الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تُجْزِئُ، فَإِنْ فَاتَ الْوَقْتُ، ذَبَحَ الْوَاجِبَ قَضَاءً، وَسَقَطَ التَّطَوُّعُ.
وَ
يَتَعَيَّنُ الْهَدْيُ بِقَوْلِهِ: هَذَا هَدْيٌ، أَوْ تَقْلِيدِهِ، أَوْ إِشْعَارِهِ مَعَ النِّيَّةِ
، وَالْأُضْحِيَةُ بِقَوْلِهِ: هَذِهِ أُضْحِيَةٌ. وَلَوْ نَوَى حَالَ الشِّرَاءِ، لَمْ يَتَعَيَّنْ بِذَلِكَ، وَإِذَا تَعَيَّنَتْ، لَمْ يَجُزْ بَيْعُهَا، وَلَا هِبَتُهَا إِلَّا
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ عليه السلام «نَهَى عَنِ الذَّبْحِ لَيْلًا» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ فِي مَرَاسِيلِهِ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، لَكِنَّ فِيهِ مُبَشِّرُ بْنُ عُبَيْدٍ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ، (وَقَالَ غَيْرُهُ) مِنْهُمْ أَبُو بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَصَاحِبُ " التَّلْخِيصِ "(تُجْزِئُ) نَصَّ عَلَيْهِ، قَالَ فِي " الشَّرْحِ ": اخْتَارَهُ أَصْحَابُنَا الْمُتَأَخِّرُونَ؛ لِأَنَّ اللَّيْلَ يَصِحُّ بِهِ الرَّمْيُ، وَدَاخِلٌ فِي مُدَّةِ الذَّبْحِ، فَجَازَ فِيهِ كَالْأَيَّامِ، فَعَلَى الْأَوَّلِ إِنْ ذَبَحَ لَيْلًا لَمْ يُجْزِئْهُ، لَكِنْ فِي الْوَاجِبِ يَلْزَمُهُ الْبَدَلُ، وَفِي التَّطَوُّعِ مَا سَبَقَ، وَعَلَى الثَّانِي: يُجْزِئُ مَعَ الْكَرَاهَةِ؛ لِأَنَّ اللَّيْلَ يَتَعَذَّرُ فِيهِ تَفْرِقَةُ اللَّحْمِ، فَتَذْهَبُ طَرَاوَتُهُ فَيَفُوتُ بَعْضُ الْمَقْصُودِ (فَإِنْ فَاتَ الْوَقْتُ ذَبَحَ الْوَاجِبَ قَضَاءً) وَصَنَعَ بِهِ مَا يُصْنَعُ بِالْمَذْبُوحِ فِي وَقْتِهِ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْقَضَاءِ كَالْأَدَاءِ، وَلَا يَسْقُطُ بِفَوَاتِهِ؛ لِأَنَّ الذَّبْحَ أَحَدُ مَقْصُودَيِ الْأُضْحِيَةِ، فَلَا يَسْقُطُ بِفَوَاتِ وَقْتِهِ كَمَا لَوْ ذَبَحَهَا، وَلَمْ يُفَرِّقْهَا حَتَّى خَرَجَ الْوَقْتُ، (وَسَقَطَ التَّطَوُّعُ) ؛ لَأَنَّ الْمُحَصِّلَ لِلْفَضِيلَةِ الزَّمَانُ، وَقَدْ فَاتَ، فَلَوْ ذَبَحَهُ وَتَصَدَّقَ بِهِ، كَانَ لَحْمًا تَصَدَّقَ بِهِ لَا أُضْحِيَةً فِي الْأَصَحِّ، قَالَهُ فِي " التَّبْصِرَةِ ".
[يَتَعَيَّنُ الْهَدْيُ بِقَوْلِهِ هَذَا هَدْيٌ أَوْ تَقْلِيدِهِ أَوْ إِشْعَارِهِ مَعَ النِّيَّةِ]
كـ (وَيَتَعَيَّنُ الْهَدْيُ بِقَوْلِهِ: هَذَا هَدْيٌ) ؛ لِأَنَّهُ لَفْظٌ يَقْتَضِي الْإِيجَابَ فَوَجَبَ أَنْ يَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ مُقْتَضَاهُ (أَوْ تَقْلِيدِهِ أَوْ إِشْعَارِهِ مَعَ النِّيَّةِ) وَبِهِ قَالَ: النَّوَوِيُّ وَإِسْحَاقُ؛ لِأَنَّ الْفِعْلَ مَعَ النِّيَّةِ كَاللَّفْظِ إِذَا كَانَ الْفِعْلُ دَالًّا عَلَى الْمَقْصُودِ، كَمَنْ بَنَى مَسْجِدًا، وَأَذَّنَ لِلنَّاسِ فِي الصَّلَاةِ فِيهِ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِي " الْكَافِي " النِّيَّةَ، قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": وَهُوَ أَظْهَرُ، وَقَدَّمَ فِي " الْمُسْتَوْعِبِ " وَ " الرِّعَايَةِ " أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ إِلَّا بِالْقَوْلِ (وَالْأُضْحِيَةُ بِقَوْلِهِ: هَذِهِ أُضْحِيَّةٌ) كَالْهَدْيِ وَكَالْعِتْقِ، وَكَذَا يَتَعَيَّنُ بِقَوْلِهِ هَذَا لِلَّهِ فِيهِمَا؛ لِأَنَّهُ دَالٌّ عَلَيْهِ (وَلَوْ نَوَى حَالَ الشِّرَاءِ لَمْ يَتَعَيَّنْ بِذَلِكَ) ؛ لِأَنَّهُ
أَنْ يُبْدِلَهَا بِخَيْرٍ مِنْهَا، وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: لَا يَجُوزُ أَيْضًا. وَلَهُ رُكُوبُهَا عِنْدَ الْحَاجَةِ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
إِزَالَةٌ مِلْكٍ عَلَى وَجْهِ الْقُرْبَةِ، فَلَمْ تُؤَثِّرْ فِيهِ النِّيَّةُ الْمُقَارِنَةُ لِلشِّرَاءِ كَالْعِتْقِ وَالْوَقْفِ، وَقَالَ الْمَجْدُ: ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ أَنَّهَا تَصِيرُ أُضْحِيَةً إِذَا اشْتَرَاهَا بِنِيَّتِهَا كَمَا يَتَعَيَّنُ الْهَدْيُ بِالْإِشْعَارِ.
فَرْعٌ: إِذَا قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ ذَبْحُ هَذِهِ الشَّاةِ، ثُمَّ أَتْلَفَهَا ضَمِنَهَا لِبَقَاءِ الْمُسْتَحِقِّ لَهَا، وَإِنْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنَّ أُعْتِقَ هَذَا الْعَبْدَ، ثُمَّ أَتْلَفَهُ لَمْ يَضْمَنْهُ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنَ الْعِتْقِ تَكْمِيلُ الْأَحْكَامِ، وَهُوَ حَقٌّ لِلْعَبْدِ، وَقَدْ هَلَكَ.
(وَإِذَا تَعَيَّنَتْ لَمْ يَجُزْ بَيْعُهَا وَلَا هِبَتُهَا) ؛ لِأَنَّهُ عليه السلام «نَهَى أَنْ يُعْطَى الْجَازِرُ شَيْئًا مِنْهَا» ، فَلَأَنْ يُمْنَعُ مِنْ بَيْعِهَا مِنْ بَابٍ أَوْلَى، وَلِأَنَّهُ جَعَلَ ذَلِكَ لِلَّهِ - تَعَالَى - أَشْبَهَ الْعِتْقَ وَالْوَقْتَ، وَالْمَذْهَبُ كَمَا نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ: أَنَّهُ يَجُوزُ نَقْلُ الْمِلْكِ فِيهِ، وَشِرَاءُ خَيْرٍ مِنْه، وَذَكَرَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ؛ لِأَنَّهُ عليه السلام «أَشْرَكَ عَلِيًّا فِي هَدْيِهِ» ، وَهُوَ نَوْعٌ مِنْهُمَا، وَلِأَنَّهُ يَجُوزُ الْإِبْدَالُ فَكَذَا الْبَيْعُ، وَالْمَذْهَبُ عِنْدَ جَمَاعَةٍ مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ هُنَا، وَأَجَابُوا بِأَنَّهَا تَعَيَّنَ ذَبْحُهَا، فَلَمْ يَجُزْ بَيْعُهَا كَمَا لَوْ نَذَرَ أَنْ يَذْبَحَهَا بِعَيْنِهَا، وَلِأَنَّهُ يَجُوزُ إِبْدَالُ الْمُصْحَفِ دُونَ بَيْعِهِ، وَعَنِ الْحَدِيثِ، بِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَشْرَكَهُ فِيهِ قَبْلَ إِيجَابِهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ جَاءَ بِبُدْنٍ فَاشْتَرَكَا فِي الْجَمِيعِ، أَوْ أَشْرَكَهُ فِي ثَوَابِهَا.
(إِلَّا أَنْ يُبْدِلَهَا بِخَيْرٍ مِنْهَا) نَصَّ عَلَيْهِ، اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَالْمُؤَلِّفُ وَصَاحِبُ " الْمُنْتَخَبِ "
نَظَرًا لِمَصْلَحَةِ الْفُقَرَاءِ
، وَلِأَنَّهُ بِلَا رَيْبٍ عَدَلَ عَنِ الْمُعَيَّنِ إِلَى خَيْرٍ مِنْهُ فِي حَقِّهِ، فَجَازَ كَمَا لَوْ أَخْرَجَ حِقَّةً عَنْ بِنْتِ لَبُوْنٍ. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بِدُونِهَا لِمَا فِيهِ مِنْ تَفْوِيتِ حُرْمَتِهَا، وَلَا بِمِثْلِهَا، وَاخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَغَيْرُهُ، لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ. وَالثَّانِي: يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ لَمْ يَنْقُصْ، وَحَيْثُ جَازَ بَيْعُهَا، فَهَلْ ذَلِكَ لِمَنْ يُضَحِّي كَمَا قَالَهُ الشِّيرَازِيُّ، وَصَاحِبُ " التَّلْخِيصِ " أَوْ مُطْلَقًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي؛ فِيهِ قَوْلَانِ، وَعَلَيْهِمَا يَشْتَرِي خَيْرًا مِنْهَا قَالَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَحَكَى الْمُؤَلِّفُ عَنِ الْقَاضِي أَنَّهُ يَجُوزُ شِرَاءُ مِثْلِهَا (وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: لَا يَجُوزُ أَيْضًا) لِمَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ قَالَ: «أَهْدَى عُمَرُ نَجِيبًا فَأَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إِنِّي أَهْدَيْتُ نَجِيبًا فَأَبِيعُهَا وَأَشْتَرِي بِثَمَنِهَا بُدْنًا؟ قَالَ: لَا انْحَرْهَا» . رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالْبُخَارِيُّ فِي " تَارِيخِهِ " وَلِأَنَّهُ نَوْعُ تَصَرُّفٍ، فَلَمْ يَجُزْ كَالْبَيْعِ، وَالْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَصْلٍ، وَهُوَ أَنَّهُ إِذَا أَوْجَبَ أُضْحِيَةً، لَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ عَنْهَا، نَصَّ عَلَيْهِ،
مَا لَمْ يَضُرَّ بِهَا، فَإِنْ وَلَدَتْ، ذَبَحَ وَلَدَهَا مَعَهَا، وَلَا يَشْرَبُ مِنْ لَبَنِهَا إِلَّا مَا فَضَلَ عَنْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَهُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِ، وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: يَزُولُ فَعَلَى هَذَا لَوْ عَيَّنَهُ، ثُمَّ عَلِمَ عَيْبَهُ لَمْ يَمْلِكِ الرَّدَّ، وَيَمْلِكُهُ عَلَى الْأَوَّلِ، وَعَلَيْهِمَا إِنْ أَخَذَ أَرْشَهُ، فَهَلْ هُوَ لَهُ أَوْ لِزَائِدٍ عَلَى الْقِيمَةِ؛ فِيهِ وَجْهَانِ. وَلَوْ بَانَ مُسْتَحِقًّا بَعْدَ تَعْيِينِهِ، لَزِمَهُ بَدَلُهُ، نَقَلَهُ عَلِيُّ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": وَيَتَوَجَّهُ فِيهِ كَأَرْشِ.
فَرْعٌ: إِذَا عَيَّنَهَا، ثُمَّ مَاتَ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ لَمْ يَجُزْ بَيْعُهَا فِيهِ مُطْلَقًا خِلَافًا لِلْأَوْزَاعِيِّ.
(وَلَهُ رُكُوبُهَا) لِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «رَأَى رَجُلًا يَسُوقُ بَدَنَةً فَقَالَ: ارْكَبْهَا، قَالَ: إِنَّهَا بَدَنَةٌ، فَقَالَ: ارْكَبْهَا " فِي الثَّانِيَةِ أَوِ الثَّالِثَةِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. (عِنْدَ الْحَاجَةِ) إِلَى ظَهْرِهَا؛ لِأَنَّ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ: «ارْكَبْهَا بِالْمَعْرُوفِ إِذَا أُلْجِئْتَ إِلَيْهَا حَتَّى تَجِدَ ظَهْرًا» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَقَالَ أَحْمَدُ: لَا يَرْكَبُهَا إِلَّا عِنْدَ الضَّرُورَةِ، وَعَنْهُ: يَجُوزُ مُطْلَقًا قَطَعَ بِهِ فِي " الْمُسْتَوْعِبِ " وَغَيْرِهِ (مَا لَمْ يَضُرَّ بِهَا) لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ ضَرَرِ الْفُقَرَاءِ وَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ، فَإِنْ نَقَصَهَا الرُّكُوبُ ضَمِنَ النَّقْصَ. وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ إِنْ رَكِبَهَا بَعْدَ الضَّرُورَةِ وَنَقَصَ، ضَمِنَ (فَإِنْ وَلَدَتْ) الْمُعَيَّنَةُ (ذَبَحَ وَلَدَهَا مَعَهَا) سَوَاءٌ عَيَّنَهَا حَامِلًا أَوْ حَدَثَ بَعْدَهُ، لِمَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَهُ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنِّي اشْتَرَيْتُ هَذِهِ الْبَقَرَةَ لِأُضَحِّيَ بِهَا، وَإِنَّهَا وَضَعَتْ هَذَا الْعِجْلَ فَقَالَ: لَا تَحْلُبْهَا إِلَّا مَا فَضَلَ عَنْ وَلَدِهَا، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْأَضْحَى فَاذْبَحْهَا وَوَلَدَهَا عَنْ سَبْعَةٍ. رَوَاهُ سَعِيدٌ وَالْأَثْرَمُ، وَلِأَنَّهُ صَارَ أُضْحِيَةً عَلَى وَجْهِ التَّبَعِ لِأُمِّهِ، فَلَمْ يَتَقَدَّمْ بِهِ، وَلَمْ يَتَأَخَّرْ كَأُمِّهِ، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الْحَمْلَ لَا يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ.
مَسْأَلَةٌ: إِذَا كَانَ هَدْيًا، وَتَعَذَّرَ حَمْلُهُ وَسَوْقُهُ فَكَهَدْيٍ عَطِبَ (وَلَا يَشْرَبْ مِنْ لَبَنِهَا إِلَّا مَا فَضَلَ عَنْ وَلَدِهَا) لِمَا ذَكَرْنَا، وَلِأَنَّ شُرْبَ الْفَاضِلِ لَا يَضُرُّ بِهَا، وَلَا بِوَلَدِهَا فَكَانَ