المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌لا يحل للمسلمين الفرار - المبدع في شرح المقنع - ط العلمية - جـ ٣

[برهان الدين ابن مفلح الحفيد]

فهرس الكتاب

- ‌كِتَابُ الصِّيَامِ

- ‌[تَعْرِيفُ الصوم وَحُكْمُهُ]

- ‌[إِذَا رَأَى الْهِلَالَ أَهْلُ بَلَدٍ لَزِمَ النَّاسَ كُلَّهُمُ الصَّوْمُ]

- ‌[يَثْبُتُ هِلَالُ رَمَضَانَ بِقَوْلِ الْوَاحِدِ]

- ‌[مَنْ يَجِبُ عَلَيْهِ الصَّوْمُ]

- ‌[إِذَا قَامَتِ الْبَيِّنَةُ بِالرُّؤْيَةِ فِي أَثْنَاءِ النَّهَارِ لَزِمَهُمُ الْإِمْسَاكُ وَالْقَضَاءُ]

- ‌ بَلَغَ الصَّبِيُّ صَائِمًا

- ‌[صَوْمُ الْكَبِيرِ وَالْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ]

- ‌[صَوْمُ الْحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ]

- ‌[صَوْمُ الْمَجْنُونِ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ]

- ‌[وُجُوبُ تَبْيِيتِ نِيَّةِ صَوْمِ الْوَاجِبِ مِنَ اللَّيْلِ]

- ‌بَابُ مَا يُفْسِدُ الصَّوْمَ وَيُوجِبُ الْكَفَّارَةَ

- ‌[مَا لَا يُفْسِدُ الصَّوْمَ]

- ‌[مَا يُوجِبُ الْقَضَاءَ وَالْكَفَّارَةَ في الصيام]

- ‌[كُلُّ أَمْرٍ غُلِبَ عَلَيْهِ الصَّائِمُ فَلَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءٌ وَلَا كَفَّارَةٌ]

- ‌[كَفَّارَةُ الجماع في رمضان]

- ‌بَابُ مَا يُكْرَهُ لِلصَّائِمِ فِعْلُهُ وَمَا يُسْتَحَبُّ وَحُكْمُ الْقَضَاءِ

- ‌[اسْتِحْبَابُ تَعْجِيلِ الْإِفْطَارِ وَتَأْخِيرِ السُّحُورِ وَالتَّتَابُعِ فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ]

- ‌ تَأْخِيرُ قَضَاءِ رَمَضَانَ إِلَى رَمَضَانَ آخَرَ لِغَيْرِ عُذْرٍ

- ‌[مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صَوْمٌ أَوْ حَجٌّ أَوِ اعْتِكَافٌ مَنْذُورٌ فَعَلَهُ عَنْهُ وَلِيُّهُ]

- ‌بَابُ صَوْمِ التَّطَوُّعِ

- ‌[مَا يُكْرَهُ صَوْمُهُ مِنَ الْأَيَّامِ]

- ‌مَنْ دَخَلَ فِي صَوْمٍ أَوْ صَلَاةٍ تَطَوُّعًا، اسْتُحِبَّ لَهُ إِتْمَامُهُ

- ‌[الْتِمَاسُ لَيْلَةِ الْقَدْرِ]

- ‌كِتَابُ الِاعْتِكَافِ

- ‌[تَعْرِيفُ الاعتكاف وَحُكْمُهُ]

- ‌[اعْتِكَافُ الْمَرْأَةِ بِغَيْرِ إِذْنِ زَوْجِهَا]

- ‌[الِاعْتِكَافُ لَا يَصِحُّ إِلَّا فِي الْمَسْجِدِ]

- ‌[أَفْضَلُ الْمَسَاجِدِ الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ]

- ‌لَا يَجُوزُ لِلْمُعْتَكِفِ الْخُرُوجُ إِلَّا لِمَا لَا بُدَّ مِنْهُ

- ‌يُسْتَحَبُّ لِلْمُعْتَكِفِ التَّشَاغُلُ بِفِعْلِ الْقُرَبِ

- ‌كِتَابُ الْمَنَاسِكِ

- ‌[تَعْرِيفُ الْمَنَاسِكِ]

- ‌[حُكْمُ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ]

- ‌[شُرُوطُ وُجُوبِ الْحَجِّ]

- ‌[الِاسْتِطَاعَةُ مِنْ شُرُوطِ الْحَجِّ]

- ‌يُشْتَرَطُ لِوُجُوبِ الْحَجِّ عَلَى الْمَرْأَةِ وُجُودُ مَحْرَمِهَا

- ‌بَابُ الْمَوَاقِيتِ

- ‌بَابُ الْإِحْرَامِ

- ‌[مَا يُسْتَحَبُّ لِلْمُحْرِمِ]

- ‌[التَّخْيِيرُ بَيْنَ التَّمَتُّعِ وَالْإِفْرَادِ وَالْقِرَانِ]

- ‌[صِفَةُ التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ]

- ‌[وُجُوبُ دَمِ نُسُكٍ عَلَى الْمُتَمَتِّعِ وَالْقَارِنِ]

- ‌[حُكْمُ التَّلْبِيَةِ]

- ‌بَابُ مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ

- ‌[الْأَوَّلُ وَالثَّانِي حَلْقُ الشَّعْرِ وَتَقْلِيمُ الْأَظْفَارِ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّالِثُ: تَغْطِيَةُ الرَّأْسِ]

- ‌[الْفَصْلُ الرَّابِعُ: لُبْسُ الْمَخِيطِ وَالْخُفَّيْنِ]

- ‌ الْخَامِسُ: الطِّيبُ

- ‌السَّادِسُ: قَتْلُ صَيْدِ الْبَرِّ

- ‌ السَّابِعُ: عَقْدُ النِّكَاحِ

- ‌ الثَّامِنُ: الْجِمَاعُ فِي الْفَرْجِ

- ‌ التَّاسِعُ: الْمُبَاشِرَةُ

- ‌بَابُ الْفِدْيَةِ

- ‌[أَنْوَاعُ الفدية في الحج]

- ‌[دَمُ الْمُتْعَةِ وَالْقِرَانِ]

- ‌ فِدْيَةُ الْوَطْءِ يَجِبُ بِهِ بَدَنَةٌ

- ‌[النَّوْعُ الثَّانِي الْمُحْصَرُ يَلْزَمُهُ الْهَدْيُ]

- ‌ الدِّمَاءُ الْوَاجِبَةُ لِلْفَوَاتِ

- ‌[حُكْمُ تَكَرُّرِ الْمَحْظُورِ مَنْ جِنْسٍ]

- ‌كُلُّ هَدْيٍ أَوْ إِطْعَامٍ، فَهُوَ لِمَسَاكِينِ الْحَرَمِ

- ‌[تُجْزِئُ الْبَقَرَةُ مَكَانَ الْبَدَنَةِ]

- ‌بَابُ جَزَاءِ الصَّيْدِ

- ‌[مَا قَضَتْ بِهِ الصَّحَابَةُ في جزاء الصيد]

- ‌[مَا لَمْ تَقْضِ فِيهِ الصَّحَابَةُ في جزاء الصيد]

- ‌ مَا لَا مِثْلَ لَهُ

- ‌بَابُ صَيْدِ الْحَرَمِ وَنَبَاتِهِ

- ‌[حُكْمُ صَيْدِ الْحَرَمِ وَنَبَاتِهِ]

- ‌يَحْرُمُ صَيْدُ الْمَدِينَةِ وَشَجَرُهَا وَحَشِيشُهَا

- ‌بَابُ ذِكْرِ دُخُولِ مَكَّةَ

- ‌[مَا يَقُولُ إِذَا رَأَى الْبَيْتَ]

- ‌[أَوَّلُ مَا يَبْدَأُ بِهِ عند زيارة البيت الطَوَاف]

- ‌[طَوَافُ الْمُحْدِثِ]

- ‌[صَلَاةُ رَكْعَتَيْنِ خَلْفَ الْمَقَامِ]

- ‌[السَّعْيُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ]

- ‌بَابُ‌‌ صِفَةِ الْحَجِّ

- ‌ صِفَةِ الْحَجِّ

- ‌[عَرَفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ إِلَّا بَطْنَ عُرَنَةَ]

- ‌[الدَّفْعُ إِلَى مُزْدَلِفَةَ]

- ‌[نَحْرُ الْهَدْيِ]

- ‌[حَلْقُ الشَّعْرِ]

- ‌يَحْصُلُ التَّحَلُّلُ بِالرَّمْيِ وَحْدَهُ

- ‌[الْإِفَاضَةُ مِنْ مِنًى إِلَى مَكَّةَ وَطَوَافُ الزِّيَارَةِ]

- ‌[الرُّجُوعُ إِلَى مِنًى وَالْبَيْتُوتَةُ فِيهَا]

- ‌ طَوَافِ الْوَدَاعِ

- ‌[الْوُقُوفُ فِي الْمُلْتَزَمِ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْبَابِ]

- ‌[اسْتِحْبَابُ زِيَارَةِ قَبْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم]

- ‌فَصْلٌ فِي صِفَةِ الْعُمْرَةِ

- ‌فَصْلٌ أَرْكَانُ الْحَجِّ:

- ‌أَرْكَانُ الْعُمْرَةِ:

- ‌ بَابُ الْفَوَاتِ وَالْإِحْصَارِ

- ‌ بَابُ الْهَدْيِ وَالْأَضَاحِيِّ

- ‌[مَا يُجْزِئُ فِي الهدي والأضحية]

- ‌يَتَعَيَّنُ الْهَدْيُ بِقَوْلِهِ: هَذَا هَدْيٌ، أَوْ تَقْلِيدِهِ، أَوْ إِشْعَارِهِ مَعَ النِّيَّةِ

- ‌[الِانْتِفَاعُ بِجِلْدِ الْأُضْحِيَّةِ]

- ‌فَصْلٌ.سَوْقُ الْهَدْيِ مَسْنُونٌ

- ‌[نَذْرُ الْهَدْيِ الْمُطْلَقِ]

- ‌[حُكْمُ الْأُضْحِيَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْعَقِيقَةِ]

- ‌[تَعْرِيفُ العقيقة]

- ‌[الْمَشْرُوعُ فِي العقيقة]

- ‌[حُكْمُ الْعَقِيقَةِ]

- ‌كِتَابُ الْجِهَادِ

- ‌[تَعْرِيفُ الجهاد وَحُكْمُهُ]

- ‌أَقَلُّ مَا يُفْعَلُ مَرَّةً فِي كُلِّ عَامٍ

- ‌[أَفْضَلُ مَا يُتَطَوَّعُ بِهِ الْجِهَادُ]

- ‌[الرِّبَاطُ وَأَحْكَامُهُ]

- ‌[الْهِجْرَةُ وَأَحْكَامُهَا]

- ‌[لَا يُجَاهِدُ مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ أَحَدُ أَبَوَيْهِ مُسْلِمٌ إِلَّا بِإِذْنِ غَرِيمِهِ وَأَبِيهِ]

- ‌لَا يَحِلُّ لِلْمُسْلِمِينَ الْفِرَارُ

- ‌يَجُوزُ تَبْيِيتُ الْكُفَّارِ، وَرَمْيُهُمْ بِالْمَنْجَنِيقِ، وَقَطْعُ الْمِيَاهِ عَنْهُمْ، وَهَدْمُ حُصُونِهِمْ

- ‌[حُكْمُ الْأَسْرَى]

- ‌بَابُ مَا يَلْزَمُ الْإِمَامَ وَالْجَيْشَ

- ‌[جَوَازُ بَذْلِ الْإِمَامِ الْجُعْلَ لِمَنْ يَدُلُّهُ عَلَى طَرِيقٍ أَوْ قَلْعَةٍ أَوْ مَاءٍ]

- ‌[لِلْإِمَامِ أَنْ يَنْفُلَ زِيَادَةً عَلَى السَّهْمِ الْمُسْتَحَقِّ]

- ‌[لُزُومُ الْجَيْشِ طَاعَة الْأَمِيرِ]

- ‌[حُكْمُ الْمُبَارِزَةِ]

- ‌لَا يَجُوزُ الْغَزْوُ إِلَّا بِإِذْنِ الْأَمِيرِ

- ‌بَابُ قِسْمَةِ الْغَنَائِمِ

- ‌مَا أُخِذَ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ مِنْ رِكَازٍ أَوْ مُبَاحٍ لَهُ قِيمَةٌ فَهُوَ غَنِيمَةٌ

- ‌[كَيْفَ يُقَسِّمُ الْإِمَامُ الْأَسْلَابَ]

- ‌[نَصِيبُ الرَّاجِلِ وَالْفَارِسِ]

- ‌[مَنِ اسْتُؤْجِرَ لِلْجِهَادِ مِمَّنْ لَا يَلْزَمُهُ فَلَيْسَ لَهُ إِلَّا الْأُجْرَةُ]

- ‌[مَنْ مَاتَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْحَرْبِ فَسَهْمُهُ لِوَارِثِهِ]

- ‌[إِذَا وَطِئَ جَارِيَةً مِنَ الْمَغْنَمِ مِمَّنْ لَهُ فِيهَا حَقٌّ أُدِّبَ وَلَا يَبْلُغُ بِهِ الْحَدَّ]

- ‌[الْغُلُولُ مِنَ الْغَنِيمَةِ]

- ‌بَابُ حُكْمِ الْأَرَضِينَ الْمَغْنُومَةِ

- ‌الْمَرْجِعُ فِي الْخَرَاجِ وَالْجِزْيَةِ إِلَى اجْتِهَادِ الْإِمَامِ فِي الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ

- ‌[الْخَرَاجُ عَلَى الْمَالِكِ دُونَ الْمُسْتَأْجِرِ]

- ‌بَابُ الْفَيْءِ

- ‌[إِسْقَاطُ الْخَرَاجِ]

- ‌بَابُ الْأَمَانِ

- ‌[جَوَازُ عَقْدِ الْأَمَانِ لِلرَّسُولِ وَالْمُسْتَأْمَنِ]

- ‌بَابُ الْهُدْنَةِ

- ‌لَا يَصِحُّ عَقْدُ الْهُدْنَةِ وَالذِّمَّةِ إِلَّا مِنَ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ

- ‌[الشُّرُوطُ الْفَاسِدَةُ فِي الْهُدْنَةِ]

- ‌[الشُّرُوطُ الصَّحِيحَةُ فِي الْهُدْنَةِ]

- ‌بَابُ عَقْدِ الذِّمَّةِ

- ‌[حُكْمُ عقد الذمة]

- ‌[مَنْ لَا جِزْيَةَ عَلَيْهِ]

- ‌[بَابُ أَحْكَامِ أَهْلِ الذِّمَّةِ]

- ‌[مَا يُمْنَعُ مِنْهُ أَهْلُ الذِّمَّةِ]

- ‌[يُمْنَعُ أَهْلُ الذِّمَّةِ مِنَ الْإِقَامَةِ بِالْحِجَازِ]

- ‌[تِجَارَةُ الذِّمِّيِّ وَالْحَرْبِيِّ]

- ‌[حِفْظُ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَالْمَنْعُ مِنْ أَذَاهُمْ]

- ‌فَصْلٌ. فِي نَقْضِ الْعَهْدِ

الفصل: ‌لا يحل للمسلمين الفرار

وَأَبِيهِ، إِلَّا أَنْ يَتَعَيَّنَ عَلَيْهِ الْجِهَادُ، فَإِنَّهُ لَا طَاعَةَ لَهُمَا فِي تَرْكِ فَرِيضَةٍ.

وَ‌

‌لَا يَحِلُّ لِلْمُسْلِمِينَ الْفِرَارُ

مِنْ ضَعْفِهِمْ إِلَّا مُتَحَرِّفِينَ إِلَى الْقِتَالِ، أَوْ مُتَحَيِّزِينَ إِلَى فِئَةٍ وَإِنْ زَادَ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

فَاسْتَأْذِنْهُمَا فَإِنْ أَذِنَا لَكَ فَجَاهِدْ، وَإِلَّا فَبِرُّهُمَا» ، وَلِأَنَّ بِرَّهُمَا فَرْضُ عَيْنٍ وَالْجِهَادَ فَرْضُ كِفَايَةٍ، وَالْأَوَّلُ مُقَدَّمٌ. وَظَاهِرُهُ لَا تُشْتَرَطُ حُرِّيَّةُ الْآذِنِ، وَهُوَ وَجْهٌ. وَظَاهِرُ الْخِرَقِيِّ، وَالْمَذْهَبِ اشْتِرَاطُهُ. وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْأَبِ وَالْأُمِّ. قَالَ أَحْمَدُ فِيمَنْ لَهُ أُمٌّ: أَتَظُنُّ سُرُورَهَا؛ فَإِذَا أَذِنَتْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ فِي قَلْبِهَا، وَإِلَّا فَلَا تَغْزُ، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُمَا إِذَا كَانَا كَافِرَيْنِ، أَنَّهُ لَا اعْتِبَارَ لِإِذْنِهِمَا كَالْمَجْنُونَيْنِ، وَلِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَغَيْرَهُ كَانُوا يُجَاهِدُونَ بِدُونِ إِذْنِ آبَائِهِمْ، وَيَخْرُجُ مِنْهُ الْجَدُّ وَالْجَدَّةُ، قَالَهُ الْأَصْحَابُ، وَلَيْسَ فِيهِ نَصٌّ صَرِيحٌ إِلَّا فِي الْعُتْبِيَّةِ. وَفِي " الْفُرُوعِ ": وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ فِي الْجِدِّ لِأَبٍ، فَلَوْ أَذِنَا لَهُ فِيهِ، وَشَرَطَا عَلَيْهِ عَدَمَ الْقِتَالِ وَحَضَرَهُ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ الْقِتَالُ، وَسَقَطَ حُكْمُ الشَّرْطِ (إِلَّا بِإِذْنِ غَرِيمِهِ) كَرِضَاهُ بِإِسْقَاطِ حَقِّهِ، وَيَتَوَجَّهُ لَوِ اسْتَنَابَ مَنْ يَقْضِي دَيْنَهُ مِنْ مَالٍ حَاضِرٍ. (وَأَبِيهِ) خَصَّ الْأَبَ وَحْدَهُ فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرِ الْأُمَّ اكْتِفَاءً بِذِكْرِ الْأَبِ، وَيُحْتَمَلُ اخْتِصَاصُهُ بِهِ، وَهُوَ كَلَامُ الْأَكْثَرِ (إِلَّا أَنْ يَتَعَيَّنَ عَلَيْهِ الْجِهَادُ) فَإِنَّهُ يَصِيرُ فَرْضَ عَيْنٍ وَتَرْكُهُ مَعْصِيَةً، لَكِنْ يُسْتَحَبُّ لِلْمَدِينِ أَنْ لَا يَتَعَرَّضَ لِمَظَانِّ الْقَتْلِ مِنَ الْمُبَارَزَةِ وَالْوُقُوفِ فِي أَوَّلِ الْمُقَاتِلَةِ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَغْرِيرًا بِفَوَاتِ الْحَقِّ، قَالَهُ فِي " الشَّرْحِ "(فَإِنَّهُ لَا طَاعَةَ لَهُمَا فِي تَرْكِ فَرِيضَةٍ) لِأَنَّ الْجِهَادَ عِبَادَةٌ مُتَعَيِّنَةٌ فَلَمْ يُعْتَبَرْ إِذْنُ أَحَدٍ، كَفُرُوضِ الْأَعْيَانِ.

وَأَمَّا السَّفَرُ لِطَلَبِ الْعِلْمِ فَقَالَ أَحْمَدُ: يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَطْلُبَ مِنَ الْعِلْمِ مَا يَقُومُ بِهِ دِينُهُ، قِيلَ لَهُ: فَكُلُّ الْعِلْمِ يَقُومُ بِهِ دِينُهُ؛ قَالَ: الْفَرْضُ الَّذِي يَجِبُ عَلَيْهِ فِي نَفْسِهِ صَلَاتُهُ وَصِيَامُهُ، وَنَحْوُ ذَلِكَ، وَهَذَا خَاصَّةً يَطْلُبُهُ بِلَا إِذْنٍ، وَفِي " الرِّعَايَةِ ": مَنْ لَزِمَهُ التَّعَلُّمُ، وَقِيلَ: أَوْ كَانَ فَرْضَ كِفَايَةٍ، وَقِيلَ: أَوْ نَفْلًا، وَلَا يَحْصُلُ بِبَلَدِهِ، فَلَهُ السَّفَرُ لِطَلَبِهِ بِلَا إِذْنِ أَبَوَيْهِ.

[لَا يَحِلُّ لِلْمُسْلِمِينَ الْفِرَارُ]

(وَلَا يَحِلُّ لِلْمُسْلِمِينَ) وَلَوْ ظَنُّوا التَّلَفَ (الْفِرَارُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى:

ص: 288

الْكُفَّارُ، فَلَهُمُ الْفِرَارُ إِلَّا أَنْ يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِمُ الظَّفَرُ. وَإِنْ أُلْقِيَ فِي مَرْكَبِهِمْ نَارٌ، فَعَلُوا

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

{إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلا تُوَلُّوهُمُ الأَدْبَارَ} [الأنفال: 15] وَلِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم عَدَّ الْفِرَارَ مِنَ الْكَبَائِرِ، وَشَرْطُهُ أَنْ لَا يَزِيدَ عَدَدُ الْكُفَّارِ عَلَى مِثْلَيِ الْمُسْلِمِينَ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ (مِنْ ضَعْفِهِمْ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ} [الأنفال: 66] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَنْ فَرَّ مِنِ اثْنَيْنِ فَقَدْ فَرَّ، وَمَنْ فَرَّ مِنْ ثَلَاثَةٍ فَمَا فَرَّ، وَفِي " الْمُنْتَخَبِ ": لَا يَلْزَمُ ثَبَاتُ وَاحِدٍ لِاثْنَيْنِ، وَكَلَامُ الْأَكْثَرِ بِخِلَافِهِ.

وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ وَأَبُو طَالِبٍ إِلَّا مُتَحَرِّفِينَ إِلَى قِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزِينَ إِلَى فِئَةٍ. لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ} [الأنفال: 16] وَمَعْنَى التَّحَرُّفُ لِلْقِتَالِ: أَنْ يَنْحَازَ إِلَى مَوْضِعٍ يَكُونُ الْقِتَالُ فِيهِ أَمْكَنَ كَمَنْ كَانَ فِي وَجْهِ الشَّمْسِ وَالرِّيحِ، أَوْ فِي مَكَانٍ يَنْكَشِفُ فِيهِ، فَيَنْحَرِفُ وَاحِدَةً، وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا جَرَتْ بِهِ عَادَةُ أَهْلِ الْحَرْبِ.

قَالَ: عُمَرُ يَا سَارِيَةُ الْجَبَلَ. فَانْحَازُوا إِلَيْهِ وَانْتَصَرُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ، وَمَعْنَى التَّحَيُّزِ إِلَى فِئَةٍ: هُوَ أَنْ يَصِيرَ إِلَى قَوْمٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ لِيَكُونَ مَعَهُمْ، فَيَقْوَى بِهِمْ عَلَى الْعَدُوِّ. وَظَاهِرُهُ وَلَوْ بَعُدَتِ الْمَسَافَةُ، كَخُرَاسَانَ، وَالْحِجَازِ، لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِنِّي فِئَةٌ لَكُمْ» وَكَانُوا بِمَكَانٍ بَعِيدٍ مِنْهُ، وَقَالَ عُمَرُ: أَنَا فِئَةٌ لِكُلِّ مُسْلِمٍ، وَكَانَ بِالْمَدِينَةِ، وَجُيُوشُهُ بِالشَّامِ، وَالْعِرَاقِ، وَخُرَاسَانَ رَوَاهُمَا سَعِيدٌ.

(وَإِنْ زَادَ الْكُفَّارُ) عَلَى مِثْلَيْهِمْ (فَلَهُمُ الْفِرَارُ) قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَمَّا نَزَلَتْ {إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ} [الأنفال: 65] . شَقَّ ذَلِكَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ حِينَ فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ أَنْ لَا يَفِرَّ وَاحِدٌ مِنْ عَشَرَةٍ، ثُمَّ جَاءَ التَّخْفِيفُ فَقَالَ:{الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ} [الأنفال: 66] الْآيَةَ فَلَمَّا خَفَّفَ اللَّهُ عَنْهُمْ مِنَ الْعَدَدِ نَقَصَ مِنَ الصَّبْرِ بِقَدْرِ مَا خَفَّفَ مِنَ الْعَدَدِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُمُ الْفِرَارُ مِنْ أَدْنَى زِيَادَةٍ، وَهُوَ أَوْلَى مَعَ ظَنِّ التَّلَفِ بِتَرْكِهِ، وَأَطْلَقَ ابْنُ عَقِيلٍ اسْتِحْبَابَ الثَّبَاتِ لِلزَّائِدِ، لِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ الْمَصْلَحَةِ (إِلَّا أَنْ يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِمْ) أَيْ ظَنِّ الْمُسْلِمِينَ (الظَّفَرُ) فَيَلْزَمُهُمُ الْمُقَامُ، وَلَا يَحِلُّ لَهُمُ الْفِرَارُ لِيَنَالُوا دَرَجَةَ الشُّهَدَاءِ الْمُقْبِلِينَ عَلَى الْقِتَالِ مُحْتَسِبِينَ،

ص: 289

مَا يَرَوْنَ السَّلَامَةَ فِيهِ، وَإِنْ شَكُّوا، فَعَلُوا مَا شَاءُوا مِنَ الْمَقَامِ أَوْ إِلْقَاءِ نُفُوسِهِمْ فِي الْمَاءِ، وَعَنْهُ: يَلْزَمُهُمُ الْمُقَامُ.

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

فَيَكُونُوا أَفْضَلَ مِنَ الْمُوَلِّينَ. وَمَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ وهُوَ قَوْلٌ فِي الْمَذْهَبِ، وَالْأَشْهَرُ أَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْأَوْلَى، وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ، صَرَّحَ بِهِ فِي " الْمُغْنِي " وَ " الشَّرْحِ " وَحَمَلَ ابْنُ الْمُنَجَّا كَلَامَهُ هُنَا عَلَى الْأَوْلَى، جَمْعًا بَيْنَ نَقْلِهِ وَمُوَافَقَةِ الْأَصْحَابِ، وَكَأَنَّهُ لَمْ يَقِفْ عَلَى الْخِلَافِ فِيهِ. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ إِذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِمُ الْهَلَاكُ فَالْأَوْلَى الثَّبَاتُ وَالْقِتَالُ. وَعَنْهُ: لُزُومًا، قَالَ أَحْمَدُ: مَا يُعْجِبُنِي أَنْ يَسْتَأْسِرَ. وَقَالَ: فَلْيُقَاتِلْ أَحَبُّ إِلَيَّ إِلَّا لِأَمْرٍ شَدِيدٍ. وَقَالَ عَمَّارٌ: مَنِ اسْتَأْسَرَ بَرِئَتْ مِنْهُ الذِّمَّةُ، فَلِهَذَا قَالَ الْآجُرِّيُّ: يَأْثَمُ، وَلِأَنَّهُ قَوْلُ أَحْمَدَ، وَإِنِ اسْتَأْسَرُوا جَازَ. قَالَهُ فِي " الْبُلْغَةِ ".

تَنْبِيهٌ: إِذَا نَزَلَ الْعَدُوُّ بِبَلَدٍ فَلِأَهْلِهِ التَّحَصُّنُ مِنْهُمْ، وَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِهِمْ لِيَلْحَقَهُمْ مَدَدٌ وَقُوَّةٌ، وَلَا يَكُونُ تَوَلِّيًا، وَلَا فِرَارًا (وَإِنْ أُلْقِيَ فِي مَرْكَبِهِمْ نَارٌ) وَاشْتَعَلَ بِهِمْ (فَعَلُوا مَا يَرَوْنَ السَّلَامَةَ فِيهِ) لِأَنَّ حِفْظَ الرُّوحِ وَاجِبٌ، وَغَلَبَةُ الظَّنِّ كَالْيَقِينِ فِي أَكْثَرِ الْأَحْكَامِ، فَهُنَا كَذَلِكَ (وَإِنْ شَكُّوا فَعَلُوا مَا شَاءُوا مِنَ الْمُقَامِ، أَوْ إِلْقَاءِ نُفُوسِهِمْ فِي الْمَاءِ) هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ، لِأَنَّهُمُ ابْتُلُوا بِأَمْرَيْنِ، وَلَا مَزِيَّةَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ، وَكَظَنِّ السَّلَامَةِ فِي الْمَقَامِ، وَالْوُقُوعِ فِي الْمَاءِ ظَنًّا مُتَسَاوِيًا؛ لَكِنْ قَالَ أَحْمَدُ: كَيْفَ يَصْنَعُ؟ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: هُمَا مَرْتَبَتَانِ فَاخْتَرْ أَيْسَرَهُمَا.

(وَعَنْهُ: يَلْزَمُهُمُ الْمُقَامُ) نَصَرَهُمَا الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ، لِأَنَّهُمْ إِذَا أَلْقَوْا أَنْفُسَهُمْ فِي الْمَاءِ كَانَ مَوْتُهُمْ بِفِعْلِهِمْ، وَإِنْ أَقَامُوا فَمَوْتُهُمْ بِفِعْلِ غَيْرِهِمْ، وَعَنْهُ: يَحْرُمُ، ذَكَرَهَا ابْنُ عَقِيلٍ، وَصَحَّحَهَا، وَصَحَّحَ فِي " النِّهَايَةِ " الْأُولَى، وقَالَ: لِأَنَّهُمْ مُلْجَأُونَ إِلَى الْإِلْقَاءِ، فَلَا يُنْسَبُ إِلَيْهِمُ الْفِعْلُ بِوَجْهٍ، وَلَعَلَّ اللَّهَ يُخَلِّصُهُمْ.

ص: 290