الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَدِهَا، وَيَجِزُّ صُوفَهَا وَوَبَرَهَا، وَيَتَصَدَّقُ بِهِ إِنْ كَانَ أَنْفَعَ لَهَا.
وَلَا يُعْطِي الْجَازِرَ بِأُجْرَتِهِ شَيْئًا مِنْهَا، وَلَهُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِجِلْدِهَا وَجُلِّهَا، وَلَا يَبِيعَهُ وَلَا شَيْئًا مِنْهَا، وَإِنْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
كَالرُّكُوبِ، بِخِلَافِ شُرْبِ غَيْرِ الْفَاضِلِ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ لِلضَّرَرِ، وَيَتَعَذَّرُ بِهِ فَإِنْ شَرِبَهُ، ضَمِنَهُ لِتَعَدِّيهِ بِأَخْذِهِ (وَيَجِزُّ صُوفَهَا وَوَبَرَهَا وَيَتَصَدَّقُ بِهِ إِنْ كَانَ أَنْفَعَ لَهَا) مِثْلَ كَوْنِهِ فِي زَمَنِ الرَّبِيعِ فَإِنَّهُ تَخِفُّ بِجَزِّهِ، وَتَسْمَنُ؛ لِأَنَّهُ لِمَصْلَحَتِهَا، وَيَتَصَدَّقُ بِهِ كَمَا بَعْدَ الذَّبْحِ، زَادَ فِي " الْمُسْتَوْعِبِ " نَدْبًا، وَفِي " الرَّوْضَةِ ": يَتَصَدَّقُ بِهِ إِنْ كَانَتْ نَذْرًا. وَظَاهِرُهُ إِذَا كَانَ بَقَاؤُهُ أَنْفَعَ لَهَا لِكَوْنِهِ يَقِيهَا الْبَرْدَ أَوِ الْحَرَّ أَوْ كَانَ لَا يَضُرُّ بِهِمَا لِقُرْبِ مُدَّةِ الذَّبْحِ، لَمْ يَجُزْ كَأَخْذِ بَعْضِ أَعْضَائِهَا.
[الِانْتِفَاعُ بِجِلْدِ الْأُضْحِيَّةِ]
(وَلَا يُعْطَى الْجَازِرُ بِأُجْرَتِهِ شَيْئًا مِنْهَا) قَالَهُ الْأَصْحَابُ، لِقَوْلِ عَلِيٍّ:«أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ أَقُومَ عَلَى بدنة، وَأَنْ أَتَصَدَّقَ بِلُحُومِهَا، وَجُلُودِهَا، وَأَجِلَّتِهَا، وَلَا أُعْطِيَ الْجَازِرَ شَيْئًا مِنْهَا. وَقَالَ: " نَحْنُ نُعْطِيهِ مِنْ عِنْدِنَا» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَلِأَنَّ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الْمُعَاوَضَةِ وَهِيَ غَيْرُ جَائِزَةٍ فِيهَا. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ إِذَا دَفَعَ إِلَيْهِ مِنْهَا لَا عَلَى سَبِيلِ الْأُجْرَةِ كَالْهَدِيَّةِ، جَازَ؛ لِأَنَّهُ يُسَاوِي غَيْرَهُ، وَزَادَ عَلَيْهِ: بِمُبَاشَرَتِهِ لَهَا، وَتَتُوقُ نَفْسُهُ إِلَيْهَا. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَبِهَذَا الْمَعْنَى يَتَخَصَّصُ عُمُومُ الْحَدِيثِ، وَلَوْ قِيلَ بِعُمُومِهِ سَدًّا لِلذَّرِيعَةِ كَانَ حَسَنًا، وَفِيهِ شَيْءٌ.
(وَلَهُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِجِلْدِهَا) بِغَيْرِ خِلَافٍ؛ لِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنَ الْأُضْحِيَّةِ كَلَحْمِهَا، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَلْقَمَةَ، وَمَسْرُوقٍ أَنَّهُمَا كَانَا يَدْبُغَانِ جِلْدَ أُضْحِيَّتِهِمَا، وَيُصَلِّيَانِ عَلَيْهِ (وَجُلُّهَا) لِأَنَّهُ إِذَا جَازَ الِانْتِفَاعُ بِالْجِلْدِ، فَهُوَ أَوْلَى، أَوْ يَتَصَدَّقُ بِهِمَا لِقَوْلِهِ:(وَلَا يَبِيعُهُ وَلَا شَيْئًا مِنْهَا) هَذَا هُوَ الْمَعْرُوفُ مِنَ الْمَذْهَبِ لِقَوْلِهِ عليه السلام فِي حَدِيثِ قَتَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ «وَلَا تَبِيعُوا لُحُومَ الْأَضَاحِيِّ، وَالْهَدْيِ، وَتَصَدَّقُوا، وَاسْتَمْتِعُوا بِجُلُودِهَا» قَالَ أَحْمَدُ: سُبْحَانَ اللَّهِ كَيْفَ يَبِيعُهَا، وَقَدْ جَعَلَهَا لِلَّهِ تبارك وتعالى؟ . وَسَوَاءٌ كَانَتْ وَاجِبَةً أَوْ تَطَوُّعًا؛ لِأَنَّهَا تَعَيَّنَتْ بِالذَّبْحِ، وَعَنْهُ: يَجُوزُ بَيْعُ الْجِلْدِ، وَالتَّصَدُّقُ بِثَمَنِهِ. رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَعَنْ أَحْمَدَ: وَيَشْتَرِي أُضْحِيَّةً، وَعَنْهُ: يُكْرَهُ، وَعَنْهُ: يَجُوزُ، وَيَشْتَرِي بِهِ آلَةَ الْبَيْتِ كَالْغِرْبَالِ وَنَحْوِهِ، لَا مَأْكُولًا. وَعَنْهُ: يَحْرُمُ بَيْعُ جِلْدِ شَاةٍ فَقَطْ، اخْتَارَهُ الْخَلَّالُ، وَلَعَلَّهُ اعْتَمَدَ عَلَى أَثَرٍ، وَنَقَلَ
ذَبَحَهَا، فَسُرِقَتْ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ ذَبَحَهَا ذَابِحٌ فِي وَقْتِهَا بِغَيْرِ إِذَنٍ، أَجْزَأَتْ، وَلَا ضَمَانَ عَلَى ذَابِحِهَا، وَإِنْ أَتْلَفَهَا أَجْنَبِيٌّ، فَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا، وَإِنْ أَتْلَفَهَا صَاحِبُهَا، ضَمِنَهَا بِأَكْثَرِ الْأَمْرَيْنِ مِنْ قِيمَتِهَا أَوْ مِثْلِهَا، فَإِنْ ضَمِنَهَا بِمِثْلِهَا وَأَخْرَجَ فَضْلَ الْقِيمَةِ جَازَ،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
جَمَاعَةٌ: لَا يَنْتَفِعُ بِمَا كَانَ وَاجِبًا قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": وَيَتَوَجَّهُ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ فَيَتَصَدَّقُ به، وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ، وَحَنْبَلٌ بِثَمَنِهِ. وَاسْتَثْنَى جَمَاعَةٌ الْجُلَّ (وَإِنْ ذَبَحَهَا فَسُرِقَتْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) مَا لَمْ يُفَرِّطْ. نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ فلم تضمن بِالسَّرِقَةِ، كَالْوَدِيعَةِ، وَإِنْ فَرَّطَ، ضَمِنَ الْقِيمَةَ، يَوْمَ التَّلَفِ يصرف فِي مِثْلِهِ كَمَا يَأْتِي (وَإِنْ ذَبَحَهَا ذَابِحٌ فِي وَقْتِهَا بِغَيْرِ إِذْنٍ، أَجْزَأَتْ) لِأَنَّ الذَّبْحَ لَا يَفْتَقِرُ إِلَى نِيَّةٍ فَإِذَا فَعَلَهُ الْآخَرُ أَجْزَأَ كَغَسْلِ النَّجَاسَةِ. وَسَوَاءٌ نَوَى عَنِ النَّاذِرِ أَوْ أَطْلَقَ، وَإِنْ نَوَاهَا عَنْ نَفْسِهِ مَعَ عِلْمِهِ أَنَّهَا أُضْحِيَّةُ الْغَيْرِ، لَمْ يُجْزِئْهُ، وَإِلَّا أَجَزَأَتْ إِنْ لَمْ يُفَرِّقِ الذَّابِحُ لَحْمَهَا (وَلَا ضَمَانَ عَلَى ذَابِحِهَا) لِأَنَّهَا وَقَعَتْ مَوْقِعَهَا، كَمَا لَوْ أَذِنَ صَاحِبُهَا، وَلِإِذْنِهِ عُرْفًا أَوْ إِذْنُ الشَّرْعِ، وَإِلَّا فَرِوَايَتَانِ فِي الْإِجْزَاءِ وَعَدَمِهِ. فَإِنْ لَمْ تُجْزِئْ ضَمِنَ الذَّابِحُ مَا بَيْنَ كَوْنِهَا حَيَّةً إِلَى مَذْبُوحَةٍ. ذَكَرَهُ فِي " عُيُونِ الْمَسَائِلِ " بِخِلَافِ مَنْ ثَبَتَ فِي ذِمَّتِهِ، فَذَبَحَ عَنْهُ مِنْ غَنَمِهِ، لَا تُجْزِئُ، وَعَلَى عَدَمِ الْإِجْزَاءِ يَعُودُ مِلْكًا. وَقِيلَ: يُعْتَبَرُ عَلَى رِوَايَةِ الْإِجْزَاءِ أَنْ يَلِيَ رَبُّهَا تَفْرِقَتَهَا، وَإِلَّا ضَمِنَ الْأَجْنَبِيُّ قِيمَةَ لَحْمٍ.
(وَإِنْ أَتْلَفَهَا أَجْنَبِيٌّ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا) لِأَنَّهَا مِنَ الْمُتَقَوِّمَاتِ، وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ يَوْمَ التَّلَفِ (وَإِنْ أَتْلَفَهَا صَاحِبُهَا ضَمِنَهَا بِأَكْثَرِ الْأَمْرَيْنِ مِنْ قِيمَتِهَا أَوْ مِثْلِهَا) هَذَا قَوْلُ أَبِي الْخَطَّابِ، وَأَكْثَرُ أَصْحَابِ الْقَاضِي؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ اللَّهِ فِي ذَبْحِهَا، فَوَجَبَ عَلَيْهِ أَكْثَرُ الْقِيمَتَيْنِ مِنَ الْإِيجَابِ إِلَى التَّلَفِ، فَلَوْ كَانَتْ قِيمَتُهَا يَوْمَ التَّلَفِ خَمْسَةً، فَغَلَتِ الْغَنَمُ، فَلَمْ يُحَصِّلْ مِثْلَهَا إِلَّا بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، لَزِمَهُ مِثْلُهَا، وَلَوْ كَانَتْ قِيمَتُهَا عَشْرَةً، رَخُصَتْ بِحَيْثُ يَحْصُلُ بِدُونِهِ، لَزِمَتْهُ الْعَشْرَةُ، وَالْوَجْهُ إِسْقَاطُ هَمْزَةِ " أَوْ " فَإِنْ صَحَّ ثُبُوتُهَا كَانَتْ بِمَعْنَى الْوَاوِ، وَفِي " التَّبْصِرَةِ " يَلْزَمُهُ أَكْثَرُ الْقِيمَتَيْنِ مِنَ الْإِيجَابِ إِلَى النَّحْرِ، وَقِيلَ: مِنَ التَّلَفِ إِلَى وُجُوبِ النَّحْرِ. جَزَمَ بِهِ الْحُلْوَانِيُّ. وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْقِيمَةُ يَوْمَ التَّلَفِ تُصْرَفُ فِي مِثْلِهِ كَالْأَجْنَبِيِّ، وَكَسَائِرِ الْمَضْمُونَاتِ، فَعَلَى مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ (فَإِنْ ضَمِنَهَا بِمِثْلِهَا وَأَخْرَجَ فَضْلَ
وَيَشْتَرِي بِهِ شَاةً، أَوْ سُبْعَ بَدَنَةٍ، فَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ، اشْتَرَى بِهِ لَحْمًا، وَتَصَدَّقَ بِهِ، أَوْ يَتَصَدَّقُ بِالْفَضْلِ، فَإِنْ تَلِفَتْ بِغَيْرِ تَفْرِيطِهِ، لَمْ يَضْمَنْهَا. وَإِنْ عَطَبَ الْهَدْيُ فِي الطَّرِيقِ نَحَرَهُ فِي مَوْضِعِهِ، وَصَبَغَ نَعْلَهُ الَّتِي فِي عُنُقِهِ فِي دَمِهِ، وَضَرَبَ بِهَا صَفْحَتَهُ لِيَعْرِفَهُ الْفُقَرَاءُ فَيَأْخُذُوهُ، وَلَا يَأْكُلُ مِنْهُ هُوَ وَلَا أَحَدٌ مِنْ رُفْقَتِهِ. وَإِنْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الْقِيمَةِ، جَازَ، وَيَشْتَرِي بِهِ شَاةً) إِنْ أَمْكَنَ (أَوْ سُبْعَ بَدَنَةٍ) لِأَنَّ الذَّبْحَ مَقْصُودٌ فِي الْأُضْحِيَّةِ، فَإِذَا أَمْكَنَهُ الْإِتْيَانُ بِهِ لَزِمَهُ (فَإِنْ لَمْ يَبْلُغِ اشْتَرَى بِهِ لَحْمًا وَتَصَدَّقَ بِهِ) هَذَا وَجْهٌ؛ لِأَنَّ الذَّبْحَ وَتَفْرِقَةَ اللَّحْمِ مَقْصُودَانِ، فَإِذَا تَعَذَّرَ أَحَدُهُمَا، تَعَيَّنَ الْآخَرُ (أَوْ يَتَصَدَّقُ بِالْفَضْلِ) قَدَّمَهُ فِي " الْفُرُوعِ " وَهُوَ أَرْجَحُ؛ لِأَنَّهُ إِذَا لَمْ يَحْصُلْ لَهُ التَّقَرُّبُ بِالْإِرَاقَةِ كَانَ اللَّحْمُ، وَعَنْهُ: سَوَاءٌ. وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ: أَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُحَصِّلٌ لِلْمَقْصُودِ (فَإِنْ تَلَفَتْ بِغَيْرِ تَفْرِيطِهِ لَمْ يَضْمَنْهَا) صَاحِبُهَا لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ كَوْنِهَا أَمَانَةً فِي يَدِهِ كَالْوَدِيعَةِ.
فَرْعٌ: اثْنَانِ ضَحَّى كُلٌّ مِنْهُمَا عَنْ نَفْسِهِ بِأُضْحِيَّةِ الْآخَرِ غَلَطًا، أَجْزَأَتْهُمَا، وَلَا ضَمَانَ اسْتِحْسَانًا، وَالْقِيَاسُ ضِدُّهُمَا، ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ.
(وَإِنْ عَطَبَ الْهَدْيُ فِي الطَّرِيقِ) قَالَ جَمَاعَةٌ: أَوْ خَافَ عَطَبَهُ لَزِمَهُ (نَحْرُهُ فِي مَوْضِعِهِ، وَ) يُسْتَحَبُّ (صَبْغُ نَعْلِهِ الَّتِي فِي عُنُقِهِ فِي دَمِهِ وَضَرَبَ بِهَا صَفْحَتَهُ) أَيْ: صَفْحَةَ سَنَامِهَا (لِيَعْرِفَهُ الْفُقَرَاءُ فَيَأْخُذُوهُ، وَلَا يَأْكُلُ مِنْهُ هُوَ وَلَا أَحَدٌ مِنْ رُفْقَتِهِ) لِمَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ: «أَنَّ أَبَا قَبِيصَةَ حَدَّثَهُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَبْعَثُ مَعَهُ بِالْبُدْنِ ثُمَّ يَقُولُ: إِنْ عَطِبَ مِنْهَا شَيْءٌ فَخَشِيتَ عَلَيْهِ مَوْتًا، فَانْحَرْهَا، ثُمَّ اغْمِسْ نَعْلَهَا فِي دَمِهَا، ثُمَّ اضْرِبْ بِهِ صَفْحَتَهُ، وَلَا تَطْعَمْهَا أَنْتَ وَلَا أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ رُفْقَتِكَ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَإِنَّمَا مَنَعَ السَّائِقَ وَرُفْقَتَهُ مِنْ أَكْلِهَا لِئَلَّا يُقَصِّرَ فِي حِفْظِهَا، فَيُعْطِبَهَا لِيَتَنَاوَلَ هُوَ وَرُفْقَتُهُ مِنْهَا. زَادَ فِي " الرَّوْضَةِ " وَلَا يَدُلُّ عَلَيْهِ. وَظَاهِرُهُ وَلَوْ مَعَ نَفَرِهِ، وَأَبَاحَهُ لَهُ جَمَاعَةٌ، وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَأَبَاحَهُ مَالِكٌ لِرُفْقَتِهِ
تَعَيَّبَتْ ذَبَحَهَا، وَأَجْزَأَتْهُ، إِلَّا أَنْ تَكُونَ وَاجِبَةً فِي ذِمَّتِهِ قَبْلَ التَّعْيِينِ، كَالْفِدْيَةِ وَالْمَنْذُورِ فِي الذِّمَّةِ، فَإِنَّ عَلَيْهِ بَدَلَهَا. وَهَلْ لَهُ اسْتِرْجَاعُ هَذَا الْعَاطِبِ وَالْمَعِيبِ؟
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَلِسَائِرِ النَّاسِ، لِحَدِيثِ نَاجِيَةَ بْنِ كَعْبٍ صَاحِبِ بُدْنِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَفِيهِ:«ثُمَّ خَلِّ بَيْنَهُ، وَبَيْنَ النَّاسِ» فَدَلَّ عَلَى تَسْوِيَةِ الرُّفْقَةِ بِالْأَجَانِبِ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: هَذَا أَصَحُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ، وَهُوَ مُتَضَمِّنٌ لِمَعْنًى خاص يَجِبُ تَقْدِيمُهُ عَلَى عُمُومِ مَا يُخَالِفُهُ، وَالتَّسْوِيَةُ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ يُشْفِقُ عَلَى رُفْقَتِهِ، وَيُحِبُّ التَّوْسِعَةَ عَلَيْهِمْ حَتَّى يُوَسِّعَ عَلَيْهِمْ مِنْ مُؤْنَتِهِ. وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ قَدْ خَالَفَا فِي ذَلِكَ. وَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ أَكَلَ مِنْهَا أَوْ أَطْعَمَ غَنِيًّا أَوْ رُفْقَتَهُ، ضَمِنَهُ بِمِثْلِهِ لَحْمًا، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَمَرَهُ بِالْأَكْلِ مِنْهَا، أَوْ أَطْعَمَ مِنْهَا فَقِيرًا.
فَرْعٌ: هَدْيُ التَّطَوُّعِ دُونَ مَحِلِّهِ إِنْ دَامَتْ نِيَّتُهُ فِيهِ قَبْلَ ذَبْحِهِ فَكَذَلِكَ، وَإِنْ فَسَخَهَا قَبْلَ ذَبْحِهِ صَنَعَ بِهِ مَا شَاءَ كَبَقِيَّةِ مَالِهِ (وَإِنْ) أَوْجَبَ أُضْحِيَّةً سَلِيمَةً، ثُمَّ (تَعَيَّبَتْ) عِنْدَهُ (ذَبَحَهَا وَأَجْزَأَتْهُ) . نَصَّ عَلَيْهِ فِيمَنْ جَرَّ بَقَرَةً إِلَى الْمَنْحَرِ بِقَرْنِهَا فَانْقَلَعَ كَتَعْيِينِهِ مَعِيبًا فَبَرِأَ، لِمَا رَوَى أَبُو سَعِيدٍ قَالَ:«ابْتَعْنَا كَبْشًا نُضَحِّي بِهِ فَأَصَابَهُ الذِّئْبُ مِنْ أَلْيَتِهِ فَسَأَلْنَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَمَرَنَا أَنْ نُضَحِّيَ بِهِ» . رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَلِأَنَّهُ عَيْبٌ حَدَثَ بِهَا فَلَمْ يَمْنَعِ الْإِجْزَاءَ؛ كَالْعَيْبِ الْحَادِثِ بِمُعَالَجَةِ الذَّبْحِ، فَلَوْ تَعَيَّبَتْ بِفِعْلِهِ، لَزِمَهُ بَدَلُهَا (إِلَّا أَنْ تَكُونَ وَاجِبَةً فِي ذِمَّتِهِ قَبْلَ التَّعْيِينِ، كَالْفِدْيَةِ) مِنَ الدِّمَاءِ الْوَاجِبَةِ فِي النُّسُكِ بِتَرْكِ وَاجِبٍ أَوْ فِعْلِ مَحْظُورٍ (وَالْمَنْذُورُ فِي الذِّمَّةِ) فَشَمِلَ قِسْمَيْنِ: مَا وَجَبَ بِغَيْرِهِ، وَمَا وَجَبَ بِالنَّذْرِ (فَإِنَّ عَلَيْهِ بَدَلَهَا) لِأَنَّ عَلَيْهِ دَمًا سَلِيمًا، وَلَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ، فَلَمْ يُجْزِئْهُ، وَكَمَا لَوْ كَانَ لِرَجُلٍ عَلَيْهِ دَيْنٌ، فَاشْتَرَى مِنْهُ مَكِيلًا فَتَلِفَ قَبْلَ قَبْضِهِ، انْفَسَخَ الْبَيْعُ، وَعَادَ الدَّيْنُ إِلَى ذِمَّتِهِ، وَيَلْزَمُهُ أَفْضَلُ مِمَّا فِي الذِّمَّةِ إِنْ كَانَ تَلَفُهُ بِتَفْرِيطِهِ، فَلَوْ وَلَدَتْ فَهَلْ يَتْبَعُهَا الْوَلَدُ كَمَا تَبِعَهَا ابْتِدَاءً فَيَبْطُلُ التَّعْيِينُ فِيهِ أَوْ لَا، لِأَنَّ الْبُطْلَانَ فِي الْأُمِّ لِمَعْنًى اخْتَصَّ بِهَا؛ فِيهِ وَجْهَانِ.
(وَهَلْ لَهُ اسْتِرْجَاعُ هَذَا الْعَاطِبِ، وَالْمَعِيبِ عَلَى رِوَايَتَيْنِ) كَذَا فِي " الْمُحَرَّرِ "