الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ أَرْكَانُ الْحَجِّ:
الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ وَطَوَافُ الزِّيَارَةِ، وَعَنْهُ: أَنَّهَا أَرْبَعَةٌ: الْوُقُوفُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
عُمْرَةُ الْمُتَمَتِّعِ فَتُجْزِئُ عَنْهَا بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ، وَأَمَّا عُمْرَةُ الْقَارِنِ - وَهُوَ الَّذِي جَمَعَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ أَوْ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ ثُمَّ أَدْخَلَ عَلَيْهَا الْحَجَّ - لَا تُجْزِئُ عَنْ عُمْرَةِ الْإِسْلَامِ فِي رِوَايَةٍ اخْتَارَهَا أَبُو بَكْرٍ لِقَوْلِهِ - تَعَالَى - {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: 196] وَإِتْمَامُهَمَا: الْإِتْيَانُ بِأَفْعَالِهِمَا عَلَى وَجْهِ الْكَمَالِ، وَلَمْ يُوجَدْ، وَلِأَمْرِهِ عليه السلام عَائِشَةَ أَنْ تَعْتَمِرَ مِنَ التَّنْعِيمِ، وَلَوْ كَانَتْ عُمْرَتُهَا فِي قِرَانِهَا أَجْزَأَتْهَا لَمَا أَعْمَرَهَا بَعْدَهَا، وَلِأَنَّهَا لَيْسَتْ كَامِلَةً، إِذْ لَا طَوَافَ فِيهَا، وَالثَّانِيَةُ - وَهِيَ الْأَصَحُّ -: أَنَّهَا تُجْزِئُ عَنْهَا؛ لِقَوْلِهِ عليه السلام لِعَائِشَةَ لَمَّا قَرَنَتْ، وَطَافَتْ:«قَدْ حَلَلْتِ مِنْ حَجَّتِكِ وَعُمْرَتِكِ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَلِأَنَّ الْوَاجِبَ عُمْرَةٌ وَاحِدَةٌ، وَقَدْ أَتَى بِهَا صَحِيحَةً فَأَجْزَأَتْ كَعُمْرَةِ الْمُتَمَتِّعِ، وَلِأَنَّ عُمْرَةَ الْقَارِنِ أَحَدُ النُّسُكَيْنِ لِلْقَارِنِ، فَأَجْزَأَتْ كَالْحَجِّ، وَأَمَّا عُمْرَةُ عَائِشَةَ مِنَ التَّنْعِيمِ فَإِنَّمَا كَانَتْ لِتَطْيِيبِ قَلْبِهَا، وَإِجَابَةِ مَسْأَلَتِهَا، وَلَوْ كَانَتْ وَاجِبَةً، لِأَمَرَهَا هُوَ بِهَا قَبْلَ سُؤَالِهَا، وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْعُمْرَةَ الْمُفْرَدَةَ مِنَ التَّنْعِيمِ تُجْزِئُ عَنْ عُمْرَةِ الْإِسْلَامِ، لِحَدِيثِ عَائِشَةَ، وَلِأَنَّ الْحَجَّ يُجْزِئُ مِنْ مَكَّةَ، فَالْعُمْرَةُ مِنْ أَدْنَى الْحِلِّ فِي حَقِّ الْمُفْرِدِ أَوْلَى. وَالثَّانِيَةُ: لَا؛ لِأَنَّهُ عليه السلام أَحْرَمَ فِي عُمْرَةِ الْقَضَاءِ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ، وَرُوِيَ: مِنْ الْجِعْرَانَةَ، وَصَحَّحَهُ صَاحِبُ " النِّهَايَةِ " فِي غَيْرِ سَنَةِ الْقَضَاءِ.
وَجَوَابُهُ: أَنَّهُ مَرَّ بِهَا، أَوْ لِأَنَّ الْقَضَاءَ يَحْكِي الْأَدَاءَ.
[فَصْلٌ أَرْكَانُ الْحَجِّ]
ِّ: الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ) لِمَا رُوِيَ أَنَّ رَجُلًا قَالَ: «أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بِعَرَفَةَ، فَجَاءَهُ نَفَرٌ مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ الْحَجُّ؟ قَالَ: الْحَجُّ عَرَفَةُ فَمَنْ جَاءَ قَبْلَ صَلَاةِ الْفَجْرِ فَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى: مَا
وَالطَّوَافُ وَالْإِحْرَامُ وَالسَّعْيُ، وَعَنْهُ: أَنَّهَا ثَلَاثَةٌ، وَأَنَّ السَّعْيَ سُنَّةٌ، وَاخْتَارَ الْقَاضِي أَنَّهُ وَاجِبٌ وَلَيْسَ بِرُكْنِ، وَوَاجِبَاتِهِ سَبْعَةٌ: الْإِحْرَامُ مِنَ الْمِيقَاتِ، وَالْوُقُوفُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
أَرَى لِلثَّوْرِيِّ حَدِيثًا أَشْرَفَ مِنْهُ (وَطَوَافُ الزِّيَارَةِ) لِقَوْلِهِ - تَعَالَى - {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: 29] وَلِمَا رَوَتْ عَائِشَةُ فِي شَأْنِ صَفِيَّةَ، وَأَنَّ الطَّوَافَ حَابِسٌ لِمَنْ لَمْ يَأْتِ بِهِ، وَلَوْ تَرَكَهُ رَجَعَ مُعْتَمِرًا، نَقَلَهُ جَمَاعَةٌ.
(وَعَنْهُ: أَنَّهَا أَرْبَعَةٌ: الْوُقُوفُ وَالطَّوَافُ) وَقَدْ تَقَدَّمَا (والإحرام) لِحَدِيثِ «الْأَعْمَالِ» وَلِأَنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ نِيَّةِ الدُّخُولِ فِي الْحَجِّ فَلَمْ يَتِمَّ إِلَّا بِهِ، كَنِيَّةِ الصَّلَاةِ، وَاخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ فِيهِ، هَلْ هُوَ رُكْنٌ؟ وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ " وَ " الْمُحَرَّرِ ": أَوْ شَرْطٌ، قَالَ ابْنُ الْمُنَجَّا: لَا نَعْرِفُ أَحَدًا مِنَ الْأَصْحَابِ قَالَ بِهِ، وَفِي كَلَامِ جَمَاعَةٍ مَا ظَاهِرُهُ رِوَايَةٌ بِجَوَازِ تَرْكِهِ، وَفِي " الْإِرْشَادِ " سُنَّةٌ، وَفِيهِ بُعْدٌ (وَالسَّعْيُ) هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ لِقَوْلِهِ عليه السلام فِي حَدِيثِ حَبِيبَةَ بِنْتِ أَبِي تَجْرَاةَ أحد نِسَاءِ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ:«اسْعَوْا فَإِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَيْكُمُ السَّعْيَ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَلِأَنَّهُ نُسُكٌ فِي الْحَجِّ، وَالْعُمْرَةِ فَكَانَ رُكْنًا فِيهِمَا كَالطَّوَافِ، (وَعَنْهُ: أَنَّهَا ثَلَاثَةٌ وَأَنَّ السَّعْيَ مِنْهُ) رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ الزُّبَيْرِ لِقَوْلِهِ - تَعَالَى - {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} [البقرة: 158] وَنَفْيُ الْحَرَجِ عَنْ فَاعِلِهِ دَلِيلُ عَدَمِ وُجُوبِهِ، وَفِي مُصْحَفِ أُبَيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ " فَلَا جَنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ لَا يَطَّوَّفَ بِهِمَا " وَهَذَا - وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قُرْآنًا - فَلَا يَنْحَطُّ عَنْ رُتْبَةِ الْخَبَرِ، وَلِأَنَّهُ نُسُكٌ ذُو عَدَدٍ لَا يَتَعَلَّقُ بِالْبَيْتِ، فَلَمْ يَكُنْ رُكْنًا كَالرَّمْيِ (وَاخْتَارَ الْقَاضِي أَنَّهُ وَاجِبٌ وَلَيْسَ بِرُكْنٍ) هَذَا رِوَايَةٌ، وَجَزَمَ بِهَا فِي " الْوَجِيزِ "؛ لِأَنَّهَا مِنْ أَفْعَالِ الْحَجِّ فَكَانَ، وَاجِبًا كَطَوَافِ الْوَدَاعِ، فَعَلَى هَذَا إِنْ تَرَكَهُ أَجْبَرَهُ بِدَمٍ، وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ وَالثَّوْرِيِّ.
قَالَ فِي " الْمُغْنِي ": قَوْلُ الْقَاضِي أَقْرَبُ إِلَى الْحَقِّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ - تَعَالَى -، وَفِي " الشَّرْحِ " وَهُوَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ دَلِيلَ مَنْ أَوْجَبَهُ دَلَّ عَلَى مُطْلَقِ الْوُجُوبِ، لَا عَلَى أَنَّهُ لَا يَتِمُّ الْحَجُّ إِلَّا بِهِ، وَحَدِيثُ حَبِيبَةَ يَرْوِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُؤَمِّلِ، وَفِيهِ كَلَامٌ، ثُمَّ هُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ