الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَلَيْهَا الْحَجَّ. وَإِنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ ثُمَّ أَدْخَلَ عَلَيْهِ الْعُمْرَةَ لَمْ يَصِحَّ إِحْرَامُهُ بِهَا.
وَيَجِبُ عَلَى الْمُتَمَتِّعِ وَالْقَارِنِ دَمُ نُسُكٍ إِذَا لَمْ يَكُونَا مِنْ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَعَنْهُ: عَلَى الْقَارِنِ طَوَافَانِ، وَسَعْيَانِ. رَوَاهُ سَعِيدٌ، وَالْأَثْرَمُ عَنْ عَلِيٍّ، وَفِي صِحَّتِهِ نَظَرٌ، مَعَ أَنَّهُ لَا يَرَى إِدْخَالَ الْعُمْرَةِ عَلَى الْحَجِّ. فَعَلَيْهَا يُقَدِّمُ الْقَارِنُ فِعْلَ الْعُمْرَةِ عَلَى فِعْلِ الْحَجِّ، كَالْمُتَمَتِّعِ إِذَا ساق هَديا، فَلَوْ وَقَفَ بِعَرَفَةَ قَبْلَ طَوَافِهِ، وَسَعْيِهِ لَهَا فَقِيلَ: تُنْقَضُ عُمْرَتُهُ وَيَصِيرُ مُفْرِدًا بِالْحَجِّ يُتِمُّهُ، ثُمَّ يَعْتَمِرُ، وَقِيلَ: لَا يَنْتَقِضُ فَإِذَا رَمَى الْجَمْرَةَ طَافَ لَهَا، ثُمَّ سَعَى، ثُمَّ طَافَ ثُمَّ سَعَى. وَعَنْهُ: عَلَى الْقَارِنِ عُمْرَةٌ مُفْرَدَةٌ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو حَفْصٍ؛ لِعَدَمِ طَوَافِهَا، وَلِاعْتِمَارِ عَائِشَةَ.
[وُجُوبُ دَمِ نُسُكٍ عَلَى الْمُتَمَتِّعِ وَالْقَارِنِ]
(وَيَجِبُ عَلَى الْمُتَمَتِّعِ وَالْقَارِنِ دَمُ نُسُكٍ) أَمَّا دَمُ التَّمَتُّعِ فَلَازِمُهُ إِجْمَاعًا، وَقَدْ سَبَقَ فِي أَفْضَلِيَّتِهِ، وَأَمَّا دَمُ الْقِرَانِ، فَلَازِمٌ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَاحْتَجَّ لَهُ جَمَاعَةٌ بِالْآيَةِ، وَلِأَنَّهُ تَرَفَّهَ بِسُقُوطِ أَحَدِ السَّفَرَيْنِ كَالْمُتَمَتِّعِ، وَنَقَلَ بَكْرٌ: عَلَيْهِ هَدْيٌ، وَلَيْسَ كَالْمُتَمَتِّعِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ أَوْجَبَ عَلَى الْمُتَمَتِّعِ هَدْيًا فِي كِتَابِهِ، وَالْقَارِنِ إِنَّمَا يُرْوَى عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عُمَرَ، وَهُوَ مُنْقَطِعٌ، وَعَنْهُ: لَا يَلْزَمُهُ لِقَوْلِ دَاوُدَ، وَتَبِعَ الْمُؤَلِّفُ أَكْثَرَ الْأَصْحَابِ فِي كَوْنِهِ دَمَ نُسُكٍ، وَفِي " الْمُبْهِجِ " وَ " عُيُونِ الْمَسَائِلِ " أَنَّهُ دَمُ جُبْرَانٍ. وَظَاهِرُهُ وُجُوبُهُ: وَلَوْ أَفْسَدَ النُّسُكَ، نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ مَا وَجَبَ الْإِتْيَانُ بِهِ فِي الصَّحِيحِ، وَجَبَ فِي الْفَاسِدِ كَالطَّوَافِ، وَعَنْهُ: يَسْقُطُ لِعَدَمِ تَرَفُّهِهِ بِسُقُوطِ أَحَدِ السَّفَرَيْنِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ دَمُهُمَا بِفَوَاتِهِ، فَلَوْ قَضَى الْقَارِنُ قَارِنًا لَزِمَهُ دَمَانِ لِقِرَانِهِ الْأَوَّلِ، وَالثَّانِي، وَقَالَ الْمُؤَلِّفُ: دَمٌ لِقِرَانِهِ وَدَمٌ لِفَوَاتِهِ، وَلَوْ قَصَرَ مُفْرِدًا لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ أَفْضَلُ، وَجَزَمَ جَمَاعَةٌ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ دَمٌ لِقِرَانِهِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ كَالْأَدَاءِ، وَلَمْ يَتَعَرَّضِ الْمُؤَلِّفُ لِوَقْتِ لُزُومِهِ، وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ بِطُلُوعِ فَجْرِ يَوْمِ النَّحْرِ، لِظَاهِرِ قَوْلِهِ - تَعَالَى - {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ} [البقرة: 196] الْآيَةَ، وَعَنْهُ: بِإِحْرَامِ الْحَجِّ؛ لِأَنَّهُ غَايَةٌ فَكَفَى أَوَّلُهُ كَأَمْرِهِ بِإِتْمَامِ الصَّوْمِ إِلَى اللَّيْلِ، وَعَنْهُ: بِوُقُوفِهِ بِعَرَفَةَ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَعَنْهُ: بِإِحْرَامِ الْعُمْرَةِ لِنِيَّتِهِ التَّمَتُّعَ إِذَنْ. وَيَنْبَنِي عَلَى الْخِلَافِ إِذَا مَاتَ بَعْدَ سَبَبِ الْوُجُوبِ، يُخْرَجُ عَنْهُ مِنْ تَرِكَتِهِ. وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: فَائِدَتُهُ، إِذَا تَعَذَّرَ الدَّمُ، وَأَرَادَ الِانْتِقَالَ إِلَى الصَّوْمِ، فَمَتَى ثَبَتَ الْمُتَعَذِّرُ فِيهِ الرِّوَايَاتُ، وَلَا يَجُوزُ ذَبْحُهُ قَبْلَ وَقْتِ وُجُوبِهِ، جَزَمَ بِهِ الْأَكْثَرُ، فَدَلَّ أَنَّهُ يَجُوزُ إِذَا وَجَبَ،
وَهُمْ أَهْلُ مَكَّةَ وَمَنْ كَانَ مِنْهَا دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ، وَمَنْ كَانَ قَارِنًا أَوْ مُفْرِدًا أَحْبَبْنَا لَهُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَإِنَّمَا يَجِبُ بِشُرُوطٍ نَبَّهَ الْمُؤَلِّفُ عَلَى بَعْضِهَا فَقَالَ: إِذَا لَمْ يَكُونَا مِنْ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَهُمْ أَهْلُ مَكَّةَ لِقَوْلِهِ - تَعَالَى - {ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة: 196] ثَبَتَ ذَلِكَ فِي التَّمَتُّعِ، وَالْقِرَانُ مِثْلُهُ لِتَرَفُّهِهِ بِأَحَدِ السَّفَرَيْنِ.
(وَمَنْ كَانَ مِنْهَا دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ) نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ حَاضِرَ الشَّيْءِ مَنْ حَلَّ فِيهِ أَوْ قَرُبَ مِنْهُ، وَجَاوَرَهُ بِدَلِيلِ رُخَصِ السَّفَرِ، وَعَنْهُ: أَنَّهُمْ أَهْلُ الْحَرَمِ، وَمَنْ كَانَ مِنْهُ دون مسافة قَصْر، جَزَمَ بِهِ فِي " الْمُحَرَّرِ " وَقَدَّمَهُ فِي " الْفُرُوعِ " وَهَذَا الشَّرْطُ لِوُجُوبِ الدَّمِ عَلَيْهِ، لَيْسَ لِكَوْنِهِ مُتَمَتِّعًا فَإِنَّ مُتْعَةَ الْمَكِّيِّ صَحِيحَةٌ، وَالْخِلَافُ فِيهِ سَبَقَ.
، فَلَوْ دَخَلَ الْآفَاقِيُّ مَكَّةَ مُتَمَتِّعًا نَاوِيًا لِلْإِقَامَةِ بَعْدَ فَرَاغِ نُسُكِهِ فَعَلَيْهِ دَمٌ، وَفِيهِ وَجْهٌ وَإِنْ اسْتَوْطَنَ أُفُقِيٌّ مَكَّةَ فَحَاضِرٌ، وَإِنِ اسْتَوْطَنَ مَكِّيٌّ الشَّامَ، ثُمَّ عَادَ مُقِيمًا مُتَمَتِّعًا فَعَلَيْهِ الدَّمُ، وَفِي " الْمُحَرَّرِ " وَ " الْفُصُولِ " خِلَافُهُ.
فَرْعٌ: إِذَا كَانَ لَهُ مَنْزِلَانِ قَرِيبٌ، وَبِعِيدٌ فَلَا دَمَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ بَعْضَ أَهْلِهِ مِنْ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَلَمْ يُوجَدِ الشَّرْطُ، وَلَهُ أَنْ يُحْرِمَ مِنَ الْقَرِيبِ، وَاعْتَبَرَ فِي " الْمُحَرَّرِ " وَ " الْفُصُولِ " إِقَامَتَهُ أَكْثَرَ بِنَفْسِهِ، ثُمَّ بِمَالِهِ، ثُمَّ بِنِيَّتِهِ، ثُمَّ بِالَّذِي أَحْرَمَ مِنْهُ.
(الثَّانِي) : أَنْ يُحْرِمَ بِالْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، وَسَبَقَ كَلَامُ أَحْمَدَ، وَلِأَنَّ الْإِحْرَامَ نُسُكٌ مُعْتَبَرٌ لِلْعُمْرَةِ، أَوْ فِي أَعْمَالِهَا، فَاعْتُبِرَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ كَالطَّوَافِ.
(الثَّالِثُ) : أَنْ يَحُجَّ مِنْ عَامِهِ لِمَا سَبَقَ.
(الرَّابِعُ) : أَنْ لَا يُسَافِرَ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، فَإِنْ سَافَرَ مَسَافَةَ قَصْرٍ فَأَكْثَرَ فَإِنْ فَعَلَ فَأَحْرَمَ فَلَا دَمَ عَلَيْهِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَتَقَدَّمَ قَوْلُ عُمَرَ، وَلِأَنَّهُ مُسَافِرٌ لَمْ يَتَرَفَّهْ بِتَرْكِ أَحَدِ السَّفَرَيْنِ لِمَحَلِّ الْوَفَاةِ.
(الْخَامِسُ) : أَنْ يَحِلَّ مِنْ إِحْرَامِ الْعُمْرَةِ قَبْلَ إِحْرَامِهِ بِالْحَجِّ تَحَلَّلَ أَوْ لَا، فَإِنْ أَحْرَمَ بِهِ قَبْلَ حِلِّهِ، صَارَ قَارِنًا.
أَنْ يَفْسَخَ إِذَا طَافَ وَسَعَى، وَيَجْعَلَهَا عُمْرَةً لِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَصْحَابَهُ بِذَلِكَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
(السَّادِسُ) : أَنْ يُحْرِمَ بِالْعُمْرَةِ مِنَ الْمِيقَاتِ ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ، وَذَكَرَ الْقَاضِي، وَابْنُ عَقِيلٍ، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْمُسْتَوْعِبِ " وَ " الرِّعَايَةِ ": إِنْ بَقِيَ بَيْنَهُ، وَبَيْنَ مَكَّةَ دُونَ مَسَافَةِ قَصْرٍ فَأَحْرَمَ مِنْهُ فَلَا دَمَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، بَلْ دَمُ الْمُجَاوَزَةِ، وَاخْتَارَ الْمُؤَلِّفُ وَغَيْرُهُ إِذَا أَحْرَمَ مِنْهُ، لَزِمَهُ الدَّمَانِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُقِمْ، وَلَمْ يَنْوِهَا بِهِ، وَلَيْسَ بِسَاكِنٍ.
(السَّابِعُ) : نِيَّةُ التَّمَتُّعِ فِي ابْتِدَاءِ الْعُمْرَةِ، أَوْ أَثْنَائِهَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَالْأَكْثَرُ، وَجَزَمَ الْمُؤَلِّفُ بِخِلَافِهِ، وَلَا يُعْتَبَرُ، وُقُوعُ النُّسُكَيْنِ عَنْ وَاحِدٍ، وَهَذِهِ الشُّرُوطُ تعتبر لِكَوْنِهِ مُتَمَتِّعًا، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الرِّعَايَةِ " إِلَّا الشَّرْطَ السَّادِسَ فَإِنَّ الْمُتْعَةَ لِلْمَكِّيِّ كَغَيْرِهِ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ، وَقَدَّمَ فِي " الْفُرُوعِ ": أَنَّهَا لَا تُعْتَبَرُ. وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُفْرِدَ لَا دَمَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ عُمْرَتَهُ فِي غَيْرِ أَشْهُرِهِ، وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ إِنْ أَحْرَمَ بِهِ مِنَ الْمِيقَاتِ فَلَا دَمَ عَلَيْهِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَحَمَلَهُ الْقَاضِي عَلَى أَنَّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَكَّةَ مَسَافَةَ قَصْرٍ، وَفِي " التَّرْغِيبِ ": إِنْ سَافَرَ إِلَيْهِ فَأَحْرَمَ مِنْهُ فَوَجْهَانِ.
1 -
(وَمَنْ كَانَ قَارِنًا أَوْ مُفْرِدًا أَحْبَبْنَا لَهُ) وَكَذَا جَزَمَ فِي " الْمُسْتَوْعِبِ " وَ " الرِّعَايَةِ " بِالِاسْتِحْبَابِ، وَعَبَّرَ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ، وَالْمَجْدُ بِالْجَوَازِ، وَقَالَ الْأَكْثَرُ: لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْحَجَّ أَحَدُ النُّسُكَيْنِ فَلَمْ يَجُزْ فَسْخُهُ كَالْعُمْرَةِ (أَنْ يُفْسَخَ إِذَا طَافَ وَسَعَى، وَيَجْعَلَهَا عُمْرَةً لِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَصْحَابَهُ بِذَلِكَ) ؛ لِأَنَّهُ صَحَّ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ أَصْحَابَهُ الَّذِينَ أَفْرَدُوا الْحَجَّ وَقَرَنُوا أَنْ يُحِلُّوا كُلُّهُمْ وَيَجْعَلُوهَا عُمْرَةً، إِلَّا مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَقَالَ سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ لِأَحْمَدَ: كُلُّ شَيْءٍ مِنْكَ حَسَنٌ جَمِيلٌ إِلَّا خَلَّةً وَاحِدَةً فَقَالَ: وَمَا هِيَ؟ قَالَ: تَقُولُ يُفْسَخُ الْحَجُّ قَالَ: كُنْتُ أَرَى أَنَّ لَكَ عَقْلًا! عِنْدِي ثَمَانِيَةَ عَشَرَ حَدِيثًا صِحَاحًا جِيَادًا كُلُّهَا فِي فَسْخِ الْحَجِّ أَتْرُكُهَا لِقَوْلِكَ؛! ، وَلِأَنَّهُ قَلْبٌ لِلْحَجِّ إِلَى الْعُمْرَةِ فَاسْتُحِبَّ لِمَنْ لَحِقَهُ الْفَوَاتُ، وَفِي " الِانْتِصَارِ " وَ " عُيُونِ الْمَسَائِلِ " لَوْ ادَّعَى مُدَّعٍ وُجُوبَ الْفَسْخِ لَمْ يَبْعُدْ مَعَ أَنَّهُ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَجَمَاعَةٍ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ حَزْمٍ.
وَجَوَابُهُ: «أَنَّهُ عليه السلام لَمَّا قَدِمَ لِأَرْبَعٍ مَضَيْنَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، فَصَلَّى الصُّبْحَ
قَدْ سَاقَ مَعَهُ هَدْيًا، فَيَكُونَ عَلَى إِحْرَامِهِ. وَلَوْ سَاقَ الْمُتَمَتِّعُ هَدْيًا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَحِلَّ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
بِالْبَطْحَاءِ، ثُمَّ قَالَ: مَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَجْعَلَهَا عُمْرَةً فَلْيَجْعَلْهَا» ، وَاحْتَجَّ الْمُخَالِفُ بِقَوْلِهِ - تَعَالَى - {وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد: 33] وَرَدَّ بِأَنَّ الْفَسْخَ: نَقْلُهُ إِلَى غَيْرِهِ لَا إِبْطَالُهُ مِنْ أَصْلِهِ، وَلَوْ سُلِّمَ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ مَسْأَلَتِنَا، قَالَهُ الْقَاضِي، وَمَحِلُّهُ إِذَا اعْتَقَدَ فِعْلَ الْحَجِّ مِنْ عَامِهِ نَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ لَا بُدَّ أَنْ يُهِلَّ بِالْحَجِّ مِنْ عَامِهِ لِيَسْتَفِيدَ فضيلة التَّمَتُّعَ، وَلِأَنَّهُ عَلَى الْفَوْرِ فَلَا يُؤَخِّرُهُ لَوْ لَمْ يُحْرِمْ فَكَيْفَ وَقَدْ أَحْرَمَ، وَشَرَطَهُ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ، وَصَاحِبُ " الْوَجِيزِ " إِذَا طَافَا وَسَعَيَا، وَنَقَلَهُ أَبُو طَالِبٍ: يَجْعَلُهَا عُمْرَةً إِذَا طَافَ وَسَعَى، وَلَا يَجْعَلُهَا، وَهُوَ فِي الطَّرِيقِ لِمَا فِي " الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ قَالَ لِأَبِي مُوسَى: طُفْ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ثُمَّ حِلَّ» فَعَلَى هَذَا يَنْوِيَانِ بِإِحْرَامِهَا ذَلِكَ عُمْرَةً مُفْرَدَةً، فَإِذَا فَرَغَا مِنْهَا، وَحَلَّا مِنْهَا أَحْرَمَا بِالْحَجِّ لِيَصِيرَا مُتِمَّيْنِ، وَلِأَنَّهُ لَوْ فَسَخَ قَبْلَهُ، وَاسْتَأْنَفَ عُمْرَةً لَعَرِيَ الْإِحْرَامُ الْأَوَّلُ عَنْ نُسُكٍ، قَالَهُ الْقَاضِي. وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ يَجُوزُ فَيَنْوِي إِحْرَامَهُ بِالْحَجِّ عُمْرَةً، وَخَبَرُ أَبِي مُوسَى أَرَادَ أَنَّ الْحِلَّ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِمَا، وَلَيْسَ فِيهِ الْمَنْعُ مِنْ قَلْبِ النِّيَّةِ، وَكَلَامُ ابْنِ الْمَنْجَا يُوَافِقُهُ؛ لِأَنَّ " إِذا " ظَرْفٌ فَيَكُونُ الْمُرَادُ أَحْبَبْنَا أَنْ يُفْسَخَ وَقْتَ طَوَافِهِ أَيْ: وَقْتَ جَوَازِهِ، وَصَرِيحُ كَلَامِ ابْنِ عَقِيلٍ يُعَضِّدُهُ، وَهَذَا مَا لَمْ يَقِفْ بِعَرَفَةَ، فَإِنَّ مَنْ وَقَفَ بِهَا أَتَى بِمُعْظَمِ الْعِبَادَةِ، وَأَمِنَ فَوْتَهَا بِخِلَافِ غَيْرِهِ، وَتَرَكَهُ الْمُؤَلِّفُ وُضُوحه (إِلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ سَاقَ مَعَهُ هَدْيًا فَيَكُونَ عَلَى إِحْرَامِهِ) لِلنَّصِّ وَلِلْأَخْبَارِ، وَكَامْتِنَاعِهِ فِي زَمَنِهِ عليه السلام، (وَلَوْ سَاقَ الْمُتَمَتِّعُ هَدْيًا، لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَحِلَّ)«لِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ: تَمَتَّعَ النَّاسُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم – بالعمرة إِلَى الْحَجِّ فَقَالَ: مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ مِنْ شَيْءٍ حُرِّمَ عَلَيْهِ حَتَّى يَقْضِيَ حَجَّهُ» فَعَلَى هَذَا: يُحْرِمُ بِالْحَجِّ إِذَا طَافَ، وَسَعَى لِعُمْرَتِهِ قَبْلَ تَحَلُّلِهِ بِالْحَلْقِ، فَإِذَا ذَبَحَهُ يَوْمَ النَّحْرِ حَلَّ مِنْهُمَا جَمِيعًا، نَصَّ عَلَيْهِ، «وَلِأَنَّهُ عليه السلام دَخَلَ فِي الْعَشْرِ، وَلَمْ يَحِلَّ» ، وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ فِيمَنْ يَعْتَمِرُ قَارِنًا أَوْ مُتَمَتِّعًا، وَمَعَهُ هَدْيٌ لَهُ أَنْ يَقُصَّ مِنْ شَعْرِ رَأْسِهِ خَاصَّةً «لِقَوْلِ مُعَاوِيَةَ قَصَّرْتُ مِنْ شَعْرِ رَأْسِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ الْمَرْوَةِ بِمِقَصٍّ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَفِي
وَالْمَرْأَةُ إِذَا دَخَلَتْ مُتَمَتِّعَةً، فَحَاضَتْ فَخَشِيَتْ فَوَاتَ الْحَجِّ، أَحْرَمَتْ بِالْحَجِّ وَصَارَتْ قَارِنَةً. وَإِنْ أَحْرَمَ مُطْلَقًا، صَحَّ وَلَهُ صَرْفُهُ إِلَى مَا شَاءَ، وَإِنْ أَحْرَمَ بِمِثْلِ مَا أَحْرَمَ بِهِ فُلَانٌ انْعَقَدَ إِحْرَامُهُ بِمِثْلِهِ وَإِنْ أَحْرَمَ بِحَجَّتَيْنِ أَوْ عُمْرَتَيْنِ، انْعَقَدَ بِإِحْدَاهُمَا
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
" الْمُغْنِي " وَ " الشَّرْحِ " عَنْ مَالِكٍ: لَهُ التَّحَلُّلُ، وَيَنْحَرُ هَدْيَهُ عِنْدَ الْمَرْوَةِ، وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الْخِرَقِيِّ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ؛ لِأَنَّ التَّمَتُّعَ أَحَدُ نَوْعَيِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْإِحْرَامَيْنِ كَالْقِرَانِ.
فَائِدَةٌ: حَيْثُ صَحَّ الْفَسْخُ، لَزِمَهُ دَمٌ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ عَنِ الْقَاضِي: لَا؛ لِعَدَمِ النِّيَّةِ فِي ابْتِدَائِهَا أَوْ أَثْنَائِهَا، وَرُدَّ بِأَنَّهُ دَعْوَى لَا دَلِيلَ عَلَيْهَا.
1 -
(وَالْمَرْأَةُ إِذَا دَخَلَتْ مُتَمَتِّعَةً فَحَاضَتْ) قَبْلَ طَوَافِ الْعُمْرَةِ (فَخَشِيَتْ فَوَاتَ الْحَجِّ) أَوْ خَافَهُ غَيْرُهَا (أَحْرَمَتْ بِالْحَجِّ وَصَارَتْ قَارِنَةً) نَصَّ عَلَيْهِ، لِمَا رَوَى مُسْلِمٌ «أَنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ مُتَمَتِّعَةً فَحَاضَتْ فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: أَهِلِّي بِالْحَجِّ» ، وَلِأَنَّ إِدْخَالَ الْحَجِّ عَلَى الْعُمْرَةِ يَجُوزُ من غير خَشْيَة الْفَوَاتِ، فَمَعَهَا أَوْلَى؛ لِكَوْنِهَا مَمْنُوعَةً مِنْ دُخُولِ الْمَسْجِدِ.
فَعَلَى هَذَا لَا تَقْضِي طَوَافَ الْقُدُومِ، لَكِنْ رَوَى عُرْوَةُ «عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا أَهَلَّتْ بِعُمْرَةٍ، وَحَاضَتْ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: انْقُضِي رَأْسَكِ، وَامْتَشِطِي، وَأَهِلِّي بِالْحَجِّ، وَدَعِي الْعُمْرَةَ» .
وَجَوَابُهُ: أَنَّ الْأَئِمَّةَ الْأَثْبَاتَ رَوَوْهُ عَنْهَا بِغَيْرِهَا، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِلْأُصُولِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ رَفْضُ نُسُكٍ يُمْكِنُ بَقَاؤُهُ، وَيَحْتَمِلُ: دَعِي الْعُمْرَةَ، وَأَهِلِّي مَعَهَا بِالْحَجِّ، وَدَعِي أَفْعَالَهَا.
(وَإِنْ أَحْرَمَ مُطْلَقًا) بِأَنْ نَوَى نَفْسَ الْإِحْرَامِ، وَلَمْ يُعَيِّنْ نُسُكًا (صَحَّ) نَصَّ عَلَيْهِ، كَإِحْرَامِهِ عِنْدَ إِحْرَامِ فُلَانٍ، وَحَيْثُ صَحَّ مَعَ الْإِبْهَامِ صَحَّ مَعَ الْإِطْلَاقِ، (وَلَهُ صَرْفُهُ إِلَى مَا شَاءَ) ، نَصَّ عَلَيْهِ، بِالنِّيَّةِ لَا بِاللَّفْظِ؛ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يَبْتَدِئَ الْإِحْرَامَ بِأَيِّهَا شَاءَ فَكَانَ لَهُ صَرْفُ الْمُطْلَقِ إِلَى ذَلِكَ فَعَلَى عِلَّةِ تَعْيِينِهِ قَبْلَ الطَّوَافِ، فَإِنْ طَافَ قَبْلَهُ لَمْ يُجْزِئْهُ، لِوُجُودِهِ لَا فِي حَجٍّ وَلَا عُمْرَةٍ، وَالْأَوْلَى أَنْ يَصْرِفَهُ إِلَى الْعُمْرَةِ؛ لِأَنَّهُ إِنْ كَانَ في غير أَشْهُر الْحَجِّ فَهُوَ مَكْرُوهٌ أَوْ مُمْتَنِعٌ، وَإِنْ كَانَ فِيهَا فَالْعُمْرَةُ أَوْلَى؛ لِأَنَّ التَّمَتُّعَ أَفْضَلُ، وَقَالَ أَحْمَدُ: يَجْعَلُهَا عُمْرَةً كَإِحْرَامِهِ بِمِثْلِ إِحْرَامِ فُلَانٍ، (وَإِنْ أَحْرَمَ بِمِثْلِ مَا أَحْرَمَ بِهِ فُلَانٌ انْعَقَدَ إِحْرَامُهُ بِمِثْلِهِ)
وَإِنْ أَحْرَمَ بِنُسُكٍ وَنَسِيَهُ، جَعَلَهُ عُمْرَةً، وَقَالَ الْقَاضِي: لَهُ صَرْفُهُ إِلَى مَا شَاءَ وَإِنْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
لِمَا رَوَى جَابِرٌ «أَنَّ عَلِيًّا قَدِمَ مِنَ الْيَمَنِ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: بِمَ أَهْلَلْتَ؛ قَالَ: بِمَا أَهَلَّ بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: فَأَهْدِ، وَامْكُثْ حَرَامًا» . وَعَنْ أَبِي مُوسَى نَحْوُهُ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا. فَإِنْ عَلِمَ انْعَقَدَ بِمِثْلِهِ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ نَفْسَهُ تَبَعًا، وَإِنْ كَانَ مُطْلَقًا فَحُكْمُهُ سَبَقَ. وَظَاهِرُهُ: لَا يَلْزَمُهُ صَرْفُهُ إِلَى مَا يصرف إِلَيْهِ، وَلَا إِلَى مَا كَانَ صَرَفَهُ إِلَيْهِ، وَأَطْلَقَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا احْتِمَالَيْنِ. وَظَاهِرُ كَلَامِهِ يُعْمَلُ بِقَوْلِهِ لَا بِمَا وَقَعَ فِي نَفْسِهِ، وَإِنْ جَهِلَهُ فَكَالْمَنْسِيِّ، وَإِنْ شَكَّ هَلْ أَحْرَمَ أَمْ لَا، وَالْأَشْهَرُ: كَمَا لَوْ لَمْ يُحْرِمْ فَيَكُونُ إِحْرَامُهُ مُطْلَقًا، وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَا إِذَا كَانَ إِحْرَامُهُ فَاسِدًا، فَيَتَوَجَّهُ لَنَا خِلَافٌ فِيمَا إِذَا نَذَرَ عِبَادَةً فَاسِدَةً هَلْ يَنْعَقِدُ بِصَحِيحَةٍ؛.
فَرْعٌ: لَوْ قَالَ: إِنْ أَحْرَمَ زَيْدٌ، فَأَنَا مُحْرِمٌ قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": فَيَتَوَجَّهُ أَنْ لَا يَصِحَّ، وَلَوْ قَالَ أَحْرَمْتُ يَوْمًا أَوْ بِنِصْفِ نُسُكٍ وَنَحْوِهِمَا فَيَتَوَجَّهُ خِلَافٌ.
(وَإِنْ أَحْرَمَ بِحَجَّتَيْنِ أَوْ عُمْرَتَيْنِ انْعَقَدَ بِإِحْدَاهُمَا) ؛ لِأَنَّ الزَّمَانَ يَصْلُحُ لِأَدَاءِ وَاحِدَةٍ، فَيَصِحُّ بِهِ كَتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ فَدَلَّ عَلَى خِلَافٍ هُنَا كَأَصْلِهِ، وَأَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ بِهِمَا كَبَقِيَّةِ أَفْعَالِهِمَا، وَكَنَذْرِهِمَا فِي عَامٍ وَاحِدٍ تَجِبُ إِحْدَاهُمَا: دُونَ الْأُخْرَى؛ لِأَنَّ الْوَقْتَ لَا يَصْلُحُ لَهُمَا، وَكَنِيَّةِ صَوْمَيْنِ فِي يَوْمٍ، وَلَوْ أَفْسَدَ حَجَّهُ أَوْ عُمْرَتَهُ، لَمْ يَلْزَمْهُ إِلَّا قَضَاؤُهَا، (وَإِنْ أَحْرَمَ بِنُسُكٍ، وَنَسِيَهُ جَعَلَهُ عُمْرَةً) نَقَلَهُ أَبُو دَاوُدَ؛ لِأَنَّهَا الْيَقِينُ، وَلَهُ صَرْفُ الْحَجِّ، وَالْقِرَانِ إِلَيْهَا مَعَ الْعِلْمِ بِمَنْعِ الْإِبْهَامِ أَوَّلًا، وَالْمُرَادُ: أَنَّ لَهُ جَعْلَهُ عُمْرَةً، لَا أَنَّهَا تَتَعَيَّنُ، (وَقَالَ الْقَاضِي) وَقَطَعَ بِهِ جَمَاعَةٌ (لَهُ صَرْفُهُ إِلَى مَا شَاءَ) ؛ لِأَنَّهُ إِنْ صَادَفَ مَا أَحْرَمَ بِهِ فَقَدْ أَصَابَ، وَإِنْ صَرَفَهُ إِلَى عُمْرَةٍ، وَكَانَ إِحْرَامُهُ بِغَيْرِهَا جَازَ لِجَوَازِ الْفَسْخِ إِلَيْهَا، وَيَلْزَمُهُ دَمُ الْمُتْعَةِ، وَإِنْ صَرَفَهُ إِلَى قِرَانٍ، وَكَانَ الْمَنْسِيُّ عُمْرَةً، فَقَدْ أَدْخَلَ الْحَجَّ عَلَى الْعُمْرَةِ، وَهُوَ جَائِزٌ، وَإِنْ كَانَ مُفْرِدًا، فَقَدْ أَدْخَلَ الْعُمْرَةَ عَلَى الْحَجِّ، وَهُوَ لَغْوٌ لَا يَقْدَحُ فِي صِحَّةِ حَجِّهِ، وَإِنْ صَرَفَهُ
أَحْرَمَ عَنِ اثْنَيْنِ وَقَعَ عَنْ نَفْسِهِ، وَإِنْ أَحْرَمَ عَنْ أَحَدِهِمَا لَا بِعَيْنِهِ، وَقَعَ عَنْ نَفْسِهِ، وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: لَهُ صَرْفُهُ إِلَى أَيِّهِمَا شَاءَ، وَإِذَا اسْتَوَى عَلَى رَاحِلَتِهِ، لَبَّى تَلْبِيَةَ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
إِلَى الْإِفْرَادِ، وَكَانَ مُتَمَتِّعًا، فَقَدْ أَدْخَلَ الْحَجَّ عَلَى الْعُمْرَةِ، وَصَارَ قَارِنًا، وَلَا تَبْطُلُ الْعُمْرَةُ بِتَرْكِ نِيَّتِهَا إِذِ الشَّرْطُ وُجُودُهَا ابْتِدَاءً لَا دَوَامًا، وَإِنْ كَانَ قَارِنًا فَكَذَلِكَ هُنَا إِذَا كَانَ قَبْلَ الطَّوَافِ، فَإِنْ كَانَ نُسُكُهُ بَعْدَهُ، تَعَيَّنَ جَعْلُهُ عُمْرَةً لِامْتِنَاعِ إِدْخَالِ الْحَجِّ، إِذَنْ لِمَنْ لَا هَدْيَ مَعَهُ، فَإِذَا سَعَى أَوْ حَلَقَ، فَمَعَ بَقَاءِ وَقْتِ الْوُقُوفِ، يُحْرِمُ بِالْحَجِّ وَيُتِمُّهُ وَيُجْزِئُهُ وَيَلْزَمُهُ دَمٌ لِلْحَلْقِ فِي غَيْرِ وَقْتِهِ، إِنْ كَانَ حَاجًّا، وَإِلَّا فَدَمُ الْمُتْعَةِ، وَإِنْ جَعْلَهُ حَجًّا أَوْ قِرَانًا، تَحَلَّلَ بِفِعْلِ الْحَجِّ، وَلَمْ يُجْزِئْهُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا لِلشَّكِّ؛ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّ الْمَنْسِيَّ عُمْرَةٌ، فَلَا يَصِحُّ إِدْخَالُهُ عَلَيْهَا بَعْدَ طَوَافِهَا، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ حَجٌّ، فَلَا يَصِحُّ إِدْخَالُهَا عَلَيْهِ وَلَا دَمٌ وَلَا قَضَاءٌ؛ لِلشَّكِّ فِي سَبَبِهِمَا.
(وَإِنْ أَحْرَمَ عَنِ اثْنَيْنِ، وَقَعَ عَنْ نَفْسِهِ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ عَنْهُمَا؛ لِأَنَّ الْعِبَادَةَ الْوَاحِدَةَ لَا تُجْزِئُ عَنِ اثْنَيْنِ كَالصَّلَاةِ، وَلَا أَوْلَوِيَّةَ، وَكَإِحْرَامِهِ عَنْ زَيْدٍ وَنَفْسِهِ، وَسَبَقَ إِحْرَامُهُ بِحَجِّهِ عَنْ أَبَوَيْهِ، (وَإِنْ أَحْرَمَ عَنْ أَحَدِهِمَا لَا بِعَيْنِهِ، وَقَعَ عَنْ نَفْسِهِ) لِمَا تَقَدَّمَ، (وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ) وَالْقَاضِي (لَهُ صَرْفُهُ إِلَى أَيِّهِمَا شَاءَ) لِصِحَّتِهِ بِمَجْهُولٍ فَصَحَّ عَنْهُ، وَقَالَ الْحَنَفِيَّةُ: هُوَ الِاسْتِحْسَانُ؛ لِأَنَّ الْإِحْرَامَ، وَسِيلَةٌ إِلَى مَقْصُودٍ، وَالْمُبْهَمُ يَصْلُحُ، وَسِيلَةً بِوَاسِطَةِ التَّعْيِينِ، فَاكْتفي بِهِ شَرْطًا.
فَعَلَى هَذَا لَوْ لَمْ يَفْعَلْ حَتَّى طَافَ شَوْطًا أَوْ سَعَى أَوْ وَقَفَ بِعَرَفَةَ قَبْلَ جَعْلِهِ تَعَيَّنَ عَنْ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ يَلْحَقُهُ فَسْخٌ، وَلَا يَقَعُ عَنْ غَيْرِ مُعَيَّنٍ، وَعَنْهُ: يَبْطُلُ إِحْرَامُهُ حَكَاهَا فِي " الرِّعَايَةِ " وَهُوَ غَرِيبٌ.
تَنْبِيهٌ: إِذَا اسْتَنَابَهُ اثْنَانِ فِي نُسُكٍ فِي عَامٍ، فَأَحْرَمَ عَنْ وَاحِدٍ مُعَيَّنٍ، ثُمَّ نَسِيَهُ وَتَعَذَّرَ مَعْرِفَتُهُ، فَإِنْ فَرَّطَ أَعَادَ الْحَجَّ عَنْهُمَا، وَإِنْ فَرَّطَ الْمُوصى إِلَيْهِ بِذَلِكَ، غُرِّمَ، وَإِلَّا فَمِنْ تَرِكَةِ الْمُوصِيَيْنِ إِنْ كَانَ النَّائِبُ غَيْرَ مُسْتَأْجَرٍ لِذَلِكَ، وَإِلَّا لَزِمَاهُ، وَإِنْ لَمْ يَنْسَهُ صَحَّ، فَلَوْ أَحْرَمَ لِلْآخَرِ بَعْدَهُ لَمْ يَصِحَّ، نَصَّ عَلَيْهِ، قَالَ: وَيَضْمَنُ، وَيُؤَدَّبُ مَنْ أَخَذَ مِنَ اثْنَيْنِ حَجَّتَيْنِ لِيَحُجَّ عَنْهُمَا فِي عَامٍ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ مُحَرَّمًا.
1 -
(وَإِذَا اسْتَوَى عَلَى رَاحِلَتِهِ لَبَّى) لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، وَهُوَ فِي " الصَّحِيحَيْنِ " وَلَفْظُ