الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مِنْ أَذَاهُمْ، وَاسْتِنْقَاذُ مِنْ أُسِرَ مِنْهُمْ وَإِنْ تَحَاكَمُوا إِلَى الْحَاكِمِ مَعَ مُسْلِمٍ، لَزِمَهُ الْحُكْمُ بَيْنَهُمْ، وَإِنْ تَحَاكَمَ بَعْضُهُمْ مَعَ بَعْضٍ، أَوِ اسْتَعْدَى بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، خُيِّرَ بَيْنَ الْحُكْمِ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ تَرْكِهِمْ، وَلَا يَحْكُمُ إِلَّا بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ، وَإِنْ تَبَايَعُوا بُيُوعًا
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
يُؤْخَذُ مِنْهُ شَيْءٌ مِنْ مِيرَةِ مُحْتَاجٍ إِلَيْهَا؛ لِأَنَّ فِي دُخُولِهِمْ نَفْعًا لِلْمُسْلِمِينَ.
تَنْبِيهٌ: يُسْتَثْنَى مِنْ أَمْوَالِ التِّجَارَةِ ثَمَنُ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ، فَإِنَّهُ لَا يُؤْخَذُ عُشْرُهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ فِي حَقِّنَا. وَنَقَلَ الْمَيْمُونِيُّ: بَلَى. جَزَمَ بِهِ فِي " الرَّوْضَةِ " وَ " الْغُنْيَةِ " وَأَن يُؤْخَذ عُشْرُ ثَمَنِهِ فِي زَمَنِ عُمَرَ. رَوَاهُ أَبُو عُبَيْدٍ، وَجَوَّدَ أَحْمَدُ إِسْنَادَهُ، وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: وَيَتَخَرَّجُ تَعْشِيرُ ثَمَنِ الْخَمْرِ دُونَ الْخِنْزِيرِ؛ لِأَنَّ الْخَمْرَةَ مُبَاحَةٌ فِي سَائِرِ الشَّرَائِعِ غَيْرِ الْإِسْلَامِ، وَذَكَرَ الْقَاضِي فِي شَرْحِهِ الصَّغِيرِ: الذِّمِّيُّ غَيْرُ التَّغْلِبِيِّ تُؤْخَذُ مِنْهُ الْجِزْيَةُ، وَفَى غَيْرِهَا رِوَايَتَانِ.
إِحْدَاهُمَا: لَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ غَيْرُهَا، اخْتَارَهُ شَيْخُنَا، وَالثَّانِيَةُ: عَلَيْهِمْ نِصْفُ الْعُشْرِ فِي أَمْوَالِهِمْ، وَعَلَى ذَلِكَ هَلْ تُخْتَصُّ بِالْأَمْوَالِ الَّتِي يَتَّجِرُونَ فِيهَا إِلَى غَيْرِ بَلَدِنَا؛ عَلَى رِوَايَتَيْنِ إِحْدَاهُمَا: تَخْتَصُّ بِهَا.
وَالثَّانِيَةُ: تَجِبُ فِي ذَلِكَ، وَفِيمَا لَمْ يَتَّجِرُوا بِهِ مِنْ أَمْوَالِهِمْ وَثِمَارِهِمْ، وَمَوَاشِيهِمْ. قَالَ: وَأَهْلُ الْحَرْبِ إِذَا دَخَلُوا إِلَيْنَا بِأَمَانٍ تجارا أُخِذَ مِنْهُمُ الْعُشْرُ دُفْعَةً وَاحِدَةً سَوَاءٌ عَشَّرُوا أَمْوَالَ الْمُسْلِمِينَ إِذَا دَخَلَتْ إِلَيْهِمْ أَمْ لَا. وَعَنْهُ: إِنْ فَعَلُوا ذَلِكَ بِالْمُسْلِمِينَ، فُعِلَ بِهِمْ، وَإِلَّا فَلَا.
[حِفْظُ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَالْمَنْعُ مِنْ أَذَاهُمْ]
(وَعَلَى الْإِمَامِ حِفْظُهُمْ وَالْمَنْعُ مِنْ أَذَاهُمْ) لِأَنَّهُمْ بَذَلُوا الْجِزْيَةَ عَلَى ذَلِكَ (وَاسْتِنْقَاذُ مَنْ أُسِرَ مِنْهُمْ) لِأَنَّهُ جَرَتْ عَلَيْهِمْ أَحْكَامُ الْإِسْلَامِ، وَتَأَبَّدَ عَهْدُهُمْ، فَلَزِمَهُ ذَلِكَ كَمَا يَلْزَمُهُ لِلْمُسْلِمِينَ. وَظَاهِرُهُ وَلَوْ لَمْ يَكُونُوا فِي مَعُونَتِنَا. وَقَالَ الْقَاضِي: إِنَّمَا يَجِبُ فِدَاؤُهُمْ إِذَا اسْتَعَانَ بِهِمُ الْإِمَامُ فِي قِتَالٍ فَسُبُوا. وَبِكُلِّ حَالٍ يَبْدَأُ بِفِدَاءِ الْمُسْلِمِينَ قَبْلَهُمْ؛ لِأَنَّ جِزْيَةَ الْمُسْلِمِ أَعْظَمُ. (وَإِنْ تَحَاكَمُوا إِلَى الْحَاكِمِ مَعَ مُسْلِمٍ لَزِمَهُ الْحُكْمُ بَيْنَهُمْ) لِمَا فِيهِ مِنْ إِنْصَافِ الْمُسْلِمِ مِنْ غَيْرِهِ، أَوْ رَدِّهِ عَنْ ظُلْمِهِ، وَذَلِكَ وَاجِبٌ، وَلِأَنَّ فِي تَرْكِ الْإِجَابَةِ إِلَيْهِ تَضْيِيعًا لِلْحَقِّ.
(وَإِنْ تَحَاكَمَ بَعْضُهُمْ مَعَ بَعْضٍ، أَوِ اسْتَعْدَى بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، خُيِّرَ بَيْنَ الْحُكْمِ
فَاسِدَةً، وَتَقَابَضُوا لَمْ يُنْقَضْ فِعْلَهُمْ، وَإِنْ لَمْ يَتَقَابَضُوا فَسَخَهُ الْحَاكِمُ، سَوَاءٌ كَانَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَهُمْ حَاكِمُهُمْ أَمْ لَا. وَإِنْ تَهَوَّدَ نَصْرَانِيٌّ، أَوْ تَنَصَّرَ يَهُودِيٌّ، لَمْ يُقَرَّ، وَلَا
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ تَرْكِهِمْ) فِي الْأَشْهَرِ عَنْهُ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ} [المائدة: 42] ، وَلِأَنَّهُمَا كَافِرَانِ فَلَمْ يَجِبِ الْحُكْمُ بَيْنَهُمَا كَالْمُسْتَأْمَنِينَ، وَعَنْهُ: يَلْزَمُهُ الْحُكْمُ وَالْإِعْدَاءُ، قَدَّمَهُ فِي " الْمُحَرَّرِ " لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} [المائدة: 49] . وَرَفْعُ الظُّلْمِ عَنْهُمْ وَاجِبٌ، وَطَرِيقُهُ الْحُكْمُ. وَعَنْهُ: مَعَ اخْتِلَافِ مِلَّتِهِمَا؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ إِنْصَافُ أَحَدِهِمَا مِنَ الْآخَرِ بِدُونِ الْحُكْمِ، وَعَنْهُ: يُخَيَّرُ إِلَّا أَنْ يَتَظَالَمَا فِي حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ. قَالَ فِي " الْمُحَرَّرِ ": وَهُوَ الْأَصَحُّ عِنْدِي؛ لِأَنَّ عَلَيْهِ رَفْعَ الظُّلْمِ عَنْهُمْ كَالْمُسْلِمِينَ، وَمَتَى خَيَّرْنَاهُ، جَازَ أَنْ يُعَدِّيَ وَيَحْكُمَ بِطَلَبِ أَحَدِهِمَا. وَعَنْهُ: لَا يَجُوزُ إِلَّا بِاتِّفَاقِهِمَا كَالْمُسْتَأْمَنِينَ. (وَلَا يَحْكُمُ إِلَّا بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ} [المائدة: 42] فَإِذَا حَكَمَ، لَزِمَهُمْ حُكْمُنَا لَا شَرِيعَتُنَا. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُمْ إِذَا لَمْ يَتَحَاكَمُوا إِلَيْنَا، فَلَيْسَ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَتْبَعَ شَيْئًا مِنْ أُمُورِهِمْ، وَلَا يُدْعَوْنَ إِلَى حُكْمِنَا، نَصَّ عَلَى الْكُلُّ.
فَرْعٌ: لَا يُحْضِرُ يَهُودِيًّا يَوْمَ سَبْتٍ، ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ أَيْ لِبَقَاءِ تَحْرِيمِهِ عَلَيْهِ، وَفِيهِ وَجْهَانِ، أَوْ مُطْلَقًا، لِضَرَرِهِ بِإِفْسَادِ سَبْتِهِ، وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: يُحْتَمَلُ أَنَّ السَّبْتَ مُسْتَثْنًى مَنْ عَمِلَ فِي إِجَارَةٍ. (وَإِنْ تَبَايَعُوا بُيُوعًا) أَوْ تَعَاقَدُوا عُقُودًا (فَاسِدَةً) كَخَمْرٍ وَنَحْوِهِ (وَتَقَابَضُوا) مِنَ الطَّرَفَيْنِ، ثُمَّ أَسْلَمُوا، أَوْ أَتَوْنَا (لَمْ يُنْقَضْ فِعْلُهُمْ) لِأَنَّهُ قَدْ تَمَّ بِالتَّقَابُضِ، وَلِأَنَّهُ فِيهِ مَشَقَّةٌ، وَتَنْفِيرا مِنَ الْإِسْلَامِ بِتَقْدِيرِ إِرَادَتِهِ. (وَإِنْ لَمْ يَتَقَابَضُوا) سَوَاءٌ كَانَ مِنَ الطَّرَفَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا (فَسَخَهُ) لِأَنَّهُ لَمْ يَتِمَّ فَيُنْقَضَ لِعَدَمِ صِحَّتِهِ. (سَوَاءٌ كَانَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَهُمْ حَاكِمُهُمْ أَمْ لَا) أَيْ: لَوْ تَرَافَعُوا إِلَى حَاكِمِهِمْ فَأَلْزَمَهُمْ بِالتَّقَابُضِ، لَا يَلْزَمُ إِمْضَاءُ حُكْمِهِ؛ لِأَنَّهُ لَغْوٌ، لِعَدَمِ شَرْطِهِ وَهُوَ الْإِسْلَامُ. وَقِيلَ: إِنِ ارْتَفَعُوا بَعْدَ أَنْ أَلْزَمَهُمْ حَاكِمُهُمْ بِالْقَبْضِ، نُفِّذَ، وَهَذَا لِالْتِزَامِهِمْ بِحُكْمِهِ
يُقْبَلُ مِنْهُ إِلَّا الْإِسْلَامُ أَوِ الدِّينُ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ، وَيُحْتَمَلُ أَلَّا يُقْبَلَ مِنْهُ إِلَّا الْإِسْلَامُ، فَإِنْ أَبَى هُدِّدَ وَحُبِسَ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقْتَلَ. وَعَنْهُ: أَنَّهُ يُقَرُّ، وَإِنِ انْتَقَلَ إِلَى
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
لَا لُزُومِهُ لَهُمْ. وَعَنْهُ: لَا يُنْقَضُ فِي الْخَمْرِ خَاصَّةً إِذَا قُبِضَتْ دُونَ ثَمَنِهَا؛ لِأَنَّهَا مَالٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِمْ، فَيَصِحُّ بَيْعُهَا كَالْأَمْتِعَةِ، فَيَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ دَفْعُهُ إِلَى الْبَائِعِ، أَوْ وَارِثِهِ، بِخِلَافِ خِنْزِيرٍ لِحُرْمَةِ عَيْنِهِ، فَإِنْ أَسْلَمَ الْوَارِثُ، فَلَهُ الثَّمَنُ، قَالَهُ فِي " الْمُسْتَوْعِبِ " وَغَيْرِهِ، لِثُبُوتِهِ قَبْلَ إِسْلَامِهِ. وَنَقَلَهُ أَبُو دَاوُدَ.
مَسْأَلَةٌ: إِذَا كَانَ لِذِمِّيٍّ عَلَى مِثْلِهِ خَمْرٌ بِقَرْضٍ أَوْ غَصْبٍ، فَأَيُّهُمَا أَسْلَمَ فَلَا شَيْءَ لَهُ بِهَا، نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ إِنْ كَانَ رَبَّهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَخْذُهَا لأنها محرمة عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ الْآخَرُ، سَقَطَتْ مِنْ ذِمَّتِهِ، لِعَدَمِ مَالِيَّتِهَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمُسْلِمِ، وَقِيلَ: إِذَا لَمْ يُسْلِمْ رَبُّهَا، فَلَهُ قِيمَتُهَا؛ لِأَنَّهَا مَالٌ كَانَ ثَابِتًا فِي ذِمَّتِهِ قَبْلَ الْإِسْلَامِ، فَلَا يَسْقُطُ بِهِ كَغَيْرِهِ مِنَ الدُّيُونِ، وَلَوْ كَانَتْ عَلَيْهِ مِنْ مُسْلِمٍ لَمْ يَكُنْ لِرَبِّهَا إِلَّا رَأْسُ مَالِهِ.
أُخْرَى: إِذَا تَبَايَعُوا بِرِبًا فِي أَسْوَاقِنَا مُنِعُوا مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ عَائِدٌ بِفَسَادِ نَقْدِنَا؛ وَكَذَا إِنْ أَظْهَرُوا بَيْعَ مَأْكُولٍ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ، كَشِرَاءٍ. ذَكَرَهُ الْقَاضِي، وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَتَعَلَّمُوا الرَّمْيَ.
(وَإِنْ تَهَوَّدَ نَصْرَانِيٌّ أَوْ تَنَصَّرَ يَهُودِيٌّ، لَمْ يُقَرَّ، وَلَا يُقْبَلْ مِنْهُ إِلَّا الْإِسْلَامُ أَوِ الدِّينُ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ) هَذَا إِحْدَى الرِّوَايَاتِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ "؛ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ دِينٌ حَقٌّ، وَالدِّينُ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ دِينٌ صُولِحَ عَلَيْهِ، فَلَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ غَيْرُهُمَا؛ لِاعْتِرَافِهِ بِأَنَّ مَا انْتَقَلَ إِلَيْهِ دِينٌ بَاطِلٌ، فَلَمْ يُقَرَّ عَلَيْهِ، أَشْبَهَ مَا لَوِ انْتَقَلَ إِلَى الْمَجُوسِيَّةِ. (وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يُقْبَلَ مِنْهُ إِلَّا الْإِسْلَامُ) هَذَا رِوَايَةٌ؛ لِأَنَّ الدِّينَ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ قَدِ اعْتَرَفَ بِبُطْلَانِهِ، وَالدِّينُ الَّذِي انْتَقَلَ إِلَيْهِ كَانَ مُعْتَرِفًا بِبُطْلَانِهِ، فَلَمْ يَبْقَ غَيْرُ الْإِسْلَامِ، فَيُجْبَرُ عَلَيْهِ؛ (فَإِنْ أَبَى) مِنْ فِعْلِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ (هُدِّدَ وَحُبِسَ) وَلَمْ يُقْتَلْ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ دِينِ أَهْلِ الْكِتَابِ فَلَمْ يُقْتَلْ كَالْبَاقِي عَلَى دِينِهِ. (وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقْتَلَ) هَذَا رِوَايَةٌ لِعُمُومِ قَوْلِهِ عليه السلام «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ» وَلِأَنَّهُ انْتَقَلَ إِلَى دِينٍ لَا يُقَرُّ عَلَيْهِ، أَشْبَهَ الْمُسْلِمَ إِذَا ارْتَدَّ. وَفَى اسْتِتَابَتِهِ وَجْهَانِ (وَعَنْهُ: أَنَّهُ يُقَرُّ) هَذَا ظَاهِرُ الْخِرَقِيِّ،
غَيْرِ دِينِ أَهْلِ الْكِتَابِ، أَوِ انْتَقَلَ الْمَجُوسِيُّ إِلَى غَيْرِ دِينِ أَهْلِ الْكِتَابِ، لَمْ يُقَرَّ، وَأُمِرَ أَنْ يُسْلِمَ، فَإِنْ أَبَى قُتِلَ. وَإِنِ انْتَقَلَ غَيْرُ الْكِتَابِيِّ إِلَى دِينِ أَهْلِ الْكِتَابِ، أُقِرَّ، وَيُحْتَمَلُ أَن لَا يُقْبَلَ مِنْهُ إِلَّا الْإِسْلَامُ، وَإِنْ تَمَجَّسَ الْوَثَنِيُّ، فَهَلْ يُقَرُّ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَاخْتَارَهُ الْخَلَّالُ وَصَاحِبُهُ؛ لِأَنَّهُ دِينُ أَهْلِ الْكِتَابِ فَأُقِرَّ عَلَيْهِ كَأَهْلِهِ.
فَرْعٌ: إِذَا كَذَّبَ نَصْرَانِيٌّ بِمُوسَى، خَرَجَ مِنَ النَّصْرَانِيَّةِ، لِتَكْذِيبِهِ عِيسَى. وَلَمْ يُقَرَّ، وَلَا يَهُودِيٌّ بِعِيسَى، وَإِنْ تَزَنْدَقَ الذِّمِّيُّ، لَمْ يُقْتَلْ لِأَجْلِ الْجِزْيَةِ، نَقَلَهُ ابْنُ هَانِئٍ (وَإِنِ انْتَقَلَ الْكِتَابِيُّ إِلَى غَيْرِ دِينِ أَهْلِ الْكِتَابِ، أَوِ انْتَقَلَ الْمَجُوسِيُّ إِلَى غَيْرِ دِينِ أَهْلِ الْكِتَابِ، لَمْ يُقَرَّ) لِأَنَّهُ انْتَقَلَ إِلَى دِينٍ لَا يُقَرُّ عَلَيْهِ بِالْجِزْيَةِ كَعَبَدَةِ الْأَوْثَانِ (وَأُمِرَ أَنْ يُسْلِمَ) لِأَنَّ كُلَّ أَحَدٍ مَأْمُورٌ بِذَلِكَ، لَا سِيَّمَا مَنْ لَا كِتَابَ لَهُ، وَلَا شُبْهَةَ كِتَابٍ، وَالْمَنْصُوصُ، وَاخْتَارَهُ الْخَلَّالُ وَصَاحِبُهُ: أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ إِلَّا الْإِسْلَامُ؛ لِأَنَّ غَيْرَهُ أَدْيَانٌ بَاطِلَةٌ فَلَمْ يُقَرَّ عَلَيْهِ لِإِقْرَارِهِ بِبُطْلَانِهَا، كَالْمُرْتَدِّ. (فَإِنْ أَبَى قُتِلَ) لِأَنَّهُ انْتَقَلَ إِلَى أَدْنَى مِنْ دِينِهِ، وَعَنْهُ: لَا يُقْبَلُ مِنْهُ إِلَّا الْإِسْلَامُ، أَوِ الدِّينُ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ أُقِرَّ عَلَيْهِ أَوَّلًا، وَلَمْ يَنْتَقِلْ إِلَى خَيْرٍ مِنْهُ، فَنُقِرُّهُ إِنْ رَجَعَ إِلَيْهِ. وَفَى ثَالِثَةٍ: أَوْ دِينِ أَهْلِ كِتَابٍ؛ لِأَنَّهُ دِينٌ يُقَرُّ عَلَيْهِ كَغَيْرِهِ.
(وَإِنِ انْتَقَلَ غَيْرُ الْكِتَابِيِّ) كَالْمَجُوسِيِّ (إِلَى دِينِ أَهْلِ الْكِتَابِ) أُقِرَّ عَلَى الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّهُ أَعْلَى وَأَكْمَلُ مِنْ دِينِهِ لِكَوْنِهِ يُقَرُّ عَلَيْهِ أَهْلُهُ، وَتُؤْكَلُ ذَبَائِحُهُمْ، وَتَحِلُّ مُنَاكَحَتُهُمْ. (وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يُقْبَلَ مِنْهُ إِلَّا الْإِسْلَامُ) هَذَا رِوَايَةٌ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِبُطْلَانِ دِينِهِ بَعْدَ أَنْ كَانَ مُقِرًّا بِبُطْلَانِ مَا سِوَاهُ. وَفَى ثَالِثَةٍ: لَا يُقْبَلُ مِنْهُ إِلَّا الْإِسْلَامُ أَوِ الدِّينُ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ، لِمَا تَقَدَّمَ. (وَإِنْ تَمَجَّسَ الْوَثَنِيُّ، فَهَلْ يُقَرُّ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ) .
إِحْدَاهُمَا: يُقَرُّ، وَذَكَرَ فِي " الشَّرْحِ " أَنَّهَا الْأَوْلَى؛ لِأَنَّهُ انْتَقَلَ إِلَى دِينٍ أَفْضَلَ مِنْ دِينِهِ، أَشْبَهَ الْوَثَنِيَّ إِذَا تَهَوَّدَ.
والثَّانِيَةُ: لَا يُقَرُّ؛ لِأَنَّهُ انْتَقَلَ إِلَى دِينٍ لَا تَحِلُّ ذَبَائِحُهُمْ، وَلَا تُنْكَحُ نِسَاؤُهُمْ، أَشْبَهَ