الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ
صِفَةِ الْحَجِّ
يُسْتَحَبُّ لِلْمُتَمَتِّعِ الَّذِي حَلَّ وَغَيْرِهِ مِنَ الْمُحِلِّينَ بِمَكَّةَ الْإِحْرَامُ بِالْحَجِّ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ، وَهُوَ الثَّامِنُ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ مِنْ مَكَّةَ، وَمِنْ حَيْثُ أَحْرَمَ جَازَ ثُمَّ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُمْسِكُ عَنِ التَّلْبِيَةِ فِي الْعُمْرَةِ إِذَا اسْتَلَمَ الْحَجَرَ» . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ. أَيْ: شَرَعَ فِي الطَّوَافِ، وَلِأَنَّ التَّلْبِيَةَ إِجَابَةٌ إِلَى الْعِبَادَةِ وَشِعَارُ الْإِقَامَةِ عَلَيْهَا، وَالْأَخْذُ فِي التَّحَلُّلِ يُنَافِيهَا، وَهُوَ يَحْصُلُ بِالطَّوَافِ، وَالسَّعْيِ فَإِذَا شَرَعَ فِي الطَّوَافِ فَقَدْ أَخَذَ فِي التَّحَلُّلِ فَيَقْطَعُهَا كَمَا يَقْطَعُ الْحَاجُّ التَّلْبِيَةَ إِذَا شَرَعَ فِي رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ لِحُصُولِ التَّحَلُّلِ بِهِ. وَظَاهِرُهُ اخْتِصَاصُ الْقَطْعِ بِالْمُتَمَتِّعِ كَالْخِرَقِيِّ، وَ " الْوَجِيزِ " وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ يَسْتَوِي فِيهِ الْمُتَمَتِّعُ وَغَيْرُهُ مِنَ الْمُعْتَمِرِينَ.
[بَابُ صِفَةِ الْحَجِّ]
[صِفَةُ الْحَجِّ]
بَابُ صِفَةِ الْحَجِّ أَصْلُهُ حَدِيثِ جَابِرٍ رَوَاهُ مُسْلِمٌ (يُسْتَحَبُّ لِلْمُتَمَتِّعِ الَّذِي حَلَّ) مِنْ عُمْرَتِهِ (وَغَيْرِهِ مِنَ الْمُحِلِّينَ بِمَكَّةَ) سَوَاءٌ كَانَ مُقِيمًا بِهَا مَنْ أَهْلِهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهِمْ (الْإِحْرَامُ بِالْحَجِّ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ) نَصَّ عَلَيْهِ، لِحَدِيثِ جَابِرٍ قَالَ:«أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا حَلَلْنَا أَنْ نُحْرِمَ إِذَا تَوَجَّهْنَا إِلَى مِنًى فَأَهْلَلْنَا مِنَ الْأَبْطَحِ، حَتَّى إِذَا كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ جَعَلْنَا مَكَّةَ بِظَهْرٍ أَهْلَلْنَا بِالْحَجِّ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَعَنْهُ: الْمَكِّيُّ يُهِلُّ إِذَا رَأَى الْهِلَالَ، لِقَوْلِ عُمَرَ لِأَهْلِ مَكَّةَ: إِذَا رَأَيْتُمُ الْهِلَالَ فَأَهِلُّوا بِالْحَجِّ فَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ جَاوَزَ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ بِغَيْرِ إِحْرَامٍ لَزِمَهُ دَمُ الْإِسَاءَةِ مَعَ دَمِ التَّمَتُّعِ عَلَى الْأَصَحِّ قَالَهُ فِي " التَّرْغِيبِ " وَفِي " الرِّعَايَةِ ": يُحْرِمُ يَوْمَ تَرْوِيَةٍ أَوْ عَرَفَةَ، فَإِنْ غَيَّرَهُ، فَدَمٌ، وَلَا يَطُوفُ بَعْدَهُ قَبْلَ خُرُوجِهِ، نَقَلَهُ الْأَثْرَمُ، وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ، وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ وَغَيْرُهُ: لَا يَخْرُجُ حَتَّى يُوَدِّعَهُ، وَطَوَافُهُ بَعْدَ رُجُوعِهِ مِنْ مِنًى لِلْحَجِّ، جَزَمَ بِهِ فِي " الْوَاضِحِ " وَ " الْكَافِي " فَعَلَى الْأَوَّلِ: لَوْ أَتَى بِهِ، وَسَعَى بَعْدَهُ لَمْ يُجْزِئْهُ، (وَهُوَ الثَّامِنُ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ) سُمِّيَ بِهِ؛ لِأَنَّ النَّاسَ كَانُوا يَتَرَوُّونَ فِيهِ الْمَاءَ لِمَا بَعْدَهُ، وَقِيلَ: لِأَنَّ إِبْرَاهِيمَ أَصْبَحَ يَتَرَوَّى فِي أَمْرِ الرُّؤْيَا، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ.
(مِنْ مَكَّةَ) لِقَوْلِهِ عليه السلام: «حَتَّى أَهْلُ مَكَّةَ
يَخْرُجُ إِلَى مِنًى، فَيُصَلِّي بِهَا الظُّهْرَ، وَيَبِيتُ بِهَا، فَإِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ، سَارَ إِلَى عَرَفَةَ، وَأَقَامَ بِنَمِرَةَ حَتَّى تَزُولَ الشَّمْسُ، ثُمَّ يَخْطُبُ الْإِمَامُ خُطْبَةً يُعَلِّمُهُمْ فِيهَا الْوُقُوفَ وَوَقْتَهُ وَالدَّفْعَ مِنْهُ، وَالْمَبِيتَ بِمُزْدَلِفَةَ، ثُمَّ يَنْزِلُ فَيُصَلِّي بِهِمُ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ، يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِأَذَانٍ وَإِقَامَتَيْنِ، ثُمَّ يَرُوحُ إِلَى الْمَوْقِفِ.
وَعَرَفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ إِلَّا بَطْنَ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
يُهِلُّونَ مِنْهَا» وَكَانَ عَطَاءٌ يَسْتَلِمُ الرُّكْنَ، ثُمَّ يَنْطَلِقُ مُهِلًّا بِالْحَجِّ، وَالْأَفْضَلُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمَسْجِدِ، وَفِي " الْمُبْهِجِ " وَ " الْإِيضَاحِ " مِنْ تَحْتِ الْمِيزَابِ، وَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَفْعَلَ فِي إِحْرَامِهِ مَا يَفْعَلُهُ فِي إِحْرَامِهِ مِنَ الْمِيقَاتِ، مِنْ غُسْلٍ وَغَيْرِهِ، وَيَطُوفُ سَبْعًا وَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ (وَمِنْ حَيْثُ أَحْرَمَ مِنَ الْحَرَمِ جَازَ) لِحَدِيثِ جَابِرٍ؛ لِأَنَّ الْأَبْطَحَ خَارِجٌ مِنَ الْبَلَدِ دَاخِلٌ فِي الْحَرَمِ، وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ حَاصِلٌ بِهِ كَجَمْعِهِ فِي نُسُكِهِ بَيْنَ الْحِلِّ، وَالْحَرَمِ (ثُمَّ يَخْرُجُ إِلَى مِنًى) قَبْلَ الزَّوَالِ (فَيُصَلِّي بِهَا الظُّهْرَ) مَعَ الْإِمَامِ إِنْ أَمْكَنَهُ، وَبَقِيَّةَ الصَّلَوَاتِ إِلَى الْفَجْرِ، نَصَّ عَلَيْهِ، (وَيَبِيتُ بِهَا) لِقَوْلِ جَابِرٍ:«فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ تَوَجَّهُوا إِلَى مِنًى فَأَحَلُّوا بِالْحَجِّ فَرَكِبَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَصَلَّى بِهَا الظُّهْرَ، وَالْعَصْرَ، وَالْمَغْرِبَ، وَالْعِشَاءَ، وَالْفَجْرَ» . وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْمَبِيتَ بِهَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ؛ لِأَنَّهُ عَطَفَهُ عَلَى الْمُسْتَحَبَّاتِ، فَلَوْ صَادَفَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَجَبَ عَلَيْهِ فِعْلُهَا، كَمَنْ يَجِبُ عَلَيْهِ، وَأَقَامَ حَتَّى زَالَتِ الشَّمْسُ، وَإِلَّا لَمْ تَجِبْ (فَإِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ سَارَ إِلَى عَرَفَةَ) هِيَ اسْمٌ لِمَوْضِعِ الْوُقُوفِ، (وَأَقَامَ بِنَمِرَةَ) هِيَ مَوْضِعٌ بِعَرَفَةَ. وَظَاهِرُ " الْمُحَرَّرِ " وَغَيْرِهِ أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْهُ. قَالَ الْأَزْرُقِيُّ: هُوَ الْجَبَلُ الَّذِي عَلَيْهِ أَنْصَابُ الْحَرَمِ عَنْ يَمِينِكَ إِذَا خَرَجْتَ عَنْ مَأْزَمَيْ عَرَفَةَ (حَتَّى تَزُولَ الشَّمْسُ) لِحَدِيثِ جَابِرٍ: «وَأَمَرَ بِقُبَّةٍ مِنْ شَعْرٍ فَضُرِبَتْ لَهُ بِنَمِرَةَ فَسَارَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى إِذَا أَتَى عَلَى عَرَفَةَ، فَوَجَدَ الْقُبَّةَ قَدْ ضُرِبَتْ لَهُ بِنَمِرَةَ فَنَزَلَ بِهَا حَتَّى إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ أَمَرَ بِالْقَصْوَاءِ فَرُحِلَتْ لَهُ» ، (ثُمَّ يَخْطُبُ الْإِمَامُ خِطْبَةً) لِقَوْلِ جَابِرٍ:«ثُمَّ أَتَى بَطْنَ الْوَادِي فَخَطَبَ النَّاسَ يَفْتَتِحُهَا بِالتَّكْبِيرِ» ، قَالَهُ فِي " الْمُسْتَوْعِبِ " وَ " التَّرْغِيبِ " وَغَيْرِهِمَا، وَيُسَنُّ تَقْصِيرُهَا (يُعَلِّمُهُمْ فِيهَا الْوُقُوفَ، وَوَقْتَهُ، وَالدَّفْعَ مِنْهُ، وَالْمَبِيتَ بِمُزْدَلِفَةَ) يَتَذَكَّرُ الْعَالِمُ، وَيَتَعَلَّمُ الْجَاهِلُ. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَخْطُبُ فِي الْيَوْمِ السَّابِعِ بَعْدَ صَلَاةِ الظُّهْرِ بِمَكَّةَ، وَاخْتَارَ الْآجُرِّيُّ بَلَى يُعَلِّمُهُمْ مَا يَفْعَلُونَهُ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ (ثُمَّ يَنْزِلُ فَيُصَلِّي بِهِمُ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِأَذَانٍ