الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
غَنِمَ، وَإِذَا قُسِّمَتِ الْغَنِيمَةُ فِي أَرْضِ الْحَرْبِ، فَتَبَايَعُوهَا، ثُمَّ غَلَبَ عَلَيْهَا الْعَدُوُّ، فَهِيَ مِنْ مَالَ الْمُشْتَرِي فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ. اخْتَارَهَا الْخَلَّالُ وَصَاحَبُهُ، وَالْأُخْرَى مَنْ مَالِ الْبَائِعِ، اخْتَارَهَا الْخِرَقِيُّ.
وَمَنْ وَطِئَ جَارِيَةً مِنَ الْمَغْنَمِ مِمَّنْ لَهُ فِيهَا حَقٌّ، أَوْ لِوَلَدِهِ؛ أُدِّبَ، وَلَمْ يَبْلُغْ بِهِ الْحَدَّ، وَعَلَيْهِ مَهْرُهَا إِلَّا أَنْ تَلِدَ مِنْهُ،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
نَصَّ عَلَيْهِ، وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ؛ «لِأَنَّهُ عليه السلام لَمَّا غَزَا هَوَازِنَ بَعَثَ سَرِيَّةً مِنَ الْجَيْشِ قِبَلَ أَوْطَاسَ، فَغَنِمَتْ، فَشَارَكَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْجَيْشِ» ، وَلِأَنَّ الْجَمِيعَ جَيْشٌ وَاحِدٌ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا رِدْءٌ لِصَاحِبِهِ، فَلَمْ يَخْتَصَّ بَعْضُهُمْ بِالْغَنِيمَةِ كَأَحَدِ جَانِبَيِ الْجَيْشِ، وَهَذِهِ الشَّرِكَةُ بَعْدَ النَّفْلِ، فَلَوْ كَانَ الْأَمِيرُ مُقِيمًا بِبَلَدِ الْإِسْلَامِ، وَبَعَثَ سَرِيَّةً أَوْ جَيْشًا، انْفَرَدَتْ بِغَنِيمَتِهَا لِانْفِرَادِهَا بِالْغَزْوِ، وَالْمُقِيمُ بِبَلَدِ الْإِسْلَامِ لَيْسَ بِمُجَاهِدٍ.
(وَإِذَا قُسِّمَتْ الغنيمة فِي أَرْضِ الْحَرْبِ، فَتَبَايَعُوهَا، ثُمَّ غَلَبَ عَلَيْهَا الْعَدُوُّ، فَهِيَ مِنْ مَالِ الْمُشْتَرِي فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ) . نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ (اخْتَارَهَا الْخَلَّالُ وَصَاحِبُهُ) وَجَزَمَ بِهَا فِي " الْوَجِيزِ " وَهِيَ الْأَصَحُّ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ مَقْبُوضٌ أُبِيحَ لِمُشْتَرِيهِ التَّصَرُّفُ فِيهِ، فَكَانَ مِنْ ضَمَانِهِ، كَمَا لَوِ اشْتَرَاهُ، وَأَحْرَزَهُ بِدَارِ الْإِسْلَامِ (وَالْأُخْرَى مِنْ مَالِ الْبَائِعِ اخْتَارَهَا الْخِرَقِيُّ) لِأَنَّهُ لَمْ يُكْمِلْ قَبْضَهُ، لِكَوْنِهِ فِي خَطَرِ قَهْرِ الْعَدُوِّ، كَالثَّمَرَةِ الْمَبِيعَةِ عَلَى رُءُوسِ النَّخْلِ إِذَا بَلَغَتْ قَبْلَ الْجِذَاذِ؛ فَعَلَيْهَا يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ، وَيُرَدُّ الثَّمَنُ إِلَى الْمُشْتَرِي مِنَ الْغَنِيمَةِ إِنْ بَاعَهُ الْإِمَامُ، أَوْ مِنْ مَالِ الْبَائِعِ؛ وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ لَمْ يُؤْخَذْ مِنَ الْمُشْتَرِي، سَقَطَ عَنْهُ. وَمَحِلُّهُ إِذَا لَمْ يُفَرِّطِ الْمُشْتَرِي فَإِنْ كَانَ لِتَفْرِيطٍ حَصَلَ مِنْهُ، كَخُرُوجِهِ مِنَ الْعَسْكَرِ، وَنَحْوِهِ فَضَمَانُهُ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ أَتْلَفَهُ، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْغَانِمِينَ بَيْعُ مَا حَصَلَ لَهُ بَعْدَ الْقِسْمَةِ، وَالتَّصَرُّفُ فِيهِ كَيْفَ شَاءَ؛ لِأَنَّ مِلْكَهُ ثَابِتٌ فِيهِ عَلَى الْمَنْصُوصِ. وَفِي " الْبُلْغَةِ " رِوَايَةٌ لَا تَصِحُّ قِسْمَتُهَا فيها، وَأَمَّا الْأَمِيرُ فَيَجُوزُ لَهُ الْبَيْعُ قَبْلَ الْقِسْمَةِ لِلْغَانِمِينَ، وَلِغَيْرِهِمْ إِذَا رَأَى الْمَصْلَحَةَ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْوِلَايَةَ ثَابِتَةٌ لَهُ عَلَيْهَا.
[إِذَا وَطِئَ جَارِيَةً مِنَ الْمَغْنَمِ مِمَّنْ لَهُ فِيهَا حَقٌّ أُدِّبَ وَلَا يَبْلُغُ بِهِ الْحَدَّ]
(وَمَنْ وَطِئَ جَارِيَةً مِنَ الْمَغْنَمِ مِمَّنْ لَهُ فِيهَا حَقٌّ، أَوْ لِوَلَدِهِ، أُدِّبَ) لِأَنَّهُ وَطْءٌ حَرَامٌ، لِكَوْنِهِ فِي مِلْكٍ مُشْتَرَكٍ. (وَلَمْ يَبْلُغْ بِهِ الْحَدَّ) لِأَنَّ لَهُ فِي الْغَنِيمَةِ مِلْكًا أَوْ شُبْهَةَ مِلْكٍ فَيُدْرَأُ
فَيَكُونُ عَلَيْهِ قِيمَتُهَا، وَتَصِيرَ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ، وَالْوَلَدُ حُرٌّ ثَابِتُ النَّسَبِ. وَمَنْ أَعْتَقَ مِنْهُمْ عَبْدًا، عَتَقَ عَلَيْهِ قَدْرُ حَقِّهِ، وَقُوِّمَ عَلَيْهِ بَاقِيهِ إِنْ كَانَ مُوسِرًا، وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَ فِيهِمْ مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ.
وَالْغَالُّ مِنَ الْغَنِيمَةِ يُحْرَقُ رَحْلُهُ كُلُّهُ إِلَّا السِّلَاحَ وَالْمُصْحَفَ وَالْحَيَوَانَ؛
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
عَنْهُ الْحَدُّ لِلشُّبْهَةِ (وَعَلَيْهِ مَهْرُهَا) لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مَمْلُوكَةً لَهُ، أَشْبَهَ وَطْءَ أَمَةِ الْغَيْرِ؛ وَحِينَئِذٍ فَيُطْرَحُ فِي الْمَغْنَمِ. وَقَالَ الْقَاضِي: يَسْقُطُ عَنْهُ مِنَ الْمَهْرِ قَدْرَ حِصَّتِهِ كَالْجَارِيَةِ الْمُشْتَرَكَةِ، وَرُدَّ بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ مِقْدَارُ حَقِّهِ يَعْسُرُ الْعِلْمُ بِهِ، وَلَا ضَرَرَ عَلَيْهِ بِوَضْعِ الْمَهْرِ مِنَ الْغَنِيمَةِ، فَيَعُودُ إِلَيْهِ حَقُّهُ. لَمْ يُعْتَبَرِ الْإِسْقَاطُ (إِلَّا أَنْ تَلِدَ مِنْهُ فَيَكُونُ عَلَيْهِ قِيمَتُهَا) لِأَنَّهُ فَوَّتَهَا عَلَى الْغَانِمِينَ؛ فَلَزِمَهُ قِيمَتُهَا كَمَا لَوْ أَتْلَفَهَا، وَحِينَئِذٍ تُطْرَحُ فِي الْغَنِيمَةِ. فَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا، كَانَتْ فِي ذِمَّتِهِ، وَقَالَ الْقَاضِي: يُحْتَسَبُ قَدْرُ حِصَّتِهِ مِنَ الْغَنِيمَةِ، وَتَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ، وَبَاقِيهَا رَقِيقٌ لِلْغَانِمِينَ؛ لِأَنَّهُ إِنَّمَا ثَبَتَ بِالسِّرَايَةِ إِلَى مُلْكِ غَيْرِهِ، فَلَمْ يَسْرِ فِي حَقِّ الْمُعْسِرِ كَالْإِعْتَاقِ، وَرُدَّ بِأَنَّهُ اسْتِيلَادٌ صَيَّرَ بَعْضَهَا أُمَّ وَلَدٍ، فَيَجْعَلُ جَمِيعَهَا كَذَلِكَ، كَاسْتِيلَادِ جَارِيَةِ ابْنِهِ، وَهُوَ أَقْوَى مِنَ الْعِتْقِ، لِكَوْنِهِ فِعْلًا، وَيَنْفُذُ مِنَ الْمَجْنُونِ. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ قِيمَةُ الْوَلَدِ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَهَا حِينَ عَلِقَتْ فَلَمْ يَثْبُتْ لِلْغَانِمِينَ فِيهِ مُلْكٌ، وَعَنْهُ: يَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ حِينَ وَضْعِهِ تُطْرَحُ فِي الْغَنِيمَةِ؛ لِأَنَّهُ فَوَّتَ رِقَّهُ، أَشْبَهَ وَلَدَ الْمَغْرُورِ. وَقَالَ الْقَاضِي: إِذَا صَارَ نِصْفُهَا أُمَّ وَلَدٍ يَكُونُ الْوَلَدُ كُلُّهُ حُرًّا، وَعَلَيْهِ قِيمَةُ نِصْفِهِ. (وَتَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ) فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّهُ وَطْءٌ يَلْحَقُ بِهِ النَّسَبُ، لِشُبْهَةِ الْمِلْكِ، كَجَارِيَةِ ابْنِهِ (وَالْوَلَدُ حُرٌّ) لِأَنَّهُ مِنْ وَطْءٍ فِي مِلْكٍ أَوْ شُبْهَةٍ (ثَابِتُ النَّسَبِ) لِأَنَّهُ وَطْءٌ سَقَطَ فِيهِ الْحَدُّ لِشُبْهَةِ الْمِلْكِ فَيَلْحَقُ فِيهِ النَّسَبُ. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا مَهْرَ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ فِي رِوَايَةٍ، وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمَهْرَ هَلْ يَجِبُ بِمُجَرَّدِ الْإِيلَاجِ، أَوْ بِالنَّزْعِ، وَهُوَ تَمَامُهُ؛ لِأَنَّهُ إِنَّمَا تَمَّ وَهِيَ مِلْكٌ لَهُ، قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ.
(وَمَنْ أَعْتَقَ مِنْهُمْ عَبْدًا، عَتَقَ عَلَيْهِ قَدْرُ حَقِّهِ، وَقُوِّمَ عَلَيْهِ بَاقِيهِ إِنْ كَانَ مُوسِرًا، وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَ فِيهِمْ مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ) وَجُمْلَتُهُ أَنَّ الْغَانِمَ إِذَا أَعْتَقَ رَقِيقًا مِنَ الْمَغْنَمِ، أَوْ