الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اعْتِكَافُهُ، وَإِلَّا فَلَا.
وَ
يُسْتَحَبُّ لِلْمُعْتَكِفِ التَّشَاغُلُ بِفِعْلِ الْقُرَبِ
وَاجْتِنَابِ مَا لَا يَعْنِيهِ، وَلَا يُسْتَحَبُّ لَهُ إِقْرَاءُ الْقُرْآنِ وَالْعِلْمُ، وَالْمُنَاظَرَةُ فِيهِ، إِلَّا عِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ إِذَا قَصَدَ بِهِ الطَّاعَةَ.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الْمَجْزُومِ بِهِ عند الْأَكْثَرِ. وَفِيهِ احْتِمَالٌ لِابْنِ عَبْدُوسٍ (وَإِلَّا فَلَا) كَالصَّوْمِ، فَإِذَا فَسَدَ خَرَجَ فِي الْكَفَّارَةِ الْخِلَافُ ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ، وَقَالَ الْمَجْدُ: يَتَخَرَّجُ وَجْهٌ ثَالِثٌ تَجِبُ بِالْإِنْزَالِ عَنْ وَطْءٍ لَا عَنْ لَمْسٍ وَقُبْلَةٍ، وَالنَّاسِي كَالْعَامِدِ فِي إِطْلَاقِ أَصْحَابِنَا، وَاخْتَارَ الْمَجْدُ: لَا يَبْطُلُ كَالصَّوْمِ، وَلَا تَحْرُمُ الْمُبَاشَرَةُ فِي غَيْرِ الْفَرْجِ بِلَا شَهْوَةٍ كَتَغْسِيلِ رَأَسِهِ، وَذَكَرَ الْقَاضِي احْتِمَالًا: تَحْرُمُ كَشَهْوَةٍ فِي الْمَنْصُوصِ.
مَسْأَلَةٌ: يُسَنُّ أَنْ يُصَانَ الْمَسْجِدُ عَنِ الْجِمَاعِ فِيهِ أَوْ فَوْقَهُ ذَكَرَهُ فِي " الرِّعَايَةِ " وَقَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: يُكْرَهُ الْجِمَاعُ فَوْقَهُ وَالتَّمَسُّحُ بِحَائِطِهِ، وَالْبَوْلُ عَلَيْهِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَفِي " الْفُرُوعِ ": وَجَزَمَ بِهِ فِي " عُيُونِ الْمَسَائِلِ " أَنَّهُ يَحْرُمُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ.
فَرْعٌ: إِذَا سَكِرَ فِي اعْتِكَافِهِ، فَسَدَ وَلَوْ سَكِرَ لَيْلًا، لِخُرُوجِهِ عَنْ كَوْنِهِ مِنْ أَهْلِ الْمَسْجِدِ، كَالْحَيْضِ، وَلَا يَبْنِي؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَعْذُورٍ، وَإِنِ ارْتَدَّ فِيهِ فَسَدَ كَالصَّوْمِ.
[يُسْتَحَبُّ لِلْمُعْتَكِفِ التَّشَاغُلُ بِفِعْلِ الْقُرَبِ]
(وَيُسْتَحَبُّ لِلْمُعْتَكِفِ التَّشَاغُلُ بِفِعْلِ الْقُرَبِ) كَالصَّلَاةِ وَتِلَاوَةِ الْقُرْآنِ، وَذِكْرِ اللَّهِ - تَعَالَى -، (وَاجْتِنَابِ مَا لَا يَعْنِيهِ) مِنَ الْجِدَالِ، وَالْمِرَاءِ، وَكَثْرَةِ الْكَلَامِ، وَالسِّبَابِ، وَالْفُحْشِ لِقَوْلِهِ عليه السلام:«مِنْ حُسْنِ إِسْلَامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ» وَلِأَنَّهُ مَكْرُوهٌ فِي غَيْرِ الِاعْتِكَافِ، فَفِيهِ أَوْلَى، وَلَيْسَ الصَّمْتُ مِنْ شَرِيعَةِ الْإِسْلَامِ. وَظَاهِرُ الْأَخْبَارِ تَحْرِيمُهُ جَزَمَ بِهِ فِي " الْكَافِي " وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: يُكْرَهُ الصَّمْتُ إِلَى اللَّيْلِ، فَإِنْ نَذَرَهُ لَمْ يَفِ بِهِ. وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَجْعَلَ الْقُرْآنَ بَدَلًا مِنَ الْكَلَامِ ذَكَرَهُ الْأَكْثَرُ؛ لِأَنَّهُ اسْتِعْمَالٌ لَهُ فِي غَيْرِ مَا هُوَ لَهُ كَتَوَسُّدِ الْمُصْحَفِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي " التَّلْخِيصِ " وَ " الرِّعَايَةِ " بِالْكَرَاهَةِ، وَذَكَرَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ إِنْ قَالَ: عِنْدَ مَا أَهَمَّهُ {إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ} [يوسف: 86] فَحَسَنٌ (وَلَا يُسْتَحَبُّ لَهُ إِقْرَاءُ الْقُرْآنِ وَالْعِلْمُ وَالْمُنَاظَرَةُ فِيهِ) نَصَّ عَلَيْهِ، لِفِعْلِهِ - عَلَيْهِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
السَّلَامُ - فَإِنَّهُ كَانَ يَحْتَجِبُ فِيهِ، وَاعْتَكَفَ فِي قُبَّةٍ، وَكَالطَّوَافِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا يَقْرَأُ، وَلَا يَكْتُبُ الْحَدِيثَ، وَلَا يُجَالِسُ الْعُلَمَاءَ (إِلَّا عِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ) وَاخْتَارَهُ الْمَجْدُ فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ (إِذَا قَصَدَ بِهِ الطَّاعَةَ) لَا الْمُبَاهَاةَ، لِظَاهِرِ الْأَدِلَّةِ وَكَالصَّلَاةِ، وَالذِّكْرِ، وَلِأَنَّ الطَّوَافَ لَا يَتَّسِعُ لِمَقْصُودِ الْإِقْرَاءِ بِخِلَافِ الِاعْتِكَافِ، فَعَلَى الْأَوَّلِ فِعْلُ ذَلِكَ أَفْضَلُ مِنَ الِاعْتِكَافِ جَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ " وَ " الْفُرُوعِ " لِتَعَدِّي نَفْعِهِ، قَالَ الْمَجْدُ: وَيُتَخَرَّجُ فِي كَرَاهَةِ الْقَضَاءِ وَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى الْإِقْرَاءِ، فَإِنَّهُ فِي مَعْنَاهُ.
مَسَائِلُ: الْأُولَى: لَا بَأْسَ أَنْ تَزُورَهُ زَوْجَتُهُ فِي الْمَسْجِدِ، وَتَتَحَدَّثَ مَعَهُ، وَتُصْلِحَ شَأْنَهُ مَا لَمْ يَلْتَذَّ بِشَيْءٍ مِنْهَا، وَيَتَحَدَّثَ مَعَ مَنْ يَأْتِيهِ مَا لَمْ يُكْثِرْ، وَلَا بَأْسَ أَنْ يَأْمُرَ بِمَا يُرِيدُ خَفِيفًا بِحَيْثُ لَا يَشْغَلُهُ، نَصَّ عَلَيْهِ.
الثَّانِيَةُ: لَا بَأْسَ أَنْ يَتَزَوَّجَ، وَيَشْهَدَ النِّكَاحَ لِنَفْسِهِ وَلِغَيْرِهِ، وَيُصْلِحَ بَيْنَ الْقَوْمِ، وَيَعُودَ الْمَرِيضَ، وَيُصَلِّيَ عَلَى الْجِنَازَةِ، وَيُهَنِّئَ، وَيُعَزِّيَ، وَيُؤَذِّنَ، وَيُقِيمَ كُلُّ ذَلِكَ فِي الْمَسْجِدِ. وَيُسْتَحَبُّ لَهُ تَرْكُ لُبْسِ رَفِيعِ الثِّيَابِ، وَأَنْ لَا يَنَامَ إِلَّا عَنْ غَلَبَةٍ وَلَوْ مَعَ قُرْبِ الْمَاءِ، وَأَنْ يَنَامَ مُتَرَبِّعًا مُسْتَنِدًا " وَلَا يُكْرَهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ خِلَافًا لِابْنِ الْجَوْزِيِّ فِي رَفِيعِ الثِّيَابِ. وَلَا بَأْسَ بِأَخْذِ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ فِي قِيَاسِ الْمَذْهَبِ، وَتَرْجِيلِ شَعْرِهِ، وَكَرِهَ ابْنُ عَقِيلٍ ذَلِكَ فِي الْمَسْجِدِ صِيَانَةً لَهُ، وَذَكَرَ غَيْرُهُ: يُسَنُّ، وَيُكْرَهُ لَهُ أَنْ يَتَطَيَّبَ، وَنَقَلَ ابْنُ تَمِيمٍ عَكْسَهُ كَالتَّنْظِيفِ قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": وَهُوَ أَظْهَرُ.
الثَّالِثَةُ: يَنْبَغِي لِمَنْ قَصَدَ الْمَسْجِدَ لِلصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا أَنْ يَنْوِيَ الِاعْتِكَافَ مُدَّةَ مُقَامِهِ فِيهِ، لَا سِيَّمَا إِذَا كَانَ صَائِمًا ذَكَرَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي " الْمِنْهَاجِ " وَمَعْنَاهُ فِي " الْغُنْيَةِ " خِلَافًا لِلشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ.
تَنْبِيهٌ: لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ، وَالشِّرَاءُ فِي الْمَسْجِدِ لِلْمُعْتَكِفِ وَغَيْرُهُ، نَصَّ عَلَيْهِ، فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ، وَجَزَمَ بِهِ الْأَكْثَرُ، وَفِي " الْفُصُولِ " وَ " الْمُسْتَوْعِبِ " يُكْرَهُ فَإِنْ حُرِّمَ فَفِي صِحَّتِهِ وَجْهَانِ، وَيُكْرَهُ إِحْضَارُ السِّلْعَةِ فِيهِ عَلَى الْقَوْلِ بِالثَّانِي، وَيُكْرَهُ لِلْمُعْتَكِفِ فِيهِ الْيَسِيرُ كَالْكَثِيرِ، لَكِنْ نَقَلَ حَنْبَلٌ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ بَيْعُ وَشِرَاءُ مَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ طَعَامٌ وَغَيْرُهُ، فَأَمَّا
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
التِّجَارَةُ وَالْأَخْذُ وَالْعَطَاءُ، فَلَا، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَكَسَّبَ بِالصَّنْعَةِ فِيهِ كَالْخِيَاطَةِ وَنَحْوِهَا، وَالْقَلِيلُ وَالْكَثِيرُ، وَالْمُحْتَاجُ وَغَيْرُهُ سَوَاءٌ، قَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ، وَنَقَلَ حَرْبٌ: التَّوَقُّفَ فِي اشْتِرَاطِهِ فَقِيلَ لَهُ: يَشْتَرِطُ أَنْ يَخِيطَ؛ قَالَ: لَا أَدْرِي. وَفِي " الرَّوْضَةِ ": لَا يَجُوزُ لَهُ فِعْلُ غَيْرِ مَا هُوَ فِيهِ مِنَ الْعِبَادَةِ فَإِنِ احْتَاجَ لِلُبْسِهِ خِيَاطَةً لَا لِلتَّكَسُّبِ، فَقَالَ ابْنُ الْبَنَّا: لَا يَجُوزُ، وَاخْتَارَ فِي " الْمُغْنِي " وَ " مُنْتَهَى الْغَايَةِ " لَا يَجُوزُ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْخِرَقِيِّ، كَلَفِّ عِمَامَتِهِ وَالتَّنْظِيفِ وَلَا يَعْمَلُ الصَّنْعَةَ لِلتَّكَسُّبِ، وَلَا بِالْبَيْعِ؛ لِأَنَّهُ إِنَّمَا يُنَافِي حُرْمَةَ الْمَسْجِدِ بِدَلِيلِ إِبَاحَتِهِ فِي مَمَرِّهِ.