الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَفِي الْحَمَامِ وَهُوَ كُلُّ مَا عَبَّ وَهَدَرَ شَاةٌ، وَقَالَ الْكِسَائِيُّ: كُلُّ مُطَوَّقٍ حَمَامٌ.
النَّوْعُ الثَّانِي: مَا لَمْ تَقْضِ فِيهِ الصَّحَابَةُ، فَيُرْجَعُ فِيهِ إِلَى قَوْلِ عَدْلَيْنِ مِنْ أَهْلِ الْخِبْرَةِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْقَاتِلُ أَحَدَهُمَا، وَيَجِبُ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْكَبِيرِ وَالصَّغِيرِ وَالصَّحِيحِ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
قَالَ: فِي الْأَرْنَبِ عَنَاقٌ، وَفِي الْيَرْبُوعِ جَفْرَةٌ» . رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَالْعَنَاقُ: الْأُنْثَى مَنْ وَلَدِ الْمَعْزِ أَصْغَرُ مِنَ الْجَفْرَةِ (وَفِي الْحَمَامِ وَهُوَ كُلُّ مَا عَبَّ وَهَدَرَ شَاةٌ) حَكَمَ بِهِ عُمَرُ، وَابْنُهُ، وَعُثْمَانُ، وَابْنُ عَبَّاسٍ. قَالَ الْأَصْحَابُ: هُوَ إِجْمَاعُ الصَّحَابَةِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الْقِيمَةِ لِمَا سَبَقَ وَلِاخْتِلَافِ الْقِيمَةِ بِالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَالسِّعْرِ وَصِفَةِ الْمُتْلَفِ وَلَمْ يُوصَفْ، وَلَمْ يَسْأَلُوا عَنْهُ، مَعَ أَنَّ مَالِكًا، وَافَقَ فِي حَمَامِ الْحَرَمِ دُونَ الْإِحْرَامِ، وَالْقِيَاسُ يَقْتَضِي الْقِيمَةَ فِي كُلِّ طَيْرٍ تَرَكْنَاهُ فِي حَمَامِ الْحَرَمِ لِمَا تَقَدَّمَ، فَيَبْقَى مَا عَدَاهُ عَلَى الْأَصْلِ قُلْنَا، وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَضَى فِي حَمَامَةٍ حَالَ الْإِحْرَامِ بِشَاةٍ؛ لِأَنَّهَا حَمَامَةٌ مَضْمُونَةٌ لِحَقِّ اللَّهِ فَضُمِّنَتْ بِشَاةٍ كَحَمَامَةِ الْحَرَمِ، وَقَوْلُهُ: كُلُّ مَا عَبَّ. بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ: وَضَعَ مِنْقَارَهُ فِي الْمَاءِ فَيَكْرَعُ كَمَا تَكْرَعُ الشَّاةُ، وَلَا يَأْخُذُ قَطْرَةً قَطْرَةً كَالدَّجَاجِ وَالْعَصَافِيرِ. وَهَدَرَ أَيْ صَوَّتَ، وَإِنَّمَا أَوْجَبُوا فِيهِ شَاةً لِشَبَهِهِ فِي كَرْعِ الْمَاءِ، وَلَا يَشْرَبُ كَبَقِيَّةِ الطُّيُورِ، وَمِنْ هُنَا قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَسَنَدِي: كُلُّ طَيْرٍ يَعُبُّ الْمَاءَ كَالْحَمَامِ فِيهِ شَاةٌ فَيَدْخُلُ فِيهِ الْفَوَاخِتُ، وَالْقَمَرِيُّ، وَالْقَطَا، وَنَحْوُهَا؛ لِأَنَّ الْعَرَبَ تُسَمِّيهَا حَمَامًا، (وَقَالَ الْكِسَائِيُّ: كُلُّ مُطَوَّقٍ حَمَامٌ) فَعَلَى هَذَا يَكُونُ الْحَجَلُ مِنَ الْحَمَامِ؛ لِأَنَّهُ مُطَوَّقٌ.
[مَا لَمْ تَقْضِ فِيهِ الصَّحَابَةُ في جزاء الصيد]
(النَّوْعُ الثَّانِي: مَا لَمْ تَقْضِ فِيهِ الصَّحَابَةُ) بِشَيْءٍ (فَيُرْجَعُ فِيهِ إِلَى قَوْلِ عَدْلَيْنِ) لِقَوْلِهِ - تَعَالَى - {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} [المائدة: 95] . وَظَاهِرُهُ لَا يَكْفِي وَاحِدٌ، (مِنْ أَهْلِ الْخِبْرَةِ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنَ الْحُكْمِ بِالْمِثْلِ إِلَّا بِهَا، وَلِاعْتِبَارِهَا بِكُلِّ مَا يُحْكَمُ بِهِ فَيَعْتَبِرَانِ الشَّبَهَ خِلْقَةً لَا قِيمَةً لِفِعْلِ الصَّحَابَةِ. وَظَاهِرُهُ: أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ بِقِيمَتِهِ؛ لِأَنَّهُ زِيَادَةٌ عَلَى النَّصِّ، (وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْقَاتِلُ أَحَدَهُمَا) نَصَّ عَلَيْهِ لِظَاهِرِ الْآيَةِ، وَرُوِيَ أَنَّ عُمَرَ أَمَرَ كَعْبَ الْأَحْبَارِ أَنْ يَحْكُمَ عَلَى نَفْسِهِ فِي الْجَرَادَتَيْنِ اللَّتَيْنِ صَادَهُمَا وَهُوَ مُحْرِمٌ، وَلِأَنَّهُ حَقٌّ يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقُّ آدَمِيٍّ كَتَقْوِيمِهِ عَرْضَ التِّجَارَةِ لِإِخْرَاجِهَا، وَكَذَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَا الْقَاتِلَيْنِ، وَقَيَّدَهُ ابْنُ عَقِيلٍ بِمَا إِذَا قَتَلَهُ خَطَأً؛ لِأَنَّ الْعَمْدَ يُنَافِي الْعَدَالَةَ أَوْ جَاهِلًا بِتَحْرِيمِهِ لِعَدَمِ فِسْقِهِ. قَالَ فِي " الشَّرْحِ ": وَعَلَى قِيَاسِهِ قَتَلَهُ لِحَاجَةِ أَكْلِهِ.
وَالْمَعِيبِ مِثْلُهُ إِلَّا الْمَاخِضَ تُفْدَى بِقِيمَةِ مِثْلِهَا، وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: يَجِبُ فِيهَا مِثْلُهَا وَيَجُوزُ فِدَاءُ أَعْوَرَ مِنْ عَيْنٍ بِأَعْوَرَ مِنْ أُخْرَى، وَفِدَاءُ الذَّكَرِ بِالْأُنْثَى، وَفِي فِدَائِهَا بِهِ وَجْهَانِ.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
(وَيَجِبُ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْكَبِيرِ وَالصَّغِيرِ، وَالصَّحِيحِ وَالْمَعِيبِ) وَالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، وَالْحَائِلِ (مِثْلُهُ) لِلْآيَةِ، وَلِأَنَّ مَا ضُمِنَ بِالْيَدِ، وَالْجِنَايَةِ يَخْتَلِفُ بِذَلِكَ كَالْبَهِيمَةِ، وَقِيَاسُ قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ فِي الزَّكَاةِ يَضَمَنُ مَعِيبًا بِصَحِيحٍ، ذَكَرَهُ الْحُلْوَانِيُّ، وَخَرَّجَهُ فِي " الْفُصُولِ " احْتِمَالًا مِنَ الرِّوَايَةِ هُنَاكَ، وَفِيهَا يَتَعَيَّنُ الْكَبِيرُ أَيْضًا فَمِثْلُهُ هُنَا.
وَجَوَابُهُ: أَنَّ الْهَدْيَ فِي الْآيَةِ مُقَيِّدٌ بِالْمَثَلِ، وَقَدْ أَجْمَعَ الصَّحَابَةُ عَلَى إِيجَابِ مَا لَا يَصْلُحُ هَدْيًا كَالْجَفْرَةِ، وَالْعَنَاقِ، وَلَا يَجْرِي مَجْرَى الضَّمَانِ بِدَلِيلِ أَنَّهَا لَا تَتَبَعَّضُ فِي أَبْعَاضِهِ، لَكِنْ إِنْ فَدَى الْمَعِيبَ بِصَحِيحٍ فَهُوَ أَفْضَلُ بِلَا نِزَاعٍ (إِلَّا الْمَاخِضَ) أَيِ: الْحَامِلَ الَّتِي دَنَا وَقْتُهَا، وَلَيْسَ بِمُرَادٍ بَلِ الْعِبْرَةُ بِالْحَمْلِ (تُفْدَى بِقِيمَةِ مِثْلِهَا) قَالَهُ الْقَاضِي، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ "؛ لِأَنَّ قِيمَتَهَا أَكْثَرُ مِنْ قِيمَةِ لَحْمِهَا، (وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: يَجِبُ فِيهَا مِثْلُهَا) هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ لِلْآيَةِ، وَلِأَنَّ إِيجَابَ الْقِيمَةِ عُدُولٌ عَنِ الْمِثْلِ مَعَ إِمْكَانِهِ، وَذَلِكَ خِلَافُ الْمَنْصُوصِ، وَقِيلَ: يُفْدِي بِحَائِلٍ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الصِّفَةَ لَا تَزِيدُ فِي لَحْمِهَا كَلَوْنِهَا.
تَنْبِيهٌ: إِذَا جَنَى عَلَى مَاخِضٍ، فَأَلْقَتْ جَنِينَهَا مَيِّتًا ضَمِنَ نَقْصَ الْأُمِّ فَقَطْ، كَمَا لَوْ جَرَحَهَا؛ لَأَنَّ الْحَمْلَ مِنَ الْبَهَائِمِ زِيَادَةٌ، وَفِي " الْمُبْهِجِ " إِذَا صَادَ حَامِلًا فَإِنْ تَلِفَ حَمْلُهَا ضَمِنَهُ، وَفِي " الْفُصُولِ " يَضْمَنُهُ إِنْ تَهَيَّأَ لِنَفْخِ الرُّوحِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ يَصِيرُ حَيَوَانًا كَمَا يَضْمَنُ جَنِينَ امْرَأَةٍ بِغُرَّةٍ، وَإِنْ خَرَجَ حَيًّا، ثُمَّ مَاتَ وَجَبَ جَزَاؤُهُ.
قَالَ فِي " الشَّرْحِ ": وَمِثْلُهُ يَعِيشُ، وَقِيلَ: يَضْمَنُهُ مَا لَمْ يَحْفَظْهُ إِلَى أَنْ يَطِيرَ؛ لأنه مضمون وَلَيْسَ بِمُمْتَنَعٍ.
(وَيَجُوزُ فِدَاءُ أَعْوَرَ مِنْ عَيْنٍ بِأَعْوَرَ مِنْ أُخْرَى) ؛ لِأَنَّهُ اخْتِلَافٌ يَسِيرٌ، وَنَوْعُ الْعَيْبِ وَاحِدٌ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفَ مَحَلُّهُ، وَمِثْلُهُ أَعْرَجُ مِنْ قَائِمَةٍ بِأَعْرَجَ مِنْ أُخْرَى. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِدَاءُ أَعْوَرَ بِأَعْرَجَ، وَعَكْسِهِ، لِعَدَمِ الْمُمَاثَلَةِ، (وَفِدَاءُ الذَّكَرِ بِالْأُنْثَى) ؛ لِأَنَّ لَحْمَهَا أَطْيَبُ،