المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌لا يجوز للمعتكف الخروج إلا لما لا بد منه - المبدع في شرح المقنع - ط العلمية - جـ ٣

[برهان الدين ابن مفلح الحفيد]

فهرس الكتاب

- ‌كِتَابُ الصِّيَامِ

- ‌[تَعْرِيفُ الصوم وَحُكْمُهُ]

- ‌[إِذَا رَأَى الْهِلَالَ أَهْلُ بَلَدٍ لَزِمَ النَّاسَ كُلَّهُمُ الصَّوْمُ]

- ‌[يَثْبُتُ هِلَالُ رَمَضَانَ بِقَوْلِ الْوَاحِدِ]

- ‌[مَنْ يَجِبُ عَلَيْهِ الصَّوْمُ]

- ‌[إِذَا قَامَتِ الْبَيِّنَةُ بِالرُّؤْيَةِ فِي أَثْنَاءِ النَّهَارِ لَزِمَهُمُ الْإِمْسَاكُ وَالْقَضَاءُ]

- ‌ بَلَغَ الصَّبِيُّ صَائِمًا

- ‌[صَوْمُ الْكَبِيرِ وَالْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ]

- ‌[صَوْمُ الْحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ]

- ‌[صَوْمُ الْمَجْنُونِ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ]

- ‌[وُجُوبُ تَبْيِيتِ نِيَّةِ صَوْمِ الْوَاجِبِ مِنَ اللَّيْلِ]

- ‌بَابُ مَا يُفْسِدُ الصَّوْمَ وَيُوجِبُ الْكَفَّارَةَ

- ‌[مَا لَا يُفْسِدُ الصَّوْمَ]

- ‌[مَا يُوجِبُ الْقَضَاءَ وَالْكَفَّارَةَ في الصيام]

- ‌[كُلُّ أَمْرٍ غُلِبَ عَلَيْهِ الصَّائِمُ فَلَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءٌ وَلَا كَفَّارَةٌ]

- ‌[كَفَّارَةُ الجماع في رمضان]

- ‌بَابُ مَا يُكْرَهُ لِلصَّائِمِ فِعْلُهُ وَمَا يُسْتَحَبُّ وَحُكْمُ الْقَضَاءِ

- ‌[اسْتِحْبَابُ تَعْجِيلِ الْإِفْطَارِ وَتَأْخِيرِ السُّحُورِ وَالتَّتَابُعِ فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ]

- ‌ تَأْخِيرُ قَضَاءِ رَمَضَانَ إِلَى رَمَضَانَ آخَرَ لِغَيْرِ عُذْرٍ

- ‌[مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صَوْمٌ أَوْ حَجٌّ أَوِ اعْتِكَافٌ مَنْذُورٌ فَعَلَهُ عَنْهُ وَلِيُّهُ]

- ‌بَابُ صَوْمِ التَّطَوُّعِ

- ‌[مَا يُكْرَهُ صَوْمُهُ مِنَ الْأَيَّامِ]

- ‌مَنْ دَخَلَ فِي صَوْمٍ أَوْ صَلَاةٍ تَطَوُّعًا، اسْتُحِبَّ لَهُ إِتْمَامُهُ

- ‌[الْتِمَاسُ لَيْلَةِ الْقَدْرِ]

- ‌كِتَابُ الِاعْتِكَافِ

- ‌[تَعْرِيفُ الاعتكاف وَحُكْمُهُ]

- ‌[اعْتِكَافُ الْمَرْأَةِ بِغَيْرِ إِذْنِ زَوْجِهَا]

- ‌[الِاعْتِكَافُ لَا يَصِحُّ إِلَّا فِي الْمَسْجِدِ]

- ‌[أَفْضَلُ الْمَسَاجِدِ الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ]

- ‌لَا يَجُوزُ لِلْمُعْتَكِفِ الْخُرُوجُ إِلَّا لِمَا لَا بُدَّ مِنْهُ

- ‌يُسْتَحَبُّ لِلْمُعْتَكِفِ التَّشَاغُلُ بِفِعْلِ الْقُرَبِ

- ‌كِتَابُ الْمَنَاسِكِ

- ‌[تَعْرِيفُ الْمَنَاسِكِ]

- ‌[حُكْمُ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ]

- ‌[شُرُوطُ وُجُوبِ الْحَجِّ]

- ‌[الِاسْتِطَاعَةُ مِنْ شُرُوطِ الْحَجِّ]

- ‌يُشْتَرَطُ لِوُجُوبِ الْحَجِّ عَلَى الْمَرْأَةِ وُجُودُ مَحْرَمِهَا

- ‌بَابُ الْمَوَاقِيتِ

- ‌بَابُ الْإِحْرَامِ

- ‌[مَا يُسْتَحَبُّ لِلْمُحْرِمِ]

- ‌[التَّخْيِيرُ بَيْنَ التَّمَتُّعِ وَالْإِفْرَادِ وَالْقِرَانِ]

- ‌[صِفَةُ التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ]

- ‌[وُجُوبُ دَمِ نُسُكٍ عَلَى الْمُتَمَتِّعِ وَالْقَارِنِ]

- ‌[حُكْمُ التَّلْبِيَةِ]

- ‌بَابُ مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ

- ‌[الْأَوَّلُ وَالثَّانِي حَلْقُ الشَّعْرِ وَتَقْلِيمُ الْأَظْفَارِ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّالِثُ: تَغْطِيَةُ الرَّأْسِ]

- ‌[الْفَصْلُ الرَّابِعُ: لُبْسُ الْمَخِيطِ وَالْخُفَّيْنِ]

- ‌ الْخَامِسُ: الطِّيبُ

- ‌السَّادِسُ: قَتْلُ صَيْدِ الْبَرِّ

- ‌ السَّابِعُ: عَقْدُ النِّكَاحِ

- ‌ الثَّامِنُ: الْجِمَاعُ فِي الْفَرْجِ

- ‌ التَّاسِعُ: الْمُبَاشِرَةُ

- ‌بَابُ الْفِدْيَةِ

- ‌[أَنْوَاعُ الفدية في الحج]

- ‌[دَمُ الْمُتْعَةِ وَالْقِرَانِ]

- ‌ فِدْيَةُ الْوَطْءِ يَجِبُ بِهِ بَدَنَةٌ

- ‌[النَّوْعُ الثَّانِي الْمُحْصَرُ يَلْزَمُهُ الْهَدْيُ]

- ‌ الدِّمَاءُ الْوَاجِبَةُ لِلْفَوَاتِ

- ‌[حُكْمُ تَكَرُّرِ الْمَحْظُورِ مَنْ جِنْسٍ]

- ‌كُلُّ هَدْيٍ أَوْ إِطْعَامٍ، فَهُوَ لِمَسَاكِينِ الْحَرَمِ

- ‌[تُجْزِئُ الْبَقَرَةُ مَكَانَ الْبَدَنَةِ]

- ‌بَابُ جَزَاءِ الصَّيْدِ

- ‌[مَا قَضَتْ بِهِ الصَّحَابَةُ في جزاء الصيد]

- ‌[مَا لَمْ تَقْضِ فِيهِ الصَّحَابَةُ في جزاء الصيد]

- ‌ مَا لَا مِثْلَ لَهُ

- ‌بَابُ صَيْدِ الْحَرَمِ وَنَبَاتِهِ

- ‌[حُكْمُ صَيْدِ الْحَرَمِ وَنَبَاتِهِ]

- ‌يَحْرُمُ صَيْدُ الْمَدِينَةِ وَشَجَرُهَا وَحَشِيشُهَا

- ‌بَابُ ذِكْرِ دُخُولِ مَكَّةَ

- ‌[مَا يَقُولُ إِذَا رَأَى الْبَيْتَ]

- ‌[أَوَّلُ مَا يَبْدَأُ بِهِ عند زيارة البيت الطَوَاف]

- ‌[طَوَافُ الْمُحْدِثِ]

- ‌[صَلَاةُ رَكْعَتَيْنِ خَلْفَ الْمَقَامِ]

- ‌[السَّعْيُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ]

- ‌بَابُ‌‌ صِفَةِ الْحَجِّ

- ‌ صِفَةِ الْحَجِّ

- ‌[عَرَفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ إِلَّا بَطْنَ عُرَنَةَ]

- ‌[الدَّفْعُ إِلَى مُزْدَلِفَةَ]

- ‌[نَحْرُ الْهَدْيِ]

- ‌[حَلْقُ الشَّعْرِ]

- ‌يَحْصُلُ التَّحَلُّلُ بِالرَّمْيِ وَحْدَهُ

- ‌[الْإِفَاضَةُ مِنْ مِنًى إِلَى مَكَّةَ وَطَوَافُ الزِّيَارَةِ]

- ‌[الرُّجُوعُ إِلَى مِنًى وَالْبَيْتُوتَةُ فِيهَا]

- ‌ طَوَافِ الْوَدَاعِ

- ‌[الْوُقُوفُ فِي الْمُلْتَزَمِ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْبَابِ]

- ‌[اسْتِحْبَابُ زِيَارَةِ قَبْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم]

- ‌فَصْلٌ فِي صِفَةِ الْعُمْرَةِ

- ‌فَصْلٌ أَرْكَانُ الْحَجِّ:

- ‌أَرْكَانُ الْعُمْرَةِ:

- ‌ بَابُ الْفَوَاتِ وَالْإِحْصَارِ

- ‌ بَابُ الْهَدْيِ وَالْأَضَاحِيِّ

- ‌[مَا يُجْزِئُ فِي الهدي والأضحية]

- ‌يَتَعَيَّنُ الْهَدْيُ بِقَوْلِهِ: هَذَا هَدْيٌ، أَوْ تَقْلِيدِهِ، أَوْ إِشْعَارِهِ مَعَ النِّيَّةِ

- ‌[الِانْتِفَاعُ بِجِلْدِ الْأُضْحِيَّةِ]

- ‌فَصْلٌ.سَوْقُ الْهَدْيِ مَسْنُونٌ

- ‌[نَذْرُ الْهَدْيِ الْمُطْلَقِ]

- ‌[حُكْمُ الْأُضْحِيَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْعَقِيقَةِ]

- ‌[تَعْرِيفُ العقيقة]

- ‌[الْمَشْرُوعُ فِي العقيقة]

- ‌[حُكْمُ الْعَقِيقَةِ]

- ‌كِتَابُ الْجِهَادِ

- ‌[تَعْرِيفُ الجهاد وَحُكْمُهُ]

- ‌أَقَلُّ مَا يُفْعَلُ مَرَّةً فِي كُلِّ عَامٍ

- ‌[أَفْضَلُ مَا يُتَطَوَّعُ بِهِ الْجِهَادُ]

- ‌[الرِّبَاطُ وَأَحْكَامُهُ]

- ‌[الْهِجْرَةُ وَأَحْكَامُهَا]

- ‌[لَا يُجَاهِدُ مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ أَحَدُ أَبَوَيْهِ مُسْلِمٌ إِلَّا بِإِذْنِ غَرِيمِهِ وَأَبِيهِ]

- ‌لَا يَحِلُّ لِلْمُسْلِمِينَ الْفِرَارُ

- ‌يَجُوزُ تَبْيِيتُ الْكُفَّارِ، وَرَمْيُهُمْ بِالْمَنْجَنِيقِ، وَقَطْعُ الْمِيَاهِ عَنْهُمْ، وَهَدْمُ حُصُونِهِمْ

- ‌[حُكْمُ الْأَسْرَى]

- ‌بَابُ مَا يَلْزَمُ الْإِمَامَ وَالْجَيْشَ

- ‌[جَوَازُ بَذْلِ الْإِمَامِ الْجُعْلَ لِمَنْ يَدُلُّهُ عَلَى طَرِيقٍ أَوْ قَلْعَةٍ أَوْ مَاءٍ]

- ‌[لِلْإِمَامِ أَنْ يَنْفُلَ زِيَادَةً عَلَى السَّهْمِ الْمُسْتَحَقِّ]

- ‌[لُزُومُ الْجَيْشِ طَاعَة الْأَمِيرِ]

- ‌[حُكْمُ الْمُبَارِزَةِ]

- ‌لَا يَجُوزُ الْغَزْوُ إِلَّا بِإِذْنِ الْأَمِيرِ

- ‌بَابُ قِسْمَةِ الْغَنَائِمِ

- ‌مَا أُخِذَ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ مِنْ رِكَازٍ أَوْ مُبَاحٍ لَهُ قِيمَةٌ فَهُوَ غَنِيمَةٌ

- ‌[كَيْفَ يُقَسِّمُ الْإِمَامُ الْأَسْلَابَ]

- ‌[نَصِيبُ الرَّاجِلِ وَالْفَارِسِ]

- ‌[مَنِ اسْتُؤْجِرَ لِلْجِهَادِ مِمَّنْ لَا يَلْزَمُهُ فَلَيْسَ لَهُ إِلَّا الْأُجْرَةُ]

- ‌[مَنْ مَاتَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْحَرْبِ فَسَهْمُهُ لِوَارِثِهِ]

- ‌[إِذَا وَطِئَ جَارِيَةً مِنَ الْمَغْنَمِ مِمَّنْ لَهُ فِيهَا حَقٌّ أُدِّبَ وَلَا يَبْلُغُ بِهِ الْحَدَّ]

- ‌[الْغُلُولُ مِنَ الْغَنِيمَةِ]

- ‌بَابُ حُكْمِ الْأَرَضِينَ الْمَغْنُومَةِ

- ‌الْمَرْجِعُ فِي الْخَرَاجِ وَالْجِزْيَةِ إِلَى اجْتِهَادِ الْإِمَامِ فِي الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ

- ‌[الْخَرَاجُ عَلَى الْمَالِكِ دُونَ الْمُسْتَأْجِرِ]

- ‌بَابُ الْفَيْءِ

- ‌[إِسْقَاطُ الْخَرَاجِ]

- ‌بَابُ الْأَمَانِ

- ‌[جَوَازُ عَقْدِ الْأَمَانِ لِلرَّسُولِ وَالْمُسْتَأْمَنِ]

- ‌بَابُ الْهُدْنَةِ

- ‌لَا يَصِحُّ عَقْدُ الْهُدْنَةِ وَالذِّمَّةِ إِلَّا مِنَ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ

- ‌[الشُّرُوطُ الْفَاسِدَةُ فِي الْهُدْنَةِ]

- ‌[الشُّرُوطُ الصَّحِيحَةُ فِي الْهُدْنَةِ]

- ‌بَابُ عَقْدِ الذِّمَّةِ

- ‌[حُكْمُ عقد الذمة]

- ‌[مَنْ لَا جِزْيَةَ عَلَيْهِ]

- ‌[بَابُ أَحْكَامِ أَهْلِ الذِّمَّةِ]

- ‌[مَا يُمْنَعُ مِنْهُ أَهْلُ الذِّمَّةِ]

- ‌[يُمْنَعُ أَهْلُ الذِّمَّةِ مِنَ الْإِقَامَةِ بِالْحِجَازِ]

- ‌[تِجَارَةُ الذِّمِّيِّ وَالْحَرْبِيِّ]

- ‌[حِفْظُ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَالْمَنْعُ مِنْ أَذَاهُمْ]

- ‌فَصْلٌ. فِي نَقْضِ الْعَهْدِ

الفصل: ‌لا يجوز للمعتكف الخروج إلا لما لا بد منه

الْقَاضِي، وَإِنْ نَذَرَ أَيَّامًا أَوْ لَيَالِيَ مُتَتَابِعَةً لَزِمَهُ مَا يَتَخَلَّلُهَا مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ.

فَصْلٌ وَ‌

‌لَا يَجُوزُ لِلْمُعْتَكِفِ الْخُرُوجُ إِلَّا لِمَا لَا بُدَّ مِنْهُ

لِحَاجَةِ الْإِنْسَانِ وَالطَّهَارَةِ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

وَلَمْ يَلْزَمْهُ التَّتَابُعُ إِلَّا أَنْ يَنْوِيَهُ؛ لِأَنَّ الْأَيَّامَ الْمُطْلَقَةَ تُؤْخَذُ بِدُونِ التَّتَابُعِ فَلَمْ يَلْزَمْهُ كَنَذْرِ صَوْمِهَا، وَاحْتِجَاجُ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ بِالْآيَةِ يَدُلُّ عَلَيْهِ (إِلَّا عِنْدَ الْقَاضِي) فَيَلْزَمُهُ التَّتَابُعُ كَلَفْظِ الشَّهْرِ، فَعَلَى هَذَا تَلْزَمُهُ اللَّيَالِي الدَّاخِلَةُ فِي الْأَيَّامِ الْمَنْذُورَةِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ لَا، إِلَّا أَنْ يَنْوِيَ التَّتَابُعَ أَوْ لِشَرْطِهِ، وَقِيلَ: يَلْزَمُهُ إِلَّا فِي ثَلَاثِينَ يَوْمًا لِلْقَرِينَةِ؛ لِأَنَّ الْعِبَادَةَ فِيهِ لَفْظُ الشَّهْرِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، (وَإِنْ نَذَرَ أَيَّامًا أَوْ لَيَالِيَ مُتَتَابِعَةً) بِشَرْطه أَوْ نِيَّتِهِ (لَزِمَهُ مَا يَتَخَلَّلُهَا مِنْ لَيْلٍ) إِذَا نَذَرَ الْأَيَّامَ (أَوْ نَهَارٍ) إِذَا نَذَرَ اللَّيَالِيَ، نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْيَوْمَ اسْمٌ لِبَيَاضِ النَّهَارِ وَاللَّيْلَةُ اسْمٌ لِسَوَادِ اللَّيْلِ، وَالتَّثْنِيَةُ وَالْجَمْعُ تَكْرَارُ الْوَاحِدِ، وَإِنَّمَا يَدْخُلُ مَا تَخَلَّلَهُ لِلُزُومِ التَّتَابُعِ ضِمْنًا، وَخَرَّجَ ابْنُ عَقِيلٍ لَا يَلْزَمُهُ، وَاخْتَارَهُ أَبُو حَكِيمٍ لِعَدَمِ تَنَاوُلِ اللَّفْظِ لَهُ، وَفِي ثَالِثٍ: لَا يَلْزَمُهُ اللَّيْلُ فَإِنْ نَذَرَ اعْتِكَافَ يَوْمَيْنِ، لَزِمَهُ يَوْمَانِ وَلَيْلَةٌ بَيْنَهُمَا.

تَنْبِيهٌ: إِذَا نَذَرَ اعْتِكَافَ يَوْمٍ مُعَيَّنًا أَوْ مُطْلَقًا دَخَلَ مُعْتَكَفَهُ قَبْلَ فَجْرِهِ الثَّانِي، وَخَرَجَ بَعْدَ غُرُوبِ شَمْسِهِ؛ لِأَنَّهُ اسْمٌ لِلْيَوْمِ، وَلَا تَلْزَمُهُ اللَّيْلَةُ الَّتِي قَبْلَهُ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنَ الْيَوْمِ، وَإِذَا نَذَرَ لَيْلَةً لَزِمَتْهُ فَقَطْ، فَيَدْخُلُ قَبْلَ الْغُرُوبِ، وَيَخْرُجُ بَعْدَ فَجْرِهَا الثَّانِي. وَإِنِ اعْتَبَرْنَا الصَّوْمَ، لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ، وَإِذَا نَذَرَ اعْتِكَافَ يَوْمٍ لَمْ يَجُزْ تَفْرِيقُهُ بِسَاعَاتٍ مِنْ أَيَّامٍ؛ لِأَنَّهُ يُفْهَمُ مِنْهُ التَّتَابُعُ أَشْبَهَ مَا لَوْ قَيَّدَهُ بِهِ، وَإِذَا قَالَ فِي وَسَطِ النَّهَارِ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَعْتَكِفَ يَوْمًا مِنْ وَقْتِي، تَعَيَّنَ مِنْهُ إِلَى مِثْلِهِ، وَفِي دُخُولِ اللَّيْلِ الْخِلَافُ، وَإِذَا نَذَرَ شَهْرًا مُتَفَرِّقًا فَلَهُ تَتَابُعُهُ قَالَ الْمَجْدُ: لِأَنَّهُ أَفْضَلُ، كَاعْتِكَافِهِ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِذَا نَذَرَ غَيْرَهُ، وَإِذَا نَذَرَ اعْتِكَافَ يَوْمِ يَقْدَمُ زَيْدٌ فَقَدِمَ لَيْلًا لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ، وَإِنْ قَدِمَ فِي بَعْضِ النَّهَارِ لَزِمَهُ اعْتِكَافُ الْبَاقِي، وَلَمْ يَلْزَمْهُ قَضَاءُ مَا مَضَى مِنْهُ.

[لَا يَجُوزُ لِلْمُعْتَكِفِ الْخُرُوجُ إِلَّا لِمَا لَا بُدَّ مِنْهُ]

فَصْلٌ (وَلَا يَجُوزُ لِلْمُعْتَكِفِ الْخُرُوجُ) فِيمَا إِذَا عَيَّنَ مُدَّةً أَوْ شَرَطَ التَّتَابُعَ فِي عَدَدٍ (إِلَّا لِمَا لَا

ص: 69

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

بُدَّ مِنْهُ) لِمَا رَوَتْ عَائِشَةُ أَنَّهَا قَالَتْ: «السُّنَّةُ لِلْمُعْتَكِفِ أَنْ لَا يَخْرُجُ إِلَّا لِمَا لَا بُدَّ مِنْهُ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ (لِحَاجَةِ الْإِنْسَانِ) كَالْبَوْلِ، وَالْغَائِطِ إِجْمَاعًا، وَسَنَدُهُ قَوْلُ عَائِشَةَ:«كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَا يَدْخُلُ الْبَيْتَ إِلَّا لِحَاجَةِ الْإِنْسَانِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَلَوْ بَطَلَ بِالْخُرُوجِ إِلَيْهِمَا لَمْ يَصِحَّ لِأَحَدٍ اعْتِكَافٌ وَكَنَّى بِهَا عَنْهُمَا؛ لِأَنَّ كُلَّ إِنْسَانٍ يَحْتَاجُ إِلَى فِعْلِهِمَا، وَيُلْحَقُ بِهِمَا قَيْءٌ بَغْتَةً، وَغَسْلُ مُتَنَجِّسٍ يَحْتَاجُهُ، وَلَهُ الْمَشْيُ عَلَى عَادَتِهِ، وَقَصْدُ مَنْزِلِهِ إِنْ لَمْ يَجِدْ مَكَانًا يَلِيقُ بِهِ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ عَلَيْهِ فِيهِ، وَلَا مِنْهُ كَسِقَايَةٍ لَا يَحْتَشِمُ مِثْلُهُ مِنْهَا، وَلَا نَقْصَ عَلَيْهِ، قَالُوا: وَلَا مُخَالَفَةَ لِعَادَتِهِ، وَفِيهِ نَظَرٌ. قَالَ فِي " الْفُرُوعِ " وَيَلْزَمُهُ قَصْدُ أَقْرَبِ مَنْزِلَيْهِ لِدَفْعِ حَاجَتِهِ، وَإِنْ بَذَلَ لَهُ صَدِيقُهُ أَوْ غَيْرُهُ مَنْزِلَهُ الْقَرِيبَ لِقَضَاءِ حَاجَتِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ لِلْمَشَقَّةِ بِتَرْكِ الْمُرُوءَةِ وَالِاحْتِشَامِ، فَلَوْ بَالَ فِي الْمَسْجِدِ، حَرُمَ، لِقَوْلِهِ عليه السلام:«إِنَّ الْمَسَاجِدَ لَمْ تُبْنَ لِهَذَا» ، وَفِيهِ احْتِمَالٌ لِفِعْلِ أَبِي وَائِلٍ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَجُوزَ لِكِبَرٍ وَمَرَضٍ، وَكَذَا يَخْرُجُ لِفَصْدٍ وَحِجَامَةٍ، وَفِيهِمَا احْتِمَالٌ يَجُوزُ فِي إِنَاءٍ كَالْمُسْتَحَاضَةِ، وَالْفَرْقُ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُهَا التَّحَرُّزَ إِلَّا بِتَرْكِ الِاعْتِكَافِ، وَقِيلَ: الْجَوَازُ لِضَرُورَةٍ فَإِنْ بَالَ خَارِجًا، وَجَسَدُهُ فِيهِ لَا ذَكَرُهُ كُرِهَ، وَعَنْهُ: يَحْرُمُ.

تَنْبِيهٌ: الْحَاجَةُ إِلَى الْمَأْكُولِ، وَالْمَشْرُوبِ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَنْ يَأْتِيهِ بِهِ فِي مَعْنَى مَا سَبَقَ، نَصَّ عَلَيْهِ وَلَا يَجُوزُ خُرُوجُهُ لَهُمَا فِي بَيْتِهِ فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخَانِ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ لِإِبَاحَتِهِ، وَلَا نَقْصَ فِيهِ، وَذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّهُ: يَتَوَجَّهُ الْجَوَازُ، وَاخْتَارَهُ أَبُو حَكِيمٍ لِمَا فِيهِ تَرْكُ الْمُرُوءَةِ، وَيَسْتَحْيِي أَنْ يَأْكُلَ وَحْدَهُ، وَيُرِيدَ أَنْ يُخْفِيَ جِنْسَ قُوتِهِ، وَجَوَّزَ ابْنُ حَامِدٍ الْيَسِيرَ كَلُقْمَةٍ وَلُقْمَتَيْنِ لَا كُلِّ أَكْلِهِ، وَلَهُ غَسْلُ يَدِهِ فِي إِنَاءٍ مِنْ وَسَخٍ وَزَفَرِ وَنَحْوِهِمَا، (وَالطَّهَارَةُ) كَغُسْلِ جَنَابَةٍ وَوُضُوءٍ لِحَدَثٍ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَقُدِّمَا عَلَى الِاعْتِكَافِ؛ لِأَنَّ

ص: 70

وَالْجُمُعَةِ وَالنَّفِيرِ الْمُتَعَيَّنِ وَالشَّهَادَةِ الْوَاجِبَةِ، وَالْخَوْفِ مِنْ فِتْنَةٍ أَوْ مَرَضٍ، وَالْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ، وَعِدَّةِ الْوَفَاةِ وَنَحْوِهِ، وَلَا يَعُودُ مَرِيضًا، وَلَا يَشْهَدُ جِنَازَةً إِلَّا أَنْ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

الْجُنُبَ يَحْرُمُ عَلَيْهِ اللُّبْثُ فِيهِ، وَالْمُحْدِثُ لَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ بِدُونِ وُضُوءٍ فَإِنْ قُلْنَا: لَا يُكْرَهُ وَضَوْءُهُ فِيهِ فَعَلَهُ بِلَا ضَرَرٍ، وَكَذَا غُسْلُ جُمُعَةٍ إِنْ وَجَبَ، وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ كَتَجْدِيدِ الْوُضُوءِ، (وَالْجُمُعَةُ) ؛ لِأَنَّهُ خُرُوجٌ لِوَاجِبٍ فَلَمْ يَبْطُلِ اعْتِكَافُهُ كَالْمُعْتَدَّةِ، وَلَهُ التَّبْكِيرُ إِلَيْهَا، نَصَّ عَلَيْهِ وَفِي " مُنْتَهَى الْغَايَةِ " احْتِمَالٌ فَهُوَ أَفْضَلُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَبِي الْخَطَّابِ، وَلَهُ إِطَالَةُ الْمَقَامِ بَعْدَهَا، وَلَا يُكْرَهُ لِصَلَاحِيَةِ الْمَوْضِعِ لَهُ، وَيُسْتَحَبُّ عَكْسُهُ فِي ظَاهِرِ كَلَامِ أَحْمَدَ، وَنَقَلَ أَبُو دَاوُدَ: التَّبْكِيرُ أَرْجُو، وَأَنَّهُ يَرْجِعُ بَعْدَهَا عَادَتَهُ، وَلَا يَلْزَمُهُ سُلُوكُ الطَّرِيقِ الْأَقْرَبِ. وَظَاهِرُ مَا سَبَقَ كَقَضَاءِ الْحَاجَةِ. قَالَ: بَعْضُ أَصْحَابِنَا: الْأَفْضَلُ خُرُوجُهُ لِذَلِكَ، وَعَوْدُهُ فِي أَقْصَرِ طَرِيقٍ لَا سِيَّمَا فِي النُّذُورِ، وَالْأَفْضَلُ سُلُوكُ الْأَبْعَدِ إِنْ خَرَجَ لِجُمُعَةٍ وَعِبَادَةٍ وَغَيْرِهَا، (وَالنَّفِيرُ الْمُتَعَيِّنُ) ؛ لِأَنَّهُ، وَاجِبٌ كَالْجُمُعَةِ، وَكَذَا إِنْ تَعَيَّنَ خُرُوجُهُ لِإِطْفَاءِ حَرِيقٍ أَوْ إِنْقَاذِ غَرِيقٍ وَنَحْوِهِ (وَالشَّهَادَةُ الْوَاجِبَةُ) لِظَاهِرِ الْآيَاتِ. وَظَاهِرُهُ وَلَوْ لَمْ يَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ التَّحَمُّلُ، وَاخْتَارَ ابْنُ حَمْدَانَ إِنْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ تَحَمُّلُهَا، وَأَدَاؤُهَا خَرَجَ لَهَا، وَإِلَّا فَلَا، وَإِذَا لَمْ يَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ أَدَاؤُهَا لَمْ يَجُزِ الْخُرُوجُ، (وَالْخَوْفُ) عَلَى نَفْسِهِ أَوْ حُرْمَتِهِ أَوْ مَالِهِ (مِنْ فِتْنَةٍ) ؛ لِأَنَّهُ عُذِرَ مِنْ تَرْكِ الْوَاجِبِ بِأَصْلِ الشَّرْعِ كَالْجُمُعَةِ، فَهَاهُنَا أَوْلَى (أَوْ مَرَضٍ) يَتَعَذَّرُ مَعَهُ الْمُقَامُ فِيهِ، كَالْقِيَامِ الْمُتَدَارَكِ، أَوْ لَا يُمْكِنُهُ إِلَّا بِمَشَقَّةٍ شَدِيدَةٍ، بِأَنْ يَحْتَاجَ إِلَى خِدْمَةٍ وَفِرَاشٍ، وَإِنْ كَانَ خَفِيفًا كَالصُّدَاعِ، وَوَجَعِ الضِّرْسِ لَمْ يَجُزْ إِلَّا أَنْ يُبَاحَ بِهِ الْفِطْرُ فَيُفْطِرَ فَإِنَّهُ يَخْرُجُ إِنْ قِيلَ بِاشْتِرَاطِ الصَّوْمِ، وَإِلَّا فَلَا (وَالْحَيْضُ وَالنِّفَاسُ) ؛ لِأَنَّ اللُّبْثَ مَعَهُمَا فِي الْمَسْجِدِ حَرَامٌ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ رَحْبَةٌ رَجَعَتْ إِلَى بَيْتِهَا فَإِذَا طَهُرَتْ عَادَتْ إِلَى الْمَسْجِدِ، وَإِنْ كَانَ لَهُ رَحْبَةٌ يُمْكِنُهَا ضَرْبُ خِبَاءٍ فِيهَا بِلَا ضَرَرٍ، فَعَلَتْ ذَلِكَ اسْتِحْبَابًا فِي قَوْلِ الْأَكْثَرِ، فَيُشْتَرَطُ الْأَمْنُ عَلَى نَفْسِهَا وَلِهَذَا قِيلَ مَعَ سَلَامَةِ الزَّمَانِ فَإِذَا طَهُرَتْ دَخَلَتْهُ فَأَتَتْ بِمَا بَقِيَ مِنْهُ. وَاخْتَارَ ابْنُ حَمْدَانَ يُسَنُّ جُلُوسُهَا فِي الرحبة غير المحوطة الْمُحَوَّطَةِ، وَإِنْ خَافَتْ تَلْوِيثَهُ فَأَيْنَ شَاءَتْ.

(وَعِدَّةُ الْوَفَاةِ) فِي مَنْزِلِهَا، لِوُجُوبِهَا شَرْعًا كَالْجُمُعَةِ، وَهُوَ حَقٌّ لِلَّهِ، وَلِآدَمِيٍّ لَا يُسْتَدْرَكُ إِذَا تُرِكَ بِخِلَافِ الِاعْتِكَافِ، وَلَا يَبْطُلُ بِهِ (وَنَحْوُهُ) كَمَا إِذَا تَعَيَّنَتْ عَلَيْهِ صَلَاةُ جِنَازَةٍ خَارِجَةٍ، وَدَفْنُ مَيِّتٍ وَنَحْوُهُ، وَكَذَا لَوْ أَكْرَهَهُ سُلْطَانٌ أَوْ غَيْرُهُ عَلَى الْخُرُوجِ فَهُوَ بَاقٍ عَلَى اعْتِكَافِهِ، كَمَنْ خَافَ مِنْ سُلْطَانٍ أَنْ يَأْخُذَهُ ظُلْمًا، وَإِنْ أَخْرَجَهُ لِاسْتِيفَاءِ حَقٍّ عَلَيْهِ، فَإِنْ أَمْكَنَهُ الْخُرُوجُ مِنْهُ بِلَا عُذْرٍ، بَطَلَ، وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّهُ خُرُوجٌ

ص: 71

يَشْتَرِطَهُ، فَيَجُوزُ، وَعَنْهُ: لَهُ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ، وَلَهُ السُّؤَالُ عَنِ الْمَرِيضِ فِي طَرِيقِهِ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

لِوَاجِبٍ، وَإِنْ خَرَجَ نَاسِيًا، لَمْ يَبْطُلْ كَالصَّوْمِ، وَفِي " الْخِلَافِ " وَ " الْفُصُولِ " تَبْطُلُ لِمُنَافَاتِهِ الِاعْتِكَافَ كَالْجِمَاعِ.

(فَرْعٌ) : إِذَا زَالَ العذر رَجَعَ وَقْتَ إِمْكَانِهِ فَإِنْ أَخَّرَهُ بَطَلَ مَا مَضَى، وَلَا يَبْطُلُ بِخُرُوجِهِ تَحْتَ سَقْفِ خِلَافًا لِقَوْمٍ.

(وَلَا يَعُودُ مَرِيضًا وَلَا يَشْهَدُ جِنَازَةً) ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَاخْتَارَهُ الْأَصْحَابُ لِقَوْلِ عَائِشَةَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم «لَا يُعَرِّجُ لِلسُّؤَالِ عَنِ الْمَرِيضِ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. وَفِي مَعْنَاهُمَا كُلُّ قُرْبَةٍ لَا تَتَعَيَّنُ، كَتَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ وَأَدَائِهَا. وَلِأَنَّهُ خُرُوجٌ مِنْهُ بُدٌّ، فَلَمْ يَجُزْ تَرْكُ فَرِيضَةٍ لِفَضِيلَةٍ (إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ)(فَيَجُوزُ) ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَهُوَ قَوْلُ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ، وَلِأَنَّ الِاشْتِرَاطَ يُصَيِّرُهُ كَالْمُسْتَثْنى. وَذَكَرَ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ أَحْمَدَ الْمَنْعَ لِمَا سَبَقَ، وَلَا فَرْقَ فِي الِاشْتِرَاطِ بَيْنَ مَا كَانَ قُرْبَةً كَزِيَارَةِ أَهْلِهِ وَعَالِمٍ، وَبَيْنَ مَا كَانَ مُبَاحًا وَيَحْتَاجُهُ كَالْعَشَاءِ فِي بَيْتِهِ وَالْمَبِيتِ فِيهِ. جَزَمَ بِهِ فِي " الْمُغْنِي " وَ " الشَّرْحِ " وَهُوَ رِوَايَةٌ؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ بِعَقْدِهِ كَالْوَقْفِ، وَلِتَأَكُّدِ الْحَاجَةِ إِلَيْهِمَا، وَامْتِنَاعِ النِّيَابَةِ فِيهِمَا، وَعَنْهُ: الْمَنْعُ، جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ وَاخْتَارَهُ الْمَجْدُ؛ لِمُنَافَاتِهِ الِاعْتِكَافَ، كَشَرْطِ تَرْكِ الْإِقَامَةِ فِي الْمَسْجِدِ وَالنُّزْهَةِ وَالْفُرْجَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُلَائِمُ الِاعْتِكَافَ بِخِلَافِ الْقُرْبَةِ. فَإِنْ شَرَطَ الْخُرُوجَ لِلْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالتَّكَسُّبِ بِالصَّنْعَةِ لَمْ يَجُزْ. فَلَوْ قَالَ: مَتَى مَرِضْتُ أَوْ عَرَضَ لِي عَارِضٌ، خَرَجْتُ، فَلَهُ شَرْطُهُ كَالْإِحْرَامِ، وَجَعَلَ الْمَجْدُ فَائِدَةَ الشَّرْطِ هُنَا سُقُوطَ الْقَضَاءِ فِي الْمُدَّةِ الْمُعَيَّنَةِ (وَعَنْهُ: لَهُ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ) نَقَلَهَا عَنْهُ الْأَثْرَمُ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَكَمِ، لِمَا رَوَى أَحْمَدُ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: الْمُعْتَكِفُ يَعُودُ الْمَرِيضَ، وَيَشْهَدُ الْجِنَازَةَ وَالْجُمُعَةَ، وَلْيَأْتِ أَهْلَهُ، وَلْيَأْمُرْهُمْ بِالْحَاجَةِ، وَهُوَ قَائِمٌ. وَقَوْلُ ابْنِ الْمَنْجَا: إِنَّهُ لَيْسَ بِثَابِتٍ فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ إِسْنَادَهُ صَحِيحٌ قَالَ أَحْمَدُ: عَاصِمٌ عِنْدِي حُجَّةٌ، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى التَّطَوُّعِ جَمْعًا بَيْنَهُمَا، وَهَذَا الْخِلَافُ فِيهِ إِذَا كَانَ وَاجِبًا، فَأَمَّا إِنْ كَانَ تَطَوُّعًا، فَلَهُ تَرْكُهُ رَأْسًا، لَكِنَّ الْأَفْضَلَ مُقَامُهُ عَلَى اعْتِكَافِهِ لِفِعْلِهِ عليه السلام (وَلَهُ السُّؤَالُ عَنِ الْمَرِيضِ

ص: 72

مَا لَمْ يُعَرِّجْ للاعتكاف، وَالدُّخُولُ إِلَى مَسْجِدٍ آخَرَ يُتِمُّ اعْتِكَافَهُ فِيهِ، فَإِنْ خَرَجَ لِمَا لَا بُدَّ مِنْهُ خُرُوجًا مُعْتَادًا كَحَاجَةِ الْإِنْسَانِ وَالطَّهَارَةِ فَلَا شَيْءَ فِيهِ، وَإِنْ خَرَجَ لِغَيْرِ الْمُعْتَادِ فِي الْمُتَتَابِعِ وَتَطَاوَلَ، خُيِّرَ بَيْنَ اسْتِئْنَافِهِ وَإِتْمَامِهِ مَعَ كَفَّارَةِ يَمِينٍ، وَإِنْ فَعَلَهُ فِي مُتَعَيِّنٍ،

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

فِي طَرِيقِهِ مَا لَمْ يُعَرِّجْ) لِقَوْلِ عَائِشَةَ قَالَتْ: كُنْتُ أَدْخُلُ الْبَيْتَ لِلْحَاجَّةِ، وَالْمَرِيضُ فِيهِ، فَمَا أَسْأَلُ عَنْهُ إِلَّا وَأَنَا مَارَّةٌ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَلَيْسَ لَهُ الْوُقُوفُ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَرْكًا لِلِاعْتِكَافِ، (وَ) لَهُ (الدُّخُولُ إِلَى مَسْجِدٍ آخَرَ يُتِمُّ اعْتِكَافَهُ فِيهِ) ؛ لِأَنَّهُ مَحَلٌّ لِلِاعْتِكَافِ، وَالْمَكَانُ لَا يَتَعَيَّنُ بِالنَّذْرِ وَالتَّعْيِينِ فَمَعَ عَدَمِهِ أَوْلَى، وَمَحَلُّهُ إِذَا كَانَ أَقْرَبَ إِلَى مَكَانِ حَاجَتِهِ مِنَ الْأَوَّلِ، فَإِنْ كَانَ أَبْعَدَ، أَوْ خَرَجَ إِلَيْهِ ابْتِدَاءً بِلَا عُذْرٍ بَطَلَ لِتَرْكِهِ لُبْثًا مُسْتَحَقًّا.

(فَإِنْ خَرَجَ لِمَا لَا بُدَّ مِنْهُ خُرُوجًا مُعْتَادًا كَحَاجَةِ الْإِنْسَانِ وَالطَّهَارَةِ) عَنْ حَدَثٍ وَالطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَالْجُمُعَةِ وَكَذَا لِلْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ، (فَلَا شَيْءَ فِيهِ) أَيْ: لَا قَضَاءَ؛ لِأَنَّ الْخُرُوجَ لَهُ كَالْمُسْتَثْنِي لِكَوْنِهِ مُعْتَادًا، وَلَا كَفَّارَةَ، إِذْ لَوْ وَجَبَ فِيهِ شَيْءٌ، لَامْتَنَعَ مُعْظَمُ النَّاسِ مِنْهُ، بَلْ هُوَ بَاقٍ عَلَى اعْتِكَافِهِ، وَلَمْ تَنْقَص بِهِ مُدَّتُهُ، (وَإِنْ خَرَجَ لِغَيْرِ الْمُعْتَادِ) كَالنَّفِيرِ الْمُتَعَيِّنِ وَالشَّهَادَةِ الْوَاجِبَةِ وَنَحْوِهِمَا فَلَهُ أَحْوَالٌ أَحَدُهَا: الْخُرُوجُ (فِي) الِاعْتِكَافِ الْمَنْذُورِ (الْمُتَتَابِعِ) غَيْرِ الْمُعَيَّنِ كَعَشَرَةِ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَةٍ (وَتَطَاوَلَ) أَيْ: زَمَنُهُ (خُيِّرَ) إِذَا زَالَ عُذْرُهُ (بَيْنَ اسْتِئْنَافِهِ) وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِالْمَنْذُورِ عَلَى وَجْهِهِ، فَلَمْ يَلْزَمْهُ كَمَا لَوْ نَذَرَ صَوْمَ شَهْرٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ، فَشَرَعَ ثُمَّ أَفْطَرَ لِعُذْرٍ (وَإِتْمَامِهِ) أَيْ: يَبْنِي، وَيَقْضِي (مَعَ كَفَّارَةِ يَمِينٍ) ؛ لِأَنَّهَا تَجْبُرُ مَا حَصَلَ مِنْ فَوَاتِ التَّتَابُعِ، وَقَدْ نَبَّهَ الْخِرَقِيُّ عَلَى هَذَا فِي النَّذْرِ، وَذَكَرَ أَبُو الْخَطَّابِ رِوَايَةً أَنَّهُ إِذ تَرَكَ الصِّيَامَ الْمَنْذُورَ لِعُذْرٍ: أَنَّهُ لَا كَفَّارَةَ، كَمَا لَوْ أَفْطَرَ فِي رَمَضَانَ لَعُذْرٍ، وَاخْتَارَ فِي " الْمُجَرَّدِ " أَنَّ كُلَّ خُرُوجٍ لِوَاجِبٍ كَشَهَادَةٍ وَجِهَادٍ مُتَعَيِّنَيْنِ لَا كَفَّارَةَ فِيهِ فَمُقْتَضَاهُ: أَنَّ مَا كَانَ مُبَاحًا كَخَوْفٍ مِنْ فِتْنَةٍ وَنَحْوِهِ أَنَّهَا تَجِبُ؛ لِأَنَّهُ خَرَجَ لِحَاجَةِ نَفْسِهِ خُرُوجًا غَيْرَ مُعْتَادٍ، وَفِي " الْمُغْنِي " تَجِبُ الْكَفَّارَةَ إِلَّا لِعُذْرِ حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ؛ لِأَنَّهُ مُعْتَادٌ كَحَاجَةِ الْإِنْسَانِ، وَضَعَّفَهُمَا الْمَجْدُ:

ص: 73

قَضَى، وَفِي الْكَفَّارَةِ وَجْهَانِ وَإِنْ خَرَجَ لِمَا لَهُ مِنْهُ بُدٌّ فِي الْمُتَتَابِعِ، لَزِمَهُ اسْتِئْنَافُهُ، وَإِنْ فَعَلَهُ فِي مُتَعَيِّنٍ، فَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ، وَفِي الِاسْتِئْنَافِ وَجْهَانِ. وَإِنْ وَطِئَ الْمُعْتَكِفُ فِي

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

بِأَنَّا سَوَّيْنَا فِي نَذْرِ الصَّوْمِ بَيْنَ الْأَعْذَارِ، وَبِأَنَّ زَمَنَ الْحَيْضِ يَجِبُ قَضَاؤُهُ لَا زَمَنَ حَاجَةِ الْإِنْسَانِ، وَفِيهِ نَظَرٌ. وَظَاهِرُ " الْمُغْنِي ": لَا يَقْضِي، وَهُوَ أَظْهَرُ. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ إِذَا لَمْ يَتَطَاوَلْ أَنَّهُ بَاقٍ عَلَى اعْتِكَافِهِ، وَأَنَّهُ لَا يَقْضِي صَرَّحَ بِهِ فِي " الْمُغْنِي " وَ " الشَّرْحِ " كَحَاجَةِ الْإِنْسَانِ. وَظَاهِرُ الْخِرَقِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ يَقْضِي، وَاخْتَارَهُ الْمَجْدُ، كَمَا لَوْ طَالَتْ وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ، وَقَدْ أَشَارَ إِلَى الْحَالِ الثَّانِي بِقَوْلِهِ، (وَإِنْ فَعَلَهُ فِي مُتَعَيِّنٍ) كَشَهْرِ رَمَضَانَ، وَنَحْوِهِ (قَضَى) مَا تَرَكَ لِيَأْتِيَ بِالْوَاجِبِ، (وَفِي الْكَفَّارَةِ وَجْهَانِ) أَحَدُهُمَا يُكَفِّرُ، وَنَصَّ عَلَيْهَا أَحْمَدُ فِي الْخُرُوجِ لِفِتْنَةٍ، وَذَكَرَهُ الْخِرَقِيُّ فِيهَا، وَالْخُرُوجِ لِنَفِيرٍ، وَعِدَّةٍ لِتَرْكِهِ الْمَنْذُورَ فِي وَقْتِهِ، إِذِ النَّذْرُ كَالْيَمِينِ، وَالثَّانِي لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، وَهُوَ رِوَايَةٌ. وَظَاهِرُ " الْوَجِيزِ "؛ لِأَنَّهُ خُرُوجٌ لَا يُبْطِلُ الِاعْتِكَافَ أَشْبَهَ الْخُرُوجَ لِحَاجَةِ الْإِنْسَانِ، وَكَرَمَضَانَ، وَالْفَرْقُ أَنَّ فِطْرَهُ لَا كَفَّارَةَ فِيهِ لِعُذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ. الْحَالَةُ الثَّالِثَةُ: إِذَا نَذَرَ أَيَّامًا مُطْلَقَةً فَإِنْ قُلْنَا: يَجِبُ التَّتَابُعُ عَلَى قَوْلِ الْقَاضِي، فَكَالْأُولَى، وَإِنْ قُلْنَا: لَا يَجِبُ وَهُوَ الْمَذْهَبُ تَمَّمَ مَا بَقِيَ مِنْهَا، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِإِتْيَانِهِ بِالْمَنْذُورِ عَلَى وَجْهِهِ لَكِنَّهُ يَبْتَدِئُ الْيَوْمَ الَّذِي خَرَجَ فِيهِ مِنْ أَوَّلِهِ لِيَكُونَ مُتَتَابِعًا. وَقَالَ الْمَجْدُ: قِيَاسُ الْمَذْهَبِ يُخَيَّرُ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ الْبِنَاءِ عَلَى بَعْضِ الْيَوْمِ، وَيُكَفِّرُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ.

(وَإِنْ خَرَجَ لِمَا لَهُ مِنْهُ بُدٌّ من الْمُتَتَابِعِ) الْمَنْذُورِ (لَزِمَهُ اسْتِئْنَافُهُ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ فِعْلَ الْمَنْذُورِ عَلَى وَجْهِهِ إِلَّا بِهِ أَشْبَهَ حَالَةَ الِابْتِدَاءِ. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَبْطُلُ بِالْخُرُوجِ، وَإِنْ قَلَّ كَالْجِمَاعِ، فَإِنْ كَانَ مُخْتَارًا عَامِدًا فَلَا إِشْكَالَ، وَإِنْ كَانَ مُكْرَهًا أَوْ نَاسِيًا، فَقَدْ سَبَقَ، فَلَوْ أَخْرَجَ بَعْضَ جَسَدِهِ لَمْ يَبْطُلْ، وَإِنْ كَانَ عَمْدًا فِي الْمَنْصُوصِ، لِحَدِيثِ عَائِشَةَ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ.

فَرْعٌ: إِذَا خَرَجَ فِي مُتَتَابِعٍ مُتَعَيِّنٍ، كَنَذْرِهِ شَعْبَانَ مُتَتَابِعًا اسْتَأْنَفَ كَالْقَسَمِ قَبْلَهُ وَيُكَفِّرُ.

(وَإِنْ فَعَلَهُ فِي مُتَعَيِّنٍ) وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِالتَّتَابُعِ كَنَذْرِهِ اعْتِكَافَ رَجَبٍ لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ رِوَايَةً وَاحِدَةً لِتَرْكِهِ الْمَنْذُورَ فِي وَقْتِهِ الْمُعَيَّنِ بِلَا عُذْرٍ، (وَفِي الِاسْتِئْنَافِ

ص: 74

الْفَرْجِ، فَسَدَ اعْتِكَافُهُ وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ إِلَّا لِتَرْكِ نَذْرِهِ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: عَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ، وَقَالَ الْقَاضِي: عَلَيْهِ كَفَّارَةُ ظِهَارٍ، وَإِنْ بَاشَرَ دُونَ الْفَرْجِ، فَأَنْزَلَ، فَسَدَ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

وَجْهَانِ) أَحَدُهُمَا: يَلْزَمُهُ، ذَكَرَ الْمَجْدُ أَنَّهُ أَصَحُّ فِي الْمَذْهَبِ، وَأَنَّهُ قِيَاسُ قَوْلِ الْخِرَقِيِّ؛ لِتَضَمُّنِ نَذْرِهِ التَّتَابُعَ وَلِأَنَّهُ أَوْلَى مِنَ الْمُدَّةِ الْمُطْلَقَةِ. وَالثَّانِي: يَبْنِي؛ لِأَنَّ التَّتَابُعَ هُنَا حَصَلَ ضَرُورَةَ التَّعْيِينِ فَسَقَطَ بِفَوَاتِهِ كَقَضَاءِ رَمَضَانَ، وَأَصْلُهُمَا: مَنْ نَذَرَ صَوْمَ شَهْرٍ بِعَيْنِهِ فَأَفْطَرَ فِي بَعْضِهِ.

(فَرْعٌ) : إِذَا نَذَرَ اعْتِكَافَ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَةٍ بِصَوْمٍ فَأَفْطَرَ يَوْمًا أَفْسَدَ تَتَابُعَهُ، وَلَزِمَهُ الِاسْتِئْنَافُ لِتَرْكِهِ الْإِتْيَانَ بِمَا نَذَرَهُ عَلَى صِفَتِهِ، ذَكَرَهُ فِي " الشَّرْحِ " (وَإِنْ وَطِئَ الْمُعْتَكِفُ فِي الْفَرْجِ) فَهُوَ حَرَامٌ لِلنَّصِّ (فَسَدَ اعْتِكَافُهُ) لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ: إِذَا جَامَعَ الْمُعْتَكِفُ بَطَلَ اعْتِكَافُهُ. رَوَاهُ حَرْبٌ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ، وَكَالْحَجِّ وَالصَّوْمِ وَإِطْلَاقِ الْمُؤَلِّفِ يَشْمَلُ الْعَمْدَ وَغَيْرَهُ وَهُوَ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّ مَا حَرُمَ اسْتَوَى عَمْدُهُ وَسَهْوُهُ وَكَالْحَجِّ، وَخَرَّجَ الْمَجْدُ فِي الصَّوْمِ عَدَمَ الْبُطْلَانِ مَعَ عَدَمِ النِّسْيَانِ، وَقَالَ: الصَّحِيحُ عِنْدِي أَنَّهُ يَبْنِي (وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ) لِأَجْلِ الْوَطْءِ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ، إِذِ الْوُجُوبُ مِنَ الشَّرْعِ، وَلَمْ يَرِدْ، وَكَالصَّلَاةِ، وَالثَّانِيَةُ: وَاخْتَارَهَا الْقَاضِي وَالشَّرِيفُ وَأَبُو الْخَطَّابِ فِي خِلَافَيْهِمَا وُجُوبُ الْكَفَّارَةِ كَرَمَضَانَ وَكَالْحَجِّ وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ (إِلَّا لِتَرْكِ نَذْرِهِ) كَذَا خَصَّ الْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ الْوُجُوبَ وَفِي " الْفُصُولِ " يَجِبُ فِي التَّطَوُّعِ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ، وَبَعْدَهَا الْمَجْدُ، وَاخْتَلَفُوا فِي مُوجِبِهَا (فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ) وَالشَّرِيفُ أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ) ؛ لِأَنَّهَا كَفَّارَةُ نَذْرٍ، وَهِيَ كَفَّارَةُ يَمِينٍ، وَلِكَوْنِهِ أَفْسَدَ الْمَنْذُورَ بِالْوَطْءِ، قَالَهُ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا (وَقَالَ الْقَاضِي) فِي " الْخِلَافِ ": وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ (عَلَيْهِ كَفَّارَةُ ظِهَارٍ) ؛ لِأَنَّهَا كَفَّارَةُ وَطْءٍ أَشْبَهَ الْمُظَاهِرَ. وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ هَذَا الْخِلَافَ فِي نَذْرٍ، وَقِيلَ: مُعَيَّنٍ، فَلِهَذَا تَجِبُ فِيهِ الْكَفَّارَتَانِ كَمَا لَوْ نَذَرَ أَنْ يَحُجَّ فِي عَامٍ بِعَيْنِهِ فَأَحْرَمَ، ثُمَّ أَفْسَدَ حَجَّهُ بِالْوَطْءِ يَلْزَمُهُ كَفَّارَةٌ لِلْوَطْءِ، وَكَفَّارَةُ يَمِينٍ لِلنَّذْرِ (وَإِنْ بَاشَرَ دُونَ الْفَرْجِ فَأَنْزَلَ، فَسَدَ اعْتِكَافُهُ) عَلَى الْمَذْهَبِ

ص: 75