الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ ذِكْرِ دُخُولِ مَكَّةَ
يُسْتَحَبُّ أَنْ يَدْخُلَ مَكَّةَ مِنْ أَعْلَاهَا مِنْ ثَنِيَّةِ كَدَاءٍ، ثُمَّ يَدْخُلُ الْمَسْجِدَ مِنْ بَابِ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
قَالَ الْقَاضِي مَعْنَاهُ: بَعْدَ مَكَّةَ، وَمَا رُوِيَ فَهُوَ دَالٌّ عَلَى تَفْضِيلِهَا لَا أَفْضَلِيَّتُهَا، وَكَوْنِهِ عليه السلام خُلِقَ مِنْهَا، وَهُوَ خَيْرُ الْبَشَرِ فَتَرْبَتُهُ خَيْرُ التُّرَبِ.
وَأَجَابَ الْقَاضِي بِأَنَّ فَضْلَ الْخِلْقَةِ لَا يَدُلُّ عَلَى فَضْلِ التُّرْبَةِ؛ لِأَنَّ أَحَدَ الْخُلَفَاءِ الْأَرْبَعَةِ أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهِ، وَلَمْ يَدُلَّ أَنَّ تُرْبَتَهُ أَفْضَلُ قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: الْكَعْبَةُ أَفْضَلُ مِنَ الْحُجْرَةِ فَأَمَّا مَنْ هُوَ فِيهَا، فَلَا وَاللَّهِ وَلَا الْعَرْشُ وَحَمْلَتُهُ وَالْجَنَّةُ؛ لِأَنَّ بِالْحُجْرَةِ جَسَدًا لَوْ وُزِنَ بِهِ لَرَجَحَ صلى الله عليه وسلم، وَجَزَمَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا بِأَنَّ مَكَّةَ أَفْضَلُ، وَالْمُجَاوَرَةُ بِالْمَدِينَةِ أَفْضَلُ، وَتَضَاعُفُ الْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ بِمَكَانٍ أَوْ زَمَانٍ فَاضِلٌ، ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ، وَذَكَرَ الْآجُرِّيُّ أَنَّ الْحَسَنَاتِ تُضَاعَفُ، وَلَمْ يَذْكُرِ السَّيِّئَاتِ.
[بَابُ ذِكْرِ دُخُولِ مَكَّةَ]
[مَا يَقُولُ إِذَا رَأَى الْبَيْتَ]
بَابُ ذِكْرِ دُخُولِ مَكَّةَ وَهِيَ عَلَمٌ عَلَى جَمِيعِ الْبَلْدَةِ الْمُعَظَّمَةِ الْمَحْجُوجَةِ غَيْرُ مُنْصَرِفَةٍ، وَسُمِّيَتْ بِهِ لِقِلَّةِ مَائِهَا، وَقِيلَ: لِأَنَّهَا تَمُكُّ مَنْ ظَلَمَ فِيهَا أَيْ: تُهْلِكُهُ، وَيُزَادُ فِيهَا بَكَّةُ فِي قَوْلِ الضَّحَّاكِ، وَقِيلَ: بِالْبَاءِ اسْمٌ لِبُقْعَةِ الْبَيْتِ، وَبِالْمِيمِ: مَا حَوْلَهُ، وَقِيلَ: بَكَّةُ اسْمٌ لِلْمَسْجِدِ، وَالْبَيْتِ، وَمَكَّةُ لِلْحَرَمِ كُلِّهِ، وَلَهَا أَسْمَاءٌ.
(يَسْتَحَبُّ) لِلْمُحْرِمِ (أَنْ يَدْخُلَ مَكَّةَ مِنْ أَعْلَاهَا مِنْ ثَنِيَّةِ كَدَاءٍ) لِمَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ مَكَّةَ مِنَ الثَّنِيَّةِ الْعُلْيَا الَّتِي بِالْبَطْحَاءِ، وَخَرَجَ مِنَ الثَّنِيَّةِ السُّفْلَى، وَعَنْ عَائِشَةَ نَحْوُهُ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا. وَظَاهِرُهُ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي " الشَّرْحِ "؛ «لِأَنَّهُ عليه السلام دَخْلَهَا لَيْلًا وَنَهَارًا» أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ، وَقَدَّمَ فِي " الْفُرُوعِ " نَهَارًا، وَإِنَّمَا
بَنِي شَيْبَةَ، فَإِذَا رَأَى الْبَيْتَ، رَفَعَ يَدَيْهِ وَكَبَّرَ وَقَالَ: اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ، وَمِنْكَ السَّلَامُ، حَيِّنًا رَبَّنَا بِالسَّلَامِ، اللَّهُمَّ زِدْ هَذَا الْبَيْتَ تَعْظِيمًا وَتَشْرِيفًا وَتَكْرِيمًا وَمَهَابَةً وَبِرًّا، وَزِدْ مِنْ شَرَّفَهُ وَعَظَّمَهُ مِمَّنْ حَجَّهُ وَاعْتَمَرَهُ تَعْظِيمًا وَتَشْرِيفًا وَتَكْرِيمًا وَمَهَابَةً وَبِرًّا، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ كَثِيرًا كَمَا هُوَ أَهْلُهُ، وَكَمَا يَنْبَغِي لِكَرَمِ وَجْهِهِ وَعِزِّ جَلَالِهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
كَرِهَهُ مِنَ السُّرَّاقِ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِخُرُوجِهِ مِنْهَا، وَيُسْتَحَبُّ مِنَ الثَّنِيَّةِ السُّفْلَى كُدَيٍّ بِضَمِّ الْكَافِ، وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ، وَالْأَوَّلُ بِفَتْحِ الْكَافِ، وَالدَّالِّ مَمْدُودٌ مَهْمُوزٌ مُتَصَرِّفٌ، وَغَيْرُ مُتَصَرِّفٍ، وَالثَّنِيَّةُ فِي الْأَصْلِ: الطَّرِيقُ بَيْنَ الْجَبَلَيْنِ، (ثُمَّ يَدْخُلُ الْمَسْجِدَ مِنْ بَابِ بَنِي شَيْبَةَ)«لِمَا رَوَى جَابِرٌ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ مَكَّةَ ارْتِفَاعَ الضُّحَى، وَأَنَاخَ رَاحِلَتَهُ عِنْدَ بَابِ بَنِي شَيْبَةَ، ثُمَّ دَخَلَ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَيَقُولُ حِينَ دُخُولِهِ:«بِسْمِ اللَّهِ وَبِاللَّهِ وَمِنَ اللَّهِ وَإِلَى اللَّهِ اللَّهُمَّ افْتَحْ لِي أَبْوَابَ فَضْلِكَ» . ذَكَرَهُ " فِي أَسْبَابِ الْهِدَايَةِ ".
(فَإِذَا رَأَى الْبَيْتَ رَفَعَ يَدَيْهِ) ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَهُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِ لِمَا رَوَى الشَّافِعِيُّ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «كَانَ إِذَا رَأَى الْبَيْتَ رَفَعَ يَدَيْهِ» ، وَمَا رُوِيَ عَنْ جَابِرٍ لَا يُمْنَعُ مِنْهُ (وَكَبَّرَ) وَذَكَرَهُ فِي " الْمُحَرَّرِ " وَ " الْوَجِيزِ "؛ لِأَنَّهُ رُوِيَ عَنْهُ عليه السلام أَنَّهُ فَعَلَهُ وَلَمْ يَذْكُرْهُ آخَرُونَ، وَحَكَاهُ فِي " الْفُرُوعِ " قَوْلًا كَالتَّهْلِيلِ، (وَقَالَ:«اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ وَمِنْكَ السَّلَامُ حَيِّنًا رَبَّنَا بِالسَّلَامِ» ؛ لِأَنَّ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ ذَلِكَ. رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ. وَمَعْنَى السَّلَامِ الْأَوَّلِ: اسْمُ اللَّهِ - تَعَالَى - وَالثَّانِي: مَنْ أَكْرَمْتَهُ بِالسَّلَامِ فَقَدْ سَلِمَ، وَالثَّالِثُ: سَلِّمْنَا بِتَحِيَّتِكَ إِيَّانَا مِنْ جَمِيعِ الْآفَاتِ. ذَكَرَهُ الْأَزْهَرِيُّ «اللَّهُمَّ زِدْ هَذَا الْبَيْتَ تَعْظِيمًا» أَيْ: تَبْجِيلًا (وَتَشْرِيفًا) أَيْ: رِفْعَةً وَإِعْلَاءً (وَتَكْرِيمًا) أَيْ: تَفْضِيلًا (وَمَهَابَةً) أَيْ: تَوْقِيرًا وَإِجْلَالًا (وَبِرًّا) بِكَسْرِ الْبَاءِ، وَهُوَ اسْمٌ جَامِعٌ لِلْخَيْرِ ( «وَزِدْ مَنْ شَرَّفَهُ، وَعَظَّمَهُ مِمَّنْ حَجَّهُ وَاعْتَمَرَهُ تَعْظِيمًا وَتَشْرِيفًا وَتَكْرِيمًا وَمَهَابَةً وَبِرًّا» رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ بِإِسْنَادِهِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، «وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ كَثِيرًا كَمَا هُوَ أَهْلُهُ، وَكَمَا