّتَيْنِ، وَهُوَ خِلَافُ الظَّاهِرِ، بِخِلَافِ تَأَخُّرِ النَّهْيِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ نَفْيِ سُنِّيَّتِهَا تَحْرِيمُ فِعْلِهَا وَلَا كَرَاهَتُهُ، فَلَوْ ذَبَحَ فِي رَجَبٍ أَوْ أَوَّلَ وَلَدِ النَّاقَةِ لِحَاجَتِهِ إِلَى ذَلِكَ، أَوِ الصَّدَقَةِ بِهِ، أَوْ إِطْعَامِهِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مَكْرُوهًا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.