الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَلَى رِوَايَتَيْنِ. وَكَذَلِكَ إِنْ ضَلَّتْ، فَذَبَحَ بَدَلَهَا، ثُمَّ وَجَدَهَا.
فَصْلٌ.
سَوْقُ الْهَدْيِ مَسْنُونٌ
لَا يَجِبُ إِلَّا بِالنَّذْرِ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَقِفَهُ بِعَرَفَةَ، وَيَجْمَعَ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
أَصَحُّهُمَا: لَيْسَ لَهُ اسْتِرْجَاعُ ذَلِكَ إِلَى مِلْكِهِ؛ لِأَنَّهُ تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْفُقَرَاءِ بِتَعْيِينِهِ فَلَزِمَهُ ذَبْحُهُ، كَمَا لَوْ عَيَّنَهُ بِنَذْرِهِ ابْتِدَاءً.
وَالثَّانِيَةُ: لَهُ اسْتِرْجَاعُهُ إِلَى مُلْكِهِ، فَيَصْنَعُ بِهِ مَا شَاءَ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْخِرَقِيِّ، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ " لِأَنَّهُ إِنَّمَا عَيَّنَهُ عَمَّا فِي ذِمَّتِهِ، فَإِذَا لَمْ يَقَعْ عَنْهُ، عَادَ إِلَى صَاحِبِهِ، كَمَنْ أَخْرَجَ زَكَاةً، فَبَانَ أَنَّهَا غَيْرُ وَاجِبَةٍ (وَكَذَلِكَ إِنْ ضَلَّتْ فَذَبَحَ بَدَلَهَا، ثُمَّ وَجَدَهَا) أَيْ: فِيهَا الْخِلَافُ السَّابِقُ لِلْمُسَاوَاةِ، وَالْمَذْهَبُ ذَبْحُهُ مَعَ ذَبْحِ الْوَاجِبِ، رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَابْنِهِ وَابْنِ عَبَّاسٍ؛ لِأَنَّ عَائِشَةَ أَهَدَتْ هَدْيَيْنِ وَأَضَلَّتْهُمَا فَبَعَثَ إِلَيْهَا ابْنُ الزُّبَيْرِ هَدْيَيْنِ فَنَحَرَتْهُمَا، ثُمَّ عَادَ الضَّالَّانِ، فَنَحَرَتْهُمَا، وَقَالَتْ: هَذِهِ سُنَّةُ الْهَدْيِ. رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ.
تَنْبِيهٌ: إِذَا ذَبَحَهُ عَمَّا فِي ذِمَّتِهِ، فَسُرِقَ، سَقَطَ الْوَاجِبُ. نَقَلَهُ ابْنُ مَنْصُورٍ؛ لِأَنَّ التَّفْرِقَةَ لَا تَلْزَمُهُ بِدَلِيلِ تَخْلِيَتِهِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْفُقَرَاءِ، وَإِذَا عَطِبَتْ شَاةٌ فَذَبَحَهَا عَمَّا فِي ذِمَّتِهِ، لَمْ تُجْزِئْهُ وَإِنْ رَضِيَ مَالِكُهَا، سَوَاءٌ عَوَّضَهُ عَنْهَا أَوْ لَمْ يُعَوِّضْهُ.
مَسْأَلَةٌ: لَا يَبْرَأُ فِي الْهَدْيِ إِلَّا بِذَبْحِهِ أَوْ نَحْرِهِ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ وَكَّلَ، فَإِنْ ذَبَحَهُ إِنْسَانٌ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، فَفِيهِ خِلَافٌ سَبَقَ؛ فَلَوْ دَفَعَهُ إِلَى الْفُقَرَاءِ سَلِيمًا، فَذَبَحُوهُ، جَازَ، لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ، فَإِنْ لَمْ يَنْحَرُوهُ، اسْتَرَدَّهُ مِنْهُمْ وَنَحَرَهُ، فَإِنْ تَعَذَّرَ ضَمِنَهُ؛ لِأَنَّهُ فَوَّتَهُ بِتَفْرِيطِهِ. فَإِنْ ذَبَحَهُ وَلَمْ يَدْفَعْهُ لِلْفُقَرَاءِ، جَازَ لَهُمُ الْأَخْذُ مِنْهُ إِمَّا بِالْإِذْنِ نُطْقًا كَقَوْلِهِ: مَنِ اقْتَطَعَ. أَوْ بِدَلَالَةِ الْحَالِ، كَالتَّخْلِيَةِ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ.
[فَصْلٌ سَوْقُ الْهَدْيِ مَسْنُونٌ]
ٌ) لِمَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ قَالَ: «تَمَتَّعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ،
فِيهِ بَيْنَ الْحِلِّ وَالْحَرَمِ، وَلَا يَجِبُ ذَلِكَ. وَيُسَنُّ إِشْعَارُ الْبَدَنَةِ، وَهُوَ أَنْ يَشُقَّ صَفْحَةَ سَنَامِهَا حَتَّى يَسِيلَ الدَّمُ وَيُقَلِّدَهَا، وَيُقَلِّدَ الْغَنَمَ النَّعْلَ، وَآذَانَ الْقِرَبِ، وَالْعُرَى.
وَإِنْ نَذَرَ هَدْيًا مُطْلَقًا، فَأَقَلُّ مَا يُجْزِئُهُ شَاةٌ أَوْ سُبْعُ بَدَنَةٍ، وَإِنْ نَذَرَ بَدَنَةً
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
فَسَاقَ الْهَدْيَ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. (لَا يَجِبُ إِلَّا بِالنَّذْرِ) لِقَوْلِهِ عليه السلام: «مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ» ، وَلِأَنَّهُ سُنَّةٌ، وَطَاعَةٌ، فَوَجَبَ بِهِ كَسَائِرِ نُذُرِ الطَّاعَاتِ، وَيَصِيرُ لِلْحَرَمِ، وَكَذَا إِنْ نَذَرَ سَوْقَ أُضْحِيَّةٍ إِلَى مَكَّةَ، أَوْ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَذْبَحَ بِهَا، وَإِنْ جَعَلَ دَرَاهِمَ فَلِلْحَرَمِ. نَقَلَهُ الْمَرْوَذِيُّ، وَإِنْ عَيَّنَ شَيْئًا لِغَيْرِ الْحَرَمِ، وَلَا مَعْصِيَةَ فِيهِ تَعَيَّنَ بِهِ ذَبْحًا، وَتَفْرِيقًا لِفُقَرَائِهِ (وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَقِفَهُ بِعَرَفَةَ، وَيَجْمَعَ فِيهِ بَيْنَ الْحِلِّ وَالْحَرَمِ) لِفِعْلِهِ عليه السلام (وَلَا يَجِبُ ذَلِكَ) لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْإِرَاقَةُ، وَهُوَ حَاصِلٌ بِدُونِ ذَلِكَ، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ لَا يَرَى الْهَدْيَ إِلَّا مَا عُرِفَ بِهِ، وَنَحْوُهُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ.
(وَيُسَنُّ إِشْعَارُ الْبَدَنَةِ، وَهُوَ أَنْ يَشُقَّ صَفْحَةَ سَنَامِهَا حَتَّى يَسِيلَ الدَّمُ وَيُقَلِّدَهَا) . هَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ لِمَا رَوَتْ عَائِشَةُ قَالَتْ: «فَتَلْتُ قَلَائِدَ هَدْيِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ أَشْعَرَهَا وَقَلَّدَهَا» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَيُشْعَرُ الْبَقَرُ؛ لِأَنَّهَا مِنَ الْبُدْنِ، وَلِأَنَّهُ لِغَرَضٍ صَحِيحٍ، فَهُوَ كَالْكَيِّ. وَفَائِدَتُهُ أَنَّهَا تُعْرَفُ عِنْدَ الِاخْتِلَاطِ، وَيَتَوَقَّاهَا اللِّصُّ، بِخِلَافِ التَّقْلِيدِ، فَإِنَّهُ يُنْقَلُ، أَوْ عُرْوَةٍ فَيَنْحَلُّ وَيُذْهَبُ. وَالْمُرَادُ بِصَفْحَةِ السَّنَامِ: الْيُمْنَى عَلَى الْمَذْهَبِ، أَوْ مَحِلُّهُ إِنْ لَمْ يَكُنْ، وَعَنْهُ: الْيُسْرَى، رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَعَنْهُ: يُخَيَّرُ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى، لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُشْعَرُ غَيْرُ السَّنَامِ، وَفِي " الْفُصُولِ " عَنْ أَحْمَدَ خِلَافُهُ، وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: لَا يَنْبَغِي أَنْ يَسُوقَ حَتَّى يُشْعِرَهُ، وَيُجَلِّلَهُ بِثَوْبٍ أَبْيَضَ (وَيُقَلِّدَ الْغَنَمَ النَّعْلَ وَآذَانَ الْقِرَبِ وَالْعُرَى) لِقَوْلِ عَائِشَةَ، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَلِأَنَّهَا هَدْيٌ فَسُنَّ تَقْلِيدُهَا كَالْإِبِلِ بَلْ أَوْلَى إِذْ لَيْسَ لَهَا مَا يُعْرَفُ بِهِ. وَظَاهِرُهُ أَنَّهَا لَا تُشْعَرُ لِعَدَمِ نَقْلِهِ، وَلِأَنَّهَا